داعش سقوط الخُرافة
بقلم/ أنس القاضي
“داعش أسخف نكتة صُوَّرت، وأكثر الوقائع هزلية وكأنها نزلت من الفضاء على غفلة من البشر الطيبين لتسيطرَ على المنطقة وخَاصَّـةً الدول التي تدخلت بها أَمريكا عَسكرياً، والدول الجمهورية التي كانت قومية واشتراكية تناهض المشروع الصهيو أَمريكي في المنقطة هُناك بيئة اجتماعية تَأريخية لتجعل وجودها طبيعياً، من الفقر البطالة العصبية القبلية العشائرية مع الثقافة الوهابية، وغز العراق، وهذه الظاهرة تستثمر في تناقضات المجتمعات لتسيطر في أضعف مفاصل الدول، نتفهم كُلّ هذه العوامل لوجودها لكنها ليست بتلك الأسطورية التي تنقل لنا عبر أحدث الإخراج السينمائي، ولا أضنها سوف تستمر طويلاً لعاملين حاسمين:
إجتماعياً “داعش” البدائية الثقافة من تذبح رعايا “دولتها” وتفرض عليهم أنماط حياة تجاوزها التَّأريخ، لن تجر البشرية إلى الخلف ولن تكون يَوْماً دولةً وهي تكفيرية تأكل نفسها وتعادي مُحيطها.
عَسكرياً “داعش” كتنظيم عسكري، بدون الالتقاء مع المصالح الأَمريكية الإسرائيلية السعودية التركية، وتوظيفها سياسياً، ليس بتلك القوة الأسطورية التي تعجزُ أمامها أحدثُ الأَسلحة وأقوى جيوش المنطقة.
المقاوَمَةُ اللبنانية والجيش السوري استفردوا بها في الحدود اللبنانية السورية قهروها وطهّروا في أسابيع آلاف الكيلومترات كانت تحت سيطرتها من جبال القلمون حتى جبال عرسال الوعرة، ومازالت عملية التطهير مستمرة الجيش الـيَـمَـني واللجان الشعبية طهرت مدن كانت تسيطر عليها نفس هذه الجماعات الإرْهَـابيّة التي عجزت أَمريكا عن الحد من توسعها وعلى سبيل محافظة البيضاء التي كانت تشهد قصفاً شبه يومي من الطائرات الأَمريكية دون أَي تأثير على “أنصار الشريعة، فـ”داعش” بسوريا مثلاُ تتقوَّى وتتوسع في المناطق التي تحظى بها على دعم عسكري تركي، وعلى دعم سياسي من أطراف مذهبية في الأنبار، وفي هذه الجغرافية هي تتوسع ليس لقوتها الذاتية، بل لهذا الدعم ولتهيئة هذه الظروف السياسية لها
لن تبقى دعش؛ لأنه ليس هناك إمكانية اجتماعية لاستمرارهَا، وإن كان هناك حاضن ثقافي سياسي يدعمها مرحلياً ضد خصومه، ويؤمن بخطرها الوجودي عليه، كتيار 14 آذار في لبنان الذي فتح لها عرسال، والذي يريد مكاسب سياسية لقاء أن تخلصهم المقاومة من “داعش وَالنصره”.
الدولُ لا تصنعها القوة، ولا تُفرض لا من قبل قوة إرْهَـابيّة كداعش ولا من قبل تدخل عسكري مباشر لأَمريكا وغيرها، القوة الذاتية بالضرورة يجب أن تتكامل مع العامل الموضوعي، العسكري مع المُجتمعي، المُجتمعات تصنع الدول، الاستقرار، الذي ينزع له البشر منذ الجماعات الإنْسَانية الأولى، وحركة التَّأريخ تمضي بخط حلزوني إلى الأمام وحاجات المُجتمعات المادية والروحية تتطور، وهي مَن تفرض السُلطة التي تُشبعها عن طريق حسم التناقضات الاجتماعية بين من يملك وبين من لا يملك بين من يعمل وبين من يتطفل، بين مَن يحمل نظرة تقدمية تتوافق مع تقدم العلوم ومن يحمل نظرة رجعية تصبح عثرة أَمَام تقدم المجتمعات.