إنهم يسخرون!
بقلم /أحمد داوود
الفاشلون فقط هم الذين يتقنَّون “السخرية” و”الاستهزاءَ” بالآخرين، أمَّا لو كانوا مفيدين ونافعين لمجتمعهم لرأيناهم عكسَ ذلك.
وقديماً قيل لأحدهم: عجباً لمن يرى القشة في عين غيره ولا يرى الخشبة في عينه، فقبل السخرية بالآخرين عليك أن تنظر إلى نفسك أولاً، فربما تجد ألف عيب وعيب وليس فقط عيباً واحداً.
أريدُ أن أرفع القبعة لرجل ثائر وعضو في اللجنة الثورية كالأُستاذ محمد القيرعي، فإنسانيته دفعته ذات يوم؛ لأن يكون في صف الثورة، مردداً هتافاتها وشعاراتها، واليوم وفي ظل العُـدْوَان يقف القيرعي في الصفوف الأولى مناهضاً ومعارضاً لصلف آل سعود.
أتسخرون منه يا أوغاد! ، وهل نحن بحاجة الآن للسخرية والاستهزاء، وطائرات العدو تفتك بالمدنيين وتمعن في ضرب الوطن.. وأمهات كثيرات يبكين على أَطْـفَال فقدنهن جراء القصف اللعين.
كنت أتمنى من أولئك أن تمتد أقلامهم للذين ذهبوا للرياض، وجرجرونا إلى ما نحن فيه، فالقيرعي لم يكن ذات يَوْماً في دواوين المملكة لبيع وطنه، ولو شاء لفعل، ولن يردعه أحد في ذلك، لكنه الضمير الإنساني يا هؤلاء، ضمير المواطن الغيور على وطنه، والمحب لترابه.
وقد رأينا في الرياض أناساً من خيرة خلق الله، هكذا كنا نحسبهم، يتفتح العلم منهم كتفتح الزهور الزاهية، وحين يتكلمون يحضر المنطق بكل تفاصيله، وكم دافعنا وكتبنا بأن يتولى هؤلاء شؤون إدارتنا، لكن ما أدهشنا أن هؤلاء رغم رصانتهم ورزانتهم فضلوا بيع وطنهم وتهافتوا على ريالات المملكة.. فأين مكانة هؤلاء في قلوبنا الآن وأين مكانة القيرعي؟
وما الضيرُ إن كان القيرعي محافظاً لتعز إن كان أهلاً لهذا المنصب، لكن مفبركي الأخبار تعمَّدوا نشْرَ الخبر الكاذب لإخراج ما في أنفسهم من خُبث، ومهاجمة شخص ارتمى في حُضن الثورة ودافع عن وطنه.. لقد كانت سهامهم ترتد وبالاً عليهم.. إنهم وهم يسخرون من شخصك يا أُستاذ محمد فإنما يسخرون من أنفسهم.
وبالطبع هذه ليست المرة الأولى التي يدأب فيها هؤلاءِ على السخرية، فقد سخروا قبل ذلك من ثوار 21 سبتمبر، فجاء الثوار وجَرَفوا الفساد بكل أركانه، وسخروا من اللجان الشعبية، فعلمتهم اللجان كيف يحصلون على الأمن، وسخروا من السيد فكانوا أقزاماً أمامه، وفي كُلّ سخرية لهم يتعرون ويفشلون.
وبعيداً عن هذا السياق.. للزميل عبدالباسط الشرفي ألف تحية وتحية، وهو يخرج من بين الركام، مقاوماً، غير آبهٍ بالصلَف الشيطاني الذي حصد أروحَ مدينة رحبان بمدينة صعدة.
إنها المسيرةُ من علّمتنا ذلك.. نقاوم الصواريخ والمدفعية والدبابات بالكلمة والصوة، وما أقواها من كلمة وما أقساها عليهم، ولو كانت غيرَ ذلك لما أغلقوا هذا المنبر العظيم من قمر النايل سات، لكن الكلمة الصادقة تأتي عليهم كالسياط على ظهورهم فتوجعهم، وكم تمنى هؤلاء إسكات هذه الأصوات، لكنها لم تسكت ولن تسكت.
إنه الهدفُ المشروعُ، يجمعُ ثوار 21 سبتمبر، بناء الوطن وعدم العبث به، وما هذا العُـدْوَان والوحشية المفرطة من قبل الأعداء إلا لحرفنا عن هذا المسار، لكننا سنمضي غير آبهين وللساخطين والساخرين والمعتدين نقول لهم: موتوا بغيظكم.