للطابور الخامس نقول
هنادي الصعيتري
يقولون بالأمسِ ما لم يتحقّق لهم اليوم، قالوا: يجدُرُ بكم أن تسلّموا رواتبَ الشعب وأن تتحولوا لحل الوضع الاقتصادي بدلاً عن أن تشغلونا بمسيرة الطابور الخامس؛ لأنها لن تجدي نفعاً؛ لأن طابورهم ذاك بإمكاننا طمسه دون الحاجة لإعلاء الأصوات بالشعارات والهتافات الماقتة لهم والمستنكرة لأعمالهم التي يقومون بها والتي تعتمدُ كُلّياً على زعزعة نفسيات المجتمع وخلخلة الوضع الداخلي فيه.
قالوا: ما النتيجة التي سنؤول إليها إذا ما خرجنا واحتشدنا وتجمعنا؟، هل سيتلاشى أصحاب الطابور الخامس كما تظنون؟
هل سيتوقفون عن أداء عملِهم النفاقي المتلبّس بلباس الناصح والحريص الأمين على المصلحة العامة للشعب؟
هل سيسودُ واقعُنا المصداقية والتقوى بعيداً عن النفاق – ناهيك عن الكفر المتمثل في القُبول بالظلم والعمل لصالح أهل الباطل – وتنجلي الدعاياتُ الكاذبةُ والشائعاتُ المضللة وما اندرج تحتَ مظلتها من التثبيط والإرجاف والتيئيس؟
وقالوا: أوَلا تملّون من اعتماد المظاهرات والمسيرات والاحتشادات وسيلةً لتقديم الحُلول والتعبير عن الموقف؟
وقالوا مَن قال منهم – قاصري الوعي – الأقاويل التي تُنبئ عن وجود فجوة في النظرة والرؤية بالعينين الثاقبتين (عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث).
ومن هذا المقام أقولُ لقائلكم:
إن الهتافاتِ التي تعالت في ساحة خط المطار كانت القولَ الفصلَ الذي سيتبعُه العمل الدؤوب والمنظّم والمسؤول في إزاحة الطابور الخامس من خارطة الاعتبارات الإنسانية والعملية؛ لأنهم تجرّدوا من إنسانيتهم في مرحلةٍ أحوج ما يكون شعبُهم لدعم نفسيٍّ ومعنويٍّ لا إلى حربٍ نفسية يخوضونها وينطلقون فيها بالمجان.
إن خروجَ الأحد المشرِّفَ والذي احتضنته ساحةُ الثورة الشعبية التي وُلد منها الوعيُ وتوقّدت بفضلها روحُ الجهاد، الثورة التي أثارت قوى الاستكبار العالمي حتى ظنوا بأن ثوّارَها يشكّلون خطراً على أمنهم القومي بحسب ادعائهم، ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر المشهود آنذاك.. ذلك الخروجُ يدلّلُ على موقف المحتشدين في مقتهم لهذه الفئة وحرصهم على تكميم أفواههم التي يريدون من خلالها إطفاءَ نورِ الله في أرضه، وكل مَن خرج إليها هو يعلن صراحة على أنه: “لستُ من الطابور الخامس؛ لذا حرصت على المشاركة لإعلان الجهوزية لتطهير الواقع المجتمعي والعام من رجسهم وخبثهم”.
وبالنسبة للاقتصاد والرواتب.. لو امتلكتم البصيرة لوجّهتُم كلامَكم لمَن افتعل هذه الورقة التي أراد من خلالها تعجيزَكم، لا إلى مَن يريد وأراد وقد انطلق واقعاً استجابةً لتوجيه قائد الثورة الشعبية والمسيرة القرآنية السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله وأيّده” بالاهتمام بالجانب الاقتصادي والعمل على الوصول إلى اكتفاءٍ ذاتيٍ يُغني شعبنا عن الأكل من بقايا موائد الآخرين حينما يظلُّ منتظراً لاستيراد المواد الغذائية الأساسية من أيديهم، فأُنشأ المجلس الاقتصادي الأعلى كتأكيدٍ على حُسن نوايا القيادة السياسية الحالية في إرساء الشعب في شاطئ الأمان تحمُّلاً منها للمسؤولية المُلقاة على كاهلها.
وأمّا عن المسيرات فهي ستبقى الوسيلة الأولى التي من خلالها سيرفع الشعب صوته ويجأر بموقفه المُحِق ليسمعوا من يصُمُّون آذانهم ويرى مَن يغطّي على عينيه بحجابٍ عازلٍ للحقيقة وحتى يتيقنون من خلال تلك الحشود أن ذلك الموقف المُعلَن ليس موقفَ مكون أو حزب معيّن إنما موقف شعب أبى إلا أن تكون الإرادةُ إرادته فوق الجميع ولِتُقام عليهم الحُجَّة فيما بعدُ لما هو آتٍ مما يعلمون وما لا يعلمون، فالشعب قد عزم على أن يبقى عزيزاً كريماً يرفض الظلم والضيم والاستعباد.
وعن النتائج فحدّث إلى ما لا نهاية، أو يُفَضَّلُ تَرْكُ الحديث للواقع في الغد؛ ليُعَبِّرَ بلسان حاله عن حاله المشهود إلى وقت اليوم المعلوم.
فبارك الله بمَن خرج واحتشد وهتَفَ وصرَخَ في وجه المستكبرين لتكونَ كلمةُ الله هي العليا وكلمةُ الظالمين والطغاة والعُملاء والمرتزقة والطابور الخامس هي السفلى..
والعاقبةُ للمتقين.