الشهيدُ القائدُ يواجهُ العدوانَ منذ عام 2000
زيد البعوة
((تجاهُلُ الخطر لا يدفَعُ الخطرَ)).. هذه العبارة التي قالها الشَّهِيْدُ القائدُ في أحد الدروس التي ألقاها في عام 2002 في ظروفٍ استثنائية وَمنعطف خطير كانت تعيشُه أُمَّـتنا العربية والإسْلَامية، وهذا يدل على الروح الإيْمَانية العملية الجهادية التي كان يتمتعُ بها ويحملُها في قلبه، فهناك خطرٌ حقيقي مُحْدِقٌ بنا جميعاً لا يستطيع أحدٌ أن ينكر هذا الخطر الذي يتمثَّلُ في أطماع اليهود والنصارى ونواياهم الخبيثة والاستعمارية تجاه أُمَّـتنا، وهذا واضحٌ من خلال تحَـرُّكاتهم وجرائمهم وقواعدهم العسكرية في مختلف الدول العربية وفي البحار والمحيطات.. وبما أننا مؤمنون والخطرُ يستهدفنا فمواجهة الخطر هو الحلُّ الوحيدُ والخيارُ الصائبُ والصحيح الذي دعا إليه الشَّهِيْد القائد والذي يستدعي الحركةَ من قبلنا والجهاد والإعداد والوعي والتثقف بثقافةِ القُـرْآن والعمل بها في واقعنا واتخاذ مواقف تثبت أننا أقوياء بقوة الإيْمَان.
تحَـرَّكَ الشَّهِيْدُ القائدُ السيد حسين بدر الدين الحوثي في عام 2000 حاملاً في صدره ثقافةَ الجهاد وفي روحة ثقافةَ التضحية والاستشهاد، عقد صفقةً مع الله بدأها بالصدق والعهد باع فيها نفسه وكل ما يملك لله وحدَه، ونذر فيها وقته وماله في سبيل المستضعفين، حيث أرشد الناس إلى القُـرْآن الكريم وأعاد إلى أذهانهم ضرورةَ الجهاد الذي يُعتبَرُ ذروةَ سنام الإسْلَام وباباً من أبواب الجنة فتحَه الله لخَاصَّـة أوليائه.
لم ييأسْ أَوْ يُصَبْ بالإحباط.. انطلق من اللا شيء، لم ينتظرْ جمعاً غفيراً من الناس يأتون من المجهول ولا أموالاً طائلة ولا أسلحةً كثيرةً ومتعددةً، فهو يعتمدُ على الله الذي مَن توكَّل عليه سيحظى بالتأييد والقوَّة، وما عليه إلّا أن يتحَـرَّكَ ويعملَ وإن حصل ما حصل، فالنصرُ في نهاية المطاف لصالحه فمهما حصل من مشاقٍّ ومضايقات ومتاعبَ يردفُها الصبرُ العملي الذي يؤتي ثمارَه التي أولها النصرُ والتمكينُ في الدنيا ورضوانُ الله وجنتُه في الآخرة..
كانت المرحلةُ التي تحَـرَّكَ فيها الشَّهِيْدُ القائدُ تُعتبَرُ مرحلةَ تحوَّل ومفترق طُرُق تعيشُها أُمَّـتنا الإسْلَامية بشكل عام، والشعب اليمني بشكل خاص، فالجميع معنيون باتخاذ مواقفَ عملية في مواجهة الحملة الصليبية التي أعلنها جورج بوش من البيت الأبيض تحت عنوان “مَن لم يكن معنا فهو ضدنا”، فسارَعَ غالبية العرب إلى حلف أَمريكا لمواجَهة ما يسمّى بالإرهاب الذي صنعته أَمريكا كمبرِّر لغزوِ الإسْلَام والمسلمين، إلا أن الشَّهِيْدَ القائدَ كان الصوتَ الوحيدَ الذي ارتفع وقال: نحن لسنا معكم، نحن ضدكم.. وَألقى الكثيرَ من الدروس والمحاضرات التي كان أبرزها محاضرة الصرخة في وجه المستكبرين، والإرهاب والسلام، وخطر دخول أَمريكا اليمن، ولا عُذْرَ للجميع أمام الله، والتي أسهمت بشكل كبير في تثقيف الناس وشَحْن قلوبهم وعقولهم بالوعي والإيْمَان الذي يبعَثُ على الإعداد والجهاد والبذل والتضحيات.
وتخيّلوا معي لو لم يكُنْ شعبُنا اليوم في مواجَهة العدوان السعودي الأَمريكي بهذا المستوى من الوعي والإيْمَان التي صنعته ثقافةُ القُـرْآن التي بَذَرَها الشَّهِيْدُ القائدُ في قلوبنا وأرواحنا وربطنا بالله وبكتابه وبرُسُله وأنبيائه وجهادهم وتضحياتهم في مواجَهة الطواغيت على مر التأريخ منذ أن خلق الله أبانا آدم إلى يومنا الحاضر، لَكانت ثقافة داعش هي المهيمنة والمسيطرة، ولَكانت أهداف ومشاريع اليهود والنصارى اليوم هي المتحكمة في شؤوننا وبلدنا، ولَكنا أَصْبَحنا تحت رحمتهم، نستجديهم أن يصفحوا عنَّا ويقبلوا بنا نعيشُ فوق ترابنا أذلاء عبيداً لهم، وهم يحاولون اليوم بمختلف الوسائل العسكرية والإعلامية والأمنية والثقافية لتركيعنا ولكنهم فشلوا؛ لأننا نواجهُهم بالله وبثقافة القُـرْآن التي تمنح صاحبَها القوة النفسية والمعنوية والوعي والبصيرة..
ولو جئنا لنراجِعَ ماضينا كشعبٍ يمني قبل عشرة أعوام من اليوم، كُنا في حالة جمود وصمت رهيب ونعيش حالةً من التِّيْه والعُزلة والغفلة، ليس لنا أيُّ موقف تجاه قضايا أُمَّـتنا، واليوم وبعد أن أَصْبَحت ثقافة القُـرْآن هي السائدة بين أوساطنا وهي المنطلق الذي نسير عليه ومن خلاله والتي جعلتنا نتخذ مواقفَ قوية، أولها الصرخة بشعار الموت لأَمريكا وإسرائيل، ثم التسلح بثقافة الإيْمَان والوعي القُـرْآني والإعداد النفسي والمعنوي والمادي بالسلاح والانفاق، ثم التحَـرّك العملي الجهادي الذي يبدأ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصحيح الوضع الداخلي؛ لكي نكون بمستوى مواجهة العدو الخارجي.
لم يكن العدو في غفلة ممَّا نحن فيه من إعداد وعمل وحركة وجهاد فتحَـرَّكَ بكل ما يستطيعُ للوقوف في وجه هذه الأُمَّـة والتصدّي لها والحد من نشاطها، فبرز الباطلُ كله بماله وأسلحته ومختلف أصنافه، من منافقين وعملاء ومرتزقة وأَعْدَاء رئيسيين لحرب شعبنا، فألقت جهودُ الشَّهِيْد القائد ثمارَها وأخرجت الثقافةُ القُـرْآنيةُ نتائجَها، وبرز الإيْمَانُ المحمدي القُـرْآني كله للظلم والطغيان والفساد كله، المتمثل في أَمريكا و”إسرائيل” وعملائهم من الأعراب.
وما يجري اليوم من عدوان سعودي أَمريكي على اليمن هو يهدِفُ بالدرجة الأولى إلى محارَبة الثقافة القُـرْآنية الجِهادية التي يحملُها شعبُنا والحدِّ من الروحية الثورية التي تزخَرُ بالعزة والحرية واستبدالها بالعُبودية والذل والوصاية.. ومن هذا نستنتج أن الشَّهِيْدَ القائدَ هو المعلِّمُ الأوَّلُ والقائدُ والمربي والمجاهد الذي أحيا في داخلنا هذه الثقافة، وأنه استبق الأحداث وصَنَعَ أُمَّةً لا تنكسِرُ وواجه العدوانَ وأَدَوَاتِه ومشروعَه منذ عام 2000.