الرئيس علي ناصر محمد: الشرعية تكتسب من الشعب وهادي فقد صلته به
الرئيس علي ناصر محمد في حوار خاص لـ “صدى المسيرة”:
- الشرعية تكتسب من الشعب وهادي فقد صلته به
- أعلنا رفضنا للحرب وطالبنا بوقفها والعودة للحوار
- نرحب بجنيف بحضور المكونات اليمنية الفاعلة ونتمنى مثله في الوطن
- هناك مشاريع جديدة لإعادة ترتيب أوضاع اليمن والمنطقة بكلها
- القاعدة من صنع القوى المحلية والإقليمية والدولية
- هناك سفارات لإيران في السعودية ودول الخليج والعكس، ومن يستحق القطع هو ثقافة الارتهان
- نتائج لقائنا مع أنصار الله بمسقط إيجابية لمصلحة الوطن والمواطن وأكدوا استعدادهم للانسحاب إذا توفر بديل من أبناء تلك المحافظات
- جاءت السلطة لهادي على طبق من ذهب وحظي بدعم إقليمي ودولي وكنت أتمنى أن يعالج كافة القضايا وفي المقدمة القضية الجنوبية وصعدة
أعلن الرئيسُ علي ناصر محمد رفضَه للعدوان السعودي على اليمن، وطالب بوَقْف العدوان والعودة للحوار.
وقال الرئيس علي ناصر إن الشرعية تُكتسَبُ من الشعب وتتولّدُ من الداخل وفي المحيط الوطني، وأن “هادي” يعيش بعيداً عن معاناة الشعب وهمومه وآلامه وجراحه، وقد فقد صلته بالشعب.
ورحّب ناصر بمؤتمر جنيف بحُضور المكونات السياسية اليمنية الفاعلة، وتمنى أن يُعقد مثلُه في اليمن، واعتبر “جنيف” فرصةً تأريخيةً لعودة اليمنيين إلى الحوار.
وفي هذا الحوار حدثنا الرئيسُ علي ناصر عن لقائه بوفد أنصارِ الله بمسقط وكشف الأسبابَ التي حالت دون تنفيذ حل القضية الجنوبية وقضية صعدة، وأجاب لنا عن الكثير من التساؤلات تجدونها في نص الحوار:
– ما موقفُكَ من العُـدْوَان السعودي على الـيَـمَـن؟، وهل ترى أَن السعودية تورَّطت في الفخ الـيَـمَـني؟
منذُ اليوم الأول للحرب أعلنا رَفْضَنا للحرب، وطالبنا بوقف إطْلَاق النار والعودة إلَـى الحوار؛ حرصاً منا على تجنُّب الدمار الذي سيلحقُ بالشَّعْـب الـيَـمَـني، وقد حصل ما توقَّعناه من تدمير للبُنية التحتية وللقدرات الاقتصادية والعسكرية وقتلٍ للأَبْريَاء.. وَأَهَمُّ شيء هو الجرحُ العميقُ الذي تتركُه الحربُ في نفوس الملايين من أَبْنَاء شَعْـبنا، وأخشى أَن لا يلتئمَ هذا الجرحُ لعشرات السنين، وأكدنا حينها أَن المنتصرَ مهزومٌ، وأنَّ آثارَ هذه الحرب ستتجاوزُ حدودَ الـيَـمَـن والمنطقة، ولهذا فإن المطلوبَ اليومَ قبل انعقاد مؤتمر الحِوار الوَطَني غداً في جنيف هو وقفُ إطْلَاق النار ونحن مقبلون على شهر رمضان الفضيل.
وكان ولا يزالُ المأمولُ هو أن تَحِلَّ مَحَلَّ هذه الحروب استراتيجيةٌ تنمويةٌ للبلدان التي تنشبُ فيها الحروبُ (الـيَـمَـن والعراق وسوريا وليبيا والصومال)؛ للقضاء على الفقر والمرض والجهل والإرْهَـاب.
– تدَّعي السعوديةُ أنها شنت عُـدْوَانَها على الـيَـمَـن لتُعيدَ شرعيةَ هادي.. كيف تقيِّمُ هذا الادعاء؟
لدينا قناعةٌ بأن الشرعيةَ تُكتسَبُ من الشَّعْـب وتتولد في الداخل، وفي المحيط الوطني، ومع الأسف أن القيادةَ الحاليةَ تعيشُ خارجَ الوطن بعيداً عن معاناة الشَّعْـب وهمومه وآلامه وجراحه، وقد فقدت صلتَها بالشَّعْـب، ولهذا فالمطلوبُ هو الحوارُ للخروج من الأزمة التي يمُــرُّ بها الجميعُ في الـيَـمَـن والمنطقة.
– يرى البعض أن العُـدْوَانَ السعوديَّ على الـيَـمَـن يهدفُ إلَـى قطع الذراع الإيرانية.. هل ترى أن الفزّاعةَ الإيرانية تستدعي هذا التدخل؟
هناك أذرعٌ كثيرةٌ في الـيَـمَـن ولكنها تتحرَّكُ بوسائطَ محلية، وبالتالي فإنَّ مَن يستحقُّ القطعُ هو ثقافةُ الارتهان عموماً، علماً بأنَّ العلاقاتِ بين الدول أمرٌ مشروعٌ ومتعارَفٌ عليه دبلوماسياً، وهناك سفاراتٌ لإيران في السعودية ودول الخليج، والعكس صحيح.
– ما تقييمُكم للواقع الـيَـمَـني اليومَ في ظل العُـدْوَان والجنوب بالذات؟
في معظم إن لم يكُن في جميع حواراتي ومقالاتي الصحفية طيلةَ السنوات الماضية كنتُ أحذِّرُ من انزلاق الـيَـمَـن إلَـى مصير مجهول، وهذا المجهولُ مع الأسف بات معلوماً مع تطوُّرات الأحداث الأخيرة والدمار الذي حَلَّ في الوطن والاحتراب الذي يحدُثُ بين الشَّعْـب والذي نأمل أن لا يتدحرَجَ أكثر نحو حرب أهلية شاملة، والذين يعتقدون أنهم منتصرون فهم واهمون؛ لأن المنتصرَ في هذه الحرب مهزومٌ ولو بعدَ حين، والوطنُ هو الخاسرُ في هذه المعركة.
– تقدَّمتُم بمبادرتكم الأخيرة.. كيف تعاطت معها القوى الـيَـمَـنيةُ والمجتمعُ العربيُّ والدولي؟ وهل لديكم تصوُّرٌ لضمانات تنفيذها؟
المبادَرةُ التي تقدمنا بها كانت استشعاراً منّا للمسؤولية التَّأريخية، وهي منسجمةٌ مع مواقفنا منذ أن بدأت الأزمةُ الـيَـمَـنية، وتكمُنُ خصوصيتُها أنها أتت في ظل خذلان دولي وصمتٍ رهيب وغيابٍ كلي لأي توجُّه حقيقي لحل المشكلة الـيَـمَـنية ودرء الحرب وإيقاف تداعياتها الكارثية، غيرَ أنها في ظل الحرب القائمة والاحتراب المحلي أحوجُ ما تكونُ إلَـى جانب التوافق الوطني إلَـى قوّة دفع خارجي، وهو ما سعينا ونسعى لتوفيره مع الأشقاء والأصدقاء عبر اتصالاتنا المستمرة لمصلحة الوطن، وبما يحفظ أمنَ المنطقة، وآخرُها لقاؤنا مع الأمين العام لجامعة الدول العربية.
نستغربُ من البعض الذين يرفُضون المبادرة التي تقدمنا بها لوقف إطْلَاق النار دونَ أن يوضحوا الأسبابَ، ولم نسمع أنهم منذ بداية الأزمة قدّموا بديلاً عن الحرب، ويكتفون بالتصريحات في القنوات الفضائية من خارج الوطن والشَّعْـبُ هو مَن يدفع الثمن، ونحن نرحّبُ بأيَّة حلولٍ أَوْ مبادرات من شأنها وقفُ النزيف والتدمير لمقدرات الوطن، لكن ليس الكلُّ رفضوا مبادرتنا، فهناك كثيرٌ من العقلاء وأَصْحَاب الحكمة الذين رحّبوا بها، ونحن نأمُلُ من الأَخ خالد بحاح نائب الرئيس ورئيس الحكومة الـيَـمَـنية في المنفى أن يبذُلَ جهوداً صادقةً؛ للمساهمة في حل الأزمة، كما تعهَّـدَ بذلك لقيادة أَنْصَار الله قبل السماح له بالخٌرٌوج من صنعاء.
– هل قُدّمت لكم دعوةٌ لحضور “مؤتمر الرياض”؟ وإذا كانت الإجابة نعم فلماذا تجنّبتَ المشاركة فيه؟
قُدِّمت لي دعوةٌ لزيارة المملكة قبلَ مؤتمر الرياض، ولأسباب خَاصَّـة فقدَ جرى التراجُعُ عنها في اللحظة الأخيرة، وقد قدرت ظروفَ الإخوة؛ بسبب التغيرات التي حدثت في المملكة، ولا توجد عندي مشكلة في زيارة المملكة في أي وقت إذا كانت هذه الزيارة ستخدُمُ أمنَ واستقرارَ الـيَـمَـن والمنقطة، كما هو معروفٌ فَأنا مَن طَبَّعَ العلاقةَ كاملةً مع دول المنطقة كلها وآخرها عُمان؛ لأنني أنطلقُ من الحرص على مستقبلِ دول وشعوب منطقتنا.
– هل وُجهت لكم دعوة لمؤتمر جنيف؟ وإذا كانت وُجهت دعوةٌ هل كنتَ ستحضُرُ؟
نحنُ نرحّبُ بالجُهُود التي تقومُ بها الأممُ المتحدة مع الأَطْرَاف الـيَـمَـنية لعقد مؤتمر جنيف حول الـيَـمَـن”، ونؤكّدُ ترحيبَنا بعقده بحضور كافة القوى والمكونات الـيَـمَـنية الفاعلة، ونعتبرُه فرصةً تَأريخيةً لعودة الـيَـمَـنيين إلَـى الحوار؛ لبحث الأزمة الراهنة ووقف إطْلَاق النار، ووضع حَـــدٍّ لمأساة الشَّعْـبِ الـيَـمَـني جراء الحرب الدائرة في الوطن. وكنا نتمنى أَن يُعقَدَ مثلُ هذا المؤتمر في الوطن.
– التقيتم في مسقط بوفد أَنْصَار الله.. كيف تقيّمُ لنا هذا اللقاء؟ وهل يمكن أن تكشفَ لنا عن بعض نتائجه؟
كانت نتائجُ اللقاء مع وفد أَنْصَار الله في مسقط إيجابيةً لمصلحة الوطن والمواطن، ويأتي هذا اللقاءُ في سياق المساعي التي نبذُلُها مع كافّة القوى السياسية ومع الأشقاء والأصدقاء لوقف الحرْب وتعزيز فرص السلام عبر الحوار، وقد طالبنا أَنْصَارَ الله بالانسحابِ وإحلالِ قوةٍ بديلة لهم، وبحسب ما ينقل عنهم، وبحسب ما سمعتُ من البعض الذين التقيت بهم، فإنهم مستعدّون للانسحاب من المُدُن والمناطق التي وُجدوا فيها إذا كان هناك بديلٌ من أَبْنَاء تلك المحافظات يحل محلَّهم، وعلى كُلِّ الأَطْرَاف تقديمُ التنازُلات لإيقاف الحرب وتجنيب بلادنا الويلات.
– الفترة الانتقالية الماضية كانت على رأسها قياداتٌ سياسيةٌ من الجنوب ومع ذلك لم تنفذ الحكومة ولا الرئاسة النقاطَ الـ20 +11 التي توافقت عليها القوى السياسية.. ما تعليقكم؟
أثبتت الأيامُ والتجاربُ أنه ليست المشكلةُ في كَوْنِ الرئيس جنوبياً، فهذا تسطيحٌ وتعويمٌ دَرَجت عليه القيادةُ في الـيَـمَـن ومعظم النخب السياسية، ليس في المرحلة الانتقالية التي تحدثتَ عنها بل بدأت منذُ حرب صيف 94م، ولم يكن اختيارُ نائبٍ للرئيس من الجنوب وتعيين كُلِّ رؤساء الحُكومات منذ 94م وحتى اليوم من الجنوب إلا في هذا الإطار الذي لم يحل مشكلةَ الجنوب ولم يخفّف من معاناته ولم يعيد الحقوقَ المغتصبة لأَصْحَابها، بل بات هؤلاء شركاءَ في بعض المظالم دون أن يتوفّرَ لهم القرار لحل المشكلة التي ظلت تتفاعَلُ إلَـى أن انطلق الحراكُ الجنوبي 2007م واندلعت ثورةُ الشباب 2011م.
وأمَّا عن النقاط العشرين + 11 والتي لامَست حلولاً واقعيةً لقضيتَي الجنوب وصعدة فقد أكّدنا مراراً على أهمية تنفيذها وعبّرت كثيرٌ من القوى الوطنية على أهمية تنفيذها كمقدمة فعلية نحو حلحلة الأزمة الـيَـمَـنية ونجاح الحوار الوطني، وبالتالي تطبيق مخرجاته، ولكن هذا لم يحدث وكان هناك إمعانٌ في ترحيل الحلول، ممَّا أدى إلَـى الانتقال من الحوار إلَـى الحرب.
– إذا توافقت القوى السياسية عليكم كحل وسَط لقيادة المرحلة المقبلة ما ستردون عليها؟
طرحتُ فكرةَ رئاسة مجلس الرئاسة في بداية هذا العام وربطتُ ذلك بتوافُق القوى السياسية في الـيَـمَـن أولاً وبالتفاهُم مع القوى الإقْليْمية والدولية ثانياً، وكان ذلك محلَّ إجماع وطني كما علمتُ من كافة الأَطْرَاف التي التقيتها أَوْ التي تواصلت معي والتي أكّدت للسيد جمال بن عمر موافقتَها على ذلك، وفجأةً تغيَّر كُلُّ شيء بهُرُوب عَبدربه منصور هادي واندلاع الحرب.
– كيف تقيّم دورَ عبدربه هادي في التعامُل مع القضية الجنوبية؟
جاءت السلطةُ للأخ عَبدربه منصور هادي على طبَق من ذهب، ولم يحدُثْ في تَأريخ الـيَـمَـن أن وصلت السلطةُ لرئيس قبلَه بهذه الطريقة، فقد حظي بانتخاباتٍ شَعْـبيةٍ خَاصَّـةٍ به وبدعم إقْليْمي ودولي لا نظير له، وكنتُ أتمنى أَن يستفيدَ الرئيسُ عَبدربه منصور هادي من كُلِّ ذلك وأن يعالجَ كافَّةَ القضايا المعقّدة في الـيَـمَـن شمالاً وجنوباً، وفي المقدمة القضية الجنوبية وقضية صعدة وبقية القضايا التي ناقشها مؤتمرُ الحوار الوطني.
– تسعى القاعدةُ للسيطرة على الجنوب، وقد بدأت في حضرموت بالسيطرة على بعض المناطق.. برأيك مَن يقفُ وراءها؟ وكيف تمكن مواجهتُها؟
القاعدةُ من صُنعِ القوى المحلية والإقْليْمية والدولية في الـيَـمَـن وخارجها منذ الحرب الأفغانية السوفيتية، وبانتصارهم في أفغانستان انتقلوا إلَـى مناطقهم التي جاؤوا منها ومنها الـيَـمَـن، ومع الأسف أن القاعدةَ سيطرت في فترة من الفترات على أبين وأجزاء من شبوة، واليومَ تسيطرُ على محافظة حضرموت التي تعتبرُ أَهَمَّ وأكبرَ محافظة في الجمهورية من حيث الأرض والثروة والموقع الاستراتيجي التي تتمتعُ به على بحر العرب وعلى حُدُود جزيرة العرب.
ومكافحةُ الإرْهَـابِ بالحلول العسكرية والأمنية غيرُ كافيةٍ، إذ لا بُـدَّ أن ترافِقَ ذلك خطةٌ قصيرةٌ، ومتوسطةُ المدى، سياسية وتنموية واجتماعية وفكرية وإعلامية وتعليمية؛ لتجفيف مصادر الإرْهَـاب الفكري وإرساء المفاهيم الصحيحة للإسْـلَام. بالإضافة إلَـى تجفيفِ منابع الأموال والسلاح والمقاتلين، فمن أقوى أسبابِ انتشارِ الإرْهَـاب، الفقرُ وانعدامُ التنمية، وسوءُ استخدام السلطة والفسادُ بأنواعه.
– هناك أجنداتٌ خارجيةٌ فيما يتعلق بالجنوب.. برأيك ما هي تلك الأجندة وما تأثيراتُها على القضية الجنوبية؟
تحضُــرُ الأجندةُ الخارجيةُ عندما تغيبُ الأجندةُ الداخليةُ، والأمرُ اليومَ لا يتعلّقُ بالجنوب وَإنما يتعلقُ بأمنِ الـيَـمَـن والمنطقة، ويبدو أَن هناك محاولاتٍ ومشاريعَ جديدةً لإعادة ترتيب أَوْضَاع الـيَـمَـن والمنطقة كلها ما لم يتداعَ القادةُ لمواجَهة هذا الخطر الداهم والقادم إلَـى منطقتنا الاستراتيجية.
– قلتم في مقابلة سابقة بأنه تم الاتفاقُ على حل القضية الجنوبية المتفَق عليها في مخرجات الحوار إلا أن أطرافاً تراجعت عن هذا الاتفاق.. هل يمكن أَن تسمي لنا هي الأَطْرَاف؟
إنَّ القوى السياسية في الـيَـمَـن غيرُ جادة لحل القضية الجنوبية العادلة، والتي تُعتبَرُ مفتاحَ الحل لمشاكل الـيَـمَـن والمنطقة، ولقد توافق ممثلو الحزب الاشتراكي الـيَـمَـني وممثلو أَنْصَار الله وكذلك المؤتمر الوطني لشَعْـب الجنوب وغيرهم داخلَ مؤتمر الحوار الوطني على قيام دولة اتحادية من إقْليْمين، وهو ما أكّدنا عليه في المؤتمر الجنوبي الأول (القاهرة 2011)، ثم تراجعت بعضُ هذه القوى عن ذلك وفقاً لرؤاها ومصالحها وتحالفاتها.
وفي نهايةِ لقائنا أتقدَّمُ لشَعْـبِنا بأحَرِّ التهاني بمناسبة حُلُولِ شهر رمضانَ الكريم، أعادَه اللهُ على الجميع بالخير والأمان والاستقرار.. وكلُّ عام وأنتم بخير.