الشهيدُ القائدُ في كلمة السيد القائد.. حضورُ المشروع بمنأىً عن المراثي
صلاح الدكّاك
في الذكرى السنوية السادسة عشرة لاستشهاد القائد المؤسس السيد حسين الحوثي، يجسد سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في كلمته جوهر المشروع فنرى غياب الشهيد القائد حضوراً لا يحد دفق استرساله غياب واتصالاً بلا انقطاع.
ليست المناسبة في كلمة السيد عبدالملك سرداً لمناقب ومزايا الراحل وإنما هي استمرارية حية وكثيفة لمشروع هو خلاصة ما بذل الشهيد القائد حياته في سبيل ظهوره إلى النور بفاعلية نشاهد تجلياتها اليوم في المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوأمريكي ولفيف أدواته.. مواجهة لم نتفاجأ بملابساتها كحال كثيرين ممن يفرزهم سيد الثورة على خانة المستسلمين المذعنين بسلبية لخطر المشروع الصهيوأمريكي بل كنا الاتجاه الواعي بها وبأبعادها اغترافاً مبكراً من معين الشهيد القائد السيد حسين واستشرافاته لآفاق التحولات في المنطقة والعالم وموقع ومواقف الأمة منها.
يضع سيد الثورة بصر المشاهد والمستمع في بؤرة وجوهر المشروع القرآني الذي بلور ملامحه الشهيد القائد استخلاصاً من فهم إيماني نافذ البصيرة لكتاب الله، فيغدو بوسع المتلقي أن يرأى رأي العين واقعاً غيَّبته سلطة الوكلاء والتبعية للعدو على مدى عقدين من انطلاق الصرخة في وجه المستكبرين ، تماماً كما عمدت هذه السلطة لتغييب جثمان الشهيد السيد حسين قرابة تسعة أعوام لفرط شعورها بخطر مشروعه عليها وعلى أربابها من قوى الاستكبار والهيمنة.
يطل سيد الثورة من واقع ريادة المجابهة الكبرى عملياً في وجه الاستكبار الصهيوأمريكي لا من منصة فعالية سنوية لتدبيج المراثي في شخص الراحل فالشهيد القائد ليس شخصاً توفي في حادث سير كما أرادت سلطة العمالة أن يبدو استشهاده ، تدليساً للحقائق المخيفة بالنسبة لها وطمساً لملامح الشهيد ومشروعه.
في 2002 وقف السيد حسين عليه السلام صادعاً بالصرخة في وجه المستكبرين و واجه مع نفر من الفتية المؤمنين الأحرار كلَّ هذا الجحفل الكوني الذي نواجهه اليوم وقد استنارت بصائر الكثيرين على حقيقة العدو و أطماعه وباتت عجينة وعيهم عصية على التطويع لجهة تدليس العدو وأباطيله.
ترتيباً على هذا الوعي بسياق المواجهة بوسعنا القول قطعاً إن الشهيد القائد كان يدرك المنحى الذي ستؤول إليه الأمور والأطوار التي سيتمظهر من خلالها الصراع لاحقاً ولم يكن في لبس من أمر انتصار المشروع القرآني لحظة استشهاده في إبريل 2004 بل كان مفعماً بيقين أن الغلبة حتماً ستكون لعباد الله المستضعفين الرافضين للاستعباد المجابهين للطاغوت.
بات مؤكداً اليوم أن كلفة المجابهة كانت ستكون أبهظ وأفدح لولا شعلة الوعي التي أوقدها باكراً الشهيد القائد في محيط ظلام التبعية والغفلة الذي تغرق فيه الأمة، وعليه فإن المستعظمين لضريبة المجابهة الراهنة بعد أن أصبحت وجهاً لوجه هم أناس سامدون في الغفلة لم تقدح الوقائع شرر وعيهم بأبعاد الاستهداف ولايزالون يتطامنون لكونهم غير مقصودين به.
رقراقاً عفوياً وسائغاً للأنفس السوية ينساب حديث سيد الثورة متوافراً على الحجج الإيمانية والمادية التي لا تتيح للمتوجسين والمنافقين اعتراضها بمنطق الأمس الهازئ بشعارٍ يحيل حقيقة الصراع والمؤامرات المحيقة بالأمة إلى لاعبٍ واحدٍ هو الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل، وفي هذا السياق يهتك سيد الثورة عذار اليافطات الإماراتية السعودية عن المدير التنفيذي متسائلاً في معرض تفنيد الأدوار والحجج” ما دوافع الإمارات لاحتلال جزيرة كسقطرى نائية مستقرة نسبياً ولا وجود لأنصار الله فيها..؟! …لماذا لا تكتفي الإمارات بسلطة عملائها وتصر على التواجد المباشر هناك.؟!..إنه احتلال لاحتلال أمريكي آخر فالإمارات والسعودية اللتان تعتمدان في حماية أمنهما الشخصي على شركات أجنبية كيف لهما أن يحتلا بلداً إن لم يكن المقصود بهذا الدور أمريكا وإسرائيل!.
و رغم سفور الخطر للعيان فإن سيد الثورة لا يتعالى على حاجة البعض لبسط المحاذير أكثر ومعاودة التأكيد على مقاصد دعواته لاسيما للأذهان الآيلة للوقوع في شرك تأويلات العدو وإعلامه لدعواته.
إن الهدف من طرح النقاط الإثنى عشرة المتعلقة بعمل المؤسسات والحاثة على تنقيتها من الخونة والموالين للعدوان تحديداً علاوة على سواها من نقاط لا تمليها المصلحة الشخصية لأنصار الله وإنما المصلحة العامة للشعب في مواجهة عدوان له مستخدموه وموالوه وأدواته التي تنخر في الجبهة الداخلية خدمة له -يؤكد السيد-داعياً من يسوؤهم لجم الفاسدين والخونة مجدداً إلى أن ينطحوا رؤوسهم في الصخر وأصلب كتلة حديدية متوافرة في البلد، فالوقوف بالضد لما ينفع الناس من إجراءات تعزز صمودهم في مواجهة العدوان والحصار لن يؤبه لهم أياً كانت ذرائعهم وسواء كانوا من الأنصار أو المؤتمر او أي فصيل آخر.
إن الشهيد القائد السيد حسين يتصدر الصف الأول للمواجهة ولا حاجة للالتفات في ذكرى استشهاده إلى الوراء رثاءً وتأبيناً واستذكاراً .
إن المراثي حظ الميتين وهو الحي الحاضر مشروعاً و نهجاً وسلوكاً في مسيرةٍ ولادةٍ للقادة والمجاهدين المؤمنين ولا يلتبس عليها الدرب.
بوسع المراقب أن يلحظ في كلمة سيد الثورة بيسرٍ كيف تجري أطوار المناولة بين الخلف والسلف فيتعاظم زخم المسيرة القرآنية بحيث لا مجال لأن يراهن العدو على لحظة مستقبلية يكتنفها فراغ المشروع و فناء رواده…بل رقيَّاً إلى ذروة الكمال الإنساني على براق وعد الله لعباده المؤمنين العاملين.