صالح والرأيُ الآخر!
علي المروني
حسناً فَعَلَ علي صالح عندما أعلنها واضحةً مدويةً أنه وراءَ كُلّ الاستهداف والتشويه الممنهج ضد أنصار الله الحليف الذي لا يلعَبُ أدواراً أَوْ يخاتل في المواقف، وهذا أمرٌ عظيمٌ، فحسناً فعلت وحسناً أَيْضاً أنك قلتَ بضرورة احترام الرأي والرأي الآخر.
وما ستقرأه في هذه السطور هو من الرأي الآخر الذي أنت تدعو لاحترامه، وعليك أن تستمعَ إليه، ومثلُك لا يحتاجُ الكاتبُ أَوْ القارئُ مزيداً من العناء في البحثِ عن دلائلَ وشواهدَ تبينُ طبيعة تحالفاتك، وسياستك القائمة على تغذية الصراعات مع خصومك وحلفائك في آن واحد، فتأريخُك منذ الوهلة الأولى هو تأريخٌ أسودُ، فساد ودمار وحروب وصراع وتغذية فتن، وأنت صاحبُ القول المشهور: “السلطة في اليمن كالرقص على رؤوس الثعابين”؛ كي تظلَّ في هرم السلطة حتى بات من طبعك اللازم إثارةُ المشاكل الداخلية على قاعدة “ما يكسر الحجر إلّا أختها”.
دخلت في تحالف مع أنصار الله، فتوهَّمَ البعضُ أن ثمة صفاً واحداً تقفون فيه جميعاً، والحقيقة لا صف موجود ولا هم يحزنون، فلا أنت في معسكرات القتال تدافعُ عن الوطن، ولا نهجك السياسي يتحَـرّك لحماية البلد، ولا إعلامك مسخذر ضد العدوان، ولا أموالك تصرَفُ في رفع معاناة الشعب.
لا أدري لماذا أنصار الله يلتزمون الصمتَ رغم أنهم يعلمون كُلَّ هذا ويعرفون أنك لا تشاركُ بأي إسهام في مواجَهة العدوان وهم يعلمون علمَ اليقين أنك تبيعُ سلاحَ الشعب في السوق السوداء، وبها اشتهرت أسماء سماسرتك وإذا شئت فاذهب إلى السوق لترى مسدس أحمد علي، وقنّاصة عمار، وهلم جراً.
لا أدري لماذا يلتزمون الصمتَ وإعلامك بكله مسخَّر للنيل منهم وتشويههم واستغلال معاناة الناس، ولا أدري فعلاً هل سيلتزمون الصمتَ بعد أن فتحت نافذةً حقيقيةً وهي الرأي الآخر!
تقول إنك ضد العدوان، والواقعُ أنك ضده قالباً ومعه قلباً، ولعلك ظننتَ في ادعاء وقوفك ضد العدوان ما يسمحُ لك بإعادة إنتاج ما أفسدته على مدى سنوات حُكمك، وهيهات أن يصلحَ اللهُ عمَلَ المفسدين، أَوْ أن تمرَّ مغالطتُك على الشعب بعد أن عَرَفَ منك ثلاثاً وثلاثين سنةً من الكذب بكافة أشكاله وأنواعه.
وتقولُ أَيْضاً إنك ضد التدخُّل الخارجي وأنت قاتلت إلى جانب السعوديّة في الحرب السادسة ضد جُزء من الشعب اليمني وضد جُزء من أراضي الجمهورية اليمنية، وهو تدخُّلٌ خارجي مباشر، ورهنت الأجهزة الأمنية والتشريعية والعسكرية للأمريكيين، ولم تكن لك مشكلةٌ مع دول الاستكبار والإقليم؛ كونك لا تحملُ أيَّ مشروع تحرّري سيادي بقدر ما تحمل مشروعَ التوريث ونهب المال العام وإشغال الشعب بصراعات وفتن وحروب وثأرات ومشاكلَ حتى تستمرَّ لك السلطة.
حسناً قلت إنك تحالفت مع أنصار الله ضد العدوان فقط.. جميل جداً.. أخبرنا أين هي الجبهة التي تقاتِلُ فيها ضد العدوان؟ واختر أية جبهة تريدُ حتى لو كانت سوقاً شعبياً تزورُه كدعم للاقتصاد المحلي!
أخبرنا لماذا مجلسُ النواب مشغولٌ بمتابعة ومضايقة الجبهات العسكرية وخلخلة الجبهة الداخلية ومشغولٌ بالإمامة والكهنوت؟ ولا نسمع صوتاً وطنياً ضد العدوان بإقرار قانون يُلغي مثلاً “وثيقة الحدود” التي بعت فيها جُزءاً من أراضي الجمهورية اليمنية بيعَ مَن لا يملكُ لمَن لا يستحق!
نتمنى أن نرى أين هي الجبهةُ التي تواجِهُ فيها العدوانَ وأنت كُلُّ كلامك موجَّهٌ للداخل إعلامياً وسياسياً، وحتى شعبياً تسعى لخلخلة الجبهة الداخلية وإثارة الفتن وتشويه أنصار الله الذين هُم يحملون هَـمَّ الوطن ويدافعون عن حياضه في عشرات من الجبهات!
نعم لديك جبهات مفتوحة تنفذ فيها توجيهات خارجية لإثبات وجود وتأثير هنا أَوْ هناك، وهي جبهاتٌ مفتوحة ومسموعة ومقروءة تسعى من خلالها إلى إضعاف الجبهة الداخلية وهي كثيرةٌ وتعرفها أنت، وقد رفضت أن تساهمَ بأي نوع من أنواع مواجهة العدوان بما فيها النشاط السياسي والإعلامي.
جميلٌ جداً أن قلتَ لا تريدُ المالَ.. صحيحٌ لا تريد المال؛ لأن مليارات من الدولارات نهبتها خلال حكمك لليمن والذي حوّلته إلى دولة فقيرة لا تقارَنُ بأية دولة مجاورة لها ذات التأثير وذات الإمكانات، بل وأقل مما لدى اليمن وباتت صورة تحكي واقعك المظلم ولأنك حالياً في اليمن رأسٌ بلا جسد فلك أن تسألَ بقية الأولاد في الخارج أين هو ذلك المال والذي تم إخراجُ بعضه خلال العدوان ما بين سبائك ذهب وحقائب نقود؟ وشقق الإمارات وعمان والقاهرة وشركات آسيوية وأفريقية خيرُ شاهد على ذلك.
ولا نذهب بعيداً، فطائرةُ رجل الأعمال شاهر عبدالحق والتي تجوبُ المنطقة تجميعاً لدراهمك التي (كوّمتُها) خلال (طُلْبَة الله) على الشعب اليمني تكشفُ حقيقةَ أنك فعلاً لا تريدُ المالَ فما الذي تريده اليوم من بلد وضعته بسياساتك التي خلقت كُلَّ الفتن داخل الوطن من مال يُرجى.
نعم لا تريدُ المالَ، فالبنوك المحلية والشركات التجارية والاستثمارية وخازن بيت المال حافظ معياد يستثمرُ في عشراتٍ من البنوك العالمية والعربية.
أعرف أنك ستطبَعُ هذا المقالَ وترسلُه فوراً إلى دول مختلفة لتقولَ أرأيتم كيف أثرت لهم قضايا أخرى وأني أنا كنتُ الأَكْثَـر نفوذاً وتأثيراً ضد الحوثيين لتُثبِتَ ما تقولُه لهم منذ فترة لما طلبوا منك الوقوفَ معهم ضد أنصار الله بأن السلطة لم تعد بيدك وماذا يفعَلُ هادي؟ وأين جيش اليمن؟ لتحمل سلطة هادي مسئولية الفشل في المواجهة؛ لا حباً في عدم خوضك لهذه المعركة، وإنما إثباتاً أن هادي فاشل وتقول لهم دائماً حين كنتُ في السلطة كان الحوثيون لا يتجاوَزُ انتشارُهم بعضَ أجزاء محافظة صعدة، واليوم شاهدوا أين أوصلهم هادي!
بات العالَمُ يعرفُ أنك أَكْبَـر مراوغ عرفه تأريخُ اليمن والمنطقة، وتستغل معاناةَ الشعب اليمني وما سلطته عليهم من نفوذ مشترك مع حلفائك في السلطة آنذاك وتسعى إلى جعل كُلّ الحروب قضايا لا علاقةَ لك بها وكأنك لم تكن رئيساً للبلد وإنما عاقل حارة!
قاتلت الجنوبيين ثم قلتَ فيما بعدُ هي حربٌ بين الإخوان المسلمين والحزب الاشتراكي وحاربت الحوثيين ثم قلت هي حربٌ بين الحوثيين والإخوان المسلمين، وهكذا ستقولُ لاحقاً تحالفنا مع الحوثيين لنحافِظَ على الجمهورية والديمقراطية وحقوق الإنْسَان فقط!
جميلٌ أنت فعلاً.. والجميلُ فيك أَيْضاً أنك تستطيعُ طَيَّ صفحة الماضي متى تريد وتفتحُها متى تريد، كما قلت “العدوانُ يَجُبُّ ما قبله”، ورغم أنك لم تنسَ أن تـَجُبَّ (تفجير دار الرئاسة) ـ وهو بلا شك عملٌ إجرامي مُدان ـ إذ حوّلته إلى ذكرى سنوية مأساوية ومعاناة الشعب بكله تريد أن تطويَها… ما هذا!!!؟؟؟
تظنُّ أنك تخادِعُ الشعبَ بخطابات هنا أَوْ هناك وتلغي الآخرين وتشطبهم وتحوّلهم إلى مجموعة من المتبلدين ينتظرون منك أن تحدِّدَ لهم (ميثاقاً وطنياً) تقول هو يمثّل كُلّ اليمنيين، وكأن اليمنيين الذين خرجوا في ميادين الشعب المطالِبين بالتغيير إنما كانوا يريدون توريثَ أحمد علي وقلع العداد.
الجميلُ أَيْضاً أن الوضعَ بات يحلو لك ـ أَوْ هكذا تتصوّرُ ـ فتقول ما تشاء دون حتى قراءة أقرب تأريخ كنت فيه جزءاً من هذا الوضع السيء الذي كنت أحدَ أدواته حتى بعد التغيير، ودعني أذكّرُك ببعض نقاط لعلها تنسِفُ كُلَّ عنترياتك وخطاباتك الرنَّانة خَاصَّـة وأنت تتهم الآخرين بالعمالة.
مشروعُ الأقاليم والدولة الاتحادية لك أن تسألَ مندوبَك الخاصَّ في لجنة الأقاليم وهو من أوائل مَن وقّع على هذه الوثيقة، وبالإمكان أن تسألَ ياسر العواضي كيف بزغ الإقليم السادس!! فيما مندوبُ أنصار الله الأستاذ حسين العزي الوحيد الذي رفض التوقيعَ على هذه الوثيقة.
مشروعُ الدستور الذي تقولُ إنه خيانة وطنية.. لك أن تسألَ ممثلَك في اللجنة ورئيسَها أَيْضاً كيف صاغ الدستور الخائن حسب وصفك والولد أحمد كان قريباً من عمل اللجنة في الإمارات، لك أن تسأله كي يعطيَك بعضَ تفاصيل عملها، ومن هو الممثل الوحيد الذي رفض التوقيعَ على مسودة الدستور والذي هو الدكتور عبدالرحمن المختار مندوب أنصار الله.
ألا تعلم أن أنصار الله هم الجهة الوحيدة التي واجهت مشاريعَ الأقاليم والتقسيم بكل صلابة، وما هذا العدوان الغاشم إلا لكسر موقف أنصار الله الرافض لتقسيم اليمن وتمزيقه وتفتيته وسلب قراره وسيادته.
أما لو عدنا إلى وضعنا الحالي سترى أنك في عام واحد فقط انحدرت انحداراً مخيفاً، فالمجلسُ السياسي الأعلى أصبح من وجهة نظرك ضرباً من الماضي، والسلطة الحقيقية إنما هي مجلس النواب والشورى والبقية إنما هم فقط (محلّلون)!
أكتفى بهذا القدر، وللحديث – إن شئت بوثائقَ أَوْ بمعلوماتٍ أَوْ بتأريخ مشهور معلوم – بقايا وخفايا.
وإلى قادة أنصار الله أن يعلموا علمَ اليقين أنه إذا ما واجهونا بالتزام الصمت بعد أن فتحت نافذةَ الرأي الآخر، فإنَّهم يذهبون نحوَ منحدر أخطر ممَّا أنت فيه، ولا نظنُّهم- وهم المؤتمَنون على هذا الشعب وشهدائه ومصيره – أن تخونَهم الحكمةُ ليتخذوا منك الموقفَ الذي تركض أنت إليه ركضاً، وتسعى نحوه جَرْياً على طبعك اللئيم الذي غلبك، وفضح فيك تطبعك بما ليس أنت منه ولا إليه.