إستجابةٌ شعبيةٌ واسعة لدعوة السيد القائد لاسْتغلَال الموسم الزراعي: الشعبُ اليمني يواجِهُ العدوان عملياً في كُلّ وادٍ.. “يدٌ تزرع الأَرْضَ ويدٌ تحميه من دنس المحتل”
صدى المسيرة| تقرير ـ رشيد الحداد:
إستجابةً لدعوة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي للشعب اليمني بالاهتمام بالزراعة واسْتغلَال الموسم الزراعي الحالي، والتي وجّهها في كلمته التي ألقاها بمناسبة الذكرى الثانية لصمود الشعب اليمني في وجه العدوان والحصار، دشن معظمُ اليمنيون خلال الأَسَابيع الماضية، الجبهة الزراعية في مختلف المحافظات بصورة تلقائية وجماعية في أودية وقيعان اليمن الفسيحة.
تلك الجبهة الجديدة التي لا تقل أهميّة بدلالتها وقيمتها المادية والمعنوية عن الجبهة العسكرية في مواجَهة سياسة التجويع التي يمارسها العدوان السعوديّ الأَمريكي منذ قرابة العامين والنصف وكسر الحصار، ستعزز صمود الشعب اليمني من جانب وتفشل كافة خطط العدو ومؤامراته الاقتصادية التي حاول من خلالها تحويلَ لقمة العيش الكريمة إلى أداة حرب لتحقيق ما لم تحققه آلتُه العسكرية في كُلّ جبهات القتال التي تتجاوز الـ 40 جبهة.
فالجهود التي تُبذَلُ اليومَ في سبيل زراعة الأَرْض واستصلاح الأَرَاضي الزراعية التي تعرضت للإهمال وأفرغت من دورها؛ بسبب اعتماد معظم المواطنين في البلد على ما تنتجه مزارع أَمريكا واستراليا وأوكرانيا والبرازيل وروسيا من قمح، ستكون لها نتائج إيجابية ليس على اقتصاد الفرد وحسب وإنما على اقتصاد الدولة المستهدَف أيضاً.
كسرُ الحصار
فالاتجاهُ نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب بأنواعها يعد بحد ذاته انتصارا شعبيا يضاف إلى الانتصارات التأريخية التي تحققت منذ بدء العدوان حتى اليوم، وبتلك الخطوة الإيجابية التي تأتي في مسار التحرر من الوصاية والتبعية الخارجية وما ستجود به الأَرْض في الموسم الزراعي الذي بدأ منذ أَسَابيع يكون العدو قد خسر رهاناته الأخيرة، فالعدو الذي راهن على التجويع؛ بهدف التركيع يجد نفسَه اليوم محاصَراً في كُلّ وادٍ وفي كُلّ قرية ومن قبَل كُلّ مواطن يمني، ولعل تلك الرسائل التي يبعث بها المزارعون في مختلف المحافظات عبر مختلفِ وسائل الإعْلَام والتي مفادها “يدٌ تزرع ويدٌ تدافع عن الأَرْض والعرض” كفيلة بإصَابَة العدو باليأس والقنوط من تحقيق أي هدف من عدوانه على الشعب اليمني، وقد تدفعه للبحث عن مخرج رغم خسائره المادية والبشرية الهائلة.
تحقيقُ الاستقرار
يعد القطاع الزراعي من القطاعات الرئيسية والحيوية في اليمن لكونه القطاعَ الإنتاجي الأول بين مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث يساهم القطاع الزراعي بـ 21% من إجمالي الدخل القومي، وبنسبة 50% من الأمن الغذائي، ويعمل فيه قرابة 54% من إجمالي القوة العاملة في البلاد وخصوصاً سكان الريف، ولذلك فَإن الاهتمام بهذا القطاع يعد اهتماماً مستويات الإنتاج المختلفة، التي يقودُها القطاع الزراعي.
ومن هذا المنطلق أتت دعوة السيد القائد عبدالملك الحوثي للجانب الشعبي والرسمي بالاهتمام بالجانب الزراعي واسْتغلَال الموسم الزراعي الحالي، داعياً المزارعين إلى الاتكال على الله، وستكون لها نتائج إيجابية ستغيّر كافة المعادلات، وستبدد أزمة الأمن الغذائي التي اتسعت إلى أعلى المستويات خلال العامين والنصف الماضيين من العدوان، وستحول نقطة ضعف اليمن برُمّتها مجتمعاً ودولةً والممثلة بالاعتماد بنسبة 90% على الأَسْوَاق الخارجية لسد الفجوة الكبيرة بين الانتاج المحلي من الحبوب وبين الاحتياج السنوي من القمح للاستهلاك، فنحن في اليمن نحتاج سنوياً إلى 3,2 مليون طن من القمح المستورد وننفق قرابة 7 مليارات دولار على استيراد القمح وهي فاتورة مرهقة وكارثية بالنسبة للاقتصاد الوطني أكان في ظل العدوان أَوْ في ظل الأَوْضَاع الطبيعية، فخلال العام 2015م موّل البنك المركزي اليمني شراء 2686 ألف طن من القمح من مصادر خارجية بقيمة بلغت 763 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي واردات القمح عبر ميناء الحديدة خلال يناير ـ ديسمبر العام الماضي 2461625 طناً مقابل واردات القمح للعام 2015م والتي بلغت 2402393 طناً، ومع الارتفاع المتصاعد لفاتورة الاستيراد للقمح، متأثراً بارتفاع أعداد السكان في ظل تراجُع مستويات الدخل الكلي للبلد، فَإن أية نتائج للموسم الزراعي الحالي، حتى وإن تحققت فيه نسبة اكتفاء ذاتي 30% كحد أدنى؛ بسبب الأَوْضَاع التي تمر بها اليمن كأدنى تقدير، ستوفر اليمن أكثرَ من ملياري دولار كانت تذهب للأَسْوَاق الخارجية، وسيتم توفير عشرات المليارات من الريالات كان المجتمع ينفقها لشراء القمح كمادة أساسية، يضافُ إلى تحقيق اكتفاء ذاتي ولو نسبياً سيخفف من سحب العملة الأجنبية من الداخل ومن الطلب عليها وسيحقق الاستقرار النسبي في ميزان المدفوعات والذي بدوره سينعكس على استقرار صرف العُملة واستقرار الاقتصاد الوطني ككل، وكذلك سوف يسهم هذا الاتجاه بتحسن الأَوْضَاع المعيشية للمواطن اليمني ووقف التهديدات التي يواجهها من دول العدوان والتي تتعمد تحويل غياب الأمن الغذائي الوطني إلى نقطة ضعف لتحقيق أهداف ذات طابع عسكري.
رد عملي
الاستجابة الشعبية الكبيرة لدعوة السيد القائد باسْتغلَال الموسم الزراعي الحالي، تعد أَيْضاً رداً عملياً على الاستهداف الممنهج للعدوان على هذا القطاع الحيوي والهام منذ بدء العدوان حتى اليوم، فالعدو وضع القطاع الزراعي في قائمة أهدافه التدميرية خلال الفترة، حيث استُهدف هذا القطاع بالعدوان والحصار، إذ استهدفت المزارع بالقنابل العنقودية والغازات السامه ودمر مراكز تجميع المنتجات الزراعية في عدد من المحافظات وكذلك أَسْوَاق بيع تلك المنتجات والبيوت والمحميات الزراعية، كما تضرر القطاع الزراعي بشكل كبير بسبب منع العدو تدفق الوقود، بالإضَافَة إلى وقوفه وراء منع تصدير الفائض من الفواكه والخضار الطازجة إلى الدول المجاورة لتصل فاتورة خسائر القطاع الزراعي غير المباشرة 13,8 مليار دولار، وتفيد وزارة الزراعة بأن الخسائر الاجمالية تفوق الـ 16 مليار دولار، ولعل رفض الفواكه اليمنية من قبل دولة الإمَارَات المعادية مؤخراً لَخيرُ دليل على ذلك.
الاتجاهُ نحو التغيير
ولذات السبب بالإضَافَة إلى أسباب أُخْـرَى كان أبرزها عدم اهتمام المواطن اليمني بمواسم الزراعة، انخفض الانتاج المحلي من الحبوب العام الماضي بنسبة 30%، وأشار تقرير رسمي حديث بتراجع كمية المحصول من إنتاج الحبوب محلياً من 393 ألفاً و962 طناً، عام 2014م، إلى 275 ألفاً وَ773 طناً عام 2015، بعد أن وصل معدل الانتاج إلى 1.12 مليون طن في العام 2010م، إلا أن الاتجاهَ الجماعي والجاد من قبل المواطن اليمني الذي بدا واضحاً خلال الأَسَابيع الماضية في كُلّ ربوع البلاد معتمداً على الله سيغير تلك الأَرْقَام، وسوف يكون له دور في رفع الانتاج المحلي من الحبوب، فاليمن خلال السنوات الأربع الماضية حلت في المرتبة الأخيرة في قائمة الدول العربية الأقل في معدل الاكتفاء الذاتي من القمح بنسب لا تتجاوز 15% تليها الجزائر 32%، المغرب 40%، العراق 44% ثم مصر 55%، والسودان 62%.
إهتمامٌ رسمي
وفي مقابل الاتجاه الشعبي الجاد في اسْتغلَال الموسم الزراعي الحالي، هناك اهتمام رسمي لا يمكن تجاهله تقوم به وزارة الزراعة والري منذ أشهر، ولكنه تصاعد بالتزامن مع الاستجابة الشعبية لدعوة السيد القائد بالاهتمام بالزراعة، وتجسد ذلك في تنفيذ وزارة الزراعة والري بقيادة الوزير غازي أَحْمَد علي محسن، برنامجَ التوسُّع في زيادةِ إنتاجية الحبوب الغذائية، وبرنامج مكافحة الآفات النباتية في بعض المحافظات، وكذلك توعية المواطنين بالحد من استخدام المبيدات لمكافحة الآفات إلا عند الضرورة شريطة استخدامها بشكل سليم والالتزام بإرشادات الاستخدام الآمن المحددة في عبوة المبيد لتفادي تأثيراتها السلبية على الحياة البيئة والصحة العامة، ونشاطات أُخْـرَى تقوم بها الوزارة سيكونُ لها دورٌ في تحقيق معدلات إيجابية في جوانب الأمن الغذائي.