مجلسُ الأمن.. البحثُ عن انتصاراتٍ مجانية للعدوان بشمّاعة الحل السياسي
صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
واصَلَ مجلسُ الأمن الدولي التابع للأُمَم المتحدة مهمتَّه في دعم تحالف العدوان على اليمن، وهذه المرة خرج ببيان رئاسي لم يحمل جديداً في انحيازه للعدوان، لكنه أبان عن تواطؤ أثار سخرية واسعة في أوساط الشارع السياسي والشعبيّ في اليمن عندما طالب الجيشَ واللجانَ الشعبيّة بوقف الهجمات على السعودية، كما إنه تبنّى المقترحُ الذي قدّمه المبعوث إسماعيل ولد الشيخ والذي تضمن مساومةً واضحةً على مرتّبات الموظفين في اليمن عندما طالب بتسليم الحديدة مقابل حل مشكلة المرتبات.
بيانُ مجلس الأمن، كما تفيدُ مصادرُ مطلعة، جاء بناءً على نقاط مشروع قرار قدّمته بريطانيا بإيعاز أمريكي ورفضته روسيا ليفشل المجلسُ في إقراره واكتفى بالبيان، الذي يمكن تقسيمُ مضامينه إلى قسمين، الأول يتضمَّنُ نقاطاً مكررةً في البيانات السابقة من قبيل دعوة المجلس لوقف إطلاق النار والعودة للمفاوضات وعدم إمكانية الحل العسكري للأزمة اليمنية، والثاني تضمن تبنياً لمطالب العدوان التي سبق وتبناها المبعوث ولد الشيخ فيما يتعلق بتسليم الحديدة مقابل حل مشكلة المرتبات ووقف الهجمات على السعودية.
ومزج بيانُ مجلس الأمن بين بعض النقاط المكررة والنقاط الجديدة التي أظهرت تناقضاً فاضحاً، فالبيانُ يعترفُ بالحصار دون أن يسمِّيَ العدوان، ويعترف بمنعه لدخول البضائع والأدوية في اليمن، وهو بهذا الصدد وبحسب نص البيان يشدد “على أهميّة إبقاء جميع موانئ اليمن تعمل, بما في ذلك ميناء الحديدة, بوصفها شريان حياة حيوياً للدعم الإنْسَاني وغير ذلك من الامدادات الأساسية”، لكنه يضيف إلى ذلك بأن يكون “بناء على آخر مقترحات المبعوث الخاص بشأن الميناء والمدينة”، وهي المقترحات التي تساوم على تسليم الحديدة مقابل المرتبات.
ورغم تقارير المنظمات الأُمَمية والحقوقية التي تؤكد أن تردي الأَوْضَاع الصحية والإنْسَانية ناجمة عن الحصار، فقد عبّر البيان عن قلق مجلس الأمن بشأن خطر المجاعة وتفشي الكوليرا، ويضيف في نفس الوقت أنه في ضوء هذه الأزمة المتدهورة, يدعو مجلس الأمن للتفاعل مع آخر مقترحات المبعوث الخاص لزيادة الشحنات التجارية والإنْسَانية من خلال موانئ البحر الأحمر, بما في ذلك ترتيبات جديدة لإدَارَة ميناء ومدينة الحديدة. وأضاف البيان أن تلك المقترح ستعزز الثقة بين الطرفين كخطوة لاستئناف المفاوضات واستئناف صرف مرتبات الموظفين. وهنا يعبّر مجلس الأمن عن تبنّيه للمساومة التي يريدها العدوان ويؤكد في ذات الوقت أن قطع المرتبات ومنع الأدوية من الدخول لليمن مَا أَدَّى لتفشي الكوليرا كانت ورقة متعمدة استخدمها العدوان لتحقيق انتصار عجز عنه في الميدان.
وتأكيداً لهيمنة واشنطن الراعي الرئيسي للعدوان على الأُمَم المتحدة ومجلس الأمن، فقد دعا البيان إلى “وقف جميع الهجمات التي يتم شنُّها في السعودية”، في انحياز صريح وواضح ومثير للسُّخرية في ذات، وكأن ما تضمنه البيانُ من وَصْف كارثي لتداعيات القصف والحصار كان يتعلق بالسعودية وليس اليمن!
أخيراً يكرر مجلسُ الأمن إقرارَه بتنامي وتوسع القاعدة وداعش في مناطق سيطرة المرتزقة والاحتلال في اليمن، في وقت تدّعي واشنطن أنها تركز على الحرب على “الإرْهَاب” لكنها ودول الغرب في مجلس الأمن لا يحملان المرتزقة ودول العدوان مسؤولية رعاية ودعم “الإرْهَاب” القاعدي والداعشي، وهو ما يؤكد أن مجلسَ الأمن لا يسعى لحل الأزمة اليمنية سياسياً رغم عباراته المكرورة، لكنه يبحث في كُلّ مرة عن انتزاع انتصارات مجانية للعدوان متخذاً من الدعوة للمفاوضات شماعة لتبنّي مصالح المعتدين.