رؤيةُ الشهيد القائد السيد حسين الحوثي حول القضية الفلسطينية وهُوية اليهود وأسباب بقائهم
دكتور جعفر عبدالمولى*
يمكن القولُ إن القضيةَ الفلسطينيةَ شكّلت عند السيد الشهيد واحدةً من القضايا الجوهرية التي كان يوليها اهتماماً خاصاً وكبيراً على الرغم من أننا لا نستطيعُ أن نعزِلَ مواقفَه بعضَها عن البعضِ الآخر؛ كونها جميعاً تصدر عن الاولويات وَتنطلق من الثقافة القُـرْآنية.
كان السيدُ الشهيدُ يتميزُ عن الآخرين الذين كانوا يتعاطون مع القضية الفلسطينية من خلال حدث ما على الصعيد الفلسطيني، ما ميّز السيدَ أنه كان يتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها قضيةٌ ثابتةٌ متفاعلة ومستمرة وليست قضيةَ حَدَثٍ جزئي.
-
الصراعُ مع اليهود ليس نزاعاً سياسياً بل صراعٌ حضاريٌّ يقفُ جُنْدُ الله في مواجهة جُنْدِ الشيطان
محاضَرةُ السيد الشهيد حسين الحوثي رضوانُ الله عليه حولَ القضية الفلسطينية ويوم القدس العالمي تكشِفُ عن غنىً في الطروحات وَالتشخيصات ويعبّرُ عن رؤيةٍ شاملةٍ لهذه القضية، ففي الوقت الذي يحدّد فيه السيدُ الشهيد أسبابَ المأساة والعوامل الداخلية وَالخارجية المؤثرة فيها، فإنه يقدّمُ الحلولَ المناسبة.
وفي الوقت الذي يحدّد دورَ اليهود في صُنع هذه المأساة فإنه أَيْضاً يكشفُ عن دور العوامل الداخلية وابتعاد المسلمين عن مصدر عِزّتهم، وهو القُـرْآن الكريم والعوامل الأُخْـرَى المساهمة في صناعتها، ومثلما يُشيرُ السيدُ الشهيد إلى أن الابتعادَ عن الثقافة القُـرْآنية سببٌ من أسباب صُنع هذه المأساة فإنه يُعتبر التبعية للغرب سبباً مباشراً كذلك.
ومثلما يدعو، رضوانُ الله عليه، إلى العودة إلى القُـرْآن وقُرناء القُـرْآن والاعتماد على إرادة الشعوب فإنه يدعو إلى استخدام النفط والعوامل الاقتصادية والثروات الطبيعية كسلاحٍ ضد الكيان الصهيوني، وبهذا فإن السيدَ لم يتحددْ في تناوله القضيةَ الفلسطينيةَ بعامل واحد من العوامل، كما لم يتحدد بسلاح واحد من الأسلحة في مواجهة اليهود والقوى العميلة والمساندة لها. وهذا هو الذي نعنيه بالشمول في الرؤية والمعالجات.
إنَّ من أبرز الخصائص لرؤية السيد الشهيد للقضية الفلسطينية هي:
1) أن الصراعَ مع اليهود صراعٌ حضاريٌّ وجوديٌّ، وليس نزاعاً سياسياً أَوْ حدودياً يدخل في إطار المساومات الرخيصة، صراعٌ حضاري حقيقي يقفُ جندُ الله في مواجهة جُند الشيطان.
2) صراعٌ متعدد الأطراف، ومن أقسى ما يعرفه تأريخ الإنسان من الصراعات الحضارية.
ويحدِّدُ السيدُ الشهيدُ أسبابَ بقاء إسرائيل واستمرارها، وهي:
1) ابتعادُ المسلمين عن ثقافة القُـرْآن.
2) اختلافُ المسلمين.
3) عمالة حكام الدول العربية والإسلامية.
4) اعتماد الطرق الدبلوماسية من قبل الأنظمة مع اليهود وكيانهم.
5) دعم الغرب اللامحدود.
وحدد السيدُ الشهيدُ رضوانُ الله عليه هُوية اليهود من خلال آيات القُـرْآن، وفيما عرضه القُـرْآنُ الكريمُ عن اليهود وخطورتهم البالغة في النقاط التالية:
1) نقض العهود: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}،{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}، {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ}
2) شِدَّةُ كراهيتهم للمسلمين: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}.. {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}.
3) الخيانة: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ.}
4) قتل الانبياء: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}
5) جرأتهم على تحريف الكتاب: {يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
6) قتلهم المتعمَّد للدعاة إلى الله: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ}.
7) حرصهم على إيقاد الحروب والفساد في الارض: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}.
8) جُبْنُهم الشديد: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ}.
9) قلوبهم شديدة ولا يوجد عندهم إنسانيةٌ: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}.
إن تحديدَ هُوية كيان يهدِّدُ حياةَ المسلمين من خلال هذه الآيات والعناوين هي تحديدٌ صائبٌ يَدفَعُ الشعوبَ المسلمة إلى التمتُّع بحساسية عالية جدّاً تجاه اليهود.
* كاتبٌ عراقي