في يوم القُدْس العالمي.. شعوبُ العالم تُنادي “حي على الجهاد”
إحياءُ هذه المناسبة توحّد المسلمين بجميع طوائفهم في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني
ما لم تتحَـرّك الشعوبُ وتتعرف على أعدائها وتجد المخرجَ لمشكلتها فلا تتوقع أي شيء من زعمائها
اليمنيون يُحيون “يوم القُدْس” رغم العدوان والحصار للعام الثالث على التوالي
صدى المسيرة| تقرير| هاني أحمد علي:
يستعدُّ اليمنيون، كما هي عادتُهم كُلّ عام؛ لإحياء يوم القُدْس العالمي غداً الجمعة، في كُلّ محافظات الجمهورية، تزامناً مع إحيائها في كُلّ بلدان العالم، إلا أن إحياءَ المناسبة هذا العام في اليمن يأتي في ظل العدوان الأمريكي السعوديّ للعام الثالث على التوالي، لتثبت للعالم أجمعَ بأن القضية الفلسطينية حاضرةٌ في قلب ووجدان كُلّ أَبْنَاء الشعب اليمني مهما عَظُمَت جراحُه وآلامه، ولن تثنيَه أيةُ عوائق عن إحياء مناسبة يوم القُدْس العالمي، هذه المناسبة الشعبية الغاضبة التي تُعيدُ للإسْلَام والمسلمين هيبتَهم بعد أن أضاعها حكامُ العرب والمسلمين وحوّلوا قضيتهم المركَزية من فلسطين المحتلة صوب البيت الأبيض ومحاولة إرضاء سيدهم الأمريكي.
واستطاع أحرارُ العالم من خلال إحياء هكذا مناسبة بأن يحدثوا تغييراً كبيراً في طبيعة المواجهة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث أَصْبَـحت قضيةُ فلسطين قضيةً إسْلَامية عامة بعد أن كانت قضيةً قوميةً عربية، فإحياءُ يوم القُدْس رغم كُلّ المحن والصعوبات التي تواجهُ الأُمَّـة اليوم، يؤكد الاستمرارَ في مواجهة الكيان الصهيوني الإسرائيلي واغتصابه للأراضي المقدسة وأن تحريرَ فلسطين قادمٌ لا محالة ولا بديلَ عن المقاومة والعمل المسلح لنيل مطالب الحرية وطرد اليهود الصهاينة واستعادة كامل الأرض الفلسطينية، ورصّ الصفوف جنباً إلى جنب انطلاقاً من شعار “حي على خير العمل.. حي على الجهاد”. يوم القُدْس.. النشأة والمصدر.
بعد تعاظُمِ الأخطار المحدقة بالقُدْس الشريف من قبل أعداء الأُمَّـة، وعجز الحكومات العربية والإسْلَامية عن الدفاع عن قضيتها المركزية (القُدْس الشريف وفلسطين)، وتواطؤ البعض الآخر، دعا الإمام الخميني في 20 رمضان من العام 1399هـ الموافق 15/8/1979م، كُلّ المسلمين في مختلف أقطار الدنيا إلى أن يعلنوا آخر جمعة من شهر رمضان (يوم القُدْس العالمي)؛ للدفاع عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم، ليمثل هذا اليوم اتحاداً لجميع المسلمين بكل طوائفهم ولقطع يد العدو الغاصب (إسرائيل) ومعاونيه.
وكان التوقيتُ لهذا اليوم موفّقاً وهادفاً وله دلالتُه المهمةُ لارتباطه بالعشر الأواخر من رمضان وجعل آخر جمعة فيه يوماً للقدس العالمي تتوجه الأُمَّـة من خلاله للنهوض بمسؤوليتها والتحَـرّك في الاتجاه الذي لامس مسؤوليتها وقيمها ومبادئها وأَخْلَاقها، ويمكنه أن يلعب دوراً مهماً في مصير الشعب الفلسطيني، وخلق الوعي لدى المسلمين وتهيئة أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة لأعدائهم.. اتجه الإمام الخميني إلى الشعوب أنفسها وطلب منهم جميعاً أن يجعلوا من آخر جمعة من شهر رمضان يوماً يسمى “يوم القُدْس العالمي” لتعرف الشعوب نفسها أنها تستطيع من خلال إحياء هذه القضية في مشاعرها، وأن ترفع عن كاهلها هذه الطامة التي تعاني منها؛ لأن الشعوب هي المتضررة والضحية وهي من يلحَقُها الذل والمهانة، أما الحكوماتُ والزعماء فهم غير متضررين وغير مكترثين ولا يهمهم ما يَرونه بأم أعينهم من المعاناة في مختلف بقاع الدنيا لجميع المسلمين؛ لذا ما لم تتجه الشعوب نفسها إلى أن تهتمَّ بقضيتها وتتعرف على أعدائها وتعرف الحل والمخرج من مشكلتها ومصيبتها فلا تتوقع أي شيء آخر من زعمائها أَوْ من غيرهم. أهميّة إحياء يوم القُدْس
تأتي أهميّةُ إحياء يوم القُدْس العالمي من أهميّة القضية الفلسطينية التي تعتبر القضية المركَزية والمحورية للأمة العربية والإسْلَامية، وباعتبار العدو الإسرائيلي خطراً على الأُمَّـة كلها في كُلّ أقطارها وشعوبها وخطراً شاملاً يستهدفُ الأُمَّـة في كيانها وثقافتها واستقلالها وهُويتها وأمنها واستقرارها على كُلّ المستويات.
وتزدادُ أهميّةُ هذه المناسبة لمواجهة السعي الحثيث والمستمر لإبعاد الأُمَّـة عن الاهتمام بقضيتها وإبعاد الأُمَّـة عن الالتفات إلى مسؤوليتها الكبرى وضرب حالت التقوى التي من أهمّ ثمراتها الإحساس بالمسؤولية وضرب الأُمَّـة لإفقادها الوعي وخصوصاً تجاه قضايا الكبرى.
كما إن هذه المناسبة تسهم في مواجهة السعي الحثيث من قبل إسرائيل والموالين لإسرائيل وأمريكا بحرف بوصلة العداء لليهود الإسرائيليين إلى اتجاهات أخرى.
وتبرز الأهميّةُ الحقيقيةُ ليوم القُدْس العالمي باعتبار يوم إسْلَامي لتعبئة عامة المسلمين، ويوماً ليقظة جميع الشعوب الإسْلَامية، لأنها اذا انطلقت في يوم القُدْس بالمظاهرات والمسيرات فإن ذلك سيكون مقدمة لمنع المفسدين وإخراجهم من البلاد الإسْلَامية. ويعكس حقيقة جوهرية مفادها أن الكيان الإسرائيلي هو كيان لقيط وغير مشروع ويجب أن يستأصل من بدن الأُمَّـة الإسْلَامية، بالإضَافَة إلى أن هذا اليوم یعكس أيضاً توحيد كلمة المسلمين في كافة أقطار الأرض وضرورة التلاحم فيما بينهم لمواجهة مخططات ودسائس القوى الاستكبارية التي تستهدف تمزيق العالم الإسْلَامي ونهب ثرواته والتحكم بمصيره عبر إثارة الفتنة الطائفية وبث الفرقة في صفوف المسلمين.
القضية الفلسطينية قضية كُلّ المسلمين قضية فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين, بل إنها قضية تخص المسلمين جميعاً حتى لو اعترف الفلسطينيون أنفسهم بإسرائيل وحتى لو رضوا بأن يكونوا عبارة عن مواطنين داخل دولة إسرائيل، فإنه لا يجوز للمسلمين أن يقروهم على ذلك، ولا يجوز للمسلمين أن يتخلوا عن جهادهم في سبيل إزالة هذه “الغدة السرطانية”.. وإيْمَاناً من الإمام الخميني بهذه القضية كان لزاماً عليه في 20 رمضان من العام 1399هـ الموافق 15/8/1979م، أن يبادر نيابةً عن حكام العرب والمسلمين المشغولين بأمور لا تخص قضايا الدين والأمة، والإعلان عن تخصيص آخر جمعة في رمضان من كُلّ عام، مناسبة خَاصَّـة للتذكير بالقضية الفلسطينية والقُدْس الشريف والتذكير بأهميّة هذه القضية في نفوس الشعوب التي تتوق شوقاً لتحرير كُلّ الأراضي العربية والمقدسات الإسْلَامية من دنس اليهود الغاصبين. وما يثير الدهشة والاستغراب بأن دعوة الإمام الخميني بإحياء يوم القُدْس العالمي في كُلّ بقاع العالم، لم تلقَ أية استجابة إطلاقاً من قبل حكام العرب حتى اليوم رافضين إحياء هذه المناسبة بشكل رسمي، بينما يقومون في نفس الوقت بإحياء مناسبات اقترحها اليهود والنصارى مثل “عيد الأم” و”عيد العمال” ومناسبات كثيرة كــ “عيد رأس السنة الميلادية” اقترحها اليهود والنصارى، يسعى هؤلاء الحكام لإحيائها ويعتبرونها عُطَلاً رسمية في مختلف البلاد العربية، لكن اليوم الذي هو يوم من أجل أن تبقى قضية فلسطين حيّة في نفوس المسلمين ومن أجل أن تبقى مشاعر الجهاد ومشاعر الرفض لإسرائيل حية في نفوس المسلمين، لم يلتفتوا إليه ولم يكترثوا ولم يهتموا ولم يستجيبوا له. لذا لم تلتفت شعوب العالم بتجاهل الحكام والرؤساء بهكذا دعوة واستطاعوا أن يلبّوا داعي الجهاد واليقظة والمسئولية في هذا اليوم “يوم القُدْس العالمي” واعتباره يوماً عالمياً في مختلف المناطق الإسْلَامية، ناهيك عن إحياء هذا اليوم يعتبر عبادةً وأن إحياءَه يعتبر أيضاً ممارسةً جهاديةً في سبيل الله.