السيدُ عبدُالملك الحوثي في محاضرته الرَّمْضَـانِيَّة الـ15 (خطورةُ النفاق)ج2: المنافقون لهم نشاطٌ رئيسيٌّ لتخذيل الأمة عن القيام بمسؤوليتها والتصدي لأعدائها
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــداً عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه، تَقبَّلَ منَّا ومِنَّكُمُ الصِّيَامَ والقِيَامَ وَصَالِحَ الأَعْمَال، إنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَاء.
مَرَّ بنا بالأمس في محاضرة الأمس حديثٌ عن النفاق كجُرْم من أعظم الجرائم وذنبٍ من أخطر الذنوب وداءٍ فتّاك يشكّلُ خطورةً كبيرةً على الفرد وعلى المجتمع وعلى الإنْسَان المسلم وعلى الأُمَّـة من حوله، ومر بنا في حديثنا بالأمس التعريفُ القُـرْآني للنفاق، ما هو النفاق والحديث عن خطورته وما يترتب عليه من عواقبَ سيئة وفظيعة ووعيد إلهي شديد.
الفسق: تقصيرٌ في الواجبات وإخلالٌ بالمسؤوليات
فكان من أهم ما مر بنا بالأمس هو أن التوصيفَ العام من القُرْآن الكريم للمعاصي والمخالفات الفسق، الله يصفها كلها كُلّ المعاصي وكل الذنوب، سواء ما كان منها بشكل تَعَدٍّ لحدود الله وانتهاكٍ لمحارم الله أَوْ ما كان منها إخلالاً وتقصيراً في الواجبات وإخلالاً بالمسؤوليات كلها يسميها القُـرْآن الكريم فسقاً (فَإِنْ تَفْعَلُوْا فِإنَّه فسوقٌ بكم)، ذلكم فسق، وهكذا الكثيرُ من الآيات القُـرْآنية.
ولكن فيما يخُصُّ ذنباً معيناً، بالإضَافَة إلى كونه فسقاً فهو له صفةٌ خَاصَّـة واسم خاصٌّ به هو ذنبٌ يعودُ إلى مسألة الولاء واختلال في الولاء، وعليه وعيدٌ شديدٌ في القُـرْآن الكريم والحديث عنه واسع.
الحذرُ من المنافقين وما يوصل إلى النفاق
حديثُنا سواء بالأمس أَوْ في اليوم ليس حديثاً استقصائياً؛ لأن الحديثَ عن هذا الموضوع حديثٌ واسع، وإنما حديثٌ مختصر قدر الإمكان وقدر الاستطاعة، وبالتركيز على بعض النقاط الرئيسية والمهمة؛ وللفت النظر، للفت نظر الجميع إلى الموضوع هذا؛ لأن هدفنا من الحديث عن هذه المسألة هو أولاً: للحذر من النفاق، أن يحذر الإنْسَان، كُلٌّ منا يجب عليه أن يكون حذراً، ألا يتورط في النفاق أَوْ فيما يوصل للنفاق، والعياذ بالله، وكذلك للحذر من المنافقين كفئة تلعب دوراً تخريباً وهداماً في أوساط المجتمع الإسْلَامي.
اليوم نتحدث كذلك باختصار عن ثلاث نقاط أساسية الدوافع والأسباب إلى النفاق والأسباب ما هي؟، فئات المنافقين في المحور الثاني ما هي فئات المنافقين، وكذلك الحديث في المحور الثالث عن ما يجب علينا تجاههم، عن ما هي مسؤوليتنا في التصدي لهذا الخطر وهذا الوباء.
الأسبابُ التي تدفَعُ البعضَ إلى النفاق
القُـرْآنُ الكريمُ له حديثٌ واسعٌ عن الدوافع والأسباب التي تورط البعض في النفاق ونتحدث عنها على حسب الآيات القُـرْآنية ولو أن هناك أسباباً متداخلةً، حتى أحياناً، يقول اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)، واحد من أهم العوامل والدوافع التي تدفع البعضَ للنفاق، البعض قد يكون في موقع في موقع سلطة أَوْ موقع قرار أَوْ قد يكون صاحبَ تأثير ونفوذ شعبي أَوْ أياً كان، البعض يتجه إلى الولاء لأَعْدَاء الأُمَّـة مع أن هذا أمرٌ غيرُ طبيعي وتصرّفٌ خاطئٌ بكل وضوح، فيتجه إلى الأَعْدَاء الواضحين للأمة كأمة ويعمل على أن يكون له معهم روابطُ وأن يواليَهم؛ لأنه يرى أن ذلك وسيلةٌ للعزة العزة بشكلها كسلطة وسلطة محمية وسلطة نافذة ودور مفروض في الساحة واعتبار كبير، هذه نظرة البعض؛ لأنه يرى في الأَعْدَاء في أَعْدَاء الأُمَّـة أنهم ذو قوة ذو منعة ذو سيطرة ويتوقع في حساباته أن الأمور ستصير لصالحهم وأنهم سيحسمون الأمور لصالحهم، وأن الأُمَّـة ستنكسر في مواجهتها معهم، وأن الأخطار من جانبهم على الأُمَّـة أخطارٌ ستعصف بالأمة، فبالتالي يرى أن الطريقَ الصحيحَ هو ترتيبُ أوراقه معهم، وأنه بهذه الوسيلة سيستطيع أن يفرضَ له دوراً داخل الأُمَّـة محمياً بهم ومستنداً إليهم، فيكونون هم الظهر الذي يستند إليه ويكونون هم السنَد الذي يعتمد عليه.
وَهْمُ نفاقي: الاتكاءُ على أعداء الأمة؛ طلباً للنفوذ
يرى البعضُ في الولاء لهم عزةً و قوةً ومنعةً واحتماءً بهم واتكاءً عليهم واستناداً إليهم وفرضاً للنفوذ من خلالهم، يرى فيهم الأقوى الطرف الأقوى، يرى فيهم الطرف المتمكن، يتصور أن ما أرادوه لن يكونَ إلا هو، إرادتهم ستكون هي التي ستفرض ما شاءت على الأُمَّـة، فيسعى للولاء لهم؛ لأنه يرى في ذلك عزةً، وبالذات القوى السياسية الكثير منها وأصحاب النفوذ أصحاب الوجاهة أصحاب السلطة، من لديهم طموح أن يكون لهم اعتبار أن يكون لهم شأن أَوْ أن يكون لهم سلطة أَوْ أن يكونَ لهم تأثير أَوْ أن يكون لهم نفوذ هذه الفئة من أبناء المجتمع، البعضُ منهم يتعرَّضُ لهذا الوباء يتورط بهذا الدافع ولهذا السبب وهي نظرة مغلوطة، الله يقول (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)، بإمكان الإنْسَان أن يكون عزيزاً وأن يكونَ له احترامُه وشأنُه وأهميته ودوره ومكانته واعتباره، ولكن ليس بهذه الطريقة الخاطئة التي يترتب عليها أخطاءُ كبيرةٌ وانزلاقات كثيرة وفتن كبيرة وتصرفات غير مسئولة ومظالم رهيبة جِـدًّا مظالم رهيبة جداً.
ما يترتّبُ على الارتباط مع أَعْدَاء الأُمَّـة
الارتباطُ مع أَعْدَاء الأُمَّـة يترتب عليه الاشتراك معهم في مؤامراتهم على الأُمَّـة، فبالتالي تتحَـرّك هذه القوى التي ترتبط بهم تتحَـرّك ضمن مسارات وخطط وأعمال بطلب من أولئك أَوْ بتشجيع منهم ليس بالضرورة أن كُلّ ما يعمله المنافقُ قد طلبه الكافر اليهودي أَوْ النصراني من أَعْدَاء الأُمَّـة، لا، يمكن أن يشجّعَه على ذلك البعض مَثَـلاً قد يبادر إلى تصرف معين على أساس أن أولئك سيقتنعون فوراً أنه يشكل مصلحة مشتركة معهم؛ وبذلك سيحصل على تأييد منهم.
كثيرٌ من المنافقين أذكياء ويعرفون بعض التصرفات التي ستحسب عند أَعْدَاء الأُمَّـة أنها تشكل مصلحة مشتركة فيشجّعونه عليها ويطبلون لها ويرى أن ذلك يزيده حظوة عندهم ومكانة لديهم واعتباراً عندهم ويرَون فيه يداً لهم داخل الأُمَّـة، فيرى أن ذلك سيساعد على أن يهتموا بحمايته يهتموا بتعزيز دوره يهتموا بدعم موقفه إلى آخره.
كُلّ منافق يعاني عقدةً: عليل النفس، مريض القلب
واحدٌ من الأسباب الشاملة والعامة يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن المنافقين (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا)، كُلّ منافق في مستوى من مستويات النفاق ولأي دافع من دوافع النفاق ولأي دور أَوْ تصنيف من تلك التصنيفات المتعددة هو يعاني من هذه المشكلة مرض في قلبه ليس سليم النفس ليس سليم المشاعر عنده عقدة في قلبه عنده مشكلة في قلبه عنده خلل كبير في أعماق نفسه؛ ولذلك تورط هذه الورطة واتجه هذا الاتجاه، يقول الله جل شأنه في كتابه الكريم (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ) بعد أن قال عن اليهود والنصارى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، من يتولى الكيان الإسرائيلي العدو الإسرائيلي يصبح عند الله بهذا المستوى فإنه منهم، كما لو كان إسرائيلياً كما لو كان من جماعة نتنياهو أَوْ شارون أَوْ أي واحد إسرائيلي، من يسارع في تولي الأمريكيين ويتحَـرّك معهم في أجهزتهم في ضرب الأُمَّـة من الداخل كذلك عند الله فإنه منهم كما لو كان واحد من جماعة ترامب أَوْ أي واحد من الأمريكيين معهم.
سيتحَـرّكون بالعلن وَيفاخرون بنفاقهم
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ) يسارعون فيهم الذين في قلبوهم مرض ستراهم؛ لأنهم سيتحَـرّكون بعلن وبشكل صريح بل وأحياناً يفاخرون بذلك، اليوم هناك تفاخر وتسابق في الولاء لأمريكا وفي التحالف مع إسرائيل في مد الأيدي لإسرائيل هناك تسابق هناك تنافس هناك تفاخر أصبحت المسألةُ علنيةً مرئيةً مشاهدة معلنة صريحة ولم تعد في الخفاء، وبمسارعة وفق النص القُـرْآني يسارعون مبادرة ومسارعة وتسابق وفيهم وفق النص القُـرْآني فيهم فكل خطوة يرى فيها البعض أنها تشكل تودداً إلى أمريكا أَوْ أهميّةً لدى أمريكا أَوْ تزلفاً إلى إسرائيل يسارع البعض فيها لعملها وإنجازها.
المنافقُون وسوء ظن بالله: لا أمل لديهم بنصره وتأييده وَرعايته
يقولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَيْضاً في القُـرْآن الكريم وهو يذكُرُ عاملاً هو أَيْضاً من أسوأ وأخطر العوامل الدافعة إلى النفاق يصِفُ المنافقين والمشركين مع بعض، المشركين والمشركات وقبلهم المنافقين والمنافقات يقولُ عنهم (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ) عندهم سوء ظن بالله والعياذ بالله، ليس عندهم ثقة بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا بوعده، ولا رهان على الله، حتى أنهم يسخرون عندما تقول بإمكاننا كأمة مظلومة ومستهدفة ومحاربة ومعتدى عليها أن نعتمدَ على الله أن نثقَ بالله، أن نتوكل على الله، أن نستفيدَ من معونة الله ومن تأييده هو ملك السماوات والأرض وهو القوي العزيز وهو الذي وعد بالنصر، يسخرون من مثل هذا الكلام ويستهزئون بمثل هذا الكلام ويعتبرونه سذاجة، واللهُ مشطوب من حساباتهم فلا عندهم أمل لا في نصره ولا في علمه ولا توفيقه ولا في تثبيته ولا في تأييده ولا في رعايته ولا أي شيء أبداً.
لا يؤمنون بشواهدَ واقعيةٍ لتأييد الله!
هذه مسألة عندهم غير محسوبة نهائياً، وقد ملأ العدو في إمكاناته وقدراته قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأنفسهم امتلأوا ملأهم العدو فرأوا في العدو كُلَّ شيء، ولم يروا في الله شيئاً، لم يحسبوا حساب الله نهائياً، فعندهم سوء ظن بالله وليسَ عندهم حتى اعتبار، يعني مثلاً عندما تلفت أنظارهم إلى شواهد معينة، شواهد فعلية وليس فقط النص القُـرْآني، بل تأتي مع النص القُـرْآني بشواهد فعلية، سواء من التأريخ أَوْ من الحاضر، تقول: شوفوا يا هؤلاء، هؤلاء ناس مستضعفين وتحَـرّكوا بإمكانات بسيطة وقلة عددٍ وعُدًّةٍ وفي الأخير انتصروا. تقول لهم مثلاً عن إسرائيل، إسرائيل هذه التي يرونها قدراً محتوماً لا مناصَ منه ولا خيار معه وامتلأوا بالشعور الانهزامي نحوها وأصبحوا يعني يتجهون من خلال حسابات واعتبارات وسياسيات مختلفة تماماً في التعاطي معها على أساس القبول بها ومن ثم الشراكة معها والدخول معها في أي أجندة مشتركة، تقول: فكروا وانظروا أمامكم شواهد فعليه حزب الله في لبنان بدأ بإمكانات متواضعة جداً ومن ظروف صعبة جداً، وفي نفس الوقت قلة عدد في البداية وقلة عدة وبالحسابات المادية وبالحسابات التي تركز على الإمكانات والقدرات، بحساباتكم يا أيها المنافقون يستحيلُ أن ينتصر حزب الله في مواجهته مع إسرائيل فينتصر ويطرد إسرائيل من لبنان، هذا في حساباتكم كان من ضمن المستحيلات لماذا؟؛ لأن حساباتِكم ليست فيها الله ولا مسألة الاعتماد على الله ولا مسألة النصر من الله ولا مسألة التأييد من الله، ومع ذلك انتصر حزب الله انتصر، يعني شواهد واقعية فعلية، وتمكن من إلحاق هزيمة مذلة وليس هزيمةً عادية، هزيمة مذلة وعجيبة وتأريخية لإسرائيل وطردها من لبنان بنصرٍ من الله وتأييد من الله، أما وفق حساباتكم كان ذلك في قائمة المستحيلات، أَيْضاً في 2006 انتصر مرةً أُخْـرَى ونصراً كبيراً وتأريخياً وإلهياً وكان انتصاراً مهماً جداً وسريعاً يعني في غضون 33 يوماً تمكن من إلحاق هزيمة كبيرة ومدويّة لإسرائيل ومنعها من احتلال لبنان مجدداً أَوْ احتلال أجزاء من لبنان مجدداً، أَوْ كذلك من أن تتمكنَ من القضاء على حزب الله، لا، فشلت في ذلك كله واعترفت بالهزيمة، إسرائيل اعترفت بالهزيمة، هذه شواهدُ فعلية.
أمريكا كذلك لحقت بها هزائم كبيرة فيما بعد في العراق على أيدي المقاومة العراقية وهُزمت في البلدان والشعوب مع بلدان مستضعفة، أمريكا هزمت مع الشعب الفيتنامي المستضعف الذي تحَـرّك معتمداً على قدراته وطاقاته وجهوده وفي الأخير انتصر، وهكذا نستطيع أن نقولَ الشواهد كثيرة في الحاضر ومن الماضي مسيرة الإسْلَام منذ نشأته وبدايته وما واجهه النبي صلواتُ الله عليه وعلى آله، وشواهد كثيرة جداً لا حصر لها.
يحملون الروحَ الانهزامية تجاه العدو فيعتمدون خياراته
المنافقون ليس عندهم ثقة بالله نهائياً، الله مشطوب من حساباتهم والطرف الذي يرون لديه الإمكانات والقدرات والطاقات ويرونه الأكثر عدداً وعدة وله سيطرة ونفوذ وكيان كبير و… و… يرون فيه طرفاً لا يمكن مواجهته أبداً، وهم دائماً يحملون بسبب هذا الروح الانهزامية تجاه أَعْدَاء الأُمَّـة فيتجهون لاعتماد خيارات أُخْـرَى.
(الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) نعوذ بالله، أمور رهيبة جداً يعني غضب شديد عليهم من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
بسبب جرائمَ ومعاصيَ خطيرةٍ يُخذَلُ فيتحول إلى منافق
أيضاً من الأسباب التي قد توصل الإنْسَان إلى النفاق البعض من المعاصي والبعض من الذنوب، جرائم معينة أَوْ معاصي معينة خطيرة على الإنْسَان يُخذل بسببها الإنْسَان فيتحول إلى منافق، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكر لنا في القُـرْآن الكريم ذلك فقال عن بعضهم (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، لاحظوا هذه معصية من المعاصي البعض منهم، وهناك نموذج لهذا البعض، واحد منهم ثعلبة اشتهرت قصته في السير وفي التفاسير وفي التأريخ الذي كان يذهبُ إلى النبي صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ ويطلب من النبي أن يدعوَ اللهُ له بالسعة في الرزق والغنى والثروة يريدُ أن يكون مرتاحاً، فكان النبي يقول له: يا ثعلبة قليلٌ يكفيك خيرٌ من كثير يُطغيك.. أَوْ كما ورد في النصوص، يعني أنك من مصلحتك لأن البعض من الناس فعلاً يبطره الغنى والثروة، لا يصلح له الغنى والثروة يفخر ولكنه يلح وكان يقول إن هدفه أن يكون ميسور الحال لكي يتصدق ولكي ينفقَ ولكي يُعطيَ وعاهد الله على ذلك (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ)، عاهد الله على ذلك، ولكنه بعد أن أصبح ميسور الحال وأعطاه الله الكثير من المواشي أصبح لديه غنم ومواشي كثيرة حتى خرج خارج المدينة المنورة فيما بعد أمتنع حتى عن أداء الزكاة وقال يريد منا جزية عندما أتى إليه جامع الصدقات ولم يعد يهتم لا بصدقة ولا حتى بالزكاة، دعك من صدقة النافلة، حتى الزكاة ولا الإنفاق ولا أي شيء ولا لنصدقن ولا لنكونن من الصالحين فأخلف الله ما وعده يعني أخلف ما بينه وبين الله من التزام وكذب في التزامه وأحنث في وعده وأخلف في وعده فكانت النتيجة أن عوقب بخذلان شديد فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه، أعقب بهذا خذلاناً يتحول بسببه إلى منافق إلى منافق هو يستمر في حالة النفاق حتى يلقى الله منافقا ولذلك يجب الحذر من الكثير من الذنوب والمعاصي؛ باعتبار أن بعضها قد تجر إلى النفاق أَوْ يخذل الإنْسَان بسببها فيتحول إلى منافق.
المنافقون فئاتٌ متعددة وَالنفاقُ مستوياتٌ متفاوتة
هذه واحدة من الأسباب يبقى لنا أن نقول إن المنافقين فئات متعددة وأن النفاق أَيْضاً مستويات متفاوتة يعني ليس الكل منافقين على مستوى واحد وفي درجة واحدة، لا، هناك منافقون خطيرون جِـدًّا في نفاقهم إلى درجة أن اللهَ قال للنبي صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)، وصلوا على درجة رهيبة من الخبرة النفاقية، حتى كانوا يستترون عن النبي صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ فلا يعرفَ بهم.
وهناك أَيْضاً منافقون إلى درجة فظيعة جِـدًّا عندهم حالةُ ارتياب، عندهم سوء ظن بالله، عندهم شك كبير، هناك أَيْضاً منافقون يصلون إلى درجة في الواقع الفعلي وفي المواقف إلى درجة القتالِ أن يقاتل الأُمَّـة، والقُـرْآن الكريم تحدث عن هذه الفئات ونأتي إلى الحديث أَيْضاً باختصار.
منافقون درجة أولى: فئةٌ تقاتِلُ يجبُ التصدّي لها
البعض من المنافقين قد يصلون إلى درجة العداء القتالي، يعني يقاتل الأُمَّـة يذهب يشن حرباً على الأُمَّـة، هؤلاء قال اللهُ عنهم في القُـرْآن الكريم وهو يعطي الإذن لمواجهتهم والتصدي لهم (فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا) هذه الفئة المحاربة من المنافقين المعتدية غير المسالمة، فئة تحارب تعتدي تستهدف الأُمَّـة عسكرياً أَوْ أمنياً، هذه الفئة يجب التصدي لها بالقتال، فخذوهم، البعض مَثَـلاً قد يكون بالاعتقال مَثَـلاً والبعض بالقتال (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا)ً.
الحالة التي يمكن فيها المعالجة بالاعتقال، فخذوهم، والحالة التي يمكن بالقتال فاقتلوه حيث ثقفتموهم.
فئةٌ نفاقيةٌ غيرُ مضرة بالأمة: حياديون
البعضُ منهم لا درجة أولى من النفاق أَوْ درجة أولية، إن صح التعبير، من النفاق، هذه الفئة التي لم تصل بعدُ إلى أنشطة مضرة إنما تريد مَثَـلاً أن تأمن من الطرفين تأمن من جانب المؤمنين من جانب أبناء الأُمَّـة وتأمن من جانب الأَعْدَاء، فتحاول أن تعمل لها بعضا من التنسيق مع الأَعْدَاء والروابط البسيطة التي لم تصل بعد إلى أنشطة عدائية فلا هم في صف الأُمَّـة يقفون مع الأُمَّـة في مواجهة أعدائها ولا هم وصلوا إلى درجة النشاط العدائي ضد الأُمَّـة ولكن يحرصون أن يكون لهم روابطُ سرية غير معروفة مع العدو في بداية تنسيق هذه الفئة ما دامت في هذا المستوى (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا)، هذه فئة مسالمة ولا تمارس أي أنشطة عدائية ضد الأُمَّـة ولكنها تخذل الأُمَّـة يسمون أنفسهم حياديين مَثَـلاً أَوْ شبه حياديين يحاولون أن يتنصلوا عن المسئولية، هؤلاء هم في هذا المستوى متخاذلين وصامتين على حسب تسميتهم لأنفسهم محايدين هذه الفئة من المنافقين في مستوى الاعتزال لا تقاتل، ملقيه بالسلم يعني لا تمارس أي أنشطة عدائية فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً، أتركوهم أتركوهم فئة أُخْـرَى لا.. نشطة وتتحَـرّك والفئات النشطة والعملية هم أشكال، وهذه من أهم المسائل التي يحتاج مجتمعنا الإسْلَامي إلى وعي عنها.
أغربُ الفئات: مطاوعةُ النفاق ينشطون في مساجد ضرار
هناك فئة هي من أغرب فئات النفاق ومن أغرب المنافقين هذه الفئة يستحسن أن نسميها مطاوعة النفاق المنافقين المطاوعة المتحَـرّكون بعناوين إيمانية وبصفة إيمانية والبعض قد ينخدع بهم وخَاصَّـة أن لديهم خطباء بارعون ولديهم من يتقنون الفن الخطابي في منابر المساجد ويتقنون ويحرصون حتى بالشكليات أن يظهروا بشكليات متديّنة وجذابة إيمانياً وتحت عناوين دينية وما إلى ذلك.
فمطاوعة النفاق وأصحاب المساجد الذين يشتغلون في نفاقهم من خلال المساجد ومنابر المساجد خطبة جمعة، منافق منافق وقد يمتلك بعضُهم ذقناً كبيراً وطويلاً ووجهاً كبيراً وضخماً ويتزين. المهم أوصاف كثيرة هؤلاء مطاوعة النفاق الناشطون في المساجد الذين يمكن أن يحولوا مساجد الله إلى مساجد ضرار تضر بالأمة، مساجد كلها ضر إنتاجها ضار، يتخرج لك من هذا المسجد ممن يتأثرون بنشاطه فيه من يذهب إلى جبهات الحرب فيقاتل ضد الأُمَّـة، مَن يلعب دوراً تخريبياً وتثبيطياً وكذلك يخلخل صف المجتمع ويثير العداوة بين أبناء المجتمع والنزاع بين أبناء المجتمع، وهؤلاء كان لهم نشاط مبكر يعني منذ مراحل الإسْلَام الأولى من عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدئوا ينشطون قال الله عنهم في القُـرْآن الكريم (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) اتخذوا مسجداً ضراراً؛ ليكون المسجد هو العمدة في نشاطهم الضار ضد الأُمَّـة، يعتمدون على المسجد، بيت الله، والنشاط الديني في المسجد خطب الصلوات أنشطة تثقيفية في المسجد، حلقات في المسجد، أنشطة متنوعة في المسجد يجعلون من المسجد نفسه وسيلة للإضرار بالأمة، ومخرجاته مخرجات ضارة وليست مخرجات نافعة، وليست مفيدة في الأُمَّـة بل يلعبُ دوراً تخريبيا، وتفريقاً، المجتمع يتفرق يتشتت حتى أحياناً بين الأسرة الواحدة يتباغض أبناؤها ويتعادى أبناؤها لدرجة الكفر أحياناً كفر مبطن، ومغطى بعناوين إيمانية، وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل، إرصاداً يعني إعداد و تهيئة لصالح الأَعْدَاء المحاربين للأمة، يعني مَن حارب الله و ورسوله، يعني الحرب مع الله ورسوله والحرب على الأُمَّـة والحرب على عباد الله و الحرب على المؤمنين، على المسلمين على المظلومين بغير حق، على المحاربين، والمعتدى عليهم بغير حق، ولاستهداف الأُمَّـة في مبادئها وقيمها وأخلاقها، فيمكن أن يكون المسجد وسيلة لبعض المنافقين، فئة من المنافقين لها شكلها المتدين، شكلها الذي يحرص على النشاط ذي الطابع الديني فيكون المسجد يهيأ للأَعْدَاء، يقدم خدمات كثيرة للأَعْدَاء من جوانب متعددة، فيما ينشره من تفريق بين الأُمَّـة، فيما يقدمه من صورة مغلوطة عن الأحداث والوقائع والفهم لها والتبرير لها، في تثبيط العزم تجاه مواجهة الأَعْدَاء الحقيقيين للأمة، في التشويه بالمؤمنين، في أشياءَ كثيرة جدا، خدمات كثيرة جِـدًّا ممكن أن يقدمها المسجد الذي هو من مساجد الضرار، ومع هذا لم يعترف أولئك، هؤلاء أصحاب مساجد ضرار مطاوعة النفاق لم يعترفوا بحقيقة أمرهم وبأهدافهم، وبأنهم أرادوا بما هم فيه من نشاط الضرر بالأمة “وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ”، ممكن أن يقسم لك يمنياً كَبيراً بالله جل وعلا، ليس له من هدف إلا هدف طيب! هو يريد من هذا المسجد أن يرشدَ الأُمَّـة أن يصلح الأُمَّـة وأن يُحيي الصلاة وأن.. وأن.. وإلى آخره، فعلوا ذلك في عصر النبي وبرروا ذلك في وقت النبي صلى اللهُ عليه وعلى آله، واليوم تعاني الأُمَّـة كثيراً من هذه الأشكال، من مساجد الضرار من القائمين فيها؛ لأن المسجدَ بالقائمين فيه، “لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا” وعلى الناس في المناطق التي فيها مساجد ضرار ولا يمتلكون القدرة على إصلاح وضعهم، الحذر منها ومن القائمين فيها.
فئة تتحَـرّك بطابع إسْلَامي وعناوين دينية
(لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) فالمسجد هو بأهله، بأهله نعم، أَيْضاً يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن هذه الفئة، الفئة التي تتحَـرّك بطابع إسْلَامي وإيماني وعناوين دينية من فئات النفاق (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) الحديث هنا عن فئة يقول عنها “من يقول” يعني يكرر يعني أنه يتحَـرّك تحته كعنوان، وليس للإعلام للآخرين بأنه قد آمن وانتهى الموضوع، لا “من يقول” يكرر النشاط تحت عناوين إيمانية، (مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ)، لماذا يرفعون هذا العنوان؟ (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).
فئة غير متدينة نهائياً
هناك أَيْضاً فئة غير متدينة نهائياً، هناك فئة ذات طابع إيماني وإسْلَامي من المسجد وإلى المسجد ومن منبر المسجد، وهكذا، لكن، هناك فئة غير متدينة نهائياً، قال عنها الله من المنافقين (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى)، ما يشتي المسجد ولا يشتي الصلاة “هذه فئة مختلفة (يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)، ولكن مع أنهم أشكال وأنواع البعض منهم بطابع ديني والبعض منهم بغير طابع ديني والبعض منهم لهم نشاط عسكري والبعض له نشاط أمني والبعض لهم نشاط إعلامي ومتمرسون في أدائهم الإعلامي قال الله عنهم “وإن يقولوا تسمع لقولهم” عندهم بُصر في الكلام وخبث في هذا الجانب.
لكن الجامع الذي يجمعهم هو الولاء لأَعْدَاء الله العمل لمصلحة أَعْدَاء الأُمَّـة، بين قوسين (العمل لمصلحة أَعْدَاء الأُمَّـة)، والمعاداة للمؤمنين، ونتحدث على ضوء بعض الآيات عن نشاطهم، نشاطهم التخريبي، يعمدون، يعمدون إلى أعمال كثيرة في الواقع الداخلي للأمة، يتحَـرّكون، وكثير من المنافقين حركيون، لهم قدرة على الحركة عجيبة، ونشاط كبير، وعندهم اهتمام كبير بنشاطهم التخريبي في داخل الأُمَّـة.
أنشطتُهم الرئيسية: الإرجافُ والتهويلُ وتثبيطُ العزائم
واحد من أنشطتهم الرئيسية التي يحرصون عليها في واقع الأُمَّـة، الإرجاف والتهويل وتثبيط العزائم عن تحمل المسئولية وعن التصدي للأَعْدَاء، هذا جانب يحرصون عليه بشكل كبير جدا، لدرجة أن الله قال عنهم في القُـرْآن الكريم (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا)، نشاط كبير ومكثف للإرجاف، ولإفقاد الأُمَّـة الأمل والثقة بالله، ولتحطيم المعنويات، هذه المسألة يحرصون عليها ولكسرة الإرادة في نفوس الناس، ولزرع الوهن في نفوس الناس، ما معكم فائدة، لا نستطيع أن نعمل شيئاً بالأَعْدَاء اترك هذا، وعود وآيات، ومدري ما هو ذاك، هذه أشياء خرافية، (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا)، خرافات اترك لك “إن تنصروا اللهَ ينصُرْكم” وما أدري ما هو ذاك، اترك لك هذا الكلام ما ينفعك العدو والعدو يمتلك ومعه ويمتلك، ولديه.. وهكذا تثبيط وتخذيل للناس عن تحمل مسئولياتهم (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا) اترك لك الجبهة ارجع لك البيت، بطّل لك من هؤلاء، ابرد لك، لا تدخل نفسك في مشاكل، وهكذا نشاط رئيسي في هذا الجانب، لهم نشاط رئيسي فيه تخذيل الأُمَّـة، عن القيام بمسئوليتها في التصدي لأعدائها، زرع اليأس والإحباط والضعف والوهن والتشجيع على الاستسلام، نشاط هذه الفئة تلعب هذا النشاط غير الفئة المقاتلة قد أصبحت عما هي تشتغل في كُلّ الاتجاهات، لكنها تبقى في داخل الإسْلَام في داخل الساحة وتشتغل على هذا النحو التخريبي “لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا” تخذيل عن الإنفاق، تثبيط على الإنفاق، تثبيط على كُلّ ما يشكل عاملاً إيجابياً وعاملاً مهماً في التصدي للأَعْدَاء، أي نشاط حركي لمواجهة الأَعْدَاء مثمر مفيد مُجْدً مهم يخذلون منه، أي عمل ضد الأَعْدَاء يخذلون منه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ).
المنافقون ماركة واحدةٌ: لهم قاسمٌ مشترك
نشاطهم التخريب في داخل الأُمَّـة يحاولون أَيْضاً أن يجعلوا له عناوين براقة وعناوين مخادعة وأنه لمصلحة الأُمَّـة، العنوان المصلحي لمصلحة الأُمَّـة يشتغلون تحته كَثيراً وكَثيراً وكَثيراً، يقولُ اللهُ عنهم في القُـرْآن الكريم “الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ”.. ماركة واحدة نتيجة واحدة متشابهون جِـدًّا ومتجهون اتجاهات متجانسة” يأمرون بالمنكر”.. هذا قاسم مشترك بين كُلّ المنافقين “يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف”.. يعني يحاولون أن يعمموا حالتهم النفاقية لا يكتفي أنه هو أصبح منافقاً أَوْ هي أصبحت منافقة يشتغل في الآخرين ويريد أن يفرض الحالة النفاقية على الآخرين اليوم ألا يوجد أنظمة وحكومات بجيوشهم وكل إمكاناتهم يحاولون أن يركعوا الأُمَّـة كلها لأمريكا وإسرائيل ومن يرفع صوتا مناهضا للهيمنة الأمريكية ومعاديا لإسرائيل يقولون خلاص أنت إيراني أنت رافضي أنت مجوسي أنت لم تعد عربيا أنت خرجت من الملة الإسْلَامية.. أنت لم تعد إنْسَانا يجب القضاء عليك خلاص ما عاد يصلح بقاءك في المنطقة العربية ولا في العالم أنت إنْسَان خطير جِـدًّا يعني يجب أن تنتهي من الوجود.. أي صوت مناهض لأمريكا ولإسرائيل يعادونه بأشد ما يكون من العداء ويعملون ضده فهم يأمرون بالمنكر يحاولون مثل هذا الأمر أن يعمموا حالة الولاء لأَعْدَاء الأُمَّـة ومنكرات كثيرة يأمرون بها “وينهون عن المعروف” الموقف الطبيعي الصحيح نقول يا جماعة نحن امة مسلمة ونحن أمة لها أَعْدَاء وأَعْدَاء واضحين الأمريكي واضح للأمة ويسعى إلى السيطرة المباشرة على الأُمَّـة ويفعل أفاعيله وفعل الكثير بالأمة.. ليس مجهولا ما فعله في العراق ما فعله في أفغانستان ما فعله في كُلّ عالمنا الإسْلَامي ما يفعله فينا وبنا سياسياً واقتصاديا وأمنيا وعسكريا ما يقدمه لإسرائيل من حماية مطلقة.. إسرائيل عدو واضح ليس مجهولاً الحال.. فدعونا نتخذ الموقف الصحيح الذي يفرضه علينا ديننا وأخلاقنا وقيمنا وهو حق فطري إنْسَاني لنا.. دعونا نتخذ المواقف الصريحة.. لا ممنوع “ينهون عن المعروف” ومعروف كثير من المعروف ينهون عنه ويبخلون حيث ينبغي أن ينفقوا “نسوا الله فنسيهم”.. هذه من أسوأ الصفات لهم أنهم يشطبون الله من حساباتهم لا يركنون على الله لا يثقون في الله لا يعتمدون على الله.. ملأ العدو قلوبهم” إن المنافقين هم الفاسقون”.. (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ).. نعوذ بالله ما أشد غضب الله عليهم وما أخطر النفاق.. تجد هذا الوعيد الشديد. مما يحكيه عنهم يقول تعالى (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ).. ينزعجون ولا يرتاحون إذا شافوا حسنة إذا شافوا نصر في المؤمنين.. هذا يغيظهم جداً..
لاحظوا بعضهم كانوا مستاءين من انتصار حزب الله في مواجهة إسرائيل والبعض أَيْضاً كانوا مستاءين من صمود غزة في مواجهة إسرائيل في الحربين في 2014 و2008 (إِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ).. مرتاحين جِـدًّا أن تُنكب الأُمَّـة.. مرتاحين لأنهم يعتبرون أن هذا دليلاً على صحة نظريتهم ورأيهم الأعوج (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ).. فتّانون وباحثون على إثارة المشاكل في داخل الصف الإسْلَامي في داخل الأُمَّـة.. وهكذا لهم أنشطة متعددة وأنشطتهم التخريبية هذه لايجوز الصمت عنها ولا السكوت عنها.. يجب الحذر منهم هم طرف معوج يعادي المؤمنين ولذلك كان عداؤهم للإمام علي عليه السلام وبغضهم له؛ لأنه هو رمز في كمال الإيمان.. الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ).. كفار معادون من موقع كفرهم وعندهم موقف معادي للدين الإسْلَامي ولمن ينتمي إليه لهذا الاعتبار “والمنافقين”.. المنافقين جاهدهم.. (وأغلظ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).. مأوى المنافق كالكافر جهنم وإن صلى وصام وإن كان له من مساجد الضرار وإن كان من تلك الفئة لا.. لا ينفعهم ذلك مأواهم جهنم.. لاحظوا أكد اللهُ على أن مأواهم جهنم لعنهم كَثيراً في كتابه وفي آيات كثيرة ومتكررة. عبر عن غضبه عليهم “وغضب الله عليهم”.. كُلّ هذا يدل على سوئهم وسوء دورهم التخريبي في داخل الأُمَّـة “وأغلظ عليهم” فلذلك الجهاد لهم كما يقال في كتب التفسير والفقه وما أوحت به الآيات القُـرْآنية النصوص القُـرْآنية صنفت المنافقين وصنفت الموقف منهم من الفئة المقاتلة المخربة عسكريا التي تفتح حروب أَوْ أمنيا تفجيرات واغتيالات واعتداءات.. هذه الفئة قال عليها القُـرْآنُ “فخذوهم” مَن اعتقلتموه اعتقلتموه ومن أسرتموه أسرتموه ومن تمكنتم منهم قتلاً فاقتلوا (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا).. الفئة التي تلعب الدور الإعلامي يجب أن تواجَهَ أَيْضاً وأن تُمنعَ وأن تُتخذَ ضدها أية إجراءات على حسب طبيعة الدور الذي تمارسُه، فالقُـرْآن الكريم هو يدفع للتصدي لهم، بل هو مليء بالتصدي لهم القُـرْآن الكريم لهجته ضدهم لهجة قوية وموقفه منهم موقف عجيب جداً.
النفاقُ كُلّ زمان ومكان.. ومنافقو عصرنا هم الأسوأ
آيات كثيرة سورة التوبة مليئة بالآيات بشأن المنافقين ولا تصدقوا أي ساذج أحمق غبي جاهل يقول هذا فقط يعني المنافقين في زمن النبي وانتهى الموضوع لا.. النفاق، الإيمان، الكفر، الصلاح، الفساد.. كلها هذه أشياء مستمرةٌ في كُلّ زمان ومكان ليست خَاصَّـةً بزمن النبي، فالمؤمنون والكافرون والمنافقون والصالحون والمفسدون والمجرمون.. كُلّ هؤلاء فقط في لحظة زمنية معينة.. وبقية الزمن غشا!!.. هل أصبحنا الآن في زمن ما شاء الله العظيم صَلُحَت فيه كُلُّ الأُمَّـة وأصبح فيه كُلّ المنتسبين للإسْلَام أبراراً وطاهرين مطهّرين مصلحين ما شاء الله وعَمَّ الأمن والخير والسلم والفضل والتقى في داخل الأُمَّـة بكلها أم أن لدينا من المنافقين من هو أسوأ في كثير من الأمور ومن كثير من الكافرين.. متفوقٌ يعني!.
ضرورةُ الوعي بخطورة النفاق وسوء المنافقين
الأُمَّـةُ تعاني اليومَ ويجب أن يتعممَ الوعيُ تجاه مسألة أَوْ خطورة النفاق وسوء المنافقين؛ حتى نحُدَّ من انتشار هذه الظاهرة في داخل أمتنا الإسْلَامية خصوصاً، أن هذه الفئة تنشط كلما كان هناك نشاطٌ كبيرٌ للأَعْدَاء وتصبح هي اليدَ التي يعتمد عليها الأَعْدَاء من خارج الأُمَّـة لتلعبَ الدورَ والتخريبَ الذي يفكّكُ الأُمَّـة يبعثرُ الأُمَّـة يضرِبُ الأُمَّـةَ من داخل الأُمَّـة.. واللهُ المُسْتَعَانُ.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.