في كل غرف العمليات هناك أمريكيون يديرون هذا العدوان ويحددون الأهداف التي تقصف "زيف" السعودية وحقائق العدوان الأمريكي الغاشم على اليمن!
المسيرة_ أحمد داوود:
يقترِبُ العُـدْوَانُ السعوديُّ الأمريكيُّ على بلادنا من شهره الثالث، ومع ذلك لا أفُقَ لهذا العُـدْوَان ولا رؤية واضحة للسعودية وما الذي تريده من الـيَـمَـن؟ ويرى الكثيرُ من المحللين والمتابعين السعوديين أن الأسرة الحاكمة في الرياض جن جنونُها حين جاءت ثورة 21 سبتمبر، وأن العُـدْوَان جاء بعدَما عجزت السعودية عن إيقاف المد الثوري في الشارع الـيَـمَـني، بعد تغلب القوى الثورية واللجان الشعبية واكتساح كافة محافظات الـيَـمَـن، وبدأت في تأسيس نظام جديد منعتق من التبعية للحكومة السعودية، لذا وفي غمرة ما كان الـيَـمَـنيون يتحاورون ويتغلبون على العقبات التي وضعها بعضُ معطلي الحوار في الـيَـمَـن، وعندَما تم إصدارُ إعلان دستوري يمثل أغلبَ القوى الوطنية، إذا بالحرب تبدأ لخلط الأوراق على الساحة الـيَـمَـنية. ويقول الكاتب السعودي الدكتور حسن العمري في مقال له بموقع “شؤون خليجية”: إن السعوديةَ بدأت العُـدْوَان، وقد خسرت حلفاءها التقليديين، والمتمثل أكثرهم في (حزب الإصلاح) ممن ثار عليهم الشعب الـيَـمَـني، ممن كانوا حجرَ عثرة في وجه التغيير والاستقلال الـيَـمَـني الحقيقي. موضحاً أن المؤسسة الدينية السعودية الرسمية مارست دوراً كبيراً في تغييب العقل السعودي للمواطن العادي، وذلك عبر التهليل والتطبيل لهذه الحرب وإلباسها لبوسَ القداسة والجهاد، فقد أعلنت هيئة كبار العلماء بالمملكة دعمها للعملية، مؤكدةً أنها جاءت لتحقيق المصالح العليا للأمة الإسلامية، والأسوأ من ذلك أن هناك مَن يرى العُـدْوَان السعودي الأمريكي على الـيَـمَـن بأنه جهادٌ في سبيل الله؛ باعتبار من يتم قتلهم هناك (كفار)، مثل بعض متطرفي السلفية التكفيريين ممن يكفرون (الشيعة) بكل فرقها، ومنهم مَن يرى ذلك من باب حماية الحرمين الشريفين، ولكن ممَّن؟!، يبدو من ظاهر حديثهم أنه من الحوثيين المرتبطين بإيْرَان باعتبارهم إما كفاراً كما سبق، أَوْ أنهم سيدنّسون الأماكن المقدسة!!، كما في المخيال السلفي الوهابي عن الشيعة!!! ومنهم من يذهب إلى أنه (قتال بغاة)، والواقع أن هناك حقائقَ أُخْرَى لهذا العُـدْوَان تكشف زيف ادعاءات هؤلاء في عُـدْوَانهم الهمجي على الـيَـمَـن. هدفهم.. يمن بلا جيش وقال الكاتب السياسي جمال عامر: عندما بدأت “عَاصفَة الحَـزْم” باعتقاد النظام السعودي أنه سيتم تأديبُ الـيَـمَـنيين وتحقيق أمل كان يطالبُ به منذ فترة طويلة جداً، وهو أن يكون الـيَـمَـن بلا جيش، وهذا مقترحٌ كان طُرح أمام الشهيد إبراهيم الحمدي، طُرح عليه أن يكون الـيَـمَـنُ بلا جيش ويتم بدلاً عنه عمل الشرطة، ويكون الـيَـمَـن يمناً سياحياً، وحينما لم يتحقق، وبُنِيَ جيشٌ خلال الثلاثة والثلاثين السنة الماضية بدأ القلق السعودي، إلا أن النظامَ السعودي في تلك الفترة لم يكن يجد المبرر لضرب بنية الجيش، وبعد ثورة 21 سبتمبر والذي قادها أَنْصَـار الله وبدؤوا يحققون تواجداً وسيطرةً على الأرض في معظم المحافظات بدأ النظامُ السعودي يشعُـرُ بالقلق الوجودي بعد سيطرة أَنْصَـار الله؛ لأنه لأول مرة ربما تواجه السعودية مسألة جيش فقط، عدم وجود قبضة سعودية على الـيَـمَـن، ولكن أكثر من ذلك أنها بدأت تفقد السيطرة والتوجيه على الـيَـمَـن بشكل واضح. فجاءت المناورة الأخيرة في صعدة كسبب، ثم وجدوا الحامل المشروع ضرب الـيَـمَـن وضرب الجيش الذي يمثل عبدربه منصور هادي، فكان اتّخَاذ قرار “عَاصفَة الحَـزْم” وحين فشلت “عَاصفَة الحَـزْم” كان لا بد من اتّخَاذ قرار يؤدي إلى نفس الهدف الذي فشلت فيه. إرضاء آل سعود على مدى عشرات السنين الماضية والسعودية لم تفعل شيئاً لمصلحة الـيَـمَـن، وكان الوضع يسوء من يوم إلى آخر في بلادنا على كافة المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية، فيما كان النظام يسعى إلى إرضاء الأسرة الحاكمة ويقدم لها كافة التسهيلات والخضوع، غير أن ذلك لم يشفع في العمل على نهضة الـيَـمَـن، فهم يريدون الـيَـمَـن بلداً ضعيفاً ومدمراً وتحتَ رحمة القاعدة. ويقول السيدُ عبدُالملك الحوثي في خطابه الثاني بعد العُـدْوَان إن النظام في بلادنا كان “يحرص ويبذل كُلّ جُهد ليسترضيَ أسرة آل سعود، ليسترضي النظام السعودي عسى أن يتعاطى مع الـيَـمَـن على نحو إيجابي، عسى أن يوقف تعامُلَه العدائي والمتغطرس والمتكبر والمستهدف للـيَـمَـنيين، في دولتهم وأمنهم وأمانهم واستقلالهم، ولم يكن هذا ليفيد شيئاً، كانت كُلّ المساوئ تأتي من جانبهم، كُلّ الشر يأتي من عندهم مع كُلّ الاسترضاء من جانب النظام لهم، كانوا يجعلون من الـيَـمَـن نفايةً لقمامتهم من القاعدة والإرهاب والإجرام.. يصدّرونه إليه، ويريدونه أن يبقى بلداً مليئاً بالمشاكل، غارقاً بالنزاعات، واقعاً بالصراعات تحتَ كُلّ العناوين، هذا ما يريدونه لنا”. ويقسم السيد عبدُالملك قائلاً: “والله لو قَبِلَ الـيَـمَـنيون بالوصاية وخضعوا واستكانوا لما عرفوا أبداً لا عزاً ولا استقراراً ولا أمناً، ولما تغيَّر أسلوب ذلك النظام السعودي السيء والمتغطرس والمتكبر والمسيء إلى هذا البلد؛ كم بذل النظام من جهد ليلتحقَ بمجلس التعاون الخليجي؛ ليغير الواقع السعودي في التعاون مع الـيَـمَـنيين مع المغتربين الذين يُجلدون ويُعذبون ويُساء إليهم ويُهانون”. شماعة إيران وعلاوةً على ذلك ادعت السعودية أنها أقدمت في عُـدْوَانها على الـيَـمَـن استجابةً لطلب عبدِربه منصور هادي الرئيس الشرعي للـيَـمَـن، حسب قولها، وأن المملكة تخشى من الـيَـمَـن بألا يتحول إلى ولاية إيْرَانية كما تدَّعي، ولهذا تريدُ قطعَ هذه الأذرع قبل نموها. وعلى الرغم من الادعاءات المتكررة للرياض في حربها على الـيَـمَـن، إلا أن الكثيرين يدركون أن هناك أعذاراً واهية، وهناك أسبابٌ خفية للعُـدْوَان السعودي الأمريكي على الـيَـمَـن. وهذا الادعاءُ بحد ذاته مدّعى للسخرية، فليست المسألة نهائياً مسألة نفوذ لإيْرَان في الـيَـمَـن، كما يقول السيد عبدُالملك الحوثي ولا هيمنة لإيْرَان في الـيَـمَـن. ويؤكد السيدُ أن مشكلة السعودية في الـيَـمَـن ليست مع إيْرَان، ولو كان لهم مع إيْرَان تصفية حسابات أَوْ عندهم ضغائن عليها، فهل يجرؤون على أن يتحركوا باتجاهها في أَي موقف، هم أذل وأجبن وأحقر من أن يتجرأوا على ذلك، ولذلك عمدوا إلى صب كُلِّ غيظهم وإخفاقاتهم في المنطقة على الـيَـمَـن بعدَ مرحلة طويلة من الاستهداف لهذا البلد، والإضعاف لهذا البلد. الإشكالية إذاً ليست في إيْرَان ولا في الشرعية، وهذا العُـدْوَان هدفه الأساس تركيع وإذلال وإخضاع الشعب الـيَـمَـني ومواجهة الثورة الشعبية في توجهها المستقل والحر ودفاعها عن القضايا الكبرى للأمة الإسلامية في مقدمتها فلسطين. أمريكا وإسرائيل.. رأس الشر ومن يوم إلى آخر، تنكشفُ الحقائقُ إزاء العُـدْوَان السعودي الأمريكي على الـيَـمَـن، ويتضح بجلاء الدور الأمريكي البارز في هذا العُـدْوَان وكذلك الموقف الإسْرَائيْلي، فأمريكا هي من أذنت والتي وجّهت، وما كان لهذا العُـدْوَان أن يتم لولا هي من أمرت ووجّهت ورعت وقامت على هذا العُـدْوَان بكل التفاصيل. ويقولُ السيدُ عبدُالملك الحوثي: وَفي كُلّ غرف العمليات هناك أمريكيون يديرون هذا العُـدْوَان، أمريكا في واقع الحال هي من تدير هذا العُـدْوَان وهي التي أطلقت العنان لعملائها وأياديها الإجرامية لتتحرك في هذا العُـدْوَان. ويؤكد السيد الحوثي أن الأمريكيين كشفوا عن حقيقة الدور الذي يقومون به على مستوى الفعل، مباشرة العُـدْوَان بطائراتهم التجسسية، واليوم الأطفال في الـيَـمَـن يقتلون بالقنابل الأمريكية والصواريخ الأمريكية وبالطائرات الأمريكية، سواءٌ ما كان بيد النظام السعودي أَوْ ما كان بأيديهم هم، ويباشرون به الفعل والإجرام والقتل، كما أن الأمريكيين كشفوا أنهم من يحددون الأهدافَ التي تقصف، فكل طفل كُلّ منشئة سكنية كُلّ بيت أَوْ منزل كُلّ متجر أَوْ سوق كُلّ مسجد يُستهدَفُ في هذا البلد هو بتحديد من الأمريكيين، فهم الذين حددوا للنظام السعودي الأهدافَ ليقوم بضربها ثم أشرفوا على عملية الضرب، والنظام السعودي بمثابة جندي وخادم بيد الأمريكيين. أما الموقفُ الإسْرَائيْلي فهو معلَنٌ وصريحٌ وواضحٌ أنه يؤيد هذا العُـدْوَان ويفرح به ويدعمه ويعتبره مصلحة مشتركة له مع النظام السعودي، فوسائلُ إعلامه تهلل وتفرح منذ اليوم الأول للعُـدْوَان. وتجاوز أمريكا والسعودية في عُـدْوَانها على الـيَـمَـن كُلّ الخطوط الحمراء والأعراف والقوانين الإنسانية، بل إن هذا العُـدْوَان فاق عُـدْوَانَ إسْرَائيْل على قطاع غزة وعُـدْوَان إسْرَائيْل على لبنان. واستهدف العُـدْوَانُ كُلّ مقدرات الوطن، كما استهدف المدنيين، والآثار والمصانع والمتاجر والطرقات والمساجد والمقابر وغيرها، وإضافةً إلى العُـدْوَان تسبَّبَ الحصارُ في تجويع شعب بأكمله ومنع دخول المساعدات الإنسانية والأدوية والمواد الغذائية إلى الـيَـمَـن. والعجيبُ أن يقفَ مؤيدو العُـدْوَان، سواءٌ من داخل الـيَـمَـن أَوْ من خارجه، مع إسْرَائيْل في خندق واحد، فالذين أيَّدوا هذا العُـدْوَان فعلوا كما إسْرَائيْل، هم أيَّدوا وإسْرَائيْل أيّدت، هم باركوا وإسْرَائيْل باركت، هم فرحوا وإسْرَائيْل فرحت، وأمام كُلّ جريمة إسْرَائيْل تفرح وهم يفرحون، كلما سقط المزيدُ من الدماء وسُفكَ المزيد من الدماء، من دماء الـيَـمَـنيين المسلمين العرب الأحرار إسْرَائيْل تفرح وهم يفرحون، إسْرَائيْل تبارك وهم يباركون، إسْرَائيْل ترى في ذلك حمايةً لأمنها القومي هم يقولون نفسَ القول. أيهما أخطر.. نحن أم هم؟ ومنذ بدء العُـدْوَان السعودي الأمريكي على الـيَـمَـن في 26 مارس، وآل سعود يزعمون أن المخاطرَ عليهم تأتي من الـيَـمَـن، والحقيقة أن الشعب الـيَـمَـني لم يكن يشكل خطورة على أَي بلد عربي أبداً ولا على أَي شعب عربي أَوْ مسلم أبداً. الشعب الـيَـمَـني هو شعب أصيل في قيمه وأخلاقه وليس شعباً عُـدْوَانيا ولا مجرماً، هو شعبُ الحضارة وشعب الأخلاق وشعب القيم. والآن ومن خلال هذا العُـدْوَان من الذي يشكِّلُ خطراً على الآخر.. هل الـيَـمَـن تشكل خطراً على السعودية أم العكس؟. والأسوأُ من كُلّ هذا هو أن السعودية جبنت أن تدخُلَ المعركة بمفردها في بلادنا، بل قامت باستئجار الجيوش من هنا وهناك، واستأجروا أيضاً القاعدة والمرتزقة من شتى أقطار العالم. ولاحترام حق الجوار والأخوة صمَدَ الـيَـمَـنيون في وجه العُـدْوَان أربعين يوماً، دونَ أن يتحركوا أَوْ يردوا ولو بطلقة رصاص واحدة على الأراضي السعودية، ثم قامت القبائلُ الـيَـمَـنية تدريجياً بالدفاع عن النفس، غير أن الصلَفَ السعودي الأمريكي استمر، ومع مرور الخمسين يوماً على العُـدْوَان بدأ الجيشُ واللجانُ الشعبية في المواجَهة المباشرة والرد على مصادِر النيران واقتحام المواقع العسكرية السعودية. ومنذُ الرَّدِّ الـيَـمَـني، وكل الضربات الصاروخية أَوْ الاقتحامات هي تستهدفُ المواقع العسكرية السعودية، ولم تبث أَية وسيلة إعلامية صاروخاً انطلق من الـيَـمَـن صوبَ السعودية مستهدفاً المدنيين، رغم قُدرة الـيَـمَـنيين على ذلك، وما نجران وعسير وجيزان وخميس مشيط وأبها ببعيدة عن مرمى صواريخ الجيش واللجان الشعبية.