الجبهة المنسية
أيمن محمد قائد
يؤكّد خبراءُ الاقتصاد على ضرورة لجوء الحكومة إلى حظر استيراد مجموعة من السلع الكمالية والاستهلاكية؛ بهدف الحفاظ على ما تبقى من الاحتياطي النقدي الأجنبي من التآكل، بالتزامن مع ضرورة دراسة هذا القرار بشكل جيد تجنباً لحدوث هّزة مفاجئة في الأسواق المحلية التي قد ينتج عنها ارتفاعٌ غيرُ مبرر لبعض السلع خَاصَّةً.
قضية استيراد السلع الكمالية ومدى تأثيرها على الاقتصاد اليمني في المرحلة الراهنة وتعنت بعض السياسيين وصُنّاع القرار من منع الاستيراد لبعض السلع التي يتوافر البديل منها من الانتاج المحلي كالزبيب والمكسرات والثوم وغيرها؛ لوجود اتفاقية التجارة الحرة، وكذلك بعض المنتجات الحرفية كالجنابي، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد القومي من خلال تسرب العملة الصعبة وكذلك توقف المعامل الحرفية وكساد المنتجات المحلية في السوق اليمني وتأثيرها الملحوظ على مستوى البطالة، مما يستدعي منعَ استيراد مثل تلك السلع من أجل التشجيع والحماية للصناعة المحلية وخَاصَّة الصناعات الحرفية واليدوية البسيطة من الاندثار، ولا يتعارَضُ ذلك مع اتفاقية التجارة الحرة، حيث يوجد بند في الاتفاقيات الدولية يسمَحُ للدول إذا شعرت بوجود خطر على الصناعات المحلية أن تحميَ صناعاتها بمنع الاستيراد.
فمنع استيراد مثل هذه السلع يعزّز من حماية الهُوية الوطنية ويحافظ على التراث اليمني، فضلاً عن كونه سيساهم في توفير فرص العمل للكثير من العمالة ودفع عجلة التنمية المحلية إلى الأمام والحد من تسرب العملات الأجنبية.
فالنمور الآسيوية سيطرت خلال الفترة الماضية على السوق المحلية من خلال الصناعات المحلية التقليدية البسيطة، في المقابل بدأت الصناعات التقليدية في اليمن بالتأثر من ذلك و تغيرت هويتها؛ بسبب استيراد تلك السلع وخَاصَّة من الصين، الأمر الذي انعكس على ارتفاع معدلات البطالة.
إن حظرَ بعض السلع الكمالية يعد خطوةً إيجابيةً وضروريةً لمصلحة الوطن في مثل هذه الظروف الطاحنة، ولكن بعد التنسيق مع الغرفة التجارية والصناعية حيث أن هناك العديد من السلع التي يمكن حظرُها ولها بديل أو مثيل من المنتجات المحلية، وتوفير النقد الأجنبي الذي هو قليل أصلاً لشراء احتياجات البلاد من السلع الضرورية.
الوضع الاقتصادي اليوم يحُثُّ على ضرورة العمل بـ “سياسة الإحلال”، والتي من خلالها يتم تشجيعُ المنتج المحلي.
وحتى لا نتفاجأ باستيراد السلع الممنوعة عن طريق التهريب، وخلق سوق جديدة أردأ من المنتجات الصينية التي تم منعها؛ تحتَ ذريعة ارتفاع اسعار المنتجات المحلية بسبب ارتفاع جودتها، فزيادة المعروض منها خَاصَّة “الزبيب” بسبب صعوبة تصديره إلى دول الخليج “بسبب الحصار”، سيؤدي حتماً إلى انخفاض سعره مقارنة بالسنوات السابقة.
إضافة إلى ضرورة البدء في حملات توعوية لتنمية الوعي الاستهلاكي لتفضيل المنتج المحلي في إطار سياسة إعلامية تدعم هذا الاتّجَاه وتوعية المواطنين بعدم شراء المنتجات المستوردة التي لها مثيل محلي.
فهل سنعتبر يا شعبَ اليمن لنكف أيديَنا عن الاستيراد بشكل عام، ونسعى لصنع كل ما نحتاجه بأيدينا؟!، إنه حقاً لعار أن تستوردَ أرضُ الجنتين ما يعادل 80% من احتياجات الغذاء والوقود والدواء لنكونَ تحت رحمة العدو في ظروف كهذا.. أعي جيداً أن هذا سيكون لنا درساً لقابل الأيام.
فلا تيأسوا يا شعبَ اليمن، وتوكّلوا على الله، فوراء كُلّ ليل فجرٌ باسم، ووراء كُلّ شتاء ربيعٌ نابض، وأرضُكم كانت ولا زالت بلدةً طيبةً ذات جنتين.