من الحديدة: لا مساومة!
علي شرف المحطوري
شهدت محافظةُ الحديدة يوم الأربعاء 12 يوليو حفْلَ تخرج لثلاث كليات عسكرية، إضَافَةً إلى إجراء مناورة عسكرية واسعة، حضر في كلَيهما رئيسُ المجلس السياسي الأعلى صالح الصمّاد، باعثاً لكل مَن يهمه الأمر رسائلَ حاسمةً وواضحة لجهة ألا حوار إلّا بعد وقف العدوان، ورفع الحصار.
وفي نفس اليوم كان مجلسُ الأمن الدولي يعقد جلسةً للاستماع إلى إحاطة (ولد الشيك) -كما ينبغي أن يسمى – وليس (ولد الشيخ)، الذي سمح لنفسه أن يكونَ موظفاً لدى محمد بن سلمان، متكلماً باسمه في المحافل الدولية، في أسوأ ظاهرة تدليس تحدث أمام أعين العالم، لجهة ما تصدر عن ذلك (الموظف الأممي) من مواقفَ لا تمُتُّ بصلة إلى مهمته كمبعوثٍ أممي ينبغي عليه أن يكون محايداً، لا منحازاً بصورة فاقعة وفاضحة.
والمضحكُ في الأمر أن السعوديّة وحلفاءَها تأخذ على الخارجية الأمريكية انحيازَها لجانب قطر فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، بما صدر عن ريكس تيلرسون من الدوحة من تصريح مفادُه أن مطالبَها “معقولة”، الأمر الذي أثار امتعاضَ خصومها!
فكيف أجازت السعوديّةُ لنفسها أن تستنكرَ على الخارجية الأمريكية ما تقومُ به (أي السعوديّة) نفسها مع الأمم المتحدة باستخدام ولد الشيخ كموظف ينقُلُ عنها رسائلَها إلى مجلس الأمن الدولي!؟
ففي إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن تحدث (ولد الشيك) عن مقترحات بشأن “الحديدة”، بما يُفهم منه إصرار تحالف العدوان عَلى إخضاع المِلَفِّ للمساومة، أَوْ التصعيد العسكري، فكان الرد الصادر عن رئيس المجلس السياسي الأعلى في نفس اليوم بمثابة الموقف الذي أنهى أي جدل في هذا الشأن، بتأكيده على ضرورة وقف العدوان ورفع الحصار قبل أي حوار، وهو ما يعطي المفاوِضَ اليمني “درعاً إضافياً” يحميه من الوقوع تحت أية تأثيرات ناتجة عن اتصالات دولية تسعى إلى تكسير الموقف الرسمي والسيادي، وإلى تبديد الجهود النضالية والكفاحية في كواليس لا تعودُ بكرامة، ولا تأتي بسيادة.
ما بين الحديدة وجدة!
أمرٌ آخر كان حدوثُه في ذات اليوم لافتاً لناحية استشراف المستقبل، فغير حفل التخرج والمناورة في الحديدة وبحضور القيادة السياسية العليا، كان هناك على امتداد ساحل البحر الأحمر باتجاه الشمال في مدينة جدة محادثات بشأن الأزمة الخليجية مع وزراء أربع دول، هي السعوديّة ومصر والإمارات والبحرين، بحضور وزير الخارجية الأَمريكي ريكس تيلرسون، في محاولة لإنهاء الأزمة المستمرة منذُ نحو شهر مع قطر، لكن دون حديث عن انفراجة.
وما يُقرأ في تزامُن الحدثَين أن الجزيرة العربية تعيشُ مخاضاً عسيراً ينذر بتحوّلات كبرى تصب على المدى البعيد في مصلحة الشعب الذي حافظ على استقلاليته، واعتمد للدفاع عنها على قواه الحية وقوّته الذاتية.