الفيلسوف وعُقدة الديك
أحمد ناصر الشريف
سأبدأُ هذه التناولة بحكاية تعبّر عن واقع معاش في أوساطنا اليوم وأصبح يشكّل للبعض عُقدةً نفسيةً لم يستطيعوا التخلص منها؛ لما تحمله أنفسهم وقلوبهم من حقد وغل ضد من لا يتفقون معه.
تقول الحكاية إن فيلسوفاً سكن بعمارة في الدور الأخير وكان يمتلك حارسُ العمارة دجاجاً في سطحها بينهن ديك كثير الصياح، فازعج الفيلسوف بصياحه، لدرجة أنه امتنع عن الكتابة وتعطل عمله؛ بسبب تركيزه على الديك وأصبح شغله الشاغل..
وهنا طلب الفيلسوف من خادمه أن يشتريَ الديك بأي ثمن ويذبحه للتخلص من صياحه.. فاعتقد الخادم أن سيده الفيلسوف يشتهي لحمَ ديك فذهب إلَى السوق واشترى ديكاً وذبحه ثم طبخه وقدّمه لسيده كوجبة لطعام الغداء.. وبعد أن أكل الفيلسوف ارتاح وعاد إلَى سيرته الطبيعية وصار يفكر ويكتب بهمة ونشاط ولم يعد يضايقه شيء.. ففرح الخادم وسأل سيده عن هذا النشاط الذي عاد إلَيه فجاة.. فقال له الفيلسوف: الحمدُ لله لقد تخلصنا من الديك الذي كان يزعجنا بصياحه واليوم لم نعد نسمع له صوتاً.. ضحك الخادم وقال: يا سيدي أنا اشتريت لك ديكاً من السوق وليس هو ذلك الديك الذي في سطح العمارة.. فتنبه الفيلسوف واكتشف بأن من يركز على شَيء ما يتحول بالنسبة له إلَى عُقدة ويصبح مرافقاً له كخياله.. وهذا ما هو حادث اليوم في واقعنا المعاش على المستويين المحلي والإقْليْمي.. فرغم العدوان البربري الذي تتعرض له اليمن للعام الثالث على التوالي دمّر أَعْـدَاءُ اليمن من خلاله كُلّ شَيء وقتلوا الشيوخ والنساء والأَطْفَال وفرضوا على الشعب اليمني حصاراً برياً وبحرياً وجوياً، إلّا أن هناك مجموعة من الحاقدين منتشرون هنا وهناك جُلُّهم مع الأسف من المثقفين والاعلاميين نسَوا كلَّ ما يتعرض له اليمن وشعبُه من عدوان بربري وأصبح تركيزُهم في كُلّ ما يكتبونه ويتحدثون به عن ما يسمونه (الحوثي) وتحميله مسؤولية كلما يجري، لدرجة أن أصبح الحوثي بالنسبة لهم هو العدو الأول: الحوثي فعل.. الحوثي عمل.. وكان اليمن تعيش في ظل امن واستقرار والحوثي يتربع على قيادتها وهم يشكلون معارضةً له بخطة عمل مبرمجة وممنهجة يعدها الأَعْـدَاء في الخارج وهم ينفذونها في الداخل.. ولا نريد أن نسمّي هؤلاء ونذكر القوى السياسية التي ينتمون اليها حتى لا نجعل لهم أهميّة تذكر.
ونفس الشَّيء يحدث على المستوى الإقْليْمي حيث السعوديّة وبعض مشيخات الخليج جعلوا من إيران بعبعاً يقض مضاجعهم في الليل والنهار، بل وجعلوا من إيران أحد الأَسْبَاب لشن عدوانهم على اليمن، وهو ما يؤكد إفلاسهم في التفكير وأظهَر عجزهم عن مواجهة من يعتبرونه في الأصل عدوهم.
وعليه نؤكد لهؤلاء المنتقدين والحاقدين أنه لا يوجد شيء اسمه مجتمع ملائكي منذ خلق الله أبانا آدم عليه السلام.. بما في ذلك مجتمعات الأنبياء والرسل عليهم السلام، فقد كان يوجد للأنبياء والرسل معارضون ومكذبون، بل وكانت تأتي الخيانات لهم من داخل بيوتهم ومن أوساط أسرهم.. مثلما يحدث اليوم في مجتمعنا اليمني ومكون أَنْصَـار الله أنموذجاً، حيث يوجد في أوساطهم من يحاول أن يشوّه مسيرتهم بتصرفاته الخاطئة وقد يكون مدسوساً في الاصل في صفوفهم، فضلاً عما يقوم به أعداؤهم وخصومُهم من تشويه لمسيرتهم الوطنية المستندة إلَى ثقافة قرآنية وهو عمل يعد امتدادا لحركة التأريخ، حيث المصلحون محاربون في كُلّ صوب ورشقات الردى إليهم متاحة، كما قال الشاعر التونسي (أبو القاسم الشابي).. وعلى سيل المثال هناك حليف أَنْصَـار الله المؤتمر الشعبي العام يوجد له من قياداته متآمرون على الوطن ما تضيق بهم غرف فنادق الرياض والقاهرة وعمان، ولكن أُولئك الذين ينتقدون أَنْصَـار الله بسبب اخطاء المدسوسين بينهم لا يتحدثون عنهم لحاجة في أنفسهم..
خلاصة القول نقول لهؤلاء: إنكم لن تشيطنوا أَنْصَـار الله مهما قلتم فيهم وركّزتم على أخطائهم أَكْثَـر مما شيطنتموهم أثناء الحروب الست على صعدة وخرجوا منها أقوياء ولن تستطيعوا أن تثنوهم عن تصدر ملحمة الدفاع عن الوطن والتصدي للعدوان وتعيدوا العجلة إلَى الوراء فالقافلةُ تسير.. شاء من شاء وأبى من أبى.. بل ونبح من نبح.