قائد الثورة السيد عبدُالملك بدر الدين الحوثي في خطاب بالذكرى السنوية للصرخة: عمالة النظام الإماراتي والسعودي تشجِّعُ الإسرَائيلي والأَمريكي على استهداف الأقصى وَضرب الأُمَّـة وحرف بوصلة العداء لأبناء الأمة
هتافُ الحرية والبراءة شعارٌ يعبّر عن نشاط توعوي بمخاطر المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية وإفشالها
للسيد نصر الله: رهانُك على الشعب اليمني في محله
حاضرون للمشاركة في أية مواجهة عسكرية جديدة مع العدو لمساندة حزب الله أو الشعب الفلسطيني
مشروعُ تقسيم بلدان المنطقة كالعراق وسوريا واضح اليوم وسيتجه إلى مصر والمغرب العربي
الطبخة معدة للتقسيم في اليمن ويريدون أن تلبسَ قناعًا يمنيًّا عبر أدواتهم
نَصُّ الخطاب:
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حَميدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِـرِ عِبَادِكَ الصالحين.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..
في هذا اليوم نستذكِرُ ذكرى مهمةً في تأريخ مسيرتنا القُرْآنية، هي ذكرى يوم الصرخة في وجه المستكبِرين، وقبل أن نتحدَّثَ عن هذه المناسبة، نتحدَّثُ عن مقدمة مهمة نصلُ من خلالها إلى الموضوع الرئيسي للمناسبة، من المعلوم أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 حرصت أَمريكا على توظيفِ هذه الأحداث وجعلت من خلالها غطاءً تتحَـرّك من خلاله ضمن مرحلة متقدمة ومُخَطّط لها لاستهداف عالمنا الإسْلَامي ومنطقتنا العربية.
عنوانُ الإرهاب غطاءُ أمريكا للاستعمار الجديد
والأَهْـدَاف الأَمريكية التي جعلت من عنوان الإرهاب غطاءً للتحَـرّك لتحقيقها وللوصول إليها هي أَهْـدَاف خطيرة جدًا، معلومٌ أن في مقدمة هذه الأَهْـدَاف هو الاستعمار الجديد لعالمنا الإسْلَامي، السيطرة المباشرة على منطقتنا العربية وعالمنا الإسْلَامي، وتقويض كِيان العالم الإسْلَامي من دول وشعوب وبعثرتها وسحقها والاستحواذ على مقدراتها وثرواتها وخيراتها وإنهاء الكِيان الإسْلَامي ككِيان بشكل نهائي.
وهدفٌ في مستوى هذا الهدف له خطورةٌ كبيرةٌ جِـدًّا على عالمنا الإسْلَامي، وهو بالتأكيد هدفٌ رئيسيٌّ جُعل عنوانُ الإرهاب غطاءً له لا أقل ولا أكثر، في مقابل هذا التحَـرّك الكبير من جانب أَمريكا بهذه الأَهْـدَاف الخطرة جدًا، كيف كان الموقف في عالمنا الإسْلَامي وفي منطقتنا العربية، أغلب الأنظمة في الواقع العربي وأغلب الأنظمة في الواقع الإسْلَامي عُمُومًا كان موقفُها موقفًا سلبيًّا جِـدًّا لا يمكن أن نقول عنه إنه صحيح ولا إنه سليم بأي اعتبار من الاعتبارات.
إذعانٌ رسميّ سهّل لأمريكا الوصولَ إلى هدفها بأقل كُلفة
توجّهت معظمُ الأنظمة في المنطقة العربية في العالم الإسْلَامي، معظمُها إلا القليل، توجهت نحو الإذعان لأَمريكا ونحو التسليم لأَمريكا ونحو الاسترضاء لأَمريكا، بالاستعداد التام والطاعة المطلقة لتنفيذ ما تطلبه منها أَمريكا وتنفيذ السياسات والتوجيهَات والأوامر الأَمريكية أيا كانت وكيفما كانت، وبكل ما يمكن أن يترتب عليها من نتائج، وبالتأكيد سياساتُ أَمريكا التي تريدُ من الأنظمة في منطقتنا العربية وعالمنا الإسْلَامي تنفيذَها، ومطالب أَمريكا التي تريدُ من أنظمة وحكام بلداننا تحقيقَها ما هي إلا مطالب وإلا أَهْـدَاف وإلا سياسات وإلا توجيهات تسهِّلُ لأَمريكا مهمتَها في السيطرة المباشرة وفي ضرب هذه الأُمَّـة، بمعنى أن الاستجابةَ من جانب الأنظمة في المنطقة لأَمريكا وسعيَها لاسترضاء أَمريكا من خلال طاعتها لها لم تثمر ثمرةً إيجابيةً لأن تغيِّرَ أَمريكا سياستها نحو المنطقة أَوْ أن تلغيَ أَهْـدَافَها الحقيقية التي تتحَـرّك تحت غطاء الإرهاب لتنفيذها، فتحوِّلُ توجُّهَها نحو استعمار المنطقة ونحو احتلال المنطقة ونحو السيطرة المباشرة على المنطقة وكذلك نحو ضرب الأُمَّـة ضربةً قاضية وإنهاء هذا الكيان الإسْلَامي من الأساس، لا لم تغيّر هذا التوجه ولم تغيّر هذه السياسة، إنما تجعلُ من هذه الاستجابة الرسمية في الواقع العربي وفي معظم العالم الإسْلَامي وسيلةً تسهِّلُ الوصولَ إلى هذا الهدف وتحقق النتائج المطلوبة بأقل كلفة، هذا واضحٌ، وسنتحدَّثُ عنه بعد قليل إن شاء الله في أثناء الكلام أكثرَ فأكثرَ.
لا تحَـرُّكَ شعبيًا مسؤولًا: خضوعٌ كامل لسيطرة مطلقة من الحكومات
أَيْـضًا على مستوى الواقع الشعبي، كيف كان الموقفُ الشعبي لمواجهة هذا التحَـرّك الأَمريكي؟.
من المعلوم أن كَثيرًا من شعوب بلدان المنطقة كان موقفُها لا يتجاوَزُ الحيرة، الاسْتسْلَام، الجمود، الانتظار للمجهول، بمعنى لم يقابل التحَـرّك الأَمريكي بكل ما حوله وبكل ما معه من قوىً ودولٍ، الدول الغربية، إسرَائيل، إلى غير ذلك، وبكل ما يشكّلُه من خطورة كبيرة علينا كشعوبٍ لم يقابَل ولم يواجَه بالتحَـرّك الطبيعي المفترض الذي تفرضُه المسؤولية، المسؤولية الدينية، والمسؤولية الإنْسَانية، والمسؤولية الوطنية والمسؤولية بكل الاعتبارات، نعم هذا الموقفُ لدى معظم الشعوب لعدة عواملَ، كثيرٌ من الشعوب في بلدان المنطقة تخضَعُ في مواقفها وفي تحَـرّكاتها وحتى في نظرتها ورُؤيتها تجاه الأحداث والمتغيرات تخضَعُ بشكل كامل لمواقف حكوماتها وسلطاتها.
شعوبٌ مسلوبة الإرادة وحالة تبلّد: لا ترى إلا بعين الحاكم
بمعنى الواقع القائم لدينا كعرب وفي واقعنا الإسْلَامي في معظمة أن الحكومات، أن الدول، أن الأنظمة تسيطرُ سيطرةً مطلقة على شعوبها، فشعوبُها لا تمتلكُ أن تفكِّرَ بغير ما يفكر به الحاكم والزعيم والرئيس أَوْ الملك إلى آخره، لا تستطيعُ أن ترى إلا بعينه، إلا برؤيته، أن تفكرَ إلا بتفكيره، أن تتكلم إلا بما يريد، أن يكون لها موقفٌ إلا الموقف الذي يحدده لها أيًا كان، ولا تمتلك حتى أن تستقرئَ الوقائع والأحداث وأن تطلعَ على خلفياتها وعلى أَهْـدَافها وعلى نتائجها إلى آخره، لا، حالة من التبلّد السياسي، وحالة من التبلد في قراءة الأحداث والمتغيرات على المستوى الدولي أَوْ الإقْليْمي أَوْ المحلي، وهذه حالة قائمة في بعض دول الخليج وفي بعض بلدان المنطقة، أن الشعوب فيها مسلوبة الإرادة ومسلوبة القرار مسلوبة التفكير لا تمتلك تفكيرًا حرًّا ومتحررًا ومستقلًّا لقراءة الأحداث والمواقف، وممنوعةٌ عن اتخاذ أي موقف، ليس من المسموح لها أن تفكرَ حتى بأن يكونَ لها موقفٌ معينٌ، بل تمكنت بعضُ الأنظمة، بعضُ السلطات، تمكنت من ترسيخ فكرةٍ أَوْ رؤية خاطئة جِـدًّا لدى الشعوب أنها غير معنية بشيء على الإطلاق، ليست معنيةً بأي أحداث ولا معنيةً بأي مواقف ولا معنيةً بأي شيء، وأن المواطن في كثير من بلداننا في العالم العربي والإسْلَامي ليس معنيًا بأن يفكّرَ بأكثرَ مِن طعامه وشرابه ومسكنه وشأنه الاجْتمَاعي المحدود جِـدًّا وحتى تفكيره في هذا المجال ضمن زاوية صغيرة ودائرة ضيّقة لا يتجاوزها أبدًا.
حيرةٌ ورؤية مشوّشة لدى الشعوب: لا جهوزيةَ لاتخاذ الموقف اللازم
في واقع كهذا كيف تنتظرُ من مواطن يعيشُ هذه الظروف، قَبِلَ بهذا الواقع، تحكُمُه هذه الأوضاع، أن ينتبَّهَ لطبيعة التحَـرّك الأَمريكي، وحقيقة لأَهْـدَاف الأَمريكية، أَوْ أن يمتلكَ في مستوى واقعه النفسي، في مستوى معنوياته، في مستوى المناخ الذي يعيش فيه، الإرادة اللازمةَ لأن يتبنّى موقفًا جريئًا كبيرًا قويًّا في مستوى هذا التحَـرّك، في مستوى هذا الخطر، في مستوى هذه التحدّيات، فكان الغالبُ على الحالة العربية في المستوى الشعبي حالة الحيرة، التشوش في الرؤية، يعني الكثير لم يكونوا آنذاك -ونحن نتكلم وهذه نقطة مهمة أرجو استيعابَها- نتكلم عن تلك المرحلة وعن ذلك الظرف وعن ذلك الزمن عن تلك اللحظة والمرحلة الزمنية عام 2001م، الرؤية كانت مشوشةً لدى الكثير، لم يكن لديهم استيعابٌ لطبيعة هذا التحَـرّك ولا لأَهْـدَافه، ولم تكن لديهم جهوزيةٌ لاتخاذ الموقف اللازم والقرار المناسب.
لعابُ الأمريكي الطامع يسيل: واقعٌ مُغرٍ ومهيّأٌ إلا من القليل تحَـرّك لاستهدافهم وَفرض العُزلة عليهم
فهذا الظرف وهذا الواقع آنذاك كان مساعدًا للهجمة الأَمريكية وللحملة الأَمريكية، ويمثّل حافزًا للأَمريكي بل يمثّل إغراءًا كبيرًا للأَمريكي، فسال لعابُه طمعًا أمام هذا الواقع وأملًا في سرعة الوصول إلى تلك الأَهْـدَاف وإلى تنفيذها وإلى تحقيق تلك الأطماع الكبيرة والمغرية جِـدًّا للأَمريكي، وهذا الذي حدث، تحَـرَّك الأَمريكي وهو يرى أمامَه هذا الواقع المهيأ، لا أحد في الساحة يتصدى له إلا القليل، إلا القليل، يعني من يمكن أن يتآمرَ عليهم، قوى المقاومة في فلسطين وفي لبنان، وإلا حالة محدودة جِـدًّا على مستوى الأنظمة، الحالة الإيرانية كحالة محدودة، يتحَـرّك لاحتوائها ويتحَـرّك لمواجهتها ولاستهدافِها ولفرض العُزلة عليها، والواقع في الساحة مهيّأ إلى حَدٍّ كبير ومغرٍ.. أكرر إلى حد كبير.
صوت حرٌّ كسر حالةَ الصمت: موقفٌ مغاير بمشروعٍ قُرْآنيٍّ رافضًا الاسْتسْلَام
أمامَ واقع كهذا وتجاه تحدّيات كهذه وفي بيئة غلبت عليها حالةُ الصمت لدى الكثير وانطلق فيها الكثير للاستجابة للأَمريكي على النحو الذي يساعده، برَزَ موقفٌ مغاير وصوت حُــرٌّ انطلق من اليمن، آنذاك تحَـرَّكَ السيّدُ حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، بمشروعه القُرْآني، رافضًا حالةَ التدجين والاسْتسْلَام ومعلِنًا موقفًا مسؤولًا وحُرًّا ومنطلقًا على أُسُسٍ صحيحةٍ ومشروعة، بتأريخ يوم الخميس الموافق 17/1/2002م يعني بعد قرابة أربعة أشهر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
هُتافُ البراءة من الأعداء: شعارٌ لمشروع وتوجُّهٍ لإفشال أنشطة معادية
السيِّدُ حسين بدر الدين الحوثي، رضوانُ الله عليه، اطلق في آخر خميس من شهر شوال موقفَه المعلَنَ الواضح الصريح، وكان شعار هذا الموقف كان شعاره الذي أطلقه في مدرسة الإمام الهادي عليه السلام بمران في ذلك التأريخ هُتاف البراءة:
اللهُ أكبر.
الموتُ لأَمريكا.
الموتُ لإسرَائيل.
اللعنةُ على اليهود.
النصرُ للإسْلَام.
هذا الهتاف، هتافُ الحرية، هتافُ البراءة من الأعداء، كشعارٍ يعبّر عن توجهٍ وعن مشروع، مشروع ضمنه تفعيلُ المقاطعة للبضائع الأَمريكية والإسرَائيلية، ضمنه نشاطٌ توعوي كبير في أوساط الشعب، في أوساط الأُمَّـة؛ لتوعيتها تجاه المخاطر الكبيرة التي تعيشُها، تجاه المؤامرات الأَمريكية والإسرَائيلية، وكذلك لإفشال الكثير من الأنشطة المُعادية التي يتحَـرّك بها الأَمريكي والإسرَائيلي في واقع الأُمَّـة، سنأتي للحديث عن كثيرٍ من هذه التفاصيل إن شاء الله.
وأيضًا لمواجَهة حالة الاسْتسْلَام والتدجين، ولكسر حالة الصمت التي يُراد لها أن تُفرَضَ على شعوب هذه الأُمَّـة؛ لأنه أريدَ لشعوبنا كلها أن تبقى في مقابل ذلك التحَـرُّك الأَمريكي والإسرَائيلي، أن تبقى صامتةً وأن تبقى تحتَ حالة الاسْتسْلَام وفي حالة الاسْتسْلَام، وأن تبقى في حالة جمود، ليس مسموحًا لأحد أن يكونَ له موقفٌ يناهِـضُ الهيمنة الأَمريكية والإسرَائيلية، يتصدّى للحملة الأَمريكية. ليس من المسموح لأحد أن يكونَ له صوتٌ ولا أن يكونَ له موقفٌ ولا أن يتحَـرّك تحَـرّكًا مغايرًا للموقف الرسمي العربي الذي اختار حالةَ الاسْتسْلَام والاستجابة المطلقة للسياسات الأَمريكية والانضواءَ الكاملَ تحت الراية الأَمريكية والتقبُّلَ التام لكل ما تريدُه أَمريكا في بلداننا.
قواعد عسكرية.. تفضّلوا، سياسات شاملة وتدخل كامل في كُلّ شؤوننا.. تفضلوا، تدخُّلٌ حتى في المناهج الدراسية، في السياسية الإعلامية، في السياسة الاقتصادية، في المواقف العامة، تدخلٌ في كُلّ شؤوننا.. تفضّلوا الأبواب مفتوحة.
فالحالةُ الرسميةُ هذه كان يُراد لها أن تكونَ مفروضةً علينا كشعوب وأن نقبَلَ بها كشعوب وأن لا نخالفَها أبدًا، قال أَيْـضًا في كلمته (الصرخة في وجه المستكبرين) في ذلك اليوم، قال في آخرها (حتى تتبخرَ كُلُّ محاولة لتكميم الأفواه، كُلّ محاولة لأن يسودَ الصمتُ ويُعيدوا اللحافَ من جديد على أعيننا، لقد تجلّى في هذا الزمن أن كُشفت الأقنعةُ عن الكثير، فهل نأتي نحنُ لنضعَ الأقنعة على وجوهنا ونغمضَ عيوننا بعد أن تجلت الحقائق، وكُشفت الأقنعةُ عن وجوه الآخرين؟ لا يجوز هذا…).
منطلقاتٌ أساسية للمشروع القُرْآني الحُر والمسؤول
وفعلًا انطلق هذا المشروع وكان يومُ الجمعة الأخير من شهر شوال أولَ جمعة هُتف فيها بهذا الشعار في المساجد في منطقة مران وفي نشور ثم انتشرت إلى مناطقَ أُخْرَى في محافظة صعدة، ثم انتشرت إلى مناطقَ أُخْرَى فيما بعدُ في البلد.
انطلق هذا الموقف وتحَـرَّكَ هذا المشروعُ من منطلقاتٍ مهمَّةٍ ومشروعةٍ وواقعية وصحيحة وسليمة:
أولًا: من خلال وعيٍ بحقيقة الأَهْـدَاف الأَمريكية.. إنَّ تحَـرُّكَ أَمريكا إلى منطقتنا ليس أبدًا كما يقولون هم؛ بهدف مكافحة الإرهاب، لا؛ هو بهدف احتلالِ بلدان هذه المنطقة؛ بهدف السيطرة المباشرة على هذه المنطقة؛ بهدفِ ضَرْبِ هذه الشعوب ضربةً قاضيةً، وكيانات هذه البلدان من دول ضربةً قاضية؛ بهدف استهدافنا في كُلّ شيء، الاستهداف لنا في قيمنا وأَخْلَاقنا، ومبادئنا وحُرّيتنا وكرامتنا واستقلالنا، هذا هو الهدفُ الحقيقي للتحَـرّك الأَمريكي، فإذًا ما دام هذا هو الهدفُ فهل من الصحيح لنا كشعوب وحتى كدول وحتى كسلطات وأنظمة هل من الصحيح أن نسكت، أن نتغاضى، أَوْ أن نتجاهل هذا التحَـرّك الذي له هذه الأَهْـدَاف والذي له هذه المطامع؟ هل من الصحيح أن نتجاوَبَ مع هذا العدو الآتي ليفعلَ بنا كُلّ هذا ونقول له تفضّل؟!، ما الذي تريدُه منّا أن نعمله..! ثم هو يخطّط لنا ما يساعدُه على تنفيذ أَهْـدَافه فنعملُ نحن بأنفسِنا ونتحَـرّك نحن بأنفسنا كما يُريد لنا في ما يوصلنا إلى النتيجة التي هي لصالحه وليست لصالحنا، بل مضرَّةٌ بنا، بل تمثّلُ كارثةٌ كبيرة علينا؛ لأنّ كُلّ ما يمكن أن يوجّهنا به الأَمريكي في مناهجنا الدراسية وسياستنا التربوية وسياستنا الإعلامية وسياستنا الاقتصادية وواقعنا السياسي بكله، وفي كُلّ ما له صلةٌ بنا وبشأننا، كُلّ أمورنا كُلّ ما يمكن أن يرسُمَه، أَوْ أن يطلبه، أَوْ أن يفرضه، أَوْ أن يحدده، أَوْ أن يلزمنا به كلها مشاريع تآمرية، كلها أمور ليست في صالحنا نهائيًا، مؤداها نتيجتها ثمرتها له هو، وتوصلنا إلى ما أراده لنا هو من سقوط وهوان وذُلٍّ وعجز وضعف وتفكُّك وبعثرة وانعدام لكل عوامل القوة؛ لأنّه يريد، الأَمريكي يريد، في كُلّ ما يطلبه منا، أن يسلب منَّا كُلّ عوامل القوة المعنوية والمادية، ما يطلبُهُ منا في السياسة التعليمية كُلّ ما يمكن أن يساهم في التضليل وفي أن يفقدَنا الروح المعنوية، ما يطلبه منا في سيطرته على الخطاب الديني كُلّ ما يمكن في أن يساهم في تضليلنا وأن يقضي على روح الإرادة والعزة في أنفسنا والكرامة، ما يمكن أن يطلبه منا في السياسة الاقتصادية، كُلّ ما يساعِدُ على التحكم بنا والسيطرة علينا اقتصاديًا، ما يريدُه منا في بقية الأمور عسكريًا وأمنيًا في كُلّ المجالات هو كُلُّ ما يمكنُ أن يعزِّزَ من سيطرته المباشرة والقوية ويساعد على استحكام قبضته علينا.
فإذًا سياسةٌ خطيرةٌ جدًّا، سياسة هدامة، سياسة تدميرية، والتجاوب معها حماقة، حماقة بكل ما تعنيه الكلمة وجناية على النفس، جناية على الشعب، جناية على البلد، جناية على الأُمَّـة بكلها.
فمنطلقات هذا المشروع:
1- الوعي بحقيقة الأَهْـدَاف الأَمريكية والإسرَائيلية.
2- وعيٌ بطبيعة وأسلوب تحَـرّك الأعداء ومستوى خطورة هذا التحَـرّك؛ لأنّ الأَمريكي يتحَـرَّكُ بأساليبَ معينة، منها عناوينُ يجعلها غطاءً لخداع الشعوب، يعني أن الأَمريكي حَرِصَ على أن يستخدمَ أسلوبَ الخداع مع الشعوب ومع الأنظمة، فيأتي بعناوينَ وهو يريدُ أن يُقنع الآخرين بها، أنا أريد أن أدخُلَ إلى بلدكم، وأتحكَّمَ في وضعكم الأمني والسياسي والاقتصادي، وأضع لي قواعدَ في بلدكم عسكرية، وأنتهك سيادة بلدكم، أن يبقى جوكم لطائراتي وأرضكم لقواعدي العسكرية وأن أكونَ نافذًا وحاضرًا في كُلّ سياساتكم وكل برامجكم وكل خططكم وكل أنشطتكم أن أكونَ أنا الموجِّه، وأن أكون أنا المعلم، وأن أكونَ أنا مَن يحدّد ومَن يأمُر ومَن يقرر من أجل أن أحارب الإرهاب وأكافح الإرهاب، ثم يأتون فيقولون له: تفضل.. فيأتي، كان قد وصل به الحد أن يسعى للتدخل حتى في القضاء وفي الأوقاف، وفي كُلّ الأمور، يعني يريدُ أن يتدخَّلَ في كُلّ شيء.
فإذًا هو يريدُ أن يخترقَ ساحتَنا الداخلية، يحرِصُ على أن يسلبَ منا كُلَّ عوامل القوَّة وبمساعدتنا نحن، أن نتولى نحن عمليًا تنفيذَ كُلِّ تلك الخطوات التي مؤداها أن نفقِــدَ عناصرَ القوّة المعنوية والمادية، تفضّلوا أنتم اعملوا كذا وكذا وكذا، نفّذوا كذا، اشطبوا كُلّ شيء مهم.. كُلّ ما يمكن أن يساعدَ على توعيتكم اشطبوه، كُلّ ما يمكن أن يساعدَ على تنمية الإرَادَة الحرة والقوة المعنوية اشطبوه، ولكن بأساليبَ وعناوينَ ملتفّة ومخادعة، عمومًا هو يسعى إلى اختراق الساحة الداخلية وإلى تطويعنا كأنظمة وكشعوب لنكونَ مطيعين له متقبلين له، ننظُرُ إليه -حتى في اللحظات التي يدخُلُ فيها محتلًا- كمنقذٍ وكمساعد، ونسلّم له بالتدخّل في كُلّ شؤوننا، ونعطيه في ذلك الحق، وحتى يعتبرَ بعضُنا بعضًا فضوليًا في شأنه ولا يعتبر الأَمريكي فضوليًا في شأنه..!.
أُولى نتائجُ الشعار والنشاط التوعوي.. فائدةٌ في غاية الأهميّة
وله نتائجُ مهمة، أول نتيجة في هذا الموقف، الشعار، النشاط التوعوي من منطلق الثقافة القُرْآنية، العمل لمقاطعة البضائع الأَمريكية والإسرَائيلية.. إلى آخره..
أولُ فائدة من الفوائد هي كسْرُ حالة الصمت التي أُريد لها أُريد لها أن تُفرَضَ على الجميع، لا لم نصمتْ ولن نصمتَ، هذه نتيجةٌ في غاية الأهميّة، ماذا ستكون النتائجُ لو صمتنا لو سكتنا؟، لو تقبلنا كُلّ شيء لتمكَّنَ الأَمريكي من إنجاز الكثير والكثير من أَهْـدَافه بكل بساطة حتى يجعلَ من الأنظمة ومن الشعوب وسيلةً لضرب نفسها بنفسها ولتنفيذ كُلّ ما يريده منها بكل بساطة، فحقق هذا المشروعُ هدفَه في كسر محاولة فرض الصمت والاسْتسْلَام، ثم هو عملية تحصين داخلية، الحالة التي نأتي فيها إلى واقعنا الداخلي لنعمل فيها على لفت نظر شعوبنا تجاه الخطَر الأَمريكي والإسرَائيلي وللتوعية الدائمة والمستمرة تجاه كُلّ مستجَد من مؤامراتهم ومكائدهم ومشاريعهم وأجندتهم، وللعمل الدائم على رفع حالة العداء في أوساط الشعوب تجاه هذه المواقف تجاه هذه التصرفات تجاه هذه المؤامرات تجاه هذه الحملة الأَمريكية على بلداننا وشعوبنا، هذه مسألة مهمة تحصِّنُ شعوبَنا من العمالة.. الذي يبقى في حالة صمت الذي يتلقى دَائمًا تعبئةً مغايرةً تهيئة، تهيئة وعملية تدجين مستمرة له يكون لديه القابلية إما لأن يتحول إلى عميل أَوْ مستهتر، واحدة من اثنتين، عندما يبقى المواطنُ العربي هكذا في حالة فراغ أمام تلك الهجمة الكبيرة والهائلة، هجمة فيها تحَـرّك إعلامي كبير جِـدًّا وفيها تحَـرُّك عسكري كبير جِـدًّا وفيها تحَـرُّك استخباراتي كبير جِـدًّا وفيها تحَـرُّك ونشاط واسع يعمَلُ على إسكات هذه الشعوب، نشر الفساد الأَخْلَاقي، نشر المخدرات، عملية تضليل عن طريق المناهج والعملية التثقيفية والنشاط الإعلامي هائلة وكبيرة جدًا، ويبقى المواطن العربي هكذا مفلوتًا، أمام كُلّ هذا، يتأثّر، فهو إما أن يصلَ من حالة التدجين والتضليل والإفساد إلى حالة الاسْتسْلَام أَوْ العمالة، لكن حينما يحاط هذا المواطن بحالة توعية مستمرة وتعبئة مستمرة ولفت نظره إلى حَقيقة هذه الأحداث وتعبئة وتحفيز مستمر حينها سيكون محصّنًا محميًا أمام تلك الهجمة الهائلة جِـدًّا التي لها وللآسف أَدَوَاتٌ كبيرة عربية وإسْلَامية ينشط في ظلها علماء دين، ينشَطُ في ظلها ساسةٌ، ينشط في ظلها ومعها أقلام وكُتّاب وإعلاميون وأبواق كثيرة جدًا، الأَمريكي لم يتحَـرّك لوحده في الساحة هو حشَدَ معه الكثيرَ والكثير حشر وحشد معه الكثير من كُلّ فئات الناس والكثير من العناوين والكثير من الأساليب.
عملية تحصين أمام هجمة غير مسبوقة في تأريخ البشرية
نستطيعُ القولَ إن هذه الهجمةَ في مستواها وفي أساليبها وفي وسائلها وفي أَدَوَاتها، لربما والله أعلم، وفي حدود ومستوى ما نعلم، غيرُ مسبوقة في تأريخ البشرية، فيما تمتلكُه من وسائلَ وإمْكَاناتٍ وأساليبَ، وفيما معها من أَدَوَات وفئات، هجمة هائلة، فأن يبقى الإنْسَانُ أمام هجمة بهذا المستوى الهائلة غيرُ محميٍّ تثقيفيًا توعويًا استنهاضيًا وبتحريك وبتفعيل وبموقف سينهارُ أمام هذه الحملة، يبقى في حالة اسْتسْلَام أَوْ يتحوَّلُ إلى حالة عَمَالة، وهذا ما يحصلُ للكثير، فمن فوائد هذا المشروع أنه يمثّل عملية تحصين داخلية.
ونحن اليوم، أيها الإخوة، نرى الكثيرَ من المكونات، نرى في الساحة العربية الكثيرَ والكثيرَ، عامًا بعد عام ويومًا إثر يوم يسقطون، البعضُ يسقطون في حالة الاسْتسْلَام والانهيار، الانهيار النفسي واليأس، والبعض أَيْـضًا يسقطون في وحل العمالة، يتحولون إلى عُمَلاء، منذ ذلك اليوم وإلى اليوم كم تحول من علماء دين إلى عملاء وأبواق، كم تحول من إعلاميين إلى عملاء، كم تحول من وجاهات وَشخصيات اجْتمَاعية إلى عملاء وإلى آخر، وفي نفس الوقت هناك أَيْـضًا في المقابل مَن أصغوا بأسماعهم ولفتوا أعينَهم ولفتوا أنفسَهم وأبصارَهم على حقيقة الأحداث، أَيْـضًا انفتحوا على ضرورة الموقف المسؤول وتحَـرّكوا، الكثيرُ أَيْـضًا تحَـرّكوا وانطلقوا في شعوبنا وفي بلداننا من بلدٍ إلى بلد بنسبة متفاوتة.
أيضًا وعيٌ لمتطلبات الموقف وعملية الاستنهاض والتحريك؛ لأنه لا يكفي أن يكونَ هناك مجرد توعية، كلامٌ هكذا فاضٍ من دون أن يكونَ هناك مواقفُ، من دون أن يكون هناك تحَـرُّكٌ عملي، وهو أَيْـضًا لتوجيه بوصلة العداء نحو العدو الذي يرادُ له في سعيه ومن خلال أَدَوَاته أن يتحولَ هو إلى مَن يقودُ الأُمَّـة، أن يكونَ الأَمريكيَّ مَن يقودُ الأُمَّـةَ الإسْلَامية، أن يكونَ هو إمامَ المسلمين وقائدَ الأُمَّـة الإسْلَامية الذي يوجِّه، الذي يأمر، الذي يجتمعُ حوله الجميعُ؛ ليحدد لهم واجباتهم ومسؤولياتهم ويُطلِقُ لهم التوجيهات والأوامر.
شواهدُ ماثلة وأدلةٌ قاطعةٌ على حتمية الموقف ومشروعية التحَـرّك
فإذًا هذه مسائل مهمة جِدًّا، ومنطلقٌ أساسيٌّ لهذا المشروع القُرْآني الحُر والمسؤول، والذي كانت تفرِضُه الوقائعُ والأحداث والظروف، نحن منذ ذلك اليوم وإلى اليوم، كُلّ ما حدث من أحداث في الساحة العربية والساحة الإسْلَامية بكل ما فيه يمثل شواهدَ وأدلة قاطعة على حتمية الموقف على مشروعية لهذا التحَـرّك على أهميّة هذا التحَـرّك على أنه ليس من الصحيح أبدًا لشعوبنا وبلداننا أن تكونَ لا في حالة صمت واسْتسْلَام وانتظار للمجهول، وَلا أن تتجه اتجاه العمالة والاسترضاء لأَمريكا وتسلّم زمامَها للأَمريكي وتنفذ منه ما يريد، والذي يريده هو ما يحقّق له أَهْـدَافَه الخطيرةَ والمشؤومة.
كُلُّ الأحداث والوقائع وهي كثيرةٌ، وكُلُّنا عايشها وكلنا سمعها ونحن نرى اليوم ما وصلت إليه الأمورُ حتى على مستوى العنوان الذي تحَـرَّك الأَمريكي من خلاله وجعله غطاءً له، عنوان ”الإرهاب”، انتقلت المسألةُ وتطوَّرت من عنوان إلى وسيلة مباشرة لضرب هذه الشعوب نفسها، فلم يعد عنوان الإرهاب على أساس أن هناك جماعةً في العالم الإسْلَامي أَوْ جماعات في العالم الإسْلَامي يمثّلون خطورةً على أَمريكا، بحسب زعمهم، ويستهدفون أَمريكا أَوْ يستهدفون مصالح أَمريكا، كان هذا عنوانًا في البداية، أكثر من عنوان؛ لأنه ليس في حقيقته كذلك، تحَـرّك هذا العنوان إلى جماعات متحَـرّكة نشطة تحظى بدعم كبير من أَمريكا وأَدَوَات أَمريكا وتتحَـرّك في بلداننا نحن لضربنا نحن، فإذا بالتكفيرين الذي كانوا هم عنوانًا لأَمريكا والذريعة المصطنعة والمختلقة لأَمريكا إذا بهم يتحوّلون إلى وسيلة وإلى يد أَمريكية، تضرب بها شعوبَ المنطقة بدرجة أولى، تضرِبُ بها القوَّة الحرَّةَ في المنطقة التي لها موقفٌ من الهيمنة الأَمريكية، وتستهدفُ الشعوبَ بشكل عام، ويتحَـرّكون في العراق ويتحَـرّكون في سوريا ويتحَـرّكون في اليمن.
في اليمن، عندما كانت هناك مواجَهةٌ قوية لهم، وكانوا موشكين على الانهيار التامِّ في اليمن، دخلت تلك القوى التي تقفُ خلفَهم وبحماية أَمريكية وبإشراف أَمريكي وإدارة أَمريكية على نحو مباشر في العدوان علينا في هذا البلد.
لأنه عندما كانت ما تسمَّى بالقاعدة موشكةً على الانهيار التام، وكان الشعبُ يطاردُها من محافظة إلى أُخْرَى وصولًا إلى عدن آنذاك، فلما رأى الأَمريكي أنه لا مستقر لهم في هذا البلد وأن الشعب يطردهم من محافظة إلى أُخْرَى، أعطى المجالَ لأَدَوَاته الإقْليْمية بالتدخل المباشر عسكريًّا في بلدنا لاحتلاله، ولتُعيدَ من جديد تشكيلَ وتكوينَ وتكبيرَ تلك الأيادي القذرة، تلك الجماعات التي هي مجاميعُ لهم، هم جماعات لهم هم.. أيادي لهم هم لتتحَـرّك من جديد في هذا البلد، ومعها غيرهم.
فرزٌ كبيرٌ وحقائق تجلّت وصراعٌ على أَشُدِّه: قوىً واضحةٌ عمالتُها وَقوىً حُرَّةٌ مناهضةٌ للهيمنة
اليوم المخاطر كبيرة جِـدًّا في العالم العربي والإسْلَامي، والأحداث منذ 2001 إلى اليوم تمخض عنها مخاضٌ كبير في المنطقة وأحدثت فرزًا كبيرًا في الواقع العربي والإسْلَامي.
اليوم تجلّت الحقائق على نحو أكبر وتشكّل الواقع الذي نعيشه في المنطقة العربية والعالم الإسْلَامي إلى أن يصبح هناك في واقعنا قوى إقْليْمية، دول واضحة، حكومات وأنظمة واضحة، لها موقف واضح في العمالة لأَمريكا وإسرَائيل، وفي التعاون مع أَمريكا وإسرَائيل، وفي التحَـرّك لتنفيذ الأجندة والمؤامرات الأَمريكية في المنطقة بكل ما تملكُه عسكريًّا واقتصاديًّا وإعلاميًّا، وبكل الوسائل والأساليب.
وبات هناك في الساحة قوىً حُرَّةٌ قوىً مناهضةٌ للهيمنة الأَمريكية والإسرَائيلية قوى لها موقفٌ واضحٌ ومسؤول تصر على حرية بلدان المنطقة، حريتنا كعالم إسْلَامي، كأمة عربية وإسْلَامية، على الاستقلال، على رفض الاحتلال الأَمريكي والهيمنة الأَمريكية والإسرَائيلية.
والأحداثُ اليوم على أشدها، والصراع على أشده، اليوم المخاطر أَيْـضًا على الساحة الفلسطينية واضحة، المخاطر على الأقصى مخاطر غير مسبوقة.
وعيٌ دائمٌ مهمٌّ: الأمريكي يذرُّ الرمادَ على العيون، وَيُلبِسُ حقيقةَ الأحداث
ومن المهم لنا أن نكونَ دَائمًا على وعي بطبيعة هذه الأحداث؛ لأنّ من أكبر ما يركّز عليه الأَمريكي وكل أَدَوَاته الإقْليْمية والمحلية من الأنظمة ومن داخل الشعوب، أن يذرَّ الرمادَ على العيون، وأن يلبِسَ على الكثير حقيقةَ هذه الأحداث، حقيقةَ العدوان علينا في اليمن، حقيقةَ الحرب في سوريا، حقيقة الحرب في العراق، حقيقة الأحداث في المنطقة، وكأنهم لا ناقة للأَمريكي فيها ولا جمل، وكأن الأَمريكي معني فقط أن يحاول أن يصلحَ بين الجماعة “لا عد يختلفوا أَوْ يتمشكلوا” مساكين الله.
لا.. كُلّ هذه الأحداث كُلّ ما يحدث اليوم في ساحتنا العربية والإسْلَامية من حروب وفتن ومشاكلَ وأزمات لها علاقةٌ بالأَمريكي والإسرَائيلي، وهي تخدُمُ الأَمريكي والإسرَائيلي من جانب الأَدَوَات التي تعمَلُ لصالح أَمريكا بوضوح، وارتباطُها بالأَمريكي واضح، وعلاقتها بالأَمريكي واضحة، وهي لا تبرّئ نفسَها من ذلك.. هل يمكن أن يبرّءَ النظامُ السعوديّ من ذلك؟!
وهو الذي بالمكشوف يسعى إلى أن يُبرِزَ نفسَه وكيلًا لأَمريكا في المنطقة، ويدًا لأَمريكا في المنطقة؟ هل يمكن أن يخبّئَ الإمَارَاتي نفسَه خلف إصبع في عمالته لأَمريكا وفي عمالته لإسرَائيل وفي ارتباطه السياسي والاقتصادي والاستخباراتي والعسكري مع إسرَائيل؟
باتت الأمورُ اليومَ مكشوفةً وواضحةً، وهم اليوم إن حاولوا أن يسموا لواء العمالة بلواء العروبة هم اليوم مفضوحون أكثرَ فأكثرَ أمام كُلّ المستجدات في المنطقة.
كشفٌ ذاتي عن علاقتهم بإسرَائيل
تفضّلوا.. اليوم يا أيها العرب يا مَن يزعمون أنهم يحملون لواءَ العروبة، أيها النظام السعوديّ، أيها النظام الإمَارَاتي، تفضّلوا اعملوا شَيئًا للأقصى أمام المخاطر الكبيرة على المسجد الأقصى. ماذا تعملون من أجل الأقصى؟ ماذا تعملون من أجل فلسطين؟ ألستم اليوم وأكثر من أي وقت مضى تكشفون عن أنفسكم بأن لكم علاقة بإسرَائيل؟ وأنكم وإسرَائيل ضمن تحالفات على ما تسمونهم أعداءً مشتركين ومصالح ومشتركة، فما هو اليوم دوركم؟ وما الذي يمكن أن تقدموه لصالح المسجد الأقصى ولصالح فلسطين وشعب فلسطين؟
عمالة تشجِّعُ الإسرَائيلي والأَمريكي على استهداف الأقصى وَضرب الأُمَّـة
أنتم اليوم بكل ما قد قمتم به في المنطقة وبمستوى هذا الانكشاف بعلاقتكم بإسرَائيل وهذه الخطوات المتزايدة في تحالفكم معها أنتم تشجعون الإسرَائيلي أكثرَ فأكثر على الإقدام على خطوات غير مسبوقة في استهداف المسجد الأقصى، لدرجة منع الصلاة فيه، لدرجة منع صلاة الجمعة في يوم الجمعة الماضي فيه، أنتم اليوم تشجّعون الأَمريكي وتشجعون الإسرَائيلي على الإقدام على خطوات كبيرة في ضرب الأُمَّـة وفي استهداف الأُمَّـة.
اليوم المخاطرُ كبيرةٌ على الأقصى وعلى فلسطين وعلى كُلّ الشعوب. والمشاريع والأجندات مكشوفة.
التقسيم، مشروع التقسيم لبلدان المنطقة واضحٌ اليوم، ها هم الأكراد متحضِّرون للانفصال عن العراق، وغدًا ستسمعون هناك في سوريا، فيما بعدُ سنسمع كذلك في اليمن، والطبخة معدة للتقسيم في اليمن، ولكن يقولون إنه من المناسب أن تلبس قناعًا يمنيًّا، يعني هم يسعون إلى حسم المعركة في اليمن، بعد حسم المعركة يقيمون حوارًا يسمونه يمنيًا بين أَدَوَاتهم التي لا تعصي لهم أمرًا، ثم يوجهونها بالاتفاق على أن تتقسم البلاد. فيذهب هؤلاء دولة هناك، أولًا إلى إقْليْم ثم إلى دولة، والآخرون هناك إلى إقْليْم ثم إلى دولة، والآخرون هناك إلى إقْليْم ثم إلى دولة، ثم يصبح اليمنُ دويلاتٍ، مجزًّا إلى دويلات متعددة، ومن المعلوم يقينـًا وحتمًا أن ما يمكن أن يمضيَ في اليمن أَوْ في سوريا أَوْ في العراق لو مضى ولو نجح الأعداء فيه سيمضى فيما بعدُ في مصر، وسيمضى في المغرب العربي، حتى إذا فرغت أَمريكا من كُلّ بلدان المنطقة ما عدا أَدَوَاتها الرئيسية أياديها القذرة التي هي النظام السعوديّ والإمَارَاتي يأتي الدور في الأخير بعد استكمال ما أرادوه منهم ماديًّا، وهم بنظرهم بقرة حلوب، حينما يكملون الحَلْبَ المادي ويُكمِلون الاستنزاف المادي ويكملون لعبَ الدور هذا سيأتي الدور عليهم هم بلا شك في هذا.
العميلُ لا يحظى بالتقدير ولا بالاحترام من سيده: سيأتي الدورُ عليه ويُضرب بشكل مباشر
-والله- لا يحظى أيٌّ من النظام السعوديّ أو النظام الإمَارَاتي ولا أيُّ نظام عميل في هذه المنطقة لأَمريكا، لا يحظى لدى أَمريكا بذرَّةٍ من الاحترام ولا من التقدير ولا من شُكر الجهود. وحينما يُكمِلُ دورَه ويؤدي مهمتَه ويستنزِفَ إمْكَاناته لخدمة أَمريكا، فورًا سيأتي الدورُ عليه بشكل مباشر، ويضرب هذه والله حقيقة من الحقائق، ولا نحتاج إلى الحديث عن الشواهد انظروا من واقع المنطقة من حولكم والشواهد كثيرة، فإذا المسألة واضحة، المخاطر واضحة، وحتمية التحَـرّك واضح نحن أمام هذه المخاطر والتحديات كشعوب ومن تبقى من أنظمة معنيون بحكم المسؤولية، وكخيار حتمي وصحيح وسليم أن نتحَـرّك على الدوام لمواجهة هذه المشاريع، هذه المؤامرات وبكل الوسائل والأساليب.
تحَـرُّكٌ مسؤولٌ بأُسُس صحيحة: لا ترفيًّا ولا فضوليًّا ولا فوضويًّا
وهنا كان انطلاقتنا في مسيرتنا القُرْآنية ومنذ أن بدأ السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه بالتحَـرّك من هذا المنطلق وعلى هذا الأساس، لم يكن تحَـرّكًا عابثًا ولا فوضويًا ولم يكن أَيْـضًا ترفيًّا، ولا فضوليًّا تحَـرّكًا مسؤولًا هادفًا واعيًا ينطلقُ على أُسُس صحيحة بمواقف صحيحة بمواقف سليمة، تجد اليوم في ساحتنا العربية والإسْلَامية نحتاجُ كلّما تعاظمت المخاطر، كلما كبرت المعركة وكبرت التحديات وتعاظمت الأخطار وكلما اشتد وحمي الوطيس نحتاج إلى أن نرفع من وتيرة تحَـرّكنا على كُلّ المستويات، تحَـرّكنا التوعوي يحتاجُ إلى وتيرة عالية، الآخرون يشتغلون في ساحتنا العربية والإسْلَامية بين أوساط شعوبنا تضليلًا وخداعًا، أبواقهم الإعلامية كثيرة، آلتهم وإمْكَاناتهم الإعلامية هائلة، يشتغلون بكل الأساليب بكل أنواع الخطاب، الخطاب الديني يشغّلونه فيجعلون التحَـرُّكَ لخدمة أَمريكا ولضرب القوى الحرة في المنطقة جهادًا مقدسًا!!، وما هناك مشكلة بالنسبة لهم من الطبيعي أن يرفعوا عنوانَ جهاد وعنوان القداسة والطابع الديني مسموح لهم، طالما سيتحَـرّك في إطار الضابط السعوديّ أَوْ الضابط الإمَارَاتي الذي هو بدوره يتلقى التوجيهات والتعليمات من الضابط الأَمريكي، ما هناك مشكلة فليطلق لحيته وليقصّر ثوبَه وليحمل مسواكَه مع بندقيته وليحمل مع السلاح النازف العقيدة الجهادية والعنوان الجهادي والخطاب الديني، ما هناك مشكلة.
يافطة العروبة والقومية يرفعها أشدُّ أعدائها على مدى التأريخ
العنوانُ القوميُّ يشغّل اليوم لأَمريكا، وعنوان العروبة والعرب والقومية العربية يشغّلها من عُرفوا طوال التأريخ بأنهم كانوا أشدَّ أعدائها، فيأتي النظام السعوديّ والذي كان يوصَّفُ لدى كُلّ القوى القومية في منطقتنا العربية بالقوى الرجعية والمتخلفة، هذا الرجعي اليوم يقودُ اليومَ الكثيرَ ممن يعتبرون أنفسهم ناصريين وقوميين واشتراكيين وإلى آخره..
الكثير منهم يتحَـرّك تحت قيادة هذا الرجعي الذي كانوا يقولون عنه دَائمًا وأبدًا الرجعية العربية المتخلفة، الرجعية العربية المتخلفة، هذه الرجعية تعطيهم شويه من الفلوس وتجنّدوا جنودًا لها وهي تتحَـرّك ضمن أَمريكا ضمن من كانت تقول بعض تلك القوى عنها الإمبريالية، والقوى القومية في المنطقة العربية كان حديثها على الدوام عن التصدي للاستعمار الامبريالي الغربي، كان عنوانًا رئيسيًا، ولكن لا تزال هناك بعضُ القوى القومية متحررة، نحن لا نعني الجميع ولا نعمم، حتى من الاشتراكيين لا يزال هناك أَحْرَار، حتى من الناصريين لا يزال هناك أَحْرَار، من كُلّ الفئات القومية لا يزال هناك أَحْرَار صوتُهم مرفوع ومواقفهم واضحة وشرفُهم بمبدأيتهم وبمصداقيتهم مؤكَّد، ولكن هناك الكثير أَيْـضًا ممَّن انضموا تحت هذه الرجعية العربية وتحَـرّكوا في إطارها، الذي نقصده أن كُلّ العناوين يشغّلها الأَمريكي في الساحة، الخطاب الديني يشغل، العنوان القومي يشغل، الاغراءات المادية تشغّل، التضليل بكل الوسائل والأساليب والتزييف للحقائق يشغّل، وسائل كثيرة تشتغل، كُلّ الوسائل تشتغل، فإذن نحتاجُ إلى رفع مستوى وتيرة العمل التوعوي، العمل التوعوي الدائم في كُلّ المنابر في المساجد في المجالس في المقايل في الجامعات في المدارس في كُلّ الساحة في كُلّ الساحة في كُلّ مكان بكل الوسائل في الاذاعات في الصحف في المجلات في التلفزيونات في كُلّ المنابر الإعلامية وكل المنابر التربوية وكل الوسائل التثقيفية، يجب أن يكون العمل التوعوي نشطًا جِـدًّا وأن يواكبَ المستجدات أن يُفنِّد الدعايات والوشايات والأكاذيب التي يطلقها أولئك الكذابون والدجالون والمفترون.
وعيٌ غيرُ كافٍ: المطلوبُ حالةُ استنهاض مستمرة
نحتاجُ إلى أن يكون هناك حالة استنهاض مستمرة؛ لأنّ الكثيرَ من الناس خصوصًا مع ضعف الوعي.. يبردون، قد يتفاعلون تفاعلًا ليس ناشئًا عن وعي كافٍ، مثلًا أمام حدث معين.. إذا حصل جريمةٌ كبيرة جدًا.. يتفاعلون.. كالنائم الذي سمع صوتًا كبيرًا أَوْ ضربةً مدوية فأنهضته من نومه فزعًا ومنتبهًا ثم لا يلبث أن يغلبَه النومُ من جديد.
الحالة التي تعيشُها الأُمَّـة هي حالة سُبات، حالة نوم، حالة غفلة، توقظها أحيانًا بعض الأحداث الرهيبة أَوْ المآسي الكبيرة جِـدًّا جدًا.. توقظها!! تتفاعل بشكل مؤقت ثم لا تلبث أن تبرد!! وبالتالي يبرد العزم!
والحِلم عندنا نحن العرب عجيب جدًا.. حلماء العرب!! يعني بعد.. أحيانًا.. أحداث رهيبة فظيعة، مظالم ومآسٍ رهيبة جِـدًّا لا يلبث الناس أن ينسَوا ما حدث!! وأن يتناسَوا ما وقع!
لاحظوا منذ بداية العدوان على بلدنا، كم من المآسي وقعت، كم من الأحداث المستفزة، ألم يقتلونا بشكل جماعي، في قبائلنا.. في معظم القبائل قتل النساء وقتل الأطفال، ألم يضربوا مساجدنا؟!، ألم يقتلونا في الأسواق؟!، ألم يقتلونا في المناسبات؟!، ومن الجميع؟!، من المؤتمر الشعبي العام.. ألم يقتلوا من قياداته؟!، ألم يقتلوا في تجمعاته، من أنصار الله، من كُلّ أَبْنَاء الشعب اليمني، قتلوا من الجميع، وقتلوا بطريقة فيها استخفاف ولا مبالاة واحتقار وحقد وعداء شديد!! قتلوا الجميع.. استباحوا الجميع!! حالة الاستباحة هي الحالة التي يعملون على ضوئها ويعملون على أساسها!! الاستباحة تحت كُلّ العناوين!
البعض تناسَوا جرائم الأعداء: الْتَهَوا بشُركاء المظلومية والمسؤولية
عندما جاءت ضربة الصالة الكبرى، ألم تستفز الشعبَ اليمني؟!، ألم تستفز الكثيرَ من المكونات؟!، لكن لم نبقَ إلا فترةً وجيزةً حتى نسي البعضُ!! حتى وصل البعض لدرجة أنه لم يعد يتحدث ولا يكتب ولا يتكلم عن أولئك الأعداء الذين فعلوا بنا كُلّ تلك الأفاعيل!! والْتَهَى بالانشغال في كلامه في إساءاته في كتاباته في كُلّ أعماله ليلَ نهارَ ضد أَبْنَاء الداخل!! ضد مَن هم معه شُركاء في المظلومية وشُركاء في المسؤولية!! وهم أَبْنَاء وطن واحد معه!!
هكذا ينسى الناس!! فلسطين تُنسى بعد كُلّ ما حدث!! وتروض الأُمَّـة اليوم على ألا تكترث حتى أمام مستجدات خطيرة، كالمستجدات الأخيرة في الأقصى!!
ولاحظوا في بقية البلدان كذلك، نتروض على الأحداث!! ونتروض على الفجائع وعلى النكبات!! حتى لا نعد نبالي.. ولا نعد نكترث لها!! ولكن بطريقة سلبية!! لا بأس أن لا نبالي بها في مستوى عزمنا وإرادتنا وقوتنا وصمودنا وثباتنا وتفاعلنا، أن لا تكسر منا الإرادة وأن لا توهن منا العزم، وأن لا تدفعنا إلى الاسْتسْلَام، وأن لا تخضعنا لليأس.
أما أن نصلَ إلى درجة اللامبالاة التي تجعلُ الإنْسَانَ يعيش بعيدًا عن التحمُّل للمسؤولية.. عن التفاعل العملي.. التفاعل المسؤول.. فلا. المسألة خاطئة.
إذًا نحتاج إلى حالة استنهاض مستمرة، إلى إحماء للحمية والعزم، إلى تنمية للإرادة، إلى تحفيز دائم ومستمر بخطورة التفريط وخطورة التقصير، وخطورة التنصل عن المسؤولية، وخطورة التجاهل أمام المخاطر والتحديات.
هذا الشيء المهم، حالة الاستنهاض الدائم، وحالة التوعية المستمرة.. حالة التعبئة التي لا تنقطع.
هذه أمور يجب أن تكون مساراتها قائمة بكل الوسائل والأساليب، ومن الجميع؛ لأنّ على الجميع مسؤولية.
الأنظمة العميلة دورها الأساس تخدير الأُمَّـة وتخذيلها وتثبيطها وَإلهاؤها عن الانتباه للأخطار
هذه بعض الإحاطة عن المناسبة، وقبل أن نختم، نتحدث عن بعض المستجدات..
أولًا: على المستوى الإقْليْمي.. فيما يتعلق بالمستجدات الأخيرة في فلسطين والأقصى، وهي مستجدات خطرة، ومن الخطير أَيْـضًا الحالة السائدة في العالم العربي والإسْلَامي.
ونحن نقولُ بحق وبمسؤولية: إن الأنظمة العميلة وعلى رأسها النظام السعوديّ والنظام الإمَارَاتي، تلك الأنظمة العميلة تسهمُ ولها دور أساسي في تخدير الأُمَّـة، وتخذيل الأُمَّـة، وتثبيط الأُمَّـة، وإلهاء الأُمَّـة عن الانتباه لتلك الأخطار، وعن التفاعل مع تلك المستجدات بما تفرضه المسؤولية الدينية والإنْسَانية والقومية والوطنية.
حرفُ بوصلة العداء عن إسرَائيل وَأَمريكا إلى أطراف من أَبْنَاء الأُمَّـة بلا مبرر!
هم بشغلهم الشاغل.. بحرف بوصلة العداء عن إسرَائيل وعن أَمريكا إلى أطراف أُخْرَى من أَبْنَاء الأُمَّـة بلا مبرر وبلا حق، هم يسهمون في ذلك إلى أن تبرد أعصاب الناس، فلا يبالون ولا يكترثون تجاه ما تفعله إسرَائيل، ولا يدركون طبيعة الخطورة الإسرَائيلية؛ لأنّهم يرسخون دائمًا لديهم أن ما من خطر تمثله إسرَائيل وَأَمريكا، كُلّ الخطر هو.. هناك.. وهناك.. وهناك!! أطراف أُخْرَى من أَبْنَاء الأُمَّـة!!
حذاري أن تُنسينا الأحداث مهما عَظُمَت.. الخطرَ الإسرَائيلي
اليوم نحن معنيون بأن ننبه الجميع، وأن نلفت نظرَ الجميع إلى هذا الخطر.. إلى هذا التحدي، وأن نذكّرَ الجميعَ بالمسؤولية ليكونَ لنا صوتٌ مرتفعٌ، وأن لا تُنسينا أيَّةُ أحداث مهما كانت.. الخطر الإسرَائيلي؛ لأنّ هذا الذي يرغب به الإسرَائيلي ويريده الأَمريكي.
الأَمريكي ما الذي دفعها ليحرك النظام السعوديّ كأداة له، النظام الإمَارَاتي كأداة له، قوى معينة ومجاميع معينة كالتكفيريين في أوساط الأُمَّـة، إلا لننسى فلسطين ولننسى أنفسنا، وننسى الخطر الذي تمثله إسرَائيل وتمثله أَمريكا، لننسى هذا الخطر!!
لكن يجب أن نلتفت دائمًا إلى هذا الخطر، وأن لا نغفل أَيْـضًا عن أَدَوَاته، ولكن في مستوى أنها كأَدَوَات له.
فنحن اليوم معنيون بأن يكون لنا صوت، وأن يكون لنا موقف، وأنا هنا في المناسبة أدعو شعبنا اليمني العزيز إلى أن يخرج عصر غد الجمعة في مسيرة كبرى في صنعاء، وأينما أمكن في المحافظات بحسب الظروف، ليكون لهذا الشعب الذي هو شعب الإيْمَان، شعب العزة، شعب المسؤولية، الشعب الذي يعيش الإحساس بقضايا أمته وبالمخاطر والتحديات، ليكون له صوت متميز بين كُلّ شعوب المنطقة؛ لأنّه ينبغي عليه بحُكم انتمائه الإيْمَاني، وبما روي عن النبي فيه أنه يمن الإيْمَان، أن يتميز في هذا الإيْمَان بمواقفه التي يفرضُها إيْمَانُه.
فآمل من الجميع أن يكونَ هناك تجاوُبٌ كبيرٌ عصر الغد إن شاء الله، تضامنًا مع الأقصى، وتنديدًا بالخطوات الإسرَائيلية، وموقفًا ببراءة الذمة أمام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
حاضرون للمشاركة العسكرية في أيَّة مواجهة مع العدو الإسرَائيلي
ثم هُنا يهمُّني أن أقولَ وبكل مسؤولية وبحق وبجد: إننا نحنُ في هذه المسيرة القُرْآنية، وَكل مَن يتوجه معنا في هذا التوجه في بلدنا اليمني العزيز، حاضرون للمشاركة، حتى على مستوى القتال مع العدو الإسرَائيلي في أية مواجهة عسكرية جديدة، سواءً بمساندة الشعب الفلسطيني، أَوْ لمساندة المقاومة اللبنانية، وإعانة حزب الله في لبنان، حاضرون للمشاركة العسكرية في أيَّة مواجهة مع العدو الإسرَائيلي.
كنا قبل اليوم، ونحن اليوم، وبعد اليوم، حاضرون لذلك، بثقافتنا التي علمتنا ذلك، وبإيْمَاننا الذي يدفعنا إلى ذلك، وبتوجهنا الذي نتحَـرّك فيه بناءً على ذلك، ونحن حاضرون لهذا بكل جد، وبكل صدق.
على العدو الإسرَائيلي أن يحسبَ حسابَ شعبنا اليمني
ولذلك ينبغي على العدو الإسرَائيلي أن يحسبَ حسابَ شعبنا اليمني في أية مواجهة مستجَدة له مع حزب الله في لبنان، أَوْ مع الفلسطينيين، نحن حاضرون في أي وقت يحتاجُ منا حزبُ الله، أَوْ يحتاجُ منا الشعبُ الفلسطيني، ونتمكن من الوصول إليه، أننا حاضرون لذلك وحاضرون لفعل ذلك، حتى لو كنا في الوقت الذي نواجه فيه أَدَوَات أَمريكا في المنطقة، ونعيش حروبًا بفعل عدوانهم علينا، حاضرون حتى في مثل هذه الظروف أن نرسل المقاتلين للمشاركة في أية مواجهة مستجدة. يهمنا فقط أن يكون لنا تنسيقٌ يساعدنا على ذلك.
للسيد نصر الله: رهانُك على الشعب اليمني في محله
ونحن هنا نؤكِّدُ لسماحة السيّد حسن نصر الله في كلامه الذي تحدث فيه في شهر رمصان أن رهانَك على الشعب اليمني رهانٌ في محله، هم إخوتُك وبمثل موقفك، وموقف حزب الله تجاه هذا الشعب، موقفكم المسؤول، موقفكم الحر، موقفكم الإنْسَاني والأَخْلَاقي الشريف والعظيم، موقفكم نفسه سيقابل من هذا الشعب بموقف حر ومسؤول في أية مواجهة جديدة لكم مع العدو الإسرَائيلي.
انتصارُ العراق نصرٌ لكل الأُمَّـة
ثم نحن في هذا المقام نبارِكُ للشعب العراقي بانتصاراته في الموصل، ونأملُ له إن شاء الله المزيدَ من الانتصارات حتى تُطهَّرَ أرضُ العراق من كُلّ الوجود التكفيري، الذي هو امتدادٌ لأَمريكا وإسرَائيل، ونعتبر الانتصارَ في العراق نصرًا لكل الأُمَّـة العربية والإسْلَامية، كما نشيدُ بالانتصارات في سوريا ونأملُ من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يمكِّنَ الشعبَ السوري من الخلاص من كُلّ تلك القوى التكفيرية على أرضه.
العزاء في مظلومية شعب البحرين أننا في مواجهة مباشرة مع ذات العدو
كما نؤكد تضامننا المستمر مع شعب البحرين المُعاني والمظلوم والمضطهد والذي نعيش معه آلامه وأوجاعه، ونتألم ولكن لنا من العزاء في مظلوميته أننا في مواجهة مباشرة كذلك، اعتدى علينا من اعتدى عليه من يمثل أكبر عامل في مظلوميته وهو النظام السعوديّ واليوم في مواجهة مباشرة معنا ومعتدٍ، نحن لم نعتدِ عليه.
لكن هذه المواجهة بشكل مباشر إن شاء الله يكون دورُنا فيها مسهمًا في الانتصاف لشعب البحرين المظلوم والعزيز، كما نؤكّد تضامننا مع المظلومين في العوامية والقطيف، تضامننا مع الأهالي في نجران فيما يعانونه من حملات تكفيرية.
نصحٌ للسعودي والإماراتي: لا تنخدعوا بالأَمريكي والإسرَائيلي، الدور سيأتي عليكم
كما نوجّه نصحنا للنظام السعوديّ مهما كان حجم المشكلة بيننا وبينه، ومهما كان قد فعل بحقنا وبحق شعبنا وبحق أمتنا سننصحه، وكذلك النظام الإمَارَاتي ننصحهما بأن لا يكونا مغترين مخدوعين بالأَمريكي والإسرَائيلي، أولئك كما قال الله عنهم (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ).. ولا يحبونكم.. مهما رقصتهم مهما دفعتم لهم من الأموال أنتم بنظرهم مجرد أَدَوَات للاستغلال والاستدلال وأيادي يستفيدون بها ثم يكسرونها، عندما يستغنون عنها، -والله- عندما يستغنون عنكم وهم سيسعَون إلى الاستغناء عنكم، لكم وظيفةٌ ودورٌ إن تمكن من أدائه فلا بأس تمكنتم من أداء شيء ثم يأتي الدور عليكم، وإن لم تتمكنوا -وهذا الذي سيحدث إن شاء الله- وإن لم تتمكنوا من أداء هذا الدور وإنجاز هذه المهمات سيأتي الدور عليكم كفاشلين، فلا نجاحُكم يفيدُكم ولا فشلُكم يفيدكم، نجاحكم معناه خلّصتم.. كمّلتم المهمة ثم يأتي الدورُ عليكم وتفضّلوا يأتي الدور عليكم، أَوْ فشلتم خلاص يعني فشلتم في تنفيذ المهمة ويأتي الدور عليكم.
أنتم عملاء ولستم شركاء لأَمريكا!
هذا ما تفعله أَمريكا مع عملائها الذين هم مجرد أَدَوَات وتستخدمهم كأَدَوَات أنتم ضمن هذا المربع مربع الأَدَوَات، لستم من ضمن أولئك الشركاء لستم شركاء لأَمريكا، كذب.. كذب.. أنتم أَدَوَات، أَدَوَات فقط، تستغلون فلا تبقوا في حالة استغلال حتى تكمل أَمريكا خزائنكم وتنفد أموالكم وتصبحون في درجة الافلاس وفي حالة الافلاس وفاشلين، ثم يأتي الدور عليكم تنبهوا منذ الآن، هذه نصيحة ونعرف انكم لن تستجيبوا للنصيحة.
للعملاء خدام أَمريكا بالتدريج: أنتم مجرد سلع رخيصة اشتروها بالمال
ثم في واقعنا المحلي نتوجه بالنصح للعملاء في بلدنا والمنافقين من القوى التي باعت نفسَها من السعوديّ الذي جعل من نفسه خادمًا للأَمريكي يعني خدام لأَمريكا بالتدريج هؤلاء المنافقين والعملاء في بلدنا أقول لهم السعوديّ: قوى العدوان بكلها لا ترى فيكم الا أنكم مجرد سلع، كما لو اشترى السعوديّ حمارًا أَوْ اشترى كلبًا أَوْ اشترى سلاحًا معينًا أَوْ اشترى أي قطعة من أرض اليمن لا يرى فيكم إلّا سلع، سلع اشتراها، لا تحظون لديه بذرة من الكرامة. أنتم تعرفون وأخاطب زعمائكم قياداتكم أنتم تعرفون كيف يتعاملون معكم التعامل الفوقي أنتم هناك أسفل يتعاملون من طاااالع وأنتم هناك تحتهم لا يرون فيكم شَيئًا لا يرون فيكم ألا أنكم مجرد دمى وأَدَوَات مستغلة وسلع رخيصة اشتروها بالمال، وبقليل من المكاسب السياسية والمادية لا أقل ولا أكثر، ليس لكم قيمة لديهم.
كبارٌ على أبناء اليمن وأذلةٌ على بوابات الأمراء!!
ألا تستفزكم الحمية إن كان بقي فيكم حمية، الكرامة إن بقي فيكم كرامة أَوْ ما فيكم نخيط الا على أَبْنَاء شعبكم؟!! اتضيخموا هنا في اليمن وتطلعوا كبار تنخطوا على الشعب اليمني!
اتضيخموا على الشعب اليمني وأنت بتكون عندهم كيف بتكون عارفين كيف بتكون عندما تكون منتظر وقت يعد لك الفلوس، كيف بتكون عيونك مسمرة، ساهٍ، حالة من الذل والخنوع حالة مخجلة.. حالة مخجلة، استحي لنفسك. عندما ترابطون على بواباتهم حينما تراجعون ليأذن لكم حينما تنظرون لفترات طويلة لتحظوا على مقابلة مع أمير من امرائهم وقبل أن تقابلوهم تذهبون لغسل أيديكم بالماء والصابون المعقم حتى لا تصيبهم بالبكتيريا والفيروسات!! أنتم إلى هذه الدرجة من الاحتقار لديهم.. استحوا عاد فيكم حياء عاد في حياء أنتم تنتمون إلى الشعب اليمني العزيز بكرامته بعظمته بمقامه.
لا قرار لأي قائد عميل فوق قرار السعوديّ وَالإمَارَاتي!
أَيْـضًا لا قرار لكم معهم لا عبدربه ولا علي محسن ولا أي قائد من القيادات التي معهم ولا أي ضابط ولا أي مسؤول له قرار فوق قرار السعوديّ ولا فوق قرار الإمَارَاتي، أنتم في هذا الواقع تعيشون مأمورين ليس لكم أية سلطة حقيقية ولن تصلوا إلى سلطة حقيقية لو سميت نفسك رئيسًا أنت مرؤوس أَوْ مديرا عليك مدير آخر أَوْ قائدا للواء عليك قائد آخر عليك هنا أبو خالد الإمَارَاتي أبو عَبدالله الإمَارَاتي، أبو مصعب السعوديّ أبو مصعب مدري من هو ذاك كلكم هكذا، هناك ضابط في مأرب يدير الضباط يضبط الضباط، وهناك ضابط في عدن يضبط الضباط، هناك مسئول على المسئولين. وهكذا هذا حالكم، وأجنبي.. ليس من وطنك، ترفضُه من خارج البلاد يحتقرك يمتهنك يؤدّبك أحيانًا، أليسوا يسجنون الكثير منكم في بعض الحالات؟ يوقفون حتى قيادات أحيانًا، يهنجموا في بعض الحالات على قيادات!! يعني بهذلة.. أنتم تعيشون حالة بهذلة وفي نفس الوقت لا أفق لكم، لا نتيجة يعني حالة ستستمر معهم لن يأتي مثلا مرحلة من المراحل أَوْ وقت من الأوقات ويجي السعوديّ ويقول: كثر الله خيركم تفضلوا الآن كونوا قادة حقيقيين، كونوا زعماء حقيقيين، كونوا أصحاب قرار، قرارُكم لكم وشأنُكم لكم، وأنا هناك صديق وأخ لكم..
ولا يوم من الأيام، لا تحلموا بهذا لا في الدنيا ولا في الآخرة.
أبدًا على الدوام هذه استراتيجيته، هذه طريقتُه، هذه طبيعته، هذا هو أسلوبُه، هذا الذي يريده، يعني يستمر الحال معكم هكذا وأسوأ.
أنا أقول لكم فيما بعد إلى أسوأ، يهينونكم أكثر، يذلونكم أكثر، يقهرونكم أكثر، أنتم في نظرهم مجرد عملاء لا قيمة لكم، ولا وزن لكم حتى مثقال ذرة، أَيْـضًا الواقع في المناطق المحتلة سواء في الجنوب أَوْ في شرق البلاد كيف هو الواقع؟ تفضّلوا دولة.
الواقع في عدن واقع دولة، الشرعية والدولة، ومُؤَسّسات الدولة، وضد المليشيات، هل هذا هو واقع عدن اليوم؟ واقع دولة ونطام وسلطة وقانون وأمن واستقرار وتنمية و… إلخ، كُلٌّ منا يعرفُ ما هو الواقع عليه في عدن، أَوْ في أية محافظة في الجنوب، أَوْ في شرق البلاد، واقع سيء، واقع فوضى بكل ما تعنية الكلمة، لا أمن لا استقرار، تشكيلات متناقضة، ذاك هناك داعشي بلحيته بخطابه الديني، والتكفيري والـ ما أدري ما هو ذاك، وذاك هناك بذقنه المحلوق، ونزعته، وخطابه العلماني، والـ ما أدري ما هو ذاك،… إلخ، كُلّ العناوين تشتغل، تتباين، لكن كلها تخضع لأمير واحد، وقائد واحد، وتوجه واحد، هو السعوديّ، ومن تحته الإمَارَاتي أيضًا، ليس هناك أُفُقٌ، ليس هناك مصلحة، ليس هناك نتيجة، الفوضى تستمر، التباينات تستمر، الصراعات تستمر.
يريدون تعميمَ النموذج القائم في عدن وبقية المناطق المحتلة!
لو تمكنوا في الشمال واحتلوا بقية المناطق كُلّ شيء كان سيستمر، نفس النموذج القائم اليوم في عدن، القائم في شرق البلاد، القائم في بقية البلاد، المناطق المحتلة، هم يريدون تعميمه في بقية اليمن، ما هناك شيء يريدونه لا في المستقبل، ولا في بقية البلاد، يعني لو كمل معركته في اليمن، وَ–العياذ بالله- تمكن من احتلال بقية اليمن ما الذي كان سيكون في اليمن؟ ما الذي سيحدث في البلاد؟ الحالة نفسها تنسحب من عدن إلى صنعاء إلي بقية البلاد؟ هذا الذي يريدونه ويسعون له، فوضى تعم البلاد بكلها تباينات، وصراعات مناطقية ومذهبية وسياسية، ولكن ليتبادل الإمَارَاتي والسعوديّ الأدوار، وهذا خاضع لضابط إمَارَاتي وهذا خاضع لضابط سعوديّ، يقتتلوا شوية ما فيه مشكلة، يتنازعوا شوية ما فيه مشكلة، إذا اشتدت الأمور أَوْ كانت الأمور ستخرج عن إطار السيطرة، فكوا بينهم شوية وقالوا: لا، اذهبوا خوضوا معركة هنا أَوْ خوضوا معركة هناك، لعبة، لعبة، تتحولون إلى ألعوبة بأيديهم بكل ما تعنيه الكلمة.
نصيحةٌ للمنافقين: فكّروا، اعتبروا، راجعوا حساباتهم، أدخلوا في تصالح مع أَبْنَاء بلدهم الحاضن الحقيقي لكم
ونحن معنيون في هذا البلد بشكل عام، أن نستفيدَ من كُلّ هذا الواقع وعيًا، اليوم الكل بحاجة إلى وعي، هذه النتيجة الماثلة أمام أعيننا، هذا ما يجب أن نتحاشاه، وأن نسعى للحيلولة دونه ومنعه، فنصيحتي للمنافقين والمرتزقة والعملاء أن يفكروا، أن يعتبروا، أن يراجعوا حساباتهم، أن يدخلوا في تصالح مع أَبْنَاء بلدهم، أَبْنَاء بلدكم هم الحاضن الحقيقي لكم، المالُ السعوديُّ والإمَارَاتي ليس حاضنا لكم أبدًّا، في حُضنه الشوك، في حُضنه البارود، في حضنه الشر، يجعل منكم مجرد عبيد.
مؤامرةٌ عدوانية: تصعيدٌ كبيرٌ إلى نهاية العام
أيضًا أقول للقوى الحرة المناهضة للعدوان وأتكلم مع الشعب أيضًا: نحن اليوم وإلى نهاية العام، نواجه مؤامرةً؛ لتصعيد كبير من جانب الأعداء، التوجُّه الحالي اليوم لقوى العدوان وإلى نهاية العام الميلادي التصعيدُ بكل ما يستطيعونه عسكريًا، ولهم مساراتٌ يحاولون في الساحل، في ساحل تعز، في ساحل الحديدة، في جهة ميدي، في جبهات نهم وصرواح في مأرب، يحاولون في تعز، يحاولون في شبوة، يحاولون في البيضاء، بمعنى أن لديهم توجه حاليا بتعليمات أتى بها إليهم وزير الدفاع الأَمريكي، تعليمات أتى بها إليهم أن عليكم أن تصعّدوا هذه الفترة إلى نهاية العام الميلادي، فالواقع هو هذا، نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من التصعيد العسكري، بشكل كبير، ولن يألوا جهدًا في ذلك، هم سيبذلون قصارى جهودهم في ذلك، ويحاولون بكل ما يستطيعون أن يحققوا اختراقاتٍ في الساحة لاحتلال بعض من المناطق، وأيضا لديهم نشاط في مسألة الاستقطاب سنأتي إليه.
أمامَ التصعيد: معنيون أن نصعِّدَ.. هناك تقصيرٌ من الجميع
لكن أقولُ: نحن اليوم معنيون أمام هذا التصعيد أن نصعِّدَ وأن نجدّ، أن نبذل قُصارى جهودنا، أنا أقول لكم، لا يزال هناك تقصيرٌ كبيرٌ في مستوى التحَـرّك لمواجهة هذا العدوان، تقصير من الجميع، هناك تحَـرّك، هناك تضحيات، هناك مكونات في الساحة لها جهد أكبر، هذا ملحوظ، ولها تضحياتٌ أكبر، ولها دور أكبر في التصدي لهذا العدوان، هناك قوىً لا بأس تؤدي دورًا إلى مستوى معين، لكن لا يزالُ هناك تقصيرٌ كبير، وتقصيرٌ واضحٌ، أَحْيَانًا يزداد هذا التقصير، وتبدأ عملية الانشغال بأشياء أُخْرَى ثانوية، واهتمامات أُخْرَى.
إساءاتٌ ممنهجة للتشويه: لسنا أمام انتخابات بل اقتحامات للأعداء، وَسعي دؤوب لاحتلال البلد
أنا أقول للجميع وأقول للإخوة في المؤتمر الشعبي العام وهم المكوّن الأبرز في هذا البلد، ولهم موقفُهم الواضحُ والعظيمُ والمشرّف في التصدّي للعدوان منذ بداية العدوان، وضد هذا العدوان منذ بداية العدوان، نحن اليوم معنيون وأكثر من أي وقت مضى، ومتحمّلون للمسؤولية أمام الله وأمام الشعب، في أن نَجِدَّ أكثرَ، وأن نهتمَّ أكثر، وأن نكثفَ الجهودَ في التصدي لهذا العدوان، هذه مسألة مهمة، نحن اليوم لا في هذا الشهر ولا بعد هذا الشهر ولا في أيٍّ مما بقي في هذا العام، لسنا أمام انتخابات مقبلة، لسنا على أعتاب انتخابات، حتى ينشغل البعض بشغل انتخابي، تشهير بالمكونات الأُخْرَى، وإساءات ممنهجة إليها، ومحاولة دائمة للتشويه لها، وكأننا أمام انتخابات فيأتي البعض ليشتغل شغلًا انتخابيًّا، يشتغل ليلَ نهارَ لتشويه الآخرين، وتلميع جهته وطرفه ونفسه، لينفق في الانتخابات، اليوم ما هناك انتخابات، هناك اقتحامات للأعداء، هناك سعي دؤوب من جانب الأعداء لاحتلال هذا البلد، وإثارة الفوضى فيه، ولا يبقى لا دولة ولا انتخابات ولا استقلال ولا حرية ولا شيء، فوضى، إدخال اليمن في دوامة من الفوضى لا نهاية لها، فوضى أهم شيء فيها أن تكون تحتَ سيطرة القوى الإقْليْمية والدولية ثم تستمر بلا نهاية.
الأولويةُ التصدّي للعدوان ومواجهة التصعيد المستجَد
فلسنا أمامَ شُغل انتخابي حتى ينشغل البعض بالإساءة إلى أنصار الله والإساءة إلى الآخرين، وينسى هذا العدو، ينسى لا في شغل إعلامي ولا في شغل اجْتمَاعي ولا في شغل ميداني، هذا العدو، أَوْ أن ننشغل أَيْـضًا بالحالة الانتخابية من موقع التركيز على الموضوع الحزبي بشكل كبير زيادة على ما يستحق في ظرف كهذا، في ظرف كهذا، بمعنى أن المفترض بنا جَميعًا أن تكون الأولوية التي نركز عليها بكلنا هي التصدي لهذا العدوان، ومواجهة هذا التصعيد المستجد، الذي سيشكل خطورة كبيرة إن غفلنا عنه، وانشغلنا عنه، وتجاهلناه، لا ينبغي تجاهله أبدًا.
خطورة مستمرة: شراء الذمم وَوجهان للاستقطاب الداخلي
ثم هناك مسألة خطيرة جِـدًّا لا تواجه ولا يلتفت إليها كما ينبغي، هي مسألة شراء الذمم والاستقطاب الداخلي، منذ بداية العدوان هناك شغل كبير، لاختراق كُلّ المكونات، احتراق الساحة اليمنية، والاستقطاب من الساحة اليمنية، الاستقطاب لكل فئات المجتمع، سياسيين وعسكريين وإعلاميين، استقطاب بشكل كبير جدًا، اليوم هناك وجهان لهذا الاستقطاب، ومسلكان ومساران، استقطاب من الخارج، استقطاب من يذهب إلى جبهة العدو، جبهته الإعلامية، جبهته العسكرية، جبهته الأمنية، جبهته.. في كُلّ المجالات والمستويات، ولكن عنده يذهب إلى العدو، سافر، يذهب إلى الرياض، يذهب إلى المناطق المحتلة، إلخ.
اختراقٌ وَباقٍ في الساحة الداخلية مع احتماء بِطرف
ومسار آخر للاختراق وهو مسار خطير يجب التنبه له، ويجب النظر إليه بمسؤولية، والتعامل بمسؤولية، النظر إليه بمصداقية ومسؤولية، وألا يتمكن من الاحتماء بأي طرف، لا يجوز لأي طرف أن يجعل من نفسه حاميًّا أَوْ يشكل غطاءً لصالح هذا الشكل من الاختراق، اختراق مع الإبقاء لهذه الحالة في الساحة الداخلية، إعلامي يشتريه السعوديّ بمبلغ معين، أَوْ يشتريه الإمَارَاتي بمبلغ معين، ولكن ليبقى هذا الإعلامي في صنعاء، مهمته أن يبقى في الليل والنهار يسيء يحرض ضد القوى الداخلية الحرة التي لها موقف من العدوان، ودور أساسي في التصدي للعدوان. أَوْ وجاهة من الوجاهات تشتغل في الساحة للتخذيل، للتثبيط، لإثارة النزاعات والمشاكل القبلية والاجْتمَاعية، أَوْ شخصية سياسية، كذلك يفعلون، يشتغلون بنفس الطريقة، بمعنى أن كُلّ شغلهم ينصب إلى تفكيك الساحة الداخلية، الجبهة الداخلية، تفكيك الجبهة الداخلية حتى لا تبقى متماسكة، ولا تبقى تعمل ضمن أوليتها الرئيسية في التصدي للعدوان؛ لأنّه متى لم يبق التصدي للعدوان أولوية لنا، وانشغلنا بأولويات أُخْرَى، وصرفنا اهتماماتنا إلى مسائل ثانية، ستتقلص أنشطتنا وأعمالنا في التصدي للعدوان، في الوقت الذي هو يبذل كُلّ جهده، فالنتيجة أن يتمكن العدو من تحقيق كُلّ أَهْـدَافه، وأن يتمكن من احتلال البلد بكله، ومن السيطرة على الساحة بكلها.
شغلٌ مستمرٌّ لتفكيك المؤتمر من الداخل
النشاطُ الاستقطابيُّ هذا يطالُ أعضاءَ مجلس النواب، والإخوة في المؤتمر الشعبي العام مستهدفون استقطابيًا بشكل كبير جدا، منذ بداية العدوان تمكّن الأعداء، تمكنت قوى العدوان أن تستقطب البعض من القيادات في المؤتمر، وذهبوا منذ بداية العدوان، وكان موقفهم الواضح في المناصرة للعدوان، والانضمام إلى صف العدوان، شيء واضح لا يستطيع أحد أن يغطي عليه، نفس الشغل مستمر في تفكيك المؤتمر من الداخل، في الاستقطاب داخله، لقيادات، لإعلاميين، لأعضاء مجلس نواب، وذهب البعض من أعضاء مجلس النواب إلى الرياض، وهم اليوم في الرياض، فهناك شغل كبير في مسألة الاختراق والاستقطاب، في الوقت الذي يسعى البعض داخل المؤتمر إلى أن يشغل قيادة المؤتمر والشرفاء في المؤتمر عن الانتباه لهذا الشغل الذي يستهدف المؤتمر، ويستهدف من خلاله البلد بكله وليس الاستهداف فقط للمؤتمر، فلا ينتبهوا لهذا العمل الذي هو استهداف بكل ما تعنيه الكلمة، اختراق واستهداف لتقطيع أوصال هذا الحزب، ومحاولة تشغيل البعض من المنضمين إليه والمحسوبين عليه، وقياداته وكوادره لخدمة العدوان، اليوم الاتجاه الحر والتيار المسؤول في المؤتمر الشعبي العام معني قبل غيره أن يلتفت إلى هذا الشغل الاستقطابي، الذي بدأ منذ بداية العدوان وهو مستمر بوتيرة خطيرة ومكثفة.
نحن بما يجمعنا بهذا الحزب اليوم من شراكة في المسؤولية في مُؤَسّسات الدولة، ومن شراكة في التصدي للعدوان، من شراكة وطنية كأَبْنَاء بلد واحد، نواجه تحديات على الجميع، واستهداف للجميع، ومخاطر على الجميع، نحن مستعدون أن نعين المؤتمر في مواجهة هذه الحالة الاستقطابية.
الاختراق والاستقطاب: أكبر عامل استفاد منه الأعداء وأطال أمد عدوانهم وأخّر النصر
وعلينا جَميعًا في هذا البلد، أن نكون ملتفتين إلى مكوناتنا، وإلى الساحة بكلها من حولنا، الجيش يستهدف بالاستقطاب، كذلك القوى الأمنية مستهدفة بالاستقطاب، أَبْنَاء هذا الشعب وأَبْنَاء القبائل مستهدفون بالاستقطاب، لماذا؟؛ لأن أكبر عامل استفاد منه الأعداء في عدوانهم على بلدنا وأطال أمَد الحرب وأخّر النصر إلى اليوم، هي حالة الاختراق والاستقطاب، لو لم يتملّك السعوديّ والإمَارَاتي، لو لم يشتر بعض اليمنيين ليقاتلوا ويذهبوا إلى الميدان ويكونوا هم الضحية، ويشتري بعض السياسيين ليكونوا هم غطاء سياسيا، ويشترى بعض الإعلاميين ليكونوا أبواقًا له، ينفخُ فيها ومنها بأكاذيبه وافتراءاته وتضليله ودجله، هل كان العدوان ليستمر إلى اليوم؟! هل كانت المعركة ستتأخر إلى اليوم؟! لا. لكان الشعب اليمني لو سلم من عمل أولئك الخونة قد حسم المعركة لصالحه إلى اليوم، فإذن هو يرى، المعتدي هو يرى أنه كلما استقطب في ساحتنا الداخلية أكثر وكلما اشترى المزيد من العبيد، وكلما اشترى المزيد أَيْـضًا من الخادمات؛ كلما يتمكن أكثر من أن يطيل أمد الحرب بنفس، القتلى يمنيون، الضحايا يمنيون، الأبواق يمنية… إلخ.
أساليبُ مواجهة الاختراق والاستقطاب
نحن معنيون اليومَ في كُلّ المستويات والمواقع وفي كُلّ الاتجاهات، أن نواجه هذه الحالة من الاستقطاب، بكل الوسائل والأساليب، توعويًا تثقيفيًا لتجريم الخيانة، ولكن وأيضا هناك عامل مهم يتحفظ عليه الإخوة في المؤتمر ولا نرى لهم حقًا في الحفظ عليه أبدًا، وهو تفعيل الردع القانوني، تفعيل الردع القانوني؛ لأن البعض من أَبْنَاء البلد، بعض الساسة، بعض العسكريين، بعض أَبْنَاء القبائل، لم ينفع فيه لا محاضرة ولا توعية ومآس يراها بعينه تحدث، أن يرى أَبْنَاء هذا البلد بالآلاف قُتلوا، يرى مشاهد القتل في الأطفال والنساء من القنابل التي ألقاها أولئك المعتدون، يرى الاستباحة لشعبه وبلده، يرى حجم الدمار الهائل في الجسور والطرقات والمستشفيات يرى الحصار والمعاناة الاقتصادية كُلّ كذلك لن يحرك ضميره لأن لم يعد له ضمير ولم يحرك وجدانه لأن قد مات وجدانه ولا يحرك فيه نخوة ولا وطنية ولا إنْسَانية لأن كُلّ ذلك أصبح بالنسبة له كلاما فارغا لا معنى له، لكن هناك عامل الردع القانوني.
الذين انضموا على صف العدوان وهم إمّا في إطار مُؤَسّسات الدولة في السلك العسكري أَوْ في السلك المدني لماذا لا تُتخَذُ ضدهم الإجراءاتُ القانونية في فصلهم من مسئولياتهم؛ لأنهم خونة والقانون يعطي الحقَّ في فصلهم في اتخاذ الإجراءات القانونية العقابية ضدهم، أوَليس هناك قوانين بحق الخونة في هذا البلد؟ بلى.. أوَليس هناك قوانين تتعلق بالخيانة العظمى لمن يخون الخيانة العظمى بلا.. لماذا لم تفعل.
حتى لا تبقى الخيانة مستساغةً وَسهلةً: لا يحق لأحد أن يحميَ الخونة
أنا أقولُ للإخوة في المؤتمر الشعبي العام: لا يحقُّ لأحد أن يحمي أولئك الخونة من إجراءات ضدهم قانونية.. لماذا لا تفعل تلك الإجراءات؟، هذا شيءٌ لا بد منه، أَيْـضًا ينبغي أن تشد أَوْ تعلوَ وتيرة التفاعل الاجْتمَاعي ضمن وثيقة ضمن وثيقة الشرَف القبَلي، وثيقة مهمة في الموقف من الخونة، موقف قبلي وشعبي، وأن تكون هناك أنشطة لتجريم الخيانة حتى لا تبقى مستساغةً وَسهلةً، هذا موضوع مهم جدًا، وموضوع من المهم التركيز عليه والاهتمام به والتفعيل له.
معنيون أَيْـضًا بالتحَـرّك لرفد الجبهات، وأتوجه إلى شعبنا العزيز بمزيدٍ من المقاتلين وضمن التجنيد الرسمي، وزارة الدفاع اليومَ فتحت مجالًا للتجنيد يجبُ أن يستفادَ منه، وأن يكون هناك نشاطٌ من الجميع في هذا المجال، أن نعزز حالةَ التعاون، أن نتعامَلَ بمسئولية أمام هذه الأخطار والمستجدات.
أسألُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوفّقَنا لما فيه رضاه، وأن يرحَمَ شهداءَنا الأبرارَ، وأن يشفيَ جرحانا ويفُكَّ أسرانا.. إنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..