اليمنُ في قلب معادلة الصراع ضد محور الشر
صدى المسيرة| محمد المنصور
خطابُ السيّد عبدالملك بدر الدين الحوثي الأَخيرُ بمناسبة ذكرى الصرخة تضمَّنَ الكثيرَ من المواقف والمعطيات المتصلة بالعدوان السعوديّ الأمريكي التحالفي المجرم على اليمن، كما بالوضع الإقليمي بمشاهِدِه المتعددة في سورية والعراق وفلسطين.
المواقفُ المبدأية القويّة التي أطلقها السيد عَبدالملك باتجاه التصدّي للكيان الصهيوني في أيَّة مواجهة قادمة مع المقاومة الفلسطينية أَوْ اللبنانية (حزب الله)، وضعت عملياً اليمن َفي قلب معادلة الصراع والاشتباك الحاصل في أكثر من قُطر عربي بين قوى المقاومة والممانَعة والصمود، وقوى الشر والعدوان الأمريكي السعوديّ الصهيوني.
أسوأ مخاوف النظام السعوديّ تحققت عبر تلك المواقف التي أعلنها السيد عَبدالملك بما يشبه إعلان اليمن الحربَ على الكيان الصهيوني، والاصطفافَ إلى جانب المقاومة الفلسطينية واللبنانية وأيضاً إيران وسورية وكل شرفاء وأحرار الأمة.
ولا شك بأن المواقف التي عبّر عنها السيد عَبدالملك الحوثي كانت تستحضرُ مظلومية الشعب الفلسطيني، وما يرتكبُهُ الكيانُ الصهيوني من جرائمَ بحق المسجد الأقصى المبارك والشعب الفلسطيني يستفز ويستصرخ ضمير كُلّ إنْسَان في هذا العالم، فضلاً عن العرب والمسلمين المعنيين أصلاً بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها.
كان لافتاً اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بتلك المواقف التي أطلقها السيد عَبدالملك الحوثي لنُصرة القضية الفلسطينية والتي جاءت في الوقت الذي شعر فيه الشعبُ الفلسطيني والمدافعون عن القدس بخذلان النظام السعوديّ وحلفائه في المنطقة لقضيتهم وصمته المخزي عن جريمة إغلاق المسجد الأقصى المبارك، في حين أنه يجيّش الجيوشَ وجحافل المرتزقة، ويشتري الأسلحة والمواقف السياسية للعدوان على اليمن وسورية وغيرهما.
المواقف من القضية الفلسطينية، التي أطلقها السيد، ليست للمزايدة أَوْ الكسب السياسي أَوْ الإعلامي، بل إنها نابعةٌ من التزام مبدأي بذلك الموقف وبالمسؤولية الدينية والقومية والإنْسَانية التي جسّدتها حركة أَنْصَار الله منذ انطلاقتها عام 2002م وحتى اليوم.
شنّت السعوديّة وتحالفها المجرم عدوانَها على اليمن بذرائعَ، من بينها التصدي للنفوذ الإيراني، وقبل ذلك شنت الحروب الست الظالمة على محافظة صعدة بذرائعَ عديدة منها الاتهام للسيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليهم وجماعته برفع علم حزب الله وبالاثني عشرية والارتباط بإيران وبأن شعار: الموتُ لأمريكا، الموتُ لإسرائيل، اللعنةُ على اليهود، النصرُ للإسْلَام، هو استنساخٌ لشعار الثورة الإسْلَامية في إيران.
وما فتئ خطابُ تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي ومرتزقته مما يسمى الشرعية يعمَلُ على تسويق وتبرير العدوان التحالفي الهمجي على اليمن بالتصدي للنفوذ الإيراني؛ لإضفاء البُعد المذهبي وتحفيز التيارات التكفيرية الإجرامية على الانخراط في العدوان وهو ما يجري حالياً.
لحسن الحظ فإن طبيعة العدوان على اليمن وأهدافه والقوى المشاركة فيه أَصْبَحت مفضوحة ومكشوفة سياسيًّا وأَخْلَاقياً بما ارتكبته ولا تزال من جرائمَ ومجازرَ وحصارٍ، وهي ذاتُها القوى الداعمة للإرهاب والمجازر والفتن الطائفية ومشاريع التمزيق في سورية والعراق وليبيا وغيرها، وهي ذاتُها القوى الاستعمارية الغربية الداعمة لإسرائيل.
مظلومية الشعب اليمني هي ذاتها مظلومية شعوب المنطقة، فالجميع اليوم أمام عدو واحد وتَحَدٍّ مصيري مشترك، كان لا بد معه لقائد الثورة السيد عَبدالملك الحوثي من تسمية الأمور بمسمياتها وإطلاق تلك المواقف واضحةً جلية بلا لَبْس ولا مواربة.
تلك المواقف المعبرة عن ضمير غالبية اليمنيين في مناسبة الذكرى السنوية للصرخة تأكيدٌ على أن حركة أَنْصَار الله كانت ولا تزال مشروعاً وطنياً إسْلَامياً تحررياً من الاستبداد والظلم والوصاية الأجنبية.
مواقفُ السيد عَبدالملك الحوثي من قضايا الداخل كانت معبّرةً عن الحرص على تعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان السعوديّ الأمريكي التحالفي، وتحصينها من الاختراق بالوعي أولاً بطبيعة العدوان وأهدافه، وثانياً عن طريق تفعيل القوانين والتشريعات النافذة بحق الخوَنة والعملاء، وثالثاً عبر تفعيل دور المجتمع (وثيقة الشرَف القبَلي) والقوى السياسية في محاصرة ظاهرة الاستقطاب التي يراهن عليها العدوانُ السعوديّ الإماراتي لخلخلة الداخل.
لقد كان من اللافت للنظر في خطاب السيد عَبدالملك تأكيدُه على أن العدوانَ، وخلال ما تبقى من شهور العام الجاري، سيعمد إلى التصعيد ومحاولة تحقيق اختراق ما في مختلف الجبهات.
والمؤكَّدُ أن مخاطبةَ السيد -حفظه الله- الشعبَ اليمنيَّ بتلك الشفافية والوضوح يأتي لتحفيز الهمم وبذل المزيد من الجهود والطاقات على مختلف الأصعدة، بما فيها مضاعفة دعم الجبهات، وبناءً على معطيات ومعلومات وحقائقَ توافرت لدى السيد القائد ترتبطُ بالمجريات في الميدان، وبخفايا ما يجري في جبهة تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي من انقسامات وتصدُّعات تنعكسُ غالباً صراعاتٍ في صفوف المرتزقة كما في الجنوب وتعز وغيرهما.