إعلانُ مرحلة ما بعد الرياض وعلى الشركات الأجنبية المغادَرة سكانُ محافظة ينبع أربكوا السلطاتِ والإعلام الرسمي السعوديّ: أدلة متعددة تؤكد أن الصاروخَ اليمني دمّر مصفاةَ ينبع النفطية بركان H-2.. ضربةُ الرعب
صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
قدّمت الرياضُ أكثرَ رواياتها تناقُضاً، منذ بدء العدوان على اليمن، ضمن ردّ فعلها على قصف مصافي محافظة ينبع النفطية بصاروخ باليستي طويل المدى جرى الكشفُ عنه لأول مرة وكذلك كان الهدف تدشيناً عملياً لمرحلة ما بعد الرياض، وهو ما أكّدته القُـوَّة الصاروخية في بيان أمس الأحد الذي يؤكّد أن مصافي النفط باتت هدفاً عسكرياً، وأن الأفضل للشركات الأجنبية لدى دول العدوان أن تغادرَ؛ حفاظاً على سلامتها.
وفقاً لمراقبين، كان الأقلَّ ضرراً بالنسبة للنظام السعوديّ هو ابتلاعُ الضربة والتزام الصمت على الأقل؛ لأن التفسيرات التي قدمها عكست ارتباكاً غير مسبوق لديه، لدرجة أن محاولته خلق حدث آخر يفسِّرُ الانفجار الذي هز محافظة ينبع لم يحقق أهدافه، بل بدا وكأنه يؤكد أن الصاروخ اليمني قد فعل فعلتَه.
وبالعودة للبداية، في وقت متأخر من مساء السبت، تعلن القُـوَّة الصاروخية اليمنية في بيان مقتضَب في عدد كلماته وبحجم قُنبلة في محتواه، عندما قالت إنها أطلقت صاروخاً باليستياً بعيدَ المدى (بركانH-2) على مصافي تكرير النفط في محافظة ينبع السعوديّة، مضيفة بعد ذلك أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة.
كان الإعلانُ بمثابة مفاجأة كبرى بالنسبة للداخل السعوديّ واليمني مع فارق أنها مفاجأة سيئة للسعوديّين وسعيدة لليمنيين، ورغم أن بيان القُـوَّة الصاروخية لم يحدد مواصفات الصاروخ الجديد ومداه إلا أنه كان من السهل معرفة أن المسافة بين مصافي ينبع وأقرب نقطة حدودية في اليمن تتجاوز مساحتها 1000 كيلو متر؛ ولذلك أيضاً كان من السهل على الجميع استنتاج أن مدى الصاروخ يتجاوز هذه المسافة أَوْ يساويها على الأقل، وأن مرحلة ما بعد الرياض التي وعد بها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قد بدأت.
سكانُ ينبع: انفجارٌ قادمٌ من خارج التوقعات
الشعب السعوديّ أَصْبَح حذراً من بطش النظام فيما يخص الكتابة عن الانفجارات التي يسمعونها في جيزان ونجران وعسير، إلا إن سكانَ محافظة ينبع تعاملوا مع الانفجار بعفوية خالصة؛ لعدم ادراكهم أَوْ توقعهم أن تكون الصواريخ اليمنية قد أَصْبَحت لديها القدرة على بلوغ محافظتهم، حالُهم حالُ النظام السعوديّ؛ ولذلك كانت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر المنابر أهميّة لبلوغ الحقيقة التي كتب عنها عشرات المغردين السعوديّين في تويتر عن سماعهم دوي انفجار عنيف جداً من اتجاه مدينة ينبع الصناعية، وأَصْبَح هاشتاق [#ينبع_الصناعية] هو الأكثر تداولاً في السعوديّة خلال أقل من ساعة على الانفجار الذي أحدثه الصاروخ، وحتى بالتزامن مع إعلان القُـوَّة الصاروخية.
في الدقائق الأولى عَقِبَ الانفجار الذي أحدثه الصاروخ، نَشَرَ المئات من سكان محافظة ينبع تغريدات بموقع تويتر، وعلى سبيل المثال كتب حساب باسم “أصدقاء ينبع الصناعية” ويحظى بمتابعة جيدة قائلاً “من سمع الصوت القوى قبل قليل في الهيئة؟ من عنده فكرة عن مصدر الصوت؟”، قبل أن يعود الحساب ذاته ويقول: “وردت بعض الأنباء أن الصوت من شركة سامرف، نسأل الله السلامة للجميع”.
أما حسابُ “أبوغيم الزهراني” فكتب تحتَ عنوان ينبع الصناعية قائلاً “اللي يعرف مصدر الصوت يعطينا خبر، باين الصوت مو بسيط، اهتزت حتى أرامكو”، فيما قال آخر يدعى “عمر” في تغريدة “صوت انفجار قوي يهز ينبع الصناعية وغير معروف مصدره إلَى الآن”.
ارتباكُ النظام السعوديّ يوقعه بفخ الاعتراف بالضربة الصادمة
عفويةُ سكان ينبع وعدم توقعهم لوصول صاروخ إليهم ساهمت بشكل كبير في إرباك النظام السعوديّ، الذي يبدو أن مستشاريه ارتبكوا أيضاً وأقنعوه بتقديم رواية مختلقة لإقناع السعوديّين بعكس الحقيقة، حيث تولّت وكالة الأنباء السعوديّة (واس) نشر بيان منسوب لـ “الهيئة الملكية” ينص على أنه “في الساعة 9.22 من مساء السبت تعرض أحد المحولات الكهربائية لمصفاة سامرف للاحتراق نتيجة ارتفاع درجة الحرارة”. وبعد ذلك نشرت كُلّ وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية في السعوديّة البيانَ ذاتَه.
بيانُ النظام السعوديّ وقع في عدة أخطاء مركّبة أَدّت لنتيجة عكسية، فالبيانُ بشأن احتراق محوّل كهربائي جاء بعد إعلان القُـوَّة الصاروخية، فظهر أن النظامَ السعوديَّ يحاول التعتيم على الضربة الصاروخية بطريقة الفاشلة.
الخطأ الثاني الذي ارتكبه النظام السعوديّ هو صياغة البيان بتفاصيل دقيقة، منها توقيت انفجار المحول، وهو عادة ما يحدث في السعوديّة وأية دولة أُخْرَى ولا يحتاج بيان رسمي وتحديد الساعة والدقيقة التي حدث فيه الاحتراق، وهو ما لم يَعْتَد عليه السعوديّون؛ لأن انفجار أَوْ احتراق محول كهربائي أمر عادي. أما الخطأ الثالث فكان نشر البيان بشكل غير مسبوق في كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وهو ما عزز شكوك مَن لم يتأكدوا من الحقيقة بعدُ؛ لأنه أيضاً لا يستحق احتراق محول أن يتم النشر حوله بكل تلك الوسائل.
تحوّلت كُلّ إمكانيات النظام السعوديّ الإعلامية إلى سلاح موجّه إلى صدره، حيث أن بعضَ عناصر الجيش الإلكتروني السعوديّ زعموا أن الدفاعاتِ السعوديّةَ اعترضت صاروخين باليستيين، لكن غياب التنسيق والارتباك ظهر مجدداً، فالإعلام الرسمي السعوديّ والدفاع الجوي السعوديّ لم يتحدثا مطلقاً عن اعتراض صاروخ أَوْ صاروخين.
لم يتوقف ارتباك النظام السعوديّ عن ذلك الحد، فالكاتب السعوديّ “ظافر العجمي” أعاد نشر مقال كتبه في صحيفة رسمية سعوديّة قبل عام بعنوان “أين تتجه المرحلة الباليستية بعد مكة!”، وأضاف فوق العنوان جُملة “قصف ينبع.. توقعته قبل عام” ورغم أن الكاتب يدعو لتدمير الصواريخ اليمينة؛ ظناً منه أنه يخدم النظام السعوديّ، لكنه نسي أن ذلك النظام لم يعترف بقصف ينبع أصلاً.
القوة الصاروخية: مرحلةُ ما بعد الرياض بدأت ومصافي النفط باتت هدفاً عسكرياً
رغم أن موقع الهدف جعل اليمنيين يدركون أن مرحلة ما بعد الرياض قد بدأت، إلا أن القُـوَّة الصاروخية أعلنت ذلك بشكل رسمي، وأضاف لذلك تحديد الأهداف المقبلة.
القوة الصاروخية في بيان تلقته “صدى المسيرة” أعلنت تدشين مرحلة ما بعد الرياض ووضع مصافي النفط لدول العدوان كأهداف عسكرية.
وأوضح البيان أن “إطلاق مرحلة ما بعد الرياض تأتي ردًّا على جريمة ذبح الأسرى في موزع بتعز”، محذرة دول العدوان من “المساس بكرامة أسرانا”.
وأضافت القُـوَّة الصاروخية: “عملياتنا الصاروخية سوف تستمر في تصاعد ردًّا على استمرار العدوان والحصار”، معلنة في ذات الوقت أن “مصافي النفط أَصْبَحت أهدافاً عسكريةً”.
وطالب البيان من الشركات الأجنبية في دول العدوان، وليس السعوديّة فقط، بالمغادرة؛ حفاظاً على سلامتها، حيث قالت القُـوَّة الصاروخية “نصيحتنا للشركات الأجنبية العاملة لدى تحالف العدوان أن تحزم حقائبها وتغادر مواقعها”. أما مزاعمُ النظام السعوديّ باحتراق محول كهربائي فردّت عليه القُـوَّة الصاروخية بالقول “نعِد العدو بأن حرارةَ الطقس التي تحدث عنها سوف يلاقيها في عز الشتاء”.
قيادةُ أنصار الله والجيش اليمني أدارت المعركة باقتدار كبير
خبراءُ عسكريون عرب: 70% من مراكز الثقل الاستراتيجية في السعوديّة باتت في مرمى الصواريخ اليمنية
يؤكِّدُ الخُبراءُ العسكريون من دول عربية، أن القُـوَّة الصاروخية اليمنية حقّقت إنجازاً نوعياً هاماً وقفزةً كبيرة في قدراتها، عندما نجحت باستهداف مصفاة النفط السعوديّة في محافظة ينبع، مُشيدين بقيادة أَنْصَار الله والجيش اليمني للمعركة في مواجَهة دول العدوان.
وفي هذا السياق قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني، العميد الدكتور أمين حطيط: إن قوات الجيش واللجان الشعبية حققت انجازاً كبيراً وهاماً بطبيعة استراتيجية وطبيعة عملية في ذات الوقت.. مشيراً في بادئ الأمر إلى أن القُـوَّة الصاروخية حقّقت قفزةً مفاجئة بقصف مصفاة ينبُع التي تبعد 500 كيلومتر عن الهدف السابق خلال الفترة الماضية.
ويلفت العميد حطيط، إلى أن القُـوَّة الصاروخية تدرّجت في قصف الأهداف، من خميس مشيط إلى جدة إلى الرياض واليوم إلى محافظة ينبع، موضحاً أن ذلك يحملُ عدة رسائلَ من حيث المسافة ومن حيث دقة الإصابة، معتبراً أن الرسالةَ الإضافية للقوة الصاروخية بقصف مصفاة ينبع تمكُّنٌ في القدرة على التأثير على منطقة استراتيجية بالنسبة للسعوديّة، إذ تعد محافظة ينبع من إحْدَى المناطق الرئيسية المصنّفة على أساس أنها مركَزُ ثقل نوعي استراتيجي هام؛ نظراً لأنها تجمع خاصيتين الخاصية النفطية وفيها المصافي والمراكز لهامة المتعلقة بالمشتقات النفطية. وأضاف أن الأمر الآخر في استراتيجية الهدف الجديد أن محافظة ينبع تقع على البحر الأحمر وبذلك تكون هناك رسالة أُخْرَى أيضاً لمن تحدثه نفسه بشيء يتعلق بالموانئ اليمنية.
وأوضح العميد حطيط أن القُـوَّة الصاروخية بقيادتها العسكرية والسياسية الحكيمة وجهت اليوم رسالةً مركبة للعدوان تقول إن أكثر من عامين على العدوان لم توهن عزْمَ اليمنيين وأنهم في قوة تصاعدية.
كما رأى العميد حطيط أن العدو السعوديّ بقيادته الأمريكية يجب أن يستخلصَ من الدرس والعِبَر، مشيراً إلى أنه لو تم إسقاط “مروحة الأهداف” الآن من محافظة ينبع على كافة المملكة السعوديّة لوجد أن 70 إلى 80 في المئة من مراكز الثقل النوعي الاستراتيجي والأهداف الاستراتيجية للسعوديّة باتت في مرمى القوى الصاروخية اليمنية وهذا سيكون مرعباً للقيادة السعوديّة دون شك.
من جانبه قال الخبير العسكري السوري، العميد تركي الحسن: إن قيادة أَنْصَار الله والجيش اليمني أداروا المعركة منذ البداية بمنتهى الدقة والحصافة التي تدل على خبرة عالية ونفَس طويل وتقدير استراتيجي للمواقف، بحيث أن أَنْصَار الله والجيش اليمني بدأوا بمعركة متدرجة لتصل اليوم إلى ما هي عليه.
وحول نجاح القُـوَّة الصاروخية بقصف مصافي ينبع قال العميد الحسن: إن العملية تدل على ثلاثة أشياء رئيسية، الأولى أن قيادة أَنْصَار الله والجيش اليمني باتت تنتجُ صواريخ في ظل العدوان والحصار الشامل، مشيراً إلى أن هذه المسألة لم تَغِبْ عن بال القيادة، فهي تنتج سلاح هذا السلاح يصل مداه الآن إلى حوالي 1000 كم.
الشيء الثاني -وفقاً للعميد الحسن- أن السلاح المستخدَم في قصف مصفاة ينبع هو انتاج محلي، صحيح قد تكون القُـوَّة الصاروخية استعانت، وإذا كانت قد استعانت ببعض الخبرات فهذا طبيعي في كُلّ الدول، مضيفاً أن قصف المصفاة يعد رسالة لتحالف العدوان من القُـوَّة الصاروخية تقول “إننا نستطيع أن نطال ما هو أبعد من الرياض ووصلنا إلى ينبع”، مضيفاً أنه لا أحد يعلم ما طبيعة المفاجآت القادمة التي تحدَّث عن السيد عبدالملك الحوثي في أحد خطاباته التي قال فيها إن الصواريخ اليمنية “ستصل إلى ما بعد ما بعد الرياض”.
وبخصوص الشيء الثالث، يقول العميد الحسن إن العملية الأَخيرة تؤكد أن “الصاروخ يصل ويصيب الهدف وهذا هو الأهم؛ لأن إطلاق الصاروخ فقط لا يكفي”. وأضاف أن دقة إصابة الصاروخ لهدفه في ينبع المصنَّع محلياً تؤكد أن على دول العدوان أن تعيَ أن القُـوَّة الصاروخية اليمنية توجه رسالة مفادها “الصواريخ المصنعة في الداخل اليمني تستطيع أن تصيب أهدافها، وهي صواريخ دقيقة، وبالتالي على الجميع أن يدرك ذلك، وهي رسالة لحلف العدوان بأن عليه أن يعيَ أننا نستطيع إن أردنا أن ندمر المدن، ونستطيع أن ندمر المنشآت الاقتصادية، ونستطيع أن ندمر ثكنات عسكرية”.