قالوا إنها تمثّل خيانةً لدماء الشهداء والجرحى وتتضمّن الاستسلامَ للعدوان: إعلاميون ونُشطاء وشبابٌ على مواقع التواصل يشنّون هجوماً واسعاً على مبادرة مجلس النواب
صدى المسيرة | ضرار الطيب
أثارت المبادرةُ التي طرحها مجلسُ النواب اليمني “لحل الأزمة في اليمن”، موجةَ انتقادات واسعة في أوساط الإعلاميين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من مختلف الأطراف السياسية خلال الأيام القليلة الماضية، واختلفت الأسباب التي قدمها الناشطون والإعلاميون لرفض المبادرة، فبينما حكم البعضُ عليها بأنها خيانة واستسلام، رأى البعض الآخر أنها تُخفي مشروعاً لاقتسام السلطة، وقال آخرون إن مشكلتها تكمن في وضع الثقة بالأمم المتحدة التي أثبتت تواطؤها مع العدوان، لكن كان الاتفاق بالمجمل على أن المبادرة تخدم العدوان بالدرجة الأولى ولها ارتباطات به.
وبدايةً بالكاتب والسياسي اليمني “محمد المنصور” الذي كتب عدةَ منشورات في صفحته بموقع الفيسبوك وقال إن “إطلاق المبادرات السياسية ليس من صميم عمل مجلس النواب الذي بادر إلى إطلاق مبادرة مخالفة للدستور والقانون، وتفرط بالسيادة الوطنية، وتتجاهل وجود عدوان خارجي يقدم الشعب اليمني من أجل التصدي له الغالي والرخيص.. هذا الشعب لم يكلف الراعي ومن معه تقديم مبادرة”.
الناشط والكاتب الصحفي علي أحمد جاحز كتب أَيْضًا على صفحته بموقع فيسبوك، واصفاً المبادرة بأنها تأتي ضمن مشروع خيانة، وقال بأن هذا المشروع “يبدأ من التنسيق مع الإمَارَات ويمر بهروب بعض أعضاء مجلس النواب وينتهي بمبادرة مجلس النواب”.
وأطلق نشطاء في مواقع التواصل هاشتاج بعنوان #مبادرة_الراعي_لاتمثلني، كُتبت حوله آلاف المنشورات والتغريدات، وعلى سبيل المثال، قال الناشط في موقع الفيسبوك عبدالرزاق الغيلي إن مبادرة مجلس النواب تطالب اليمنيين “بتسليم الصليف وميناء ميدي ومطار صنعاء ومطار صعدة ومنفذ حرض ومنفذ البقع ومنفذ علب”.
ومن جانبه، انتقد الناشط والصحفي جميل أنعم العبسي المبادرة، ورأى أنها انبطاح لإرادة العدوان، وقال إنه “لو أراد مجلس النواب أن يلعب دوراً في تعزيز الصمود الداخلي، وعلى ضوء هذا الدور لعاد المجلس لعقد جلساته أساساً، وبدأ بإلغاء قانون يشرعن ويحمي مراكِز الفساد من المساءلة القانونية والتحقيق والإحالة للقضاء، قانون أسود صدر بعد حرب 94م.. نعم قانون يعطي حصانة لمراكز النفوذ والفساد”.
وفي ذات السياق كان طرح الناشط “نبيل الحسام” الذي كتب على صفحته في موقع فيسبوك مراهناً الجميع على أن “توقيف صرف المرتبات وتفقير الناس وتجويعهم كان متفقاً عليه من أجل إخضاع الناس للقبول بهذه المبادرة، وأن الضجة الإعلامية حول مُخَطّط الهجوم على الحديدة كان هدفه تمرير هذه المبادرة، وأن نقل البنك من صنعاء الى عدن كان متفقا عليه من أجل أَيْضًا أن يتم تمرير هذه المبادرة.” مشيراً إلى أن المبادرة جاءت ضمن خطة معدة مسبقاً.
بعض الناشطين أَيْضًا ربطوا مبادرة البرلمان بمبادرات ولد الشيخ ومبادرات دولية سابقة من حيث التقاء تلك المبادرات في مبدأ “الاستسلام طوعاً أَوْ مقابل الرواتب”، وعن ذلك كتب “إبراهيم حسين” أحد الناشطين على موقع فيسبوك بأن “تأييد مبادرة مجلس النواب من قبلنا تعني تسليم اليمن وسيادته ومنافذه لمجلس الأمن مقابل الرواتب،” ومثله كتب “حسن إبراهيم ” على صفحته قائلاً “باختصار مبادرة مجلس النواب يعني نسلم لهم اليمن بدون حرب”.
وبخصوص الجهة الدولية التي استهدفتها مبادرة البرلمان، وهي الأمم المتحدة، كتب محمد عبدالله الحضرمي مشرف ملحق شباب في صحيفة اليمن اليوم على حائطه في فيسبوك، مستغرباً وموجّهاً كلامه لمجلس النواب “المشكلة أن الأمم المتحدة التي قدم لها برلماننا مبادرته لم نرَ منها موقفا محايدا يجعلنا كشعب تمثلونه نشعر بأننا مقدمون على خطوات فعّالة من شأنها معالجة هذا الوضع السيئ”.
وأضاف الحضرمي أَيْضًا “نحن بحاجة وسيط لا يخضع لإملاءات السعوديّة وتهديداتها، والشاهد على خضوعه شطبُ اسم السعوديّة بعد أيام على إدراجه في القائمة السوداء لقتلة الأَطْفَال؛ بسبب التهديد بإيقاف الأموال السعوديّة التي يتغذى عليها وسيطنا، ما يجعل (قاضي النزاع) غيرَ صالح لهذه المهمة، فقراره ليس بيده ولم نرَ من مواقفه غير نوايا وتوجه مموليه الذين يشنون علينا أقبح عدوان منذ أكثر من عامين”.
وعن نتائج المبادرة وأَهْدَافها يرى “حمزة أحمد أبو منصر” كما كتب على صفحته في فيسبوك أن “مبادرة مجلس النواب، هي مبادَرة إعَادَة اقتسام السلطة بدون مراعاة للدماء اليمنية التي سالت وبنية الدولة التي تهدمت”، ويضيف أَيْضًا معبّراً عن موقفه العام منها “مبادرة مجلس النواب خيانة للبلد في حدها الأعلى، وفشل سياسي اقتصادي في حدها الأدنى”.
أمَّا “هائل القاعدي” أحد الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فقد تجاوز مرحلة الانتقاد للمبادرة ومحتواها، مطلقاً عبرَ صفحته الشخصية دعوةً عامةً لرفضها شعبياً، حيث كتب القاعدي “ندعو كُلّ أبناء الشعب اليمني الأحرار في جميع المحافظات والمديريات والأرياف بالخروج في مظاهرات حاشدة للتعبير عن رفضهم القاطع للمبادرة التي أعلنها مجلس النواب المتهالك وتوجيه الدعوة لمجلس النواب لسحب مبادرتهم المخزية والمشينة”.
الناشط “سليمان عويدين الغولي” عبّر أَيْضًا عن توقعه بفشل المبادرة معرضاً باتهام لأعضاء مجلس النواب بالاستسلام، حيث يقول الغولي “لن تنجح مبادرة مجلس النواب لكنها تفضحهم أكثر أمامنا ليعلم الجميع أنهم كانوا مستسلمين منذ البداية لكن العدو لم يمنحهم فرصة الاستسلام فقط”.
وعلى موقع التواصل الاجتماعي تويتر كتب الناشط “أسامة الجنداري” بخصوص الإشراف الأممي الذي تضمنته مبادرة البرلمان، أن معنى “الإشراف الأممي هو الانسحابُ من المناطق المذكورة ” وهو البند الذي جعل من المبادرة محلَّ شك لدى الكثيرين.
هذه بعضُ النماذج من الآراء والمواقف المتطابقة لكثير من الناشطين والإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص مبادرة البرلمان، وهو ما يعني أن البرلمانَ صار مطالباً بتوضيح موقفه ومبادرته للناس خَاصَّة وهو يستند في “شرعيته” على ثقة الشعب.