اجتياح القوات اليمنية يُسقِطُ عشراتِ المواقع الاستراتيجية العسكرية السعودية في جيزان
صدى المسيرة| يحيى الشامي| جيزان:
سلسلةُ عمليات عسكرية كبيرة ونوعية، اجتاح خلالها المقاتلون اليمنيون أراضيَ ومساحاتٍ واسعةً جنوب جيزان، مسقطين عشرات المواقع ومعسكرات، بالإضَافَةِ إلى قرى ووديان تقعُ ضمن النطاق الجغرافي المسيطَر عليه، عملية الاجتياح، ووفقاً لرواية مصدر مشارك فيها، بدأت صباح الجمعة واستمرّت العملية حتى مسائها لفترة تقارب الاثنتي عشرة ساعة، وتميزت العملية باعتمادها على مخطط عسكري دقيق ومدروس بعناية، حيث شنّت العملية من عدّة محاور اعتمد كُلّ محور على أساليب هجومية مختلفة مع الآخر.
الطيران فشل في إعاقة التقدم أَوْ منع تنفيذ الخطة الموضوعة وفق التصورات المفترضة، وقد أبانت مشاهد العملية الموثقة لحظات إحراق الطيران لأراضي واسعة من المنطقة المستهدفة بمئات الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية والأباتشي.
وقد انتهت العمليات بالسيطرة وتأمين مساحة كبيرة من المنطقة جنوب جيزان الواقعة بين جبلي ملحمة والدود وباتجاه رأسي متقدم على سفح جبل الفريضة باتجاه مدينة الجابري ومعسكرها، وتشمل هذه العملية السيطرة على معسكر الجابري وما قبله وفي محيطه من قرى وأحياء سكنية كبيرة، وجبل الفريضة بما يتضمنه من مواقعَ وتحصينات ومخازن وخنادق وأسوار اسمنتية وترابية وممرات وطرق معبّدة باتجاه العمق السعودي، الموقع الاستراتيجي الثالث هو جبل الغاوية وهي سلسلة مرتفعات جبلية تتضمن ما يُعرف بـ “التباب” والغاوية تقع أسفل جبل الدود وتحاذي الفريضة والجابري من جهتها الشرقية الشمالية، أما الموقع الاستراتيجي الرابع فيمثل الضربة الأقوى في العملية لناحية حساب معارك الجبال الاستراتيجية هو جبل ملحمة أحد أهم الجبال الممتدة من داخل الأراضي اليمنية في مديرية شدا الحدودية التابعة لمحافظة صعدة، وصولاً إلى عمق أراضي جيزان داخل محافظة الحرث، وللسيطرة على جبل ملحمة قيمة عسكرية تتجاوز حسابات المنطقة التي يمتد عليها، فالجبل يُشرِفُ على مناطقَ جديدةٍ من الأراضي السعودية داخل جيزان، ويعد أحد مفاتيح العمق السعودي بالنسبة للقوات اليمنية.
المصدر -وفي حديثه لصدى المسيرة- أكد أن خسائر الجيش السعودي في المعارك قد تكون الأكبر بين كُلّ العمليات التي خاضها المقاتلون اليمنيون ضد جيش العدو السعودي، مشيراً إلى أن العدو استفاد كثيراً من تجاربه السابقة فيما يتعلق بسرعة إجلاء جثث قتلاه قبل وصول المقاتلين اليمنيين وإحكامهم السيطرة على الموقع، ومع ذلك أظهرت المشاهد الأولية التي وزّعها الاعلام الحربي الخاصة باقتحام موقع الفريضة والسيطرة عليه جانباً من الخسارة التي مُنيَ بها المعسكر السعوديّ في ذلك الموقع من مخازن أسلحة وعدد من الذخائر وقطع السلاح الصغير والعتاد العسكري المتنوع التي اغتنمها المقاتلون اليمنيون وَوضعوا أيديهم عليها، فيما يُتوقع أن تتضمن مشاهد عملية اقتحام معسكر الجابري لقطات وصوراً تحكي تفاصيلَ مثيرةً؛ كون العملية تختلف عن العمليات التي استهدفت الجبال أَوْ المواقع الجبلية.
تجدر الإشارة هنا إلى أنها المرة الأولى التي ينجح المقاتلون اليمنيون فيها من اسقاط معسكر سعودي بهذا الحجم، وللعلم فإن الجابري هو اسمٌ يطلق على محلة كبيرة تضم عدة قرى ومساحات واسعة، وقد أنشأ بنو سعود فيها مدينةً عسكريةً جديدة وأكبر من تلك التي دمرها في الحرب السادسة عام 2010م إثر سيطرة أَنْصَار الله عليها مع أجزاء واسعة من الخوبة، ووفقاً لمعلومات حصلت عليها صدى المسيرة فإن القادة العسكريين السعوديين استبعدوا إمكانية أن يشن المقاتلون اليمنيون هجوماً على المعسكر، معتقدين أن العملية تنكفئ بحدود الجبال والمواقع العسكرية عليها، وهذا هو الجزء الحامل لأكبر قدر من المفاجآت في العملية الأخيرة,
بالنسبة لجبل ملحمة فإن سيطرة المقاتلين اليمنيين عليه أَوْ مشاركة القوات السعودية في السيطرة على أجزاء منه بالحد الأدنى قد يؤسس لمرحلة جديدة من العمليات القتالية خاصة أن الجبلَ يُطل على منطقة الخشل من جهته الشرقية، ويضع مناطقَ أُخْرَى في الجهة الشمالية والغربية منه في نطاقه الناري.
وتوالت أخبار الهجمات اليمنية على مواقع ومسكرات سعودية خلال الأسبوعين الأخيرين، وصولاً إلى العملية الكبرى الأخيرة، وقد أعقبها بساعات إعْلَانُ مصدر عسكري فتح جبهة قتال جديدة ضد القوات السعودية في قطاع الداير إلى الشرق من جيزان، حيث شن مقاتلون يمنيون هُجوماً على مركز جبل العالي، وأفاد المصدر أن عدداً من الجنود السعوديين سقطوا بين قتيل وجريح، وقام المجاهدون اليمنيون بإحراق عدد من الآليات واغتنام أسلحة، ويوم الجمعة بالتزامن مع الهجوم الواسع في جيزان، هاجمت القوات اليمنية موقعاً عسكرياً غرب موقع الفواز، وأسفر الهجوم عن السيطَرة الكاملة على الموقع وسقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش السعودي، وقد نجحت القنّاصة اليمنية في قتل جندي سعودي غرب الموقع في وقت لاحق.