براكينُ الطائف.. سقوطُ المنظومة الأمنية والدفاعية السعودية بضربة واحدة
صدى المسيرة| إبراهيم السراجي:
تأخُذُ عملياتُ الجيش واللجان الشعبية، في جوانبها البحري، والصاروخي، والبرّي وراء الحدود، مساراً واحداً، يتعلق بمبدأ “التصعيد والتصعيد المضاد” وفقاً للمسار الذي حدده قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير، والمعلومات التي قدَّمها حول توجيه وزير الدفاع الأمريكي لدول العدوان بالتصعيد العسكري ضمن خطة زمنية تنتهي بنهاية العام الجاري، وبالتالي تتجه المواجهاتُ نحو “معركة كسر العظام”، الأمر الذي رأى فيه قائد الثورة أن المواجهة يجب أن تكون استباقية وليس مجرد رد فعل.
خلال الأسبوع الفائت، شهدت العمليات الصاروخية الباليستية، تحولاً كبيراً من محافظة ينبع ما بعد الرياض إلى قاعدة العدوان الرئيسية في الطائف، ولا شك أنها غيّرت الكثير من قواعد المواجهة المستمرة منذ أكثر من عامين هي عمر العدوان على اليمن، وانعكس هذا التحول على البُعدين السياسي والعسكري، وتأثيراً على المشهدين الإقليْمي والدولي، في وقت حُشر النظام السعودي في زاوية مرتبكة يبحث عن مخارج مزيفة للخروج من “مأزق الصواريخ”؛ ليقدم رواياتٍ مهزوزةً وادعاءات باتت عاجزة أن تحظى بقبول حتى من يحصلون على المال السعودي، وهنا يتعلق الأمر بمزاعم استهداف مكة المكرمة.
أحد مشاهد المأزق السعودي، تمثّل بإعْلَان القوة الصاروخية إطلاق حزمة صواريخ باليستية من طراز بركان1 متوسطة المدى، لم يكشف عن عددها رسمياً، واستهدفت قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف. وأمام سرعة الصواريخ التي قطعت أكثر من 500 كيلو متر وسرعة رد فعل سكان المنطقة تجاه الانفجارات التي أحدثتها الصواريخ، وجد النظام السعودي نفسه غير قادر على مجاراة تلك السرعة، فاكتفى بالإعْلَان عن تمكّن دفاعاته الجوية من إسقاط صاروخ باليستي في سماء الطائف، قبل أن يغيّر رأيه ويتحدى قواعد الفيزياء بزعمه أن الصاروخ استهدف مكة، فيما تقول خريطة اليمن والمملكة إن أي صاروخ ينطلق من اليمن باتجاه مكة المكرمة لا يمكن أن يمُرَّ مسارُه عبر الطائف إلا لو كان طائرةً قادرة على الدوران والعودة باتجاه معاكس.
أمام مزاعم النظام السعودي بإسقاط صاروخ فكان مجرّد زعم أسقطته وزارة الدفاع الأمريكية في تأكيدها أن الصاروخ الذي استهدف مصفاة ينبع أصاب هدفه بعدما قطع مسافة 930 كيلو متراً، مشيرة إلى عجز الباتريوت عن اعتراضه، ومع العلم أن منظومة الباتريوت صناعة أمريكية، تقر وزارة الدفاع الأمريكية بأنها فاشلة.
- أكثرُ من مجرد ضربة صاروخية
بمجرد الإعْلَان عن إطلاق مجموعة من صواريخ بركان1 دفعة واحدة، كان من البديهي أن يستنتج المراقبون لفصول المواجهة، أن معنى ذلك وجود عدة منصات لإطلاق الصواريخ، وأن القوة الصاروخية اليمنية بات لديها عدة فرق متخصصة في إطلاق الصواريخ الباليستية، بالإضَافَة إلى أنها المرة الثانية التي تُطلق فيها عدة صواريخ باليستية، والمرة الأولى التي تُطلق فيها عدة صواريخ متوسطة المدى؛ كون القوة الصاروخية سبق لها إطلاق 3 صواريخ قاهر1 متوسطة المدى.
ووفقاً لخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني هشام جابر، في حديث لقناة المسيرة، فإن إطلاق حزمة صواريخ باليستية دفعة واحد تطور نوعي كبير وجديد في عملية إطلاق الصواريخ البالسيتة ويمكن اعتباره محطة جديدة في الحرب القائمة.
ومن لبنان أيضاً يقول المحلل السياسي، يونس عودة، إنه وبمجرد أن تطلق هذه الصواريخ من أماكن مختلفة وتتخطى الأقمار الصناعية ومنظومات رادار الكشف ومنظومات الدرع الصاروخي فنحن أمامَ انجاز كبير جدًّا يمكن أن يُسجَّلَ بفخر للجيش واللجان الشعبية في اليمن وأيضاً لكل الشعب اليمني.
ويضيف عودة، أن المعلومات المؤكدة وما تداوله سكان الطائف، حول إصابة الصواريخ لقاعدة الملك فهد الجوية، يعني إسقاطاً لما تعتبره السلطات السعودية فخر أمنها ودفاعها، كما يعني أن الأمن السعودي وأن السلطات السعودية التي تعتبر نفسها في حماية الطائرات، وجدت أن المنظومة الأمنية الدفاعية قد سقطت عملياً بضربة صاروخية واحدة؛ لأن هذه الضربة يمكن أن تتكرر في أماكن أُخْرَى وفي أماكن أبعد وفي أهداف ربما يمكن قد تكون أهداف أُخْرَى.
- لماذا قاعدة الملك فهد الجوية؟
لم تخلُ كُلّ معطيات الضربة الصاروخية الباليستية من الأبعاد والأهداف المتعددة، فإلى جانب ما حقّقته من أهداف أمنية استراتيجية وأهداف عسكرية وسياسية، فإن اختيار قاعدة الملك فهد كهدف لحُزمة من الصواريخ الباليستية، كان له بُعدُه الخاص من حيث علاقة هذه القاعدة الجوية بالعدوان على اليمن، وبُعدٌ لحظيٌّ يتعلق بالمعلومات المتحصلة التي قادت لتحديد توقيت الضربة بالتزامن مع تواجد خُبراء عسكريين أمريكيين وبريطانيين و”إسرائيليين”.
وفقاً لتقاريرَ غربية، فإن قاعدة الملك فهد هي القاعدة الرئيسية لانطلاق عمليات العدوان الجوية على اليمن، وبالتالي تضم القاعدة عشرات الطائرات الحربية من مختلف الأنواع وطائرات الأباتشي، ومخازن الصواريخ التي تتزود بها الطائرات لقصف اليمن.