قائدُ قوات الاحتلال الإماراتي يزورُ شبوة كحاكم عسكري
صدى المسيرة| ضرار الطيب:
منذ إعْلَانه، ظهر ما يُسَمَّى “المجلس الانتقالي الجنوبي” في كُلّ مواقفه كناطق إماراتي بامتياز، لا علاقةَ له بأيٍّ من الادعاءات التي سوّقها مرتزقته بخصوص “القضية الجنوبية” أَوْ “الشرعية” أَوْ أي شيء يمكن أن يجعل منه مكوناً سياسياً “جنوبياً” له محددات وموجهات ذاتية، ولو بأقل قدر، وإنما أداةٌ فارغة ومخصّصة لاستيعاب السياسة الإماراتية بصورتها الاستعمارية التي باتت واضحة بدون أعذار أَوْ مواربات.
وفي أقرب ظهور لهذه السياسة عبر المجلس الجنوبي، كشف المتحدث الرسمي باسم المجلس سالم العولقي، قبل حوالي أُسبُوْع، عن لقاءات بين قيادة العدوان وشخصيات اجتماعية وقبَلية في بلحاف بمحافظة شبوة، غير أن ناطقَ المجلس قال إن ممثلَ قيادة العدوان في تلك اللقاءات كان “قائد القوات الإماراتية بحضرموت”، ثم نقل العولقي كلامَ ذلك القائد بالتفصيل.
ما يمكن فهمه بسهولة من كلام العولقي وبلا أي شك هو أن قائد القوات الإماراتية لم يكن ممثلاً رسمياً لقيادة العدوان، وإنما كان ممثلاً لدولة الإمارات التي أنشأت المجلسَ والذي بات يُقدِّمُ السياسة الاستعمارية الإماراتية “الخَاصَّـة” على أنها سياسية داخلية طبيعية.
أفاد العولقي بأن القائد الإماراتي وعد أبناءَ شبوة ومحافظات الجنوب كلها بأن يتم استيعابُهم ضمن قوات “النخبة” -التابعة للإمارات طبعاً وليس لتحالف العدوان-، وهذا الوعد ينقُلُ صورةً نقيةً عن طبيعة اللقاءات التي عقدها الإماراتي في شبوة، حيث تبدو بوضوح لقاءات حاكم عسكري فعلي مستقل برعيته أَكْثَر مما تبدو لقاءات طرف مشارك في تحالف العدوان بقبائل متعاطفة أَوْ مؤيدة له.
ووفقاً للعولقي، أَكَّـدَ قائد القوات الإماراتية ذلك في نقطة أُخْــرَى أَكْثَر صراحةً، تحدث فيها عن “فساد الشرعية وإدارتها السيئة التي وضعت عقبات أمام التحالف”، وهو ما يثير تساؤلاً بديهياً في ذهنية أي متابع: متى اشتكت السعودية باعتبارها رأسَ قيادة تحالف العدوان من فساد “الشرعية” التي على ذمتها شنت كُلّ هذا العدوان؟، لم يحدث ذلك.
وفي الواقع أن موضوع الفساد في إدَارَة حكومة المرتزقة لم يظهر على لسان الإمارات إلا مؤخراً بعد القرارات التي أزاحت مرتزقتها من قيادة بعض المحافظات الجنوبية، كما أن الإشارةَ إلى “فساد الشرعية” وبهذا التوصيف تفصِحُ بأعلى صوت عن أن الإمارات لم تعد تتحرك في الجنوب ضمن غطاء “الشرعية” إلى جانب السعودية وغيرها وإنما أصبحت طرفاً مستقلاً يعطي لنفسه الحق في تجنيد قوات عسكرية خَاصَّـة به ومهاجمة السلطة التي كانت “شرعيتها” هي المُبَرّر الأول لدخوله إلى الجنوب!
واستمر القائدُ الإماراتي بالتأكيد على ذلك بأَكْثَر في نقاط أُخْــرَى قائلاً إن “منفذي العملية الإرْهَابية في حراد شبوة ليسوا من أبناء المحافظة وإنما هم عصابة (معروفة) من مأرب”، ثم يقول إن “الإصلاح” من ضمن الكيانات الإرْهَابية “أفراداً وتنظيماً”، وأن الحملات الإعلامية التي يقودُها الإصلاحُ ضد الإمارات، على خلفية الأزمة القطرية “تهدف إلى تشويه التحالف” حسب ما نقل العولقي.
من المعروف أن وسائل إعلام الإصلاح لا تجرؤ على مهاجمة السعودية، وإنما هي تستهدفُ الإمارات، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الإصلاح يستهدفون تحالفَ العدوان الذي ما زالوا مرتبطين به، ومن المعروف أن معظم التواجد العسكري لمليشيات الإصلاح يتمركز في مأرب، وبالتالي فإن المسألة واضحة، إذ يتحدث القائد الإماراتي لأبناء شبوة باعتباره حاكماً عسكرياً لهم وهم ينتمون إليه؛ لدرجة أنه سيجنّدهم ضد خصومه الإخوان، حتى وإن كان الإخوان مرتبطين عسكرياً وسياسياً بالتحالف الذي تشارك فيه الإمارات نفسها.. أَوْ كما لو أنه بكل بساطة يختصر تحالف العدوان بالإمارات وحدها!
في السياق نفسه، أكدت وسائل إعلام إماراتية، مطلع الأُسبُوْع الجاري، بدء عملية نقل الألوية العسكرية إلى خارج عدن، وتحدثت مصادر أن أول لواء تم نقلُه كان من القوات التابعة للفار هادي، وبالنظر إلى نشاط “التجنيد” التي تقومُ به الإمارات في الجنوب كما لمسنا من كلام قائد قواتها أعلاه، يمكن القول بأن الإمارات تزيح منافسيها عن الساحة عسكرياً ضمن خطوات متتابعة للاستفراد بحكم الجنوب، كما لا يجب أن ننسى موضوع “السجون الإماراتية” والتي تفصح عن طبيعة الانفراد الذي تطمح وتخطط له الإمارات في السيطرة على الجنوب.