ميناءُ ومدينةُ الحديدة وسخافةُ المؤامرة
عبدالله سلام الحكيمي
حكايةُ ما سمّي بمبادرة (الأُمَم المتحدة) الساعية إلى تسليم ميناء ومدينة الحديدة لما سمي بطرف ثالث، مع انسحاب الجيش والأمن واللجان الشعبية منهما، مقابل ما قيل بأنه تسليم مرتبات الموظفين، ألعوبة طفولية سخيفة هدفها خدمة أَهْداف العدوان وعملائه المحليين وتمكينهم مما لم يتمكنوا من السيطرة عليه عسكرياً.
ومن المؤسف والمؤلم حقًّا أن تجد تلك الألعوبة السخيفة أصداء مؤيدة لها من أحد طرفي الصف الوطني المواجه للعدوان، أقصد به المؤتمر الشعبي العام، إذ بدا أن من يؤيد مثل تلك المبادرة الألعوبة والتماهي معها، المؤتمر الشعبي (صنعاء) بزعامة صالح والمؤتمر الشعبي (الرياض) بزعامة عبدربه منصور هادي وعلي محسن الأَحْمَر ومجلس النواب منتهي الصلاحية برئاسة يحيى الراعي وهو مجلس يتشكل في غالبيته الساحقة من ممثلين للمؤتمر الشعبي بشقَّيه في صنعاء والرياض!
والمبرر الحقير الذي يطرحونه للضغط من أجل قبول تلك المبادرة الألعوبة مسألة حقوق تتمثل بمرتبات موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين، وهو استخدام قذر يمثل إحدى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنْسَانية بفرض عقوبات جماعية وتجويع شامل لغرض فرض أَهْداف عسكرية لصالح تحالف العدوان ومرتزقته، وهو أمر يفترض أن يجرَّم دوليّاً.
ولم يقل لنا أحد من أَطْرَاف ذلك المعسكر الجديد الذي بدأت بعضها يدلف شيئاً فشيئاً؛ للاصطفاف ضمن تحالف العدوان ومرتزقته:
١) من هو هذا الطرف المحايد الذي تريدونه استلام ميناء ومدينة المخاء؟
٢) ومن هي الإدَارَة المدنية التي ستتولى إدَارَة الميناء وتسيير شؤون المدينة المدنية؟
٣) ومن الذي سيتولى المهام حفظ الأمن والاستقرار فيهما؟
٤) وما هو مصير ودور الإدَارَة الفنية للميناء وإدَارَة الشؤون الأمنية والاقتصادية والخدماتية لمدينة الحديدة؟
٥) وهل سيتم انسحاب قوات الغزو والاحتلال من المدن الساحلية وموانئها من المهرة إلى عدن مثل ما هو مطلوب انسحاب الجيش واللجان من مدينة وميناء الحديدة وما هي الضمانات؟
٦) وإذا كانت المبادرات الألعوبية التآمرية تريد انسحاب الجيش واللجان والأمن من مدينة وميناء الحديدة مقابل تسليم المرتبات -كما قيل- فلماذا لم تسلم ابتداء منذ سيطرة تحالف العدوان ومرتزقته على البنك المركزي اليمني بتواطؤ من الأُمَم المتحدة ومنظماتها المالية ومنذ تم تسليم مئات مليارات العملة اليمنية المطبوعة لتحالف العدوان ومرتزقته بتواطؤ من روسيا؟ وأين تذهب إيرادات النفط والغاز وهي كلها تحت سيطرة تحالف العدوان ومرتزقته وتشكل 70% من الميزانية السنوية لليمن؟ لماذا لم يسلموا مرتبات ومعاشات الموظفين والمتقاعدين منذئذ وقد تعهّدوا بذلك؟
٧) وهل ستدير الموانئ والمدن الساحلية كلها -من المهرة وحتى حجة- إدَارَة يمنية مشتركة من الطرفين أم ستديرها الأُمَم المتحدة وهي منحازة لتحالف العدوان أصلاً أم ستديرها روسيا وهي متواطئة مع العدوان فعلياً وما هي ضمانات صرف المرتبات والمعاشات بعد الخديعة الأولى؟
٨) وإذا افترضنا أن كُلّ الإيرادات جميعها من النفط والغاز أَوْ من إيرادات الموانئ وسائر المنافذ ستورد منطقيا إلى البنك المركزي اليمني فمن هي الإدَارَة التي ستتولى ادارته هل ستكون إدَارَة مشتركة يمنية أم إدَارَة تابعة لعدوان؟
ألا يتراءى للمشاهد والمتابع المحايد أن وراء الأكمة “خدعة” كبرى لتسهيل الأُمُوْر أمام سيطرة تحالف دول العدوان السعوديّ على كامل اليمن بشق الصف الوطني أولاً. وبالإتيان بروسيا على أنها الطرف المحايد! وهي متواطئة مع تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن. ضمن عملية تقاسم مناطق النفوذ في العالم بعد انتهاء معاهدة سايكس بيكو سيئة السمعة، فأمريكا تسهّل أُمُوْر روسيا في سوريا وروسيا تسهّل أُمُوْر أمريكا وحلفائها في اليمن؟
ربما كانت الأُمُوْر سائرة في هذا الاتجاه.. دعونا ننتظر وننظر لنرى ماذا ستكشف لنا الأيَّام القادمة من معالم الطبخة؟