علماء اليمن في رسالة أخوية إلى علماء السودان الشقيق:
صدى المسيرة| تقرير:
أدانت رابطةُ علماء اليمن، تحشيدَ العدوان الأمريكي السعوديّ ضد الشعب اليمني منذ ما يقارب 3 أعوام للعديد من الجيوش العربية في معركة خاسرة مقابلَ ثمنٍ بخسٍ تتلقاه تلك الأنظمة العميلة والمرتهنة للخارج على حساب شعوبها وشعوبها أمتها العربية والإسْلَامية، في الوقت الذي كان يفترض أن يتم حشدُ تلك الجيوش وتسخير كُلّ هذه الطاقات والأموال في سبيل استرداد الأراضي العربية المغتصبة من قِبل الصهاينة والأمريكان، والذي من الواجب أن تُبذَلَ هذه التضحياتُ الجسيمة يومياً في سبيل تخليص مقدسات المسلمين من أيدي إخْوَان القردة والخنازير، كما كان من الضروري أن يوظف علماء الإسْلَام مادتهم العلمية في سبيل حشد الطاقات وتجميع الجهود لجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم أمام المؤامرات الخبيثة والمستمرة من قبل أعداء الإسْلَام والمسلمين.
وقال علماء اليمن في رسالة إلى إخْوَانهم علماء السودان الشقيق حصلت “صدى المسيرة” على نسخة منها، إن القلب يقطر دماً ويعتصر ألماً والأسى والحزنُ يخيّمُ على رؤوس الجميع جراء ما يحدث على الأُمَّـة العربية والإسْلَامية عموماً، وعلى ما يحدث على أهل اليمن خصوصاً، وأنه من المؤسف جداً أن يجنّدَ العدو في هذه المؤامرة أَبْنَاء الإسْلَام واستُحضر فيها النفس الطائفي تارةً والمناطقي تارةً أُخْرَى، وكل عناوين الفُرقة والشتات واستَنفذَ فيها المسلمون كُلّ طاقاتهم المادية والبشرية والعسكرية لقتل بعضهم بعضاً نيابةً عن دول الكفر والاستكبار العالمي، مؤكدين بأننا جميعاً أمام مسئولية كبيرة لا يمكنُ لنا أن نتنصل عنها أَوْ نفر منها أمام هذا المشهد المأساوي والحال المخزي والمذل، لافتين إلى أن علماء اليمن الجريح والمظلوم يكتبون إليكم، ونود التواصل معكم رغم الألم والأسى الذي يعتصر قلوبَنا ورغم بشاعة العدوان، وكلنا أملٌ في رحابة صدوركم ووعي عقولكم وحياة ضمائركم، ولكون الشعب اليمني يكنّ للشعب السوداني الشقيق كُلَّ الحب والمودة، وعبر التأريخ كانت أواصر المحبة والإخاء تجمعنا تحت راية العقيدة الإسْلَامية السمحة ووشائج الجوار والقُربى.
وخاطبت رسالةُ علماء اليمن إخْوَانَهم في السودان: هل ترَون من الحكمة أن تعبّأ صدور المسلمين ويُجيَّشَ أبناؤهم وتملأ صدورهم بغضاً وحقداً وكراهيةً ضد إخْوَانهم المسلمين من أهل اليمن، أهل الإيمان والحكمة؟، وهل ترون من الحكمة أن يزجّ بأبنائكم وإخْوَانكم من شباب السودان لقتالِ إخْوَانهم في اليمن تحت ذرائعَ كاذبة وحججٍ مفضوحة؟ وهي ما يسمى بإعادة الشرعية تارةً، أَوْ الدفاع عن بلاد الحرمين الشريفين تارة أُخْرَى، أَوْ إعادة اليمن إلى حُضن الوطن العربي تارة ثالثة وهلّم جرًّا من هذه العناوين الكاذبة والمفضوحة التي يسوِّقها تحالفُ الشر والعدوان؛ خدمةً لأعداء الإسْلَام من صهاينة وأمريكان وعملائهم ومرتزقتهم من الحكام؛ بغرض السيطرة على بلاد وثروات المسلمين.
ولفت علماء اليمن، إلى أنه لا يوجد في كتاب الله وسُنة رسوله شرعيةٌ لجاهلٍ عَيٍّ وظالم ومفسدٍ ودميةٍ في يد الأعداء يتخذونه مطيةً وذريعةً لضرب الشعب اليمني وقتل أهله بكل وحشية وضراوة، وأن أَبْنَاء الشعب اليمني لا يشكلون خطراً على مقدسات المسلمين، مضيفين: وإن كنتم تظنون حقاً أن الشعب اليمني قد خرج من حضنه العربي والإسْلَامي فليس لنا إلّا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولنا الحق أن نسأل من يعيد من إلى حضن الإسْلَام والعروبة؟ ومن يطلب من للعودة إلى حاضنة العروبة والإسْلَام؟
وتساءَلَ علماءُ اليمن: هل ترَون القواعدَ الحربية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية في اليمن؟ أم هل ترَون اليمن قد عقد تحالفاتٍ استراتيجيةً كما يقال مع دول الكفر؟ أم أنه قد طبّع مع إسرائيل أَوْ سعى للتطبيع؟ وتبادل السفراء معها مقابل التخلي عن أرض فلسطين كما هي حال دول العدوان اليوم؟ أم أنه ضخ أموال المسلمين ومقدراتهم بمئات المليارات إلى خزائن دول الكفر ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا﴾.
ودعت رابطةُ علماء اليمن، العلماءَ في السودان الشقيق، إلى السعي من أجل إيقاف هذه الحرب الظالمة التي يشنّها عبيدُ الصهاينة والأمريكان ضد بلدكم الثاني وشعبه المظلوم في يمن الإيمان والوقوف بجدٍّ وعزيمة دون تحشيد وإرسال أبنائنا وإخْوَاننا من شباب السودان للحرب ضد إخْوَانهم في اليمن، بعد إيهامهم وتغريرهم بأنهم يحاربون روافضَ ومجوساً، ولقد علم الله وشهد أن أَبْنَاءَ اليمن المستهدفين بهذه الحرب الظالمة ليسوا روافض ولا مجوساً، ولا يمثّلون أَوْ يشكلون أيَّ خطرٍ على الإسْلَام والمسلمين، اللهم إلا ما بذلوه من أرواحهم ودمائهم وأموالهم وكل ما يملكون في سبيل هذا الدين لإعزازه وإعلاء كلمة الله وتحكيم شرعه بين خلقه، وما تسمعونه وتستنكرونه من رفع شعار البراءة من أعداء الله ورسوله إنما جاء بعد ظلمٍ مرير ومؤامراتٍ سعى العدو وما زال يسعى لتحقيقها في الوطن العربي على جهة الخصوص وسائر بلاد الأُمَّـة الإسْلَامية على جهة العموم، لا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، كما هو معلومٌ لديكم.
وعبّر علماءُ اليمن عن استعدادِهم الحضورَ إلى إخْوَانهم علماء السودان في حال رأوا ذلك؛ لمناقشة الوضع وتبادل الرأي فيه؛ للخروج بما تبرأ الذمةُ به أمام الله في الدنيا والآخرة على ضوء كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فالله تعالى يقول: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين﴾ ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذلُه ولا يكذبه ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، ويقول: (ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً عند موطن تنتهك فيه حُرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نُصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلَّا نصره الله في موطن يُحبُّ فيه نُصرته”.
واستغرب علماءُ اليمن، من الدور والموقف السلبي لعلماء ووُجهاء وحكماء الشعب السوداني المؤمن بالله وكتابه ورسوله من هذا العدوان الغاشم، وكيف سمحوا بأن يزج بأبنائهم إلى محارق الموت خدمة لأعداء الإسْلَام وتحالف البغي والعدوان، وكيف صمتوا وسكتوا وهم يرَون دماء أبنائنا وأبنائهم تُسفك على أرض يمن الإيمان والحكمة المعتدى عليه، مؤكدين أن هذا الصمت والسكوت والرضى لعلماء السودان مشاركة في الإثم والعدوان، ولا يعفيهم هذا الصمت من المسئولية الكبرى أمام الله سبحانه وتعالى، ويتحمّلون الحُجّة أمام الله إن لم يتحَـرّكوا ويجهروا بكلمة حق في وجه الذي يسوّق أَبْنَاء الشعب السوداني للقتال بغياً وعدواناً مع تحالف أعداء الأُمَّـة من الطغاة والمستكبرين مقابلَ ثمن بخس، وهم الذي في قدرتهم الضغطُ على هذا النظام الذي يتاجر بدماء أبنائه في سبيل الباطل، وفي قدرتهم أيضاً الدعوة إلى تحَـرّك شعبي ضاغط يمنعُه من الاستمرار في الدجل والتضليل والتغرير وتزوير الوعي وسَوْق شعب السودان إلى الموت في معركة خاسرة بعيدة كُلّ البُعد عن معركة الأُمَّـة التي يجب أن تكونَ ضد أعدائها وفي سبيل تحرير مقدساتها وأرضها وثرواتها واستعادة حُريتها وعزها وكرامتها، مستنكرين الحالَ الذي وصل إليه علماءُ السودان من الضعف والهوان وهم الأُباة الكُماة الأماجد المؤمنون الذين عُرفوا عبرَ تأريخهم المشرق بالجهاد ضد الطغاة والمستكبرين.
ولفتت رسالة رابطة علماء اليمن إلى ما تعرض له شعبُ السودان الشقيق من مؤامرات خارجية قسّمت أرضَه واستهدفت وَحدتَه بالغطاء والمال السعوديّ المسخر لتفكيك العالم العربي والإسْلَامي وإشعال الحروب بين أبنائه، بالإضَافَة إلى استهداف السودانيين من قبل أمريكا التي يعمل تحالف العدوان تحت خدمتها بعد أن قامت بضرب مصانعهم وانتهكت وما زالت سيادةَ بلدهم ومارست ولا زالت حصاراً خانقاً على شعبهم وحالت وتحول دون نهوض الشعب السوداني الشقيق وشعوب الأُمَّـة العربية والإسْلَامية، وأضافت الرسالة: كيف تحوّل نظامكم إلى حليفٍ لها ولعملائها من أمراء وحكام الجور والفسوق والفساد؟ وكيف يشاركهم اليوم في بغيهم وعدوانهم وتنفيذ مُخَطّطاتهم ومؤامراتهم على الشعب اليمني المسلم المسالم وعلى شعبكم وسائر الشعوب؟.
وأكد علماء اليمن، أن الأولى أن تكون دماءُ أبنائنا وأبنائكم التي يراد لها أن تُسفَكَ بين أَبْنَاء الإسْلَام وقوداً لتحرير المسجد الأقصى والقدس الشريف، وأن توجه بوصلة العداء لأعداء الإسْلَام الذين قال الله فيهم: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾.
وفي الوقت الذي تعبّر فيه رابطة علماء اليمن، عن حزنها وأسفها على كُلّ قطرة دم من دماء أَبْنَاء السودان الشقيق الذين يواجههم أَبْنَاءُ الجيش اليمني واللجان الشعبية اضطراراً ودفاعاً عن العرض والأرض والسواحل ضد الغزاة والبغاة والمعتدين، فإنها تحمّل علماء السودان المسئولية أمام الله في القيام بواجبها وكشف حقيقة المؤامرة للشعب السوداني الذي كنا ولا زلنا نُكِنُّ له كُلَّ الحب والاحترام، ونحرص على دماء أبنائه كحرصنا على دماء أبنائنا، وأن تقفَ وقفة جادة لمنع النظام من زج أبنائه في صفوف تحالف الشر والعدوان، مضيفة: نقولها نصيحةً وبراءةً للذمة وحرصاً لا خوفاً ولا هلعاً من المواجَهة مع كُلّ الغزاة والمعتدين أيًّا كانوا ومهما كان حشدهم وعددهم وعدتهم فنحن على يقين بوعد الله القائل: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِين﴾ والقائل: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين﴾.