التحرير.. ميدان العدالة
صدى المسيرة| تقرير| هاني أحمَد علي:
يشهَدُ الشارعُ اليمنيُّ في الوقت الراهن تفاعُلاً كبيراً مما يحقّقه سلكُ القضاء عبر أجهزته التنفيذية ومحاكمه ونياباته من انجازات كبيرة وغير مسبوقة لم تشهدها اليمن منذ عقود ماضية، وذلك في سبيل تحقيق العدالة والضرب بيد من حديد ضد كُلّ من تسول له نفسه الإخلال بالأمن وإقلاق السكينة العامة، إلى جانب الانجازات الأمنية المتلاحقة والمتسارعة لرجال الشرطة واللجان الشعبية في عموم المحافظات وتمكنهم من فرض سلطة القانون وردع كُلّ المجرمين والمخربين، وصار جميع سكان أمانة العاصمة وبقية المحافظات الواقعة تحت ظل العدوان الأمريكي السعودي وحصاره منذ ما يقارب العامين والنصف ينعمون بالأمن والأمان منقطع النظير في الوقت الذي يعيش سكان المحافظات الجنوبية التي تدّعي بأنها محررة والواقعة تحت سيطرة الاحتلال والغزاة الجدد، انفلاتاً أمنياً واغتيالات واقتحامات للمنازل واختطافات، وأَصْبَح الحديث عن قتلى وضحايا لا يخلو من عناوين الصحف والإعلام بشكل شبه يومي.
لقد حقق القضاء اليمني رقماً قياسياً في تنفيذ الأحكام القضائية الخَاصَّة بالقضايا الجنائية التي أخذت منحىً اجتماعياً وقضايا رأي عام، ولقي ارتياحاً لدى الأهالي والمواطنين وأعاد الأمل بتجدد ثقتهم بالقضاء بعد أن صار هذا الأمل مفقوداً بسبب الدور غير الفعال للأجهزة القضائية وتأخيرها في البت بقضايا جنائية والفصل فيها، حيث شهد ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء أمس الأول الاثنين 14 أغسطس الجاري، تنفيذ حكم الإعدام والصلب بحق الجاني حسين عبدالله الساكت المدان باختطاف واغتصاب وقتل المجني عليها الطفلة صفاء محمد طاهر المطري, وذلك بعد أسبوعين فقط من تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهم محمد مجاهد المغربي مغتصب وقاتل الطفلة رنا المطري يوم عيد الأطفال الفطر المبارك بمنطقة بيت معياد في العاصمة صنعاء.
وجرى أمس الأول، تنفيذ الحكم المؤيد من المحكمة العليا والمصادق عليه من رئيس المجلس السياسي بحضور أعضاء من المحكمة والنيابة الجزائية المتخصصة وأولياء دم المجني عليها، وحشد كبير من المواطنين، بحق المتهم الساكت، رمياً بالرصاص وسط ارتياح شعبي وهتافات جماهيرية تحيي العدالة وتشيد بدور القضاء في تطبيق العدالة ومعاقبة مرتكبي هذا الجرائم المدانة من المجتمع اليمني.
وكانت النيابة الجزائية المتخصصة وجّهت للمدان الساكت (22عاماً) مقيم في مديرية بني مطر، قيامه في الـ 9 نوفمبر 2015م، بالاختطاف والاعتداء على الطفلة صفا البالغة من العمر (5) سنوات، حيث استدرجها إلى منطقة مهجورة ثم قام باغتصابها وقتلها ودفن الجثة.
وفي قضية مشابهة، شهد ساحة ميدان التحرير يوم الاثنين 13 يوليو المنصرم، تنفيذ حكم الإعدام بحق مغتصب وقاتل الطفلة رنا المطري البالغة من العمر (3) سنوات، المتهم محمد مجاهد المغربي، بحضور المئات من المواطنين وأهالي الطفلة رنا، بعد تأييد محكمة الاستئناف في العاصمة صنعاء، في 9 يوليو الجاري، حكم الإعدام في مغتصب وقاتل الطفلة رنا تعزيراً في إحدى الساحات العامة، تأييداً للحكم الابتدائي الصادر بهذا الخصوص.
وكانت محكمة جنوب شرق العاصمة، قضت بإعدام الجاني محمد مجاهد سعد المغربي، رمياً بالرصاص بعد اعترافه بالتهم المنسوبة إليه باختطاف واغتصاب وقتل الطفلة رنا المطري البالغة من العمر ثلاث سنوات، في أول أيام عيد الفطر المبارك الماضي وقتلها بعد أن اغتصبها، وقد عثر عليها الأهالي في مخزن يسكن فيه بمنطقة بيت معياد، قبل أن يلوذ بالفرار إلى محافظة ذمار التي ينتمي إليها حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه هناك.
ويأتي تنفيذ الأحكام القضائية بحق المتهمين بارتكاب جرائم كبيرة لم يعهد المجتمع اليمني من قبل سماعها والتي من شأنها أن تثير الهلع والرعب في أوساط الأهالي، وسط أنباء عن تفعيل أكبر لدور القضاء في اليمن وتنفيذ أحكام أخرى تستهدف أمن المواطنين مثل جرائم السرقة التي أَصْبَحت هاجساً تؤرق الكثيرين لا سيما بعد انتشار عصابات نشل الحقائب النسائية في بعض الشوارع والأحياء الرئيسية على متن سيارات ودراجات نارية.
وقالت مصادرُ أمنية لــ “صدى المسيرة” إن ميدان التحرير سيشهدُ خلال الأيام القادمة تنفيذَ الأحكام قضائية بشكل عاجل، خصوصاً تجاه اللصوص الذي سيتم تطبيقُ شرع الله بحقهم وقطع أياديهم وسط ميدان التحرير أمام العامة، وهو ما يجعل هذا الميدان الشهير وسط العاصمة يتحول إلى ميدان العدالة، ما يجعل بقيةَ العصابات واللصوص والمجرمين يفكرون ألف مرة قبل أن يقدموا على ارتكاب جرائمهم وإقلاق السكينة العامة.
وكانت الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء، قد تمكنت الشهر الماضي من القبض على سارق حقائب النساء بالإكراه في منطقة حدة.
وقال مصدر أمني إن الأجهزة الأمنية في أمانة العاصمة استطاعت التعرف على سيارة المتهم من خلال منشورات مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفاً أنهم تتبعوا أرقام لوحة السيارة ومالكها حتى يتوصلوا للمتهم الشاب “غمدان الأكوع”.
وكانت مواقع التواصل قد اشتعلت بصور سيارة الشاب المتهم عند ارتكابه لجريمة وسط العاصمة صنعاء بسحب شنطة امرأة وإصابتها عدة إصابات، بعد أن قامت إحدى كاميرات المراقبة لمنشأة قريبة بتصويره.
من جانب آخر نجح رجال الأمن واللجان الشعبية شهر يوليو الفائت من استعادة سيارة مسروقة نوع “هيلوكس” خلال ساعات قليلة من سرقتها في سوق الآنسي بمديرية السبعين، وتأتي عمليةُ القبض على السيارة وسائقها في إحدى النقاط التابعة لقوات النجدة بعد عملية متابعة ورصد لتلك الخلايا الإجرامية المتورطة بزعزعة الأمن والاستقرار للمواطنين.
في الطريق.. الإعدامُ تعزيراً لعضو بخلية اغتيالات في صنعاء
وفي إنجاز قضائي جديد، قضت المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة أمس الثلاثاء، بالإعدام قصاصاً وتعزيراً بحق المتهم عبدالرحمن يحيى عبدالله القليسي أحد أعضاء خلية الاغتيالات بصنعاء وأرحب.
وقضى منطوق الحكم في الجلسة المنعقدة برئاسة القاضي محمد مفلح، بإدانة المتهم القليسي بما نُسِبَ إليه في صحيفة الاتهام المرفوعة من النيابة العامة، ومعاقبته بالإعدام قصاصاً وتعزيراً، كما أقر الحكمُ تنفيذَ عقوبة الإعدام جوار حديقة سعوان بالأمانة، مكان وقوع جريمة القتل وبحضور جمهرة من المواطنين وأولياء الدم، وإعادة الملف للنيابة العامة للتنفيذ.
كما قضى الحكم بالتصدّي لمن ذُكرت أسماؤهم على لسان المحكوم عليه في محاضر جمع الاستدلالات ومحاضر النيابة العامة والمحكمة , وإلزام مأموري الضبط القضائي بمتابعتهم وضبطهم وإعداد محاضر جمع الاستدلالات معهم وتقديمهم للنيابة العامة لاتخاذ الاجراءات القانونية وإفراد ملف بهذا الشأن وعدم التهاون مع مَن يقصر في ذلك وتقديمهم للعدالة.
وكانت المحكمة استندت في قرارِها إلى عِـدَّةِ إثباتات، منها اعترافاتُ المدان القليسي أمامَ المحكمة بأنه اشترك مع آخرين مجهولين في عصابة منظمة ومسلحة وهي خلية صنعاء والتابعة لما يسمى تنظيم القاعدة، وأعد المتهم ومن إليه مأوى للخلية بمنطقة أرحب محافظة صنعاء وعزّز ذلك المأوى بأنواع مختلفة من الأسلحة والعبوات الناسفة ووسائل المواصلات وَدراجات نارية للقيام بأعمال إجرامية من اغتيالات وتفجيرات بأمانة العاصمة متزامنة مع العدوان السعودي على اليمن ووزعوا الأدوار فيما بينهم.
وقد كان دورُ المدان ايصال منفذ العمليات إلى مكان الواقعة على متن الدراجة والمساندة بحماية ودعم منفذ العملية والفرار به عقب تنفيذ عملية الاغتيال بقصد زعزعة الأمن والاستقرار بأمانة العاصمة ونتج عنها اغتيال المجني عليه العقيد علِي زيد عبدالملك الذاري، أمام حديقة حي سعوان، وزرع عبوات ناسفة في عدة أماكِن بأمانة العاصمة لاستهداف نقاط أمنية وبعض الشخصيات الاجتماعية، وإحداث تفجيرات برمي قنابلَ في عدة مناطق على نقاط أمنية، ومقاومة رجال الأمن.
دورُ المجلس السياسي في تعزيز دور السلطة القضائية وتفعيل مؤسساتها
وتأتي هذه التطورات الجديدة فيما يخُصُّ الانجازات القضائية والأمنية على الساحة اليمنية، لتؤكد الدور الكبير للمجلس السياسي الأعلى في تفعيل دور القضاء وإعادة الروح إلى جسد أجهزته التنفيذية بعد أن ظل دور المحاكم والنيابات شبه ميت وغير فعال ولا يزال العشرات بل المئات من المتهمين في قضايا جنائية يقبعون خلفَ أسوار السجن المركزي منذُ ما يقارب عشرات السنين بانتظار تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم.
حيث أكد الرئيس صالح الصماد – رئيس المجلس السياسي الأعلى، بأنه لا يليق به شخصياً ولا ببقية زملائه في المجلس أن يكونوا مظلة لتعطيل إصلاح الأجهزة القضائية لرفع الظلم عن الشعب الذي فقد كُلّ شيء من ماديات الحياة ولا ينبغي أن نفقده أمنه وتوقه للعدل.
وأضاف الصماد في كلمته، قائلاً إن “ما بعد العام لن يكون كما قبله وأنا مضطر كرئيس للمجلس السياسي الأعلى وواجهة أمام الشعب أن أقول إن المجلسَ السياسي الأعلى بجميع أعضائه معنيون أكثر من أي وقت مضى بالتحرك الجاد والمسئول لتعزيز دور السلطة القضائية وتفعيل مؤسساتها؛ لتحقق العدل وتعالج اختلالاتٍ وإعادة النظر في كُلّ من يقف عثرة في سبيل ذلك من أي انتماء كان من رأس الهرم الوظيفي حتى آخره وفقاً للدستور والقوانين النافذة, لافتاً بأنهم معنيون بإصلاح الأجهزة الرقابية وتفعيل منظومة الرقابة الشاملة وإزالة كُلّ العقبات التي تقف أمام هذا التوجه وفقاً للدستور والقانون”.