تقريرٌ أممي يوصي مجدّداً بإعادة إدراج السعوديّة وتحالفها على “لائحة العار”
صدى المسيرة| تقرير:
تزامُناً مع نشر مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أمس الأول مسودةَ تقرير “سرّي” أعدّه الأمينُ العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يشير إلى تورط تحالف العدوان الذي تقوده السعوديّة على اليمن بارتكاب “انتهاكات جسيمة ضد الأطفال”، وشنّ ضربات جوية أدّت إلى “مقتل 502 من الأطفال وإصابة 838 آخرين” العام الماضي، التقى الأمين العام للأمم المتحدة، بالمشرف العام على مركز سلمان للإغاثة عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، على هامش فعاليات اليوم العالمي للعمل الإنْسَاني في نيويورك بحضور عبدالله المعلمي مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة، الأمر الذي يؤكد بذل السعوديّة جهوداً حثيثة وضغوطاً هائلة على الأمم المتحدة لمنع خروج تقرير وُصف بأنه “سرّي” يؤكد مسؤوليتها عن قتل مئات الأطفال من اليمنيين في حربها على اليمن المستمرة منذ عامين ونصف عام تقريباً، ويعيد إلى الأذهان الفضيحة الكبرى للأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون العام الماضي بعد رضوخه لضغوط المملكة وحذفها من قائمة العار جراء انتهاكاتها لحقوق الأطفال في اليمن وقتل غاراتها الجوية للمئات منهم.
إرسالُ السعوديّة المسئولَ على مركَز سلمان للإغاثة الإنْسَانية، للالتقاء بالأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك تزامُناً مع نشر التقرير السري الذي يؤكد مسئوليتها في قتل أطفال اليمن، يشير إلى قيام السعوديّة باستخدام المساعدات الإنْسَانية والاغاثية التي تموّلها لصالح مشاريع الأمم المتحدة كورقة ضغط مجدداً أمام نشر أية تقارير تؤدي إلى إدراجها ضمن القائمة السوداء، وهي الورقة التي نجحت في ابتزاز الأمين العام السابق من خلالها وتراجعه عن إدراج اسمها في القائمة.
وكانت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، قامت أمس الأول بتسريب تقرير “سرّي” حصلت عليه من مستشار أممي وأعدّه خبراء الأمم المتحدة بناءً على تحقيقات ميدانية وتضمّن اتهاماً صريحاً للسعوديّة بقتل مئات الأطفال باليمن.
وبحسب المجلة الأمريكية التي قالت بأنها حصلت على نسخة من التقرير الأممي، فإن ذلك التقرير مُكَوّن من 41 ورقة تضمن اتهاماً صريحاً للسعوديّة ودول التحالف بشن غارات تسبّبت بانتهاكات جسيمة معظمها ضد الأطفال وأدت لمقتل 502 من أطفال اليمن وإصابة 838 طفلاً آخر.
وكشفت “فورين بوليسي” أن الممثلة الخَاصَّة للأمين العام المعنية بالنزاعات المسلحة والأطفال، فرجينيا غامبا، تعتزم التوصية بإعادة إدراج تحالف العدوان على “لائحة العار” الخَاصَّة بالانتهاكات ضد الأطفال في النزاعات المسلحة، وذلك بعد أن نجحت الرياض، العام الماضي، بابتزاز الأمين العام السابق بان كي مون مادياً، ودفعه إلى إزالة المملكة وتحالفها من القائمة.
وعلى الرغم من أهميّة توصيات المستشارة، إلا أن القرار النهائي يعود إلى الأمين العام الحالي غوتيريس، الذي سبق أن قالت منظمات حقوقية إنّ مواقفه في ما يخص حقوق الإنْسَان “مخيّبة للآمال”.
ورأت “فورين بوليسي” أن نشر التقرير، الذي من المتوقّع أن يصدر في وقت لاحق من الشهر الحالي، وضع غوتيريس في موقف “صعب جدّاً”، معتبرة أن “قرار إعادة إدراج التحالف على قائمة العار قد يؤدي إلى قطيعة بين الأمم المتحدة والحكومات العربية.. وإذا قرر الأمين العام عدم التصرف فسيتم اتهامه بتقويض التزام الأمم المتحدة بحقوق الإنْسَان”. وأشارت المجلة إلى أنه “في فبراير الماضي، سعى غوتيريس إلى إيجاد حل وسط، مقترحاً تأجيل نشر التقرير من 3 إلى 6 أشهر؛ لتحفيز تحالف العدوان على تحسين سلوكه في اليمن”.
ومنذ بدء العدوان على اليمن في عام 2015، تتعرض الأمم المتحدة لانتقادات من المنظمات الحقوقية التي تتهمها بالتساهل مع دول العدوان، وخَاصَّةً السعوديّة، لا سيما بعد إقرار بان كي مون بأن قرار إزالة التحالف من قائمة الأمم المتحدة جاء تحت وطأة الضغط.
وفي هذا السياق، قالت نائبة مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أكشاي كومار، إنه “على الرغم من كُلّ الوعود التي قدمها السعوديّون إلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتحسين سلوكهم، لم تحدث أية تحسينات في حياة الأطفال اليمنيين، ولا تزال المدارس تتعرض للهجمات، ولا تزال القنابل تسقط، ولا يزال الأطفال يقتلون”.
وبحسب موقع المراسل نت، تقول مصادر دبلوماسية داخل الأمم المتحدة إن السعوديّة تمارس ضغوطاً هائلة على الأمين العام للأمم المتحدة لمنع صدور التقرير ويلمح الرياض بالمنظمة الأممية بالتهديدات التي سبق وتمكنت من إجبار الأمين العام السابق على إزالة اسم السعوديّة من القائمة السوداء، في خطوة وُصفت بأنها الأكثرُ سواداً في حقبة “بان كي مون”.
وتؤكد “فورين بوليسي” الأمريكية ذلك، حيث أورد التقرير أن مسؤولين سعوديّين تواصلوا مع مسؤولين بالأمم المتحدة بشكل سرّي وأبدوا اعتراضَهم على قيام الأمم المتحدة بتسريب التقارير قبل صدورها رسميًّا.
المسؤولون السعوديّون، بحسب المجلة الأمريكية، لجأوا لواشنطن التي بدورها بدأت تمارِسُ ضغوطاً لمنع صدور التقرير الذي تقول السعوديّة إنه لا يوجد مبرر له.
منظماتُ حقوق الإنْسَان التي طالبت بشكل مستمر بإدراج السعوديّة بالقائمة السوداء للأمم المتحدة كانت الأكثر ارتياحاً للتقرير المسرّب وبدأت تلك المنظمات تحَرّكاتها لمنع الأمم المتحدة من الرضوخ للسعوديّة.
وتواجه اليمن ما يتم وصفه بـ “أسوأ كارثة إنْسَانية منذ الحرب العالمية الأولى”، إذ أعلن المنسّق المقيم للأمم المتحدة في اليمن جيمي ماكغولدريك، أن عدد المحتاجين إلى مساعدات إنْسَانية في البلاد ارتفع إلى 20 مليون شخص.
وأوضح ماكغولدريك، خلال مؤتمر صحافي عقده في صنعاء قبل يومين من “اليوم العالمي للعمل الإنْسَاني”، أن تفشّي وباء الكوليرا رفع العدد من 18 مليوناً إلى 20 مليوناً، مشيراً إلى أن 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي و7 ملايين غير قادرين على تأمين أيّة وجبة غذائية في اليوم، في حين يحتاج 500 ألف طفل دون الخامسة إلى عناية خَاصَّة.