خطاب القائد: استكمال الثورة اجتماعية تحررية
أنس القاضي
كلمة قائد الثورة مثلت إعلانا ضمنيا لاستكمال ثورة 21 سبتمبر بذات النبرة الثورية، ومواجهة كل استهداف لخلخلة الجبهة الداخلية، لتتصلب وتثمر جهود مواجهة العدوان.
فمن جهةٍ أكدت على تفعيل الاجهزة الرقابية والقضائية، والتهديد بإرغام مَن يعرقل إصلاحها، ونفي أن يكون هناك ظهر قادر على حماية الفاسدين أيأ كانوا. ومن جهةٍ ثانية، حملت الدفع نحو محاسبة الخونة، ممن يخدم موقفهم تحالف العدوان وهم هنا في صنعاء، او في الخارج، ورفع الأيادي التي تحميهم كتيارات لا وطنية داخل المؤتمر الشعبي العام، وكذلك التمسك المبدئي بمسألة الحرية والسيادة الوطنية، ورفض كل مبادرات الاستسلام، وعدم القبول بتمريرها.
إن هاذين البُعدين، الاجتماعي، والوطني، في بذل الوسع لتفير لقمة الشَعب، وبذل أقصى الجهود، لتحرر العسكري وصيانة السيادة الوطنية، اللذان ورداً في خطاب السيد قائد الثورة، هما حاجتان لتطور شَعبنا اليمني، متناغمتان، لا يُمكن لأحدهما أن تنجح بدون الأخرى. وهذا التناغم -بشكل لا بأس به- في الدولة السورية، هو ما أتاح لها الصمود حتى اليوم، وقيامها بمراكمة انتصارات وتحرير محافظات وأراضي حدودية بعد أن كانت قد فقدت ثلثي مساحتها للجماعات المسلحة الإرهابية.
انشغل أنصا الله من بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر، بمواجهة العدوان والتصدي العسكري والأمني، لضرباته، وتم اهمال أو تأجيل الاستمرار في البعد الاقتصادي الاجتماعي كأحد أهم أهداف الثورة، الذي يُمكن تحقيقهُ عن طريق الرقابة ومكافحة الفساد والقضاء، إلا أن هناك قوى فاسدة تمانع القيام بهذهِ الإصلاحات مستفيدة من غطاء الشراكة، مما أوجد اختلال في تناغم العمليتين العسكرية والاجتماعية، خاصةً مع مفاقمة الحصار والاستهداف الاقتصادي المتعمد انتاجيا وايراديا ومصرفياً من الأزمة المعيشية، التي تجعل المجتمع في حالة تراخي وبيئة مواتية للعمل المعادي سواء بتخريب الوعي او تجنيده شرائح منه كمرتزقة.
وعلى المستوى الوطني، مثل التغاضي عن الأنشطة والمساعي السياسية التخريبية، وعدم اتخاذ مواقف ممن انحاز للعدوان، أتاح هذا التراخي، فرصة أن تُقدم مبادرات استسلاميه كالتي أطلقها البرلمان، وأتاح للقوى العدوان أن تخرب داخل الصفوف الوطنية حزب المؤتمر الشَعبي العام، فتوجه نشاطه إلى غير مواجهة العدوان، كأولويات الدعايات الانتخابية ضد الحلفاء المواجهين للعدوان، وأولويات المهرجانات الاستعراضية الحزبية، والتعبئة نحو الداخل، مما يدفع نحو تفجر الوضع، وهذه مساعي لمُضرة للمؤتمر بشكل كبير، وتسعى إلى استهدافه، ولا يُمكن تبرئة السعودية والامارات منها.
لابد من استكمال اهداف الثورة مؤسسيا واقتصاديا وسياسيا، ومن الدفاع عن السيادة الوطنية، وتحقيق السلام العادل، والمصالحة الوطنية وفق قانون العدالة الانتقالية، هذه هي حاجة اليمن للتطور الاقتصادي وللتقدم الاجتماعي الديمقراطي، الذي لا يقصي أي حزب من الواقع اليمني عن الشراكة الوطنية، ومن يقف عثرة في وجه ذلك، فهو يتصادم مع حركة التاريخ الموضوعية الأقوى من عوامله الذاتية، وسيكون، كالواقفين في وجه السيل، حسب تعبير عبد الله البردوني في مقاله بكتاب قضايا يمنية.