اللعب على ظهر الحمار
علي الدرواني
لا يخفى على المتابعين ان حزب المؤتمر الشعبي العام الى الان ومنذ تاسيسه لم يقم اي فعالية بمناسبة يوم تاسيسه ولا حتى بفعالية او ندوة او اي من هذا القبيل.. وبالتالي فمن حق الجميع ان يتساءل عن السر وراء اقامة هذه الفعالية وبهذا الاستعداد الكبير للحشد في يوم 24 اغسطس وفي مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد من العدوان الكبير والحصار والتصعيد الحالي الذي يقوم به العدوان ومرتزقته.
كما لا يخفى ايضا ان الشعارات التي يرفعها الحزب اليوم هي شعارات اشبه ما تكون بالدعاية الانتخابية في وقت ليس فيها انتخابات على المستوى المنظور.
الاحتشاد واحياء المناسبة وكذلك الشعارات التي ترفع ليست محل الجدل بذاتها.. وانما الجدل ينصب حول غياب اي رؤية للحزب في مواجهة العدوان.
ولهذا فهناك تفسيران منطقيان لما يجري احدهما ينطوي على حسن ظن كبير وهو يعتمد على مجريات الامور منذ خروج صالح من السلطة عام 2012 وتصرفات هادي ومعه علي محسن الاحمر وبقية الموقعين على المبادرة الخليجية حيث تم قصقصة اجنحة صالح في المؤسسة العسكرية واقالتهم الواحد تلو الاخر وبدأ هادي بسحب الولاءات في المؤسسات المدنية لصالحه بعيدا عن صالح ، وقد عبر احد الاعلاميين المرتبطين بصالح والمقربين منه في بداية العدوان على اليمن ان صالح استفاد من العدوان وعادت اليه بعض الشخصيات التي كانت وصلت الى حد القطيعة معه ، حتى انه كان يذهب اليه وهو في حوش منزله وحيدا الا مع القليل من الحيوانات المنزلية.
وعمل هادي جاهدا حتى وضع صالح في لائحة العقوبات الدولية وحظر السفر وتجميد الارصدة المالية الكبيرة التي يمتلكها صالح في البنوك الخارجية.. لم يكتف هادي بهذا القدر بل واصل اعماله في سبيل ماكان يسمى استكمال نقل السلطة حتى وصل به الحال الى السيطرة على جامع الصالح واقتحام قناة اليمن اليوم وكانت اخر الاعيب هادي والتي لم تكتمل هي السيطرة على حزب المؤتمر وعزل صالح من رئاسته.. الا ان ثورة 21 سبتمر اعاقت استكمال ذلك..
صالح كان يدرك جيدا من خلال كل ما جرى ان المجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية التي كان ابرز حلفائها في المنطقة لم تعد بحاجة اليه وكان ربما يحاول تقبل الامر لولا 21 سبتمبر الذي اعاد له بعضا من بصيص الامل بالعودة الى الواجهة السياسية وخصوصا ان انصار الله كانوا حريصين كل الحرص على مشاركة كل الاطراف السياسية في السلطة بما فيها صالح.
جاء العدوان السعودي الامريكي على اليمن في 26 مارس 2015 واضعا نصب عينيه ماسماها مواجهة الانقلابيين الحوثي وصالح .. وبدأت المفاوضات السياسية المعروفة التفاصيل وكان هناك حضور قوي لانصار الله في كل الجولات سواء في طرح الرؤى المنطقية للحلول او في الرد على اطروحات العدوان وادواته حتى كان السفراء المعنيون يجتمعون مع انصار الله اكثر من غيرهم ربما كان في ذلك ازعاج لوفد صالح في المفاوضات وتخويفهم لكن الحقيقة تبقى ان السبب هو ان انصار الله كانو يمسكون بزمام الامور سياسيا وعسكريا وأمنيا وبيدهم كل الخيوط بينما كان وفد صالح مجرد موافق على ما يقوله انصار الله.. وسمعنا حينها عن توبيخ كبير من صالح لعارف الزوكا على ادائه الذي لم يعجب صالح..
كنا نسمع حينها عبر وسائل اعلام ان المجتمع الدولي وخصوصا دول العدوان لا تريد صالح ممثلا لحزب المؤتمر لأن قيادة المؤتمر المعترف بها تقبع في الرياض
وهنا مربط الفرس بالنسبة لهذا التفسير الذي يحمل حسن ظن كبير وهو ان صالح الان يريد ان يقول انه هو حزب المؤتر الشعبي العام وانه رئيسه وخصوصا حملة قطع بطائق العضوية والاستقطاب الكبير الذي يقوم به الحزب في الاشهر الاخيرة.
لكن ووفق وجهة النظر هذه فان صالح اصلا لا يحشد انصاره الى السبيعن الا من بضع محافظات اغلبها هي محافظات ما يسميه العدوان اقليم صنعاء.. وهذه لا تمثل كل المؤتمر .. فاين المؤتمر في تعز؟ اين المؤتمر في شبوة مسقط راس امينه العام المساعد الذي يعمل على التحشيد الكبير في محافظات الشمال ويترك محافظات الجنوب؟ اين المؤتمر في مارب والجوف؟
هذا كله يجعل صالح وفقا لهذه النظرية مجرد لاعب في ظهر الحمار.. التعبير الذي اطلق على اقليم ازال السلسة الجبلية الوسطى وهذا لا يخدم صالح ولا المؤتمر لا من قريب ولا من بعيد.
اما وجهة النظر الاخرى السيئة الظن فتبني على عدد من المعطيات: منها
* تصريحات ولي العهد السعودي التي غازل فيها الزعيم مؤكدا انه يتخذ موقفا ضد العدوان تحت الضغط من قبل انصار الله.. ولو كان خارج اليمن لكان موقفه مختلفا.
* وبعدها اتت تصريحات السفير الامريكي ماثيو تولر….. بان هناك تواصلا مع قيادات محسوبة على صالح تقيم في دول من ظمن تحالف العدوان الاردن ومصر والرياض وانهم يبدون وجهة نظر غير متشددة عكس وجهة نظر انصار الله، واكد تولر حينها ان المعرقل لخطة ولد الشيخ بخصوص تسليم الحديدة هم انصار الله فقط.
* هذا بالاظافة الى مبادرة مجلس النواب المحسوب كل اعضائه المتواجدين في صنعاء على حزب صالح.
* ولا ننسى ان مجلس النواب الذي يهيمن عليه اعضاء الموتمر لم يتخذ اي اجراء عقابي بحق اعصائه الموالين للعدوان علنا والذين يلتقون ببن سلمان في الرياض، ولا حتى حزب الموتمر اتخذ اي اجراء ضد اعضائه او قياداته في الرياص.
* توصيات معهد واشنطن بالبحث عن صفقة مع الزعيم من اجل ان يبتعد عن تحالفه مع انصار الله ليسهل استهدافهم، حيث قال بالنص
(ويمكن أن يشمل ذلك المزيد من التعمق للبحث عن صفقة تسرّع تفكك التحالف بين الحوثيين وصالح من خلال كفاءة سياسية دبلوماسية).
* التحركات والتنقلات لقيادات في حزب صالح من والى الرياض، سواء من المقيمين في القاهرة او المقيمين في صنعاء، والتي تنبئ عن تنسيقات من نوع ما تتم فيما بينهم، وقد كشف موخرا ان تلك القيادات تعمل على الحشد ايضا من بلدان اقامتها في الرياض وغيرها.
* مع وجود قيادات موتمرية في دول العدوان الا ان وجود احمد علي في دبي يعد الاكثر اثارة للجدل، وخصوثا انه لم يتخذ اي موقف ضد العدوان منذ 26 مارس الى اليوم، وخرجت تسريبات ان الامارات سمحت بخروجه الى دولة اوروبية وخرج فعلا في اطار اتفاق ما للقيام بدور الى جانب العدوان لم تتضح معالمه بعد،
* ومن ذلك العمل الاعلامي المستمر والموجه ضد انصار الله من قبل كثير من الاقلام والنشطاء والاعلاميبن المقربين من الزعيم، تارة باسم المرتبات وتارة باسم السلام وتارة باسم الفساد.. وكلها دعاوى يعرف الشعب اليمني انها ابعد ماتكون عن الواقع وخصوصا ان اكثر المناصب الحكومية بايدي الموتمريين في جميع مفاصل الدولة، بدءا بالمحافظين ومديري المديريات ووكلاء المحافظين ووكلاء الوزارات ومدراء العموم في مكاتب الوزارات في صنعاء المحافظات وحتى الموظفين، وبالنسبة للجان الثورية فلم تعد تعمل وقد سلمت الختومات و كل شيء بناء على الاتفاق السياسي.
* اخيرا مايثير سوء الظن عند اصحاب وجهة النظر هذه هو طبيعة الشعارات التي سترفع في 24 اغسطس والتي تحمل طابع الدعاية الانتخابية، ومنها صور صناديق الانتخابات في وقت لا توجد فيه اي انتخابات والوضع كما بعلم الجميع، وهي ايضا تخلوا من عبارات التحشيد ضد العدوان او الاشارة اليه حتى.
* الاهم بين هذه المعطيات هو ان تحشيد الزعيم للسبعين للرقص والاحتفال والابتهاج يتزامن مع تصعيد كبير يقوده العدوان في مختلف الجبهات، وقد ذكرت تقارير اممية ان عدد الغارات التي نفذها العدوان في هذه الفترة تضاعفت بشكل واضح عن مقابلها في العام السابق.. ياتي هذا في ظل حديث عن الحياد والتفريق بين الجبهات الداخلية والخارجية وهو تفريق من يتملص عن التزاماته ويخذل الشعب اليمني ايضا عن دعم هذه الجبهات.
ومن كل هذه المعطيات تبني وجهة النظر ان هناك تنسيقا ما من اجل دعم العدوان مقابل دور مقبول لاحمد علي، والافراج او تخفيف القيود على ارصدة الزعيم المالية الضخمة.. وحتى اصحاب هذه النظرة يقولون ان الدور الذي يريد الخارج اسناده لصالح وابنه هو فقط على ظهر الحمار الاقليم السادس.