رحم الله الشهيد الملصي.. ورحم الله حزباً عرف قدر نفسه
مثلما هو الحلال بين والحرام بين وبينهما أمورٌ مشتبهات فإن ذلك ينطبق على بعض القوى السياسية داخل اليمن التي تدّعي مواجهتَها للعدوان وقد أَصْبَحت غارقةً في الشبُهات غيرَ متبرِّئة لدينها وعرضها.. فهي عندما ترفع يدَيها إلى السماء متضرعةً إلى الله بتحقيق النصر وتستغيثه يا رب يا رب.. فأنَّى يستجاب لها.
الضبابية التي تعيشُها بعضُ الأحزاب السياسية منذ بداية العدوان على اليمن قبل حوالي عامين ونصف عام وعدم توضيح موقفها بشكل مفهوم تجاه هذا العدوان لا سيما وأن أقوالَها في جهة وأفعالها في جهة أخرى، وليس هناك على أرض الواقع ما يؤكد مناهضتَها للسعودية إلى جانب الأحزاب والمكونات التي تقاوم العدوان منذ اليوم الأول وقدمت ولا تزال تقدم الشهداء تلو الشهداء والتضحية تلو التضحية بعكس الأحزاب الأخرى التي تواجه العدوان بالتصريحات الإعلامية والخطابات الاستعراضية بينما يقبع قياداتها من الصف الأول في فنادق الرياض وأبو ظبي وعمان.
وتجسيداً للمثل العربي الشهير “يكاد المريب أن يقولَ خُذوني” فإن تناقُضَ بعض الأحزاب السياسية لم يتوقفْ عن حَدٍّ معيّن، بل وصل بها الحال إلى أن تجعلَ من تمجيد وتقديس بعض الشهداء الأبطال شماعةً لإثبات وطنيتها التي أثبتها الواقع والمواقف في الميدان، فمنذُ استشهاد العميد البطل حسن الملصي “أبو حرب” في إحدى جبهات الحدود قبل عام من اليوم مسجلاً أنصع وأنقى صفحات البطولة والتضحية والخلود وصار أسطورةً يمنية في القتال وقُدوةً حسنةً لكل شباب ورجال اليمن، عمدت بعض تلك الأحزاب على استغلال هذا الاسم بعد أن كانت قد صادرت رُتَبَه العسكرية وحقوقه ورواتبه جراء مشاركته في المعركة ضد العدوان لتطلقَ بعد استشهاده اسمَه على أحد المعسكرات التابعة لها.
الغريبُ في الأمر أن معسكر الشهيد الملصي الذي وصل عددُ المتخرجين فيه إلى أَكْثَر من 14 دفعة عسكرية قتالية متدربة كان آخرها دفعة “سلّمْ نفسك يا سعودي أنت محاصر” المتخرّجة 27 – 09 – 2017، وقبلها تخرج دفعة جديدة من معسكر الشهيد حسن الملصي بتاريخ 22 – 08 – 2017 وكذا تخرج دفعة “أبو راوع” من المعسكر نفسه بتاريخ 15 – 05 – 2017، وقبل ذلك ما يقارب 11 دفعة، ولكن الأغرب من ذلك بأن هذه الدفع العسكرية المتخرجة من معسكر الشهيد الملصي بحضور رسمي وحزبي لم يُعرَفْ عنها شيئاً حتى اللحظة.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا ويفرضُه الشهيدُ حسن الملصي ويفرضه كُلّ أبناء الوطن.. لم تشهد جبهات القتال سواء الداخلية أَوْ الحدودية انضمامُ أي فرد من أفراد تلك الدفع اليها.. ترى لمن وأين ولماذا يتم تدريبُ هؤلاء المئات من المقاتلين وإعدادهم وتأهيلهم طالما وهم لن يشاركوا في الجبهات إلى جانب إخوانهم رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية؟! أم أنَّ المزايدة والتسويف والتضليل وخداع الرأي العام هو مَن يقفُ وراء تأسيس معسكر الشهيد الملصي الذي لو كان حاضراً بيننا اليوم لتبرّأ من هكذا مزايدة؟ كيف لا وهو من رفض بقاءَ نجله في المنزل ليرتقيَ شهيداً قبل والده بأشهر.. رحم الله الشهيد الملصي.. ورحم الله حزباً عَرَفَ قَدْرَ نفسه.