القدس مناط خطير!
منصور هذيلي
لنفترِضْ أنّ سياساتِ إيران من رفع شعارات معادية لأمريكا وإسرائيل ودعم مقاومة بين لبنانية وفلسطينية، لنفترض أنّها سياسات منافقة وظيفية تقصد في أقصى الأحوال تحقيق مكاسب وطنية إيرانية أَوْ قومية فارسية وُصُوْلاً إلى التمدّد المذهبي. المرء لا يملك إلا الإقرار بأنها سياسات مربحة محقّقة للمصالح والدليل أنّها مكنت إيران من حضور مؤثر في العالم. الكلّ يعترف أنّ إيران تحولت قوّة إقليمية وأنها تتحكّم بكثيرٍ من الملفات وتمسك أوراقاً متينة.
لنزهد في المبادئ وننظر في أمر إيران بعين براجماتية جدًّا. لماذا، ونحن نشهدُ نجاحَ سياسة رفع الشعارات والجهر بعداء مفتوح لأمريكا وإسرائيل، لا نعتمد هذه السياسات عربياً وتركياً، وأقرب من ذلك وأبعد؟ لنفترض أنّ هناك سياسات ثورة إيرانية على الطاولة وسياسات خيانة وتآمر تحت الطاولة. لماذا لا يعتمد غير الإيرانيين هذه السياسات وقد ثبتت النجاعة؟ يُرادُ منك أن تحسن الظنّ بالذين يقيمون العلاقات ويطبعون ويشاركون الأمريكي والإسرائيلي وفي المقابل تسيء الظنّ من يسبّهم. ألاحظ أنّها قسمة ضيزى وأنّ من يطلب منك أن تقفَ الموقفين المتناقضين إنما يريد منك أن تُقيل عقلك ويستدعيك إلى مربّعين معلومين: الّي ليك ليك وإلى خاطيك خاطيك.
ليس مطلوباً منك تقييمُ سياسات والحكم على هذا وذاك حسبما تقتضيه مقاييسُ السياسة. مطلوباً منك أن تبخسَ المنطقَ والعقلَ وتكون عنصريًّا. هذا لا يستقيم وهذا خطير. الإيراني خاطيك. هو فارسي وهو شيعي والتركي ليك؛ لأنه سني والعربي ليك؛ لأنه عربي. طيب والأمانة والخيانة ماذا نفعل فيها ومعها والهوان والكرامة؟ هذه أزمة أَخْلَاق.
الوضع قاسي الخطورة وتزداد القسوة في قادم المحطات.
نحن بمرحلة تفتح على كثير من المجهول إذَا تقدّم الإيرانيون نحو القدس وحقّقوا مزيداً من الانتصَارات ورصّوا مزيدًا من الصفوف نحو مدينة تسكن قلوب المؤمنين. إذَا كان منهم هذا وتأخر سُنّة وعرب سنة فذلك يكون مرارة للسنة وللعرب السنّة. وعليه وبالنظر لما كان خلال السنوات الماضية من حرص على مذهبنا السني، فنصيحتي لأهل السنّة أن يكون منهم انتباه مضاعف. لا تحسبوا أنّ الإيرانيين يلعبون. هذه واحدة والثانية أنّكم إن تخلّفتم تندثرون. لا تتركوا القدس للإيرانيين. ولا أقصد منعهم عنها، فتلك تكون خيانةً للقدس وإنّما نافسوا وتقدموا الصفوف. كونوا المعنيين بقول ربّكم: عباد لنا أولي بأس شديد. إذَا كانوا هم المصداق فذلك يكون تحوّلاً عميقاً في الإسْلَام وتغيراً ضخماً في واقع المسلمين.
وإني من الناصحين!.