الشرعية للواقفين مع شعبهم في وجه العاصفة
صلاح الدكّاك
أنصارُ الله ليسوا معنيين بإيجاد بدائل مؤتمرية للمواقع الشاغرة في الحزب سياسية أَوْ إعلامية.. ذلك شأنُ المؤتمر ذاته والمؤتمريين أنفسهم وهم أدرى بشِعاب تنظيمهم وهياكله وأُطُرِه.
كحركة وطنية ثورية تحررية فإن أنصارَ الله تتقاطَعُ مع المكونات الأُخْرَى حول قاسم مشترك واحد يتمظهر في الموقف المناهض للعدوان الامبريالي وتهدف من خلال هذه المواجهة إلى إنجاز قطيعة مع زمن الوصاية وانتزاع حرية واستقلال البلد؛ لذا فإنَّ تحالفاتها الاستراتيجية داخلياً وخارجياً ينبغي أن تكون بمحدد هذا التوجه التحرري وعلى رافعة لفيف المؤمنين به والمناضلين في سبيله أفراداً ومكوناتٍ وأحزاباً وتياراتٍ ودولاً وأنظمة.
الصدامُ مع (علي صالح) كان صداماً مع مُخَطّط فتنوي خياني انتهى بسقوط رموزه، لا صداماً مع المؤتمر الشعبي كحزب، وعليه فإن المؤتمر هو المعني بترميم بنُيته الحزبية وبلورة خطابه السياسي على ضوء متغيرات الصدام الأخير، فإما أن تؤول قيادته لدنابيع تحالف العدوان وهذا لا يمثل ضرراً على الأنصار، وإما أن يعيدَ هيكلة ذاته متخفّفاً من مراكز القوى والنفوذ المولودة من رحم الوصاية والمجهضة لإمْكَانات تحوله الوطني فيعبر صوب المستقبل الوازن مع الشعب وقواه الشريفة وتلك مصلحة له وللبلد.
إنَّ الحاجةَ اليوم وبالأمس هي إلى الموقف الوطني الشريف للقوى اليمنية الحية، لا إلى اليافطات الحزبية التقليدية والأختام والصفات التنظيمية، ولو لم يكن الأمر كذلك لَكانت البلدُ قد وقعت بين أشداق تحالف الغزاة الذي أمكن له في وقت مبكر شراءَ كُلّ الأختام واليافطات الحزبية برموزها وكبار سَحَرتها، فلم تغن عنه شيئاً ولم تحلُ بينه وبين الغرق في وحل الإخفاقات المتوالية..
بينما أبحرت القيادة الثورية والسياسية الوطنية الناهضة بجُهد إدَارَة المواجَهة مع تحالف العدوان الامبريالي، مجدفةً ومحققةً الانتصَارات بتخويل شعبي غير تقليدي وَفي خضم الشعب وبمَدَد وإسناد من الطبقات الشعبية المسحوقة والمهمشة والمقصية بوصفها صاحبةَ المصلحة الحقيقية من طَي زمن الوصاية والنفوذ وتحرير قرارها وترابها الوطني والدفاع عن حقها في الاستقلال أمام مؤامراتِ مراكز قوى الحكم بالوكالة التي فقدت مصالحها غير المشروعة محلياً وتحالف عدوان مديرها التنفيذي الأجنبي.
إنَّ مَن لم يعِ بعدُ أنه لا شرعية ولا قوة لغير الواقفين مع شعبهم في وجه العاصفة الكونية فذلك شأنُه، ومن حقه أن يلحقَ بسابقيه من عَبَدة العاصفة فلن ينضَبَ بحرُ شعبنا الشريف لمجرد أن مستنقعَ الخيانة ابتلع المزيدَ من الجيف، لكن بقاءَ هذه الجيف في الداخل مُضِرٌّ بصحة الوطن، ولا مجال للقبول به تحت أي مسمى براغماتي براق!
إنَّ السؤالَ (ماذا بعد عفاش؟) كالسؤال (ماذا بعد الدنبوع؟) كلاهما مضيعةٌ للوقت في مرحلة تقتضي أن نسألَ بثقة وطموح المنتصرين (ماذا بعد أبوظبي؟.. ماذا بعد نجران وعسير وجيزان؟)..
ومَن ينقلب على عقبيه فلن يضُرَّ اللهَ شيئاً.