اليمن ما بين ثورة الحمدي وثورة الحوثي
حُميد القطواني
عندما تحَـرّك الشهيدُ الرئيسُ الحمدي لبناء نهضة لليمن، بدأ بتحرير القرار الوطني وانتزاعه من السفارات إلى مؤسسات الحكم كضرورة، وذلك بإسقاط الوصاية الخارجية وأدواتها المحلية في حركة تصحيحية لمسار ثورة 26سبتمبر.
بعدها تمكّن من تثبيت الاستقرار وبسط الأمن ونفوذ دولة النظام والقانون على الجميع, فتحققت العدالة للمجتمع.
وَوضع الأُسُس العلمية لرؤية استراتيجية للنهوض بالوطن وبناء اقتصاد قوي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي والدوائي بالتركيز على التنمية البشرية، وتحريك عجلة الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية وقطاع الصناعات والحرف اليدوية على قاعدة اساسية وهي التعاونيات بين الدولة والمجتمع.
وَخلال ثلاث سنوات من فترة حكمه حقّق نجاحاً أثمر لأَكْثَر من عقد حتى تم القضاء على التعاونيات وتم تدمير مرتكزات النهضة الاقتصادية خلال فترة حكم من خلفه بتوجيهات الوصي الخارجي وتنفيذ أدوات الوصاية التي قامت باغتيال الحمدي وقضت على مشروع النهضة.
لقد نفّذت حكومات حاكم اليمن لثلاثين عاماً سياسات تدميرية للاقتصاد وحركة الإنتاج العامة والخَاصَّـة وافرغت عملية التنمية العلمية والمعرفية من فاعليتها وحولت بنى التعليم والتأهيل إلى محارق لمستقبل أجيال, وأفشلت أي توجه مجتمعي للبناء والإنتاج.
وعلى سبيل المثال لا الحصر, التعاونيات الزراعية والحيوانية, وتحويل الدروة الاقتصادية اليمنية من الإنتاج والتصدير إلى الاستيراد القمح الخارجي وبدعم حكومي للزراعة الخارجية على حساب الزراعة المحلية والى جانب ذلك نفذت حكومات عفاش سياسات مباشرة لمنع المزارعين من زراعة القمح في مقابل استيراده من الخارج بسعر مدعوم من حكومات عفاش, وبعد التأكد من اضمحلال الزراعة المحلية وصعوبة العودة لإحيائها من جديد, قامت الحكومة وبتوجيه من الوصي برفع الدعم عن القمح وتشجيع نزوح سكان الأرياف وبالذات الزراعية إلى المدن وَالهجرة إلى خارج اليمن..
وكذلك الحال بالثروة السمكية والحيوانية والصناعات المحلية البسيطة والحِرَف اليدوية التي تمثل ثروة بشرية ومعرفية اصيلة يتوارثها الأجيال ومنها تنطلق الامم لبناء الحضارات، انحسر الإنتاج فيها وتلاشت واختفت بشكل مريع، بفعل مؤامرات الوصي السعواماراكي التي نفذها أدواته الحاكمة في اليمن.
لم تنتهِ مُخَطّطاتُ الوصي السعواماراكي على اليمن ومؤامراته على الشعب اليمني لتحويله إلى شعب من الفقراء والجهلة وقطيع يقادُ ليُقدم قرابين في حروب الصهيوأمريكي, وَسوق واسع لأيادي العاملة بسقف المهن الحقيرة ومعمل تجارب لنظريات الإرْهَاب والموت ومنطلق لتصديره ومنطقة شعبها منكوب وخيراتها منهوبة، ولضمان ذلك لم تشهد اليمن حروباً وفتناً داخلية تطحن الشعب ببعضه وتطحن الشعب بالدولة، كما حصلت في فترة هيمنة الوصاية السعوأمريكية ما بين اغتيال الشهيد الحمدي وثورة الـ21من سبتمبر 2014 التي أسقطت الوصاية والهيمنة والنفوذ الأمريكي والسعودي على اليمن وأسقطت أدواته في تحَـرّك موفق ومسدّد ومبارك تدرج ضمن رؤية قرآنية واضحة لإنقاذ الشعب وتحقيق التطلعات ونيل الحقوق العامة والخَاصَّـة المسلوبة بعقيدة شخصت العدو الحقيقي للشعب اليمني والامة العربية والإسْلَامية في الصهيوأمريكي وأدواته الإقليمية والمحلية.
وبعد أن سقطت الأدوات في مربّع العدوان بالوكالة عنه لتركيع اليمنيين وإفشال ثورتهم, أقدم العدو الصهيوأمريكي بتحريك أدواته الإقليمية لشن عدوان عسكري على اليمن تحت إدارته المباشرة.
ليس تحاملاً وَلا تجنياً وإنما صدق واقع حفر هذه الحقائق في وعي كُلّ مواطن يمني يقدم دمه برضى واستبسال وقناعة في مواجهة العدوان والدفاع عن الشعب والثورة والوطن..
اليوم وبعد سقوط طابور الخيانة ومقتل زعيمها، الذي قرّر الانتحارَ مع طابوره قُرباناً على مذبح الخيانة خدمة لأطماع عدو الشعب التأريخي والأصيل، الأمريكي والإمَارَاتي والسعودي؛ بهدف إسقاط الدفاعات وتمكين الغزاة والعدوان من احتلال الساحل الغربي والعاصمة صنعاء وتفتيت اليمن واستعباد اليمنيين واذلالهم.
غبيٌّ مَن يعتقد أن أنهار الدماء المظلومة وقوافل التضحيات وحماتها الشرفاء من كُلّ اليمن, ومقدمتهم القوى الثورية وجماهير الثورة حاضنة الجيش واللجان، غافلون عن المؤامرات وَالدُّمَى والأدوار المشبوهة، والفرصة مبدأ، وَمخرجات الحكماء والعقلاء ومظلومية الشعب حجة كاملة، والشعب خلف القيادة الوفية له الجديرة بالثقة تحَـرّك بسقف الخيارات المناسبة وأحرق أخطر الأوراق واسقط معها كُلّ الرهانات والأطماع.
وهكذا انتهى مشهدُ الخونة وَزعيمهم بذات مصير المؤامرات السابقة وَمصير أدواتها، وهكذا بإذن الله سيكون مصير الخونة حتى وإن كان بسقف الإرباك والتعطيل البسيط كدرس وعبرة لتحالف الغزو والعدوان وأية أدوات تتجند معه.
ختاماً الثورةُ اليمنيةُ أنجزت الكثير في مسيرة التحرر والبناء الداخلي وترميم البيت اليمني ومدت جسور التواصل وقوارب النجاة لليمنيين المخدوعين كتل وأفراد يريد العودة للبيت اليمني بسقف الأخوّة واستحقاقات الثقة الطبيعية. وهي اليوم تقود الإرادة اليمنية لقطف ثمار الصمود والتضحيات حرية واستقلال وسيادة للدولة وعزة وكرامة ونهضة شاملة للمواطن والوطن لمن يسأل عن القادم الثورة اليمنية مستمرة بإرادة النصر.