الوعي أخطر المعارك
عبد الوهاب المحبشي
الناسُ كُلُّ الناس لا ينقصُهم الوعيُ بمن هو عدوُّهم ومَن هو صديقُهم، فالشمسُ لا تحتاجُ إلى دليلٍ، ولم يختلفِ العقلاءُ عبر التأريخ على أن مَن يستدعي الأجانبَ لتدمير واحتلال بلاده فهو عميلٌ وخائن.. مهما كانت ذرائعُه، ولو نفقت دعاياتُ الغزاة مؤقَّتًا..
الحيوانات تفهم ما معنى الدفاع في وجه من يعتدي عليها وتفهم الدفاع في مواجهة من يهاجم بيتها أَوْ صغارها..
في القُرْآن الكريم (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
مظفَّرُ النواب يؤكد:
الكلبةُ تحرُسُ نطفتَها
والقطةُ تحرُسُ نطفتَها
والنملةُ تعتزُّ بثقبٍ في الأرض
..
لا يوجد منطق يجعل مَن يدافعُ عن الأوطان مخطئًا، ومَن يبيعها ومن يساعد غزاتها بطلًا..
كان يوجد في التأريخ مرتزقة يستلمون الأموال ويعملون مع العدو..
لم يكن يوجدُ تجمُّعٌ إصْلَاحي ولا وهّابيون ولا محمد عزان ولا قطران ولا خالد رويشان ولا شهبور بخيتانان، حتى يجعلوا من العمالة ثقافةً وَحكمةً..
لم يكن حينها يوجدُ مَن “يتليقن” على حُماة الأوطان وحُرّاس الأرض والعِرض والدين..
لم يكن هناك مَن يخدم العدو، وإن اختلفت طريقة الخادم في تقديم خدمته..
خادمٌ يتضامَنُ مع الغازي ويبرر له ويشرح حُجَّته وهو أشجعُ الخُدَّام!..
وَخَادِمٌ يُساوي بين الغُزاة للأوطان وبينالمدافعين عنها: فيقلِّلُ إنجازات المدافعين عن الوطن، كما يقلل من بشاعة مجازر العدو!..
وَخَادِمٌ لم يستطع جعْلَ الغزاة ملائكةً، ولكنه يعمل ليلًا ونهارًا ليجعل الأبطالَ وحُماةَ الديار شياطينَ!.
وَخَادِمٌ يتظاهَرُ بالإنصاف مَرَّةً، وبالحياد أخرى؛ لينفث سمومَه في الثالثة.
وَخَادِمٌ ليس له شغلٌ إلا إرباك الصامدين في وجه العدوان، فهو يُثيرُ الزوابعَ، فيسبق المسيرَ أَوْ يتأخر عنه بشكل مستمر.. إما لحمق أَوْ لمكر!.
وَخَادِمٌ قليلُ العملِ كثيرُ المَنِّ يرتفعُ كالغُبار فيعمي الأبصار!..
وَخَادِمٌ قليلُ المعونة ثقيلُ المؤونة، فهو يخدمُ العدوَّ أكثرَ من خدمة العدو لنفسه!..
لم يكن في تلك الأعصار مَن ينظرون لخدمة الأعداء ويجعلون منها دواءً وشفاءً !.
لم يكن هناك “مغلطاي” يجعل الطُّهرَ عُهرًا والعُهر طهرًا.
لكن اليوم صار يخشى على الفِطرة من التضليل..
الفيروسات خطيرةٌ على الوعي.