أقلامٌ في وجه العدوان
محمد صالح حاتم
اليمنُ منبعُ الحضارة، وأصلُ العروبة، هكذا عُرفت اليمن منذُ القِدَم، وما زالت وستظلُّ، حتى يرِثَ اللهُ الأرْضَ ومَن عليها، واليمن أنجبت العديدَ من العلماء، وَالأدباء والشعراء والكُتّاب والمثقفين، الذين ورّثوا للأجيال العلم، والكتب النفيسة والمخطوطات النادرة.
واليمنيون هم أهل الفصاحة والبلاغة نقداً ونثراً وشعراً، لا يبارزهم في هذا المجال أحد؛ لأنهم العرب الأقحاح، ولكن للأسف هؤلاء الكُتاب والشعراء والمثقفون لم يحظوا بالرعاية والدعم من قبل الدولة، فلم يأخذوا حقهم إعلاميا ولم تنشر مؤلفاتهم، وتُقرأ كتبهم، وَكتاباتهم وتوزَّع كأقرانهم في الدول العربية الذين لم يصلوا في كتبهم ومؤلفاتهم وإبداعاتهم، إلى نفس إبداعات الكتّاب اليمنيين.
واليوم وفي ظل العدوان الظالم والغاشم والذي تجاوز مداه الألف يوم، ظهر العديد من الكتّاب الموهوبين والمبدعين، الذين يملكون أقلاماً ذهبية، وأفكاراً وطنية، واجهوا بها تحالف قوى العدوان، وفضحوا مُخَطّطاته وأثبتوا زيف وكذب إعلامه رغم الفارق الكبير بين ما يمتلكه العدو من وسائل إعلامية ضخمة، وحشد العديد من الكتّاب والأقلام والمحللين والخبراء السياسيين والعسكريين، من أجل تحقيق نصرٍ حتى إعلامي، فكبريات الصحف العالمية تكتب لصالح تحالف العدوان، وتحاول تحسينَ صورة التحالف وخَاصَّة مملكة بني سعود.
ولكن كان هنالك العديد من الكتاب والمحللين الشباب والمبدعين والموهبين اليمنيين، من فضح تحالف العدوان، وكشف زيف أهدافه، وما تنشره تلك الصحف والمواقع وتتكلم به العديد من القنوات التي اشتراها تحالف العدوان بماله.
ولكنها فشلت، وانهزمت أمام هذه الأقلام الوطنية، التي كانت كتاباتها من منظورٍ وطني خالص، ومساهمة منها في مواجهة العدوان، وهو أقل ما يمكن أن تقوم به من أجل الوطن الذي يرخص من أجله الدم والروح، وتجاهد به في سبيل الدفاع عن الوطن، ضد تحالف قوى العدوان، فكانت كتاباتهم عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك ومجموعات التلجرام والواتس اب، والموقع الإلكترونية، وبعضها تُنشر عبر الصحف الحكومية والحزبية والأهلية، كانت لها دور أساسي وكبير في مواجهة ومقاومة تحالف العدوان، كان وقعها لا يقل أهميّة عن رصاصة الجندي، وقذيفة المدفع، وضربات الصواريخ، في الجبهات، والتي ألحقت الهزيمة بتحالف العدوان ومرتزقته، وكشفت مُخَطّطات العدو وأفشلتها.
وهذه الأقلام التي أتكلم عليها وهي كثيرة، ليست أولئك الذين يعملون في المؤسسات الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة، أَوْ من تعلم وتخرج من كليات الإعلام والصحافة، وأنا هنا لا أقلل من دور هؤلاء، فلهم دور كبير، لكن الفرق أن من تعلم وتخرج واشتغل في الإعلام والصحافة فهذا نهج انتهجه وأصبح اليوم عمله ملزماً ومكلفاً بالقيام به، ولكن أتكلم عن أقلام مبدعة وتمتلك مواهبَ كبيرة، وعندها قدرات عجيبة في الكتابة نثراً، وشعراً، وتستطيع القيام بالتحليلات السياسية، وهذه الأقلام منهم من يعمل مدرساً، والآخر دكتوراً، والثالث محامياً والرابع مزارعاً، وهذا يشتغل في مطعم وذاك لديه عربية يبيع عليها، وهذا يعمل في بيع القات، وذَلك يجمع علب البلاستيك، والبعض لا يجد عملاً، لكن عنده القدرة على الكتابة، ويمتلك قلماً وطنياً شريفاً وحراً، فهؤلاء يجب على الدولة والجهات الرسمية الأخذ بأيدهم ودعمهم وإيلاء الاهتمام بهم، والاستفادة من خبراتهم وإبداعاتهم، وأن يتم تكريمهم حتى معنوياً، نظيرَ كتاباتهم وأن تقام لهم دوراتٌ تدريبية لصقل مواهبهم واكسابهم، بعض الخبرات المفاهيم والمصطلحات الإعلامية والصحفية، حتى يدعموا بها قدراتِهم ومواهبَهم الكتابية، وأن يستفاد منهم مستقبلاً في المجال الإعلامي والصحفي، وأن يُعطوا الفرصة للظهور إعلامياً، عبر شاشات التلفزة، وموجات أثير الاذاعة، في البرامج الحوارية، وأن يتم نشرُ مقالاتهم وكتاباتهم عبر الصحف الحكومية الرسمية، والصحف الحزبية والأهلية، ونشرها عبر المواقع الإلكترونية.
فالمعركة اليوم ليست معركةً عسكرية وحسب، بل للكلمة دورُها في أي حرب وللإعلام دور في صناعة النصر واللحاق الهزيمة، والحرب التي تشن ضدنا هي إعلامية وتضليل إعلامي، وتحت أعذار كاذبة، ولكن الحمد لله فعلى مدى أكثر من ألف يوم من الحرب، لم يستطع العدو تحقيق أي نصر حتى إعلامياً، وذَلك بفضل الله، ودور الإعلام الذي عمل على تماسك الجبهة الداخلية، ومقاومة العدوان إعلامياً، وإفشال مُخَطّطات العدو.
وعاش اليمن حراً أبياً، والخزي والعار للخونة والعملاء.