هل سيتوقف العدوان على اليمن بعام 2018م وما هي المؤشرات؟
زين العابدين عثمان
لا يبدو أن لدى السعودية وحلفائها نوايا حقيقية للاستمرار في الحرب على اليمن أَكْثَر من 1000 يوم، خُصُوصًا بعد أن انقلبت موازين الحرب وأَصْبَح طرف الجيش اليمني واللجان الشعبية يمتلكون برنامجَ ردع صاروخي مكّنتهم في فترات متلاحقة من إيصال نيران الحرب المتوقدة باليمن إلى عمق الأراضي السعودية بما فيها العاصمة الرياض، وذلك عبر سلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية التي طالت مُؤَسّسات الدولة ومفاصلها الحيوية. وربما أن هذا هو السببُ الرئيسي الذي وضع السعودية وحلفاءَها أَمَام حقيقة مفادُها بان خيار الاستمرار بالحرب في اليمن يشبه تَمَامًَا القفز على منحدر دون مظلة، وبمعنى أَكْثَر دقة “العواقب ستكون مدمرة على الاقتصاد والأمن القومي السعودي وخيار استمرارية الحرب في اليمن سيكون خطوة انتحارية بكل المعنى”.
هناك أصواتٌ دولية من تحت الطاولة بدأت تتباين من حيث تقدير الموقف العسكري والسياسي بشأن العدوان الذي تقودُه السعودية على اليمن، حيث بدأت تلك الأصوات تسلط الضوء على فرض قواعد لإنشاء تسوية سياسية تحل الأزمة باليمن، وكان مساعد وزير الخارجية الأمريكي تيم لندر كينغ قد أوضح خلال تصريح أدلى به قبيل أيام: إن الولايات المتحدة ترحب بانخراط الحوثيين في المسار السياسي شريطة توقفهم عن استهداف السعودية بالصواريخ، مؤكدًا في الوقت ذاته أن لا حل عسكريًا للنزاع في اليمن.
هذا التصريح الذي لا يبدو عليه رسمية الإدَارَة الأمريكية الكاملة إلّا أنه يحمل واقعًا شخّص خلاله الحرب التي تقوم بها السعودية على اليمن وتداعياتها المدمرة التي ستنصبُّ على السعودية بالمستقبل.
النظامُ السعودي ومن بعد وصول الصواريخ اليمنية إلى العاصمة الرياض بات يعيشُ وتيرة من الرعب والارتباك والهستيريا السياسية في نفس الوقت، فعندما قامت القوة الصاروخية اليمنية بإطلَاق صاروخ باليستي استهدف مطار الملك خالد بالرياض حاول النظام السعودي أن يُروّجَ بأن الصاروخ إيراني وذلك لحرف انظار العالم عن تداعيات الصاروخ وآثاره التدميرية التي لحقت بالمكان المستهدف وكذلك تغطية على فشل الأنظمة الدفاعية “الباتريوت” وكان ذلك من خلال توفير زخمٍ دوليٍّ يقوم على أساس التنديد واتهام إيران بتوريد الصواريخ لليمن، وهذا ما يفسّر مسرحية مندوبة أمريكا بالأُمَــم المتحدة نيكي هايلي بعرضها بقايا صاروخ محطم.
توقع النظام السعودي بأن هذا الأمر سيكون كفيلًا بالضغط على الحوثيين كي لا يطلقوا صواريخ أُخْرَى على الرياض، لكن ما لم يكن بالحسبان حصل، ففي حين كانت النظام السعودي يجمع أصواتًا دولية ؛ للتنديد بالصاروخ الذي استهدف مطار الملك خالد، إذ بصاروخ باليستي جديد أطلقته القوة الصاروخية اليمنية استهدف قصر اليمامة الواقع في قلب الرياض، وبالتالي هذا هو ما جعله -أي النظام السعودي- يمسي في صراع ذاتي دفعه لارتكاب عدة مجازر مروعة بحق المواطنين اليمنيين، في صورة تعكس مدى التخبط والعجز التام الذي يعانيه النظام أَمَام الضربات الصاروخية اليمنية.
لم يكن صاروخ قصر اليمامة عاديًا في مضمونه، بل كان هو الكلام الفصل الذي يحوي استراتيجية الردع والرد بالمثل، وقد جاءت على لسان قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير، حيث أبان بأن الصواريخ ستستمر في التساقط على الرياض وأراضي المملكة في حال لم تتوقف الحرب على اليمن ولم يرفع الحصار.
النظامُ السعودي بات محتمًا عليه من اليوم أن يأخُذَ كلام السيد الحوثي بعين الاعتبار وأن يعود لطاولة المفاوضات؛ كون وقتها أَصْبَح ملحًا أَكْثَر من أي ظرف مضى، سيما وأن الشعب اليمني ذاهب نحو كارثة إنْسَانية محققة وَغير مسبوقة، وبالتالي فخيار الحل السياسي هو الخيار الأنسب في الوقت الراهن الذي سيجنب السعودية مزيدًا من الضربات الصاروخية المجحفة والماحقة باقتصادها وامنها القومي من جهة ويجنب الشعب اليمني كارثة حقيقية من جهة أُخْرَى، إذ لم يعد نتائج من العدوان القائم على اليمن سوى مزيدٍ من الدمار ومزيدٍ من التداعيات الكارثية التي لا تجبرها عقود من الزمن.
نعلم أن قرار إيقاف الحرب على اليمن هو من واشنطن؛ لذا فالسؤال المطروح أولًا وأخيرًا هو: هل ستقبل السعودية والطرف الأمريكي على وجه الخصوص بتهيئة الوضع لإنشاء قاعدة للتسوية السياسية باليمن وانتشال المملكة من جحيم الصراع القائم قبيل الدخول بالعام الجديد 2018 أم أن لدى الإدَارَة الأمريكية نوايا مغايرة تتمثل في إبقاء الوضع على ما هو عليه وترك المملكة تستمر في ضرب رأسها بالصخر رغم العواقب والتداعيات؟