رسالة إلى رفيق!!
عبدالله الأحمدي*
في علمِ الثورة هُناك ما يُسمَّى باللحظة الثورية، التي تعني مزاج الجماهير، ومع مَن تصطف وماذا تريد. إنَّ الجماهير بمزاجها قد تنجرف خارج التغيير الثوري؛ لأنها في لحظة انفجار وغضب، ودور الجماهير في التأريخ هو دور عفوي، والحركات السياسية هي من يمكن أن توجه هذه الجماهير وتعقلن فعلها الثوري..
المشهد السياسي في البلد يشير إلى انحلال القوى التقليدية المتكونة من شيوخ الاقطاع، وكهنوت الدين، وعسكر الفيد، وموظفي الفساد، بمعنى أدق كُلّ طبقات الاستغلال القديمة تنهار، وتتفسخ، مُخلية المجال للقوى الثورية الجديدة إذَا اجادت هذه القوى دورها في اقتناص وتوظيف اللحظة التأريخية.
قلنا لليسار منذ ما قبل الحرب والعدوان، واعني بذلك رفاقنا في الاشتراكي انكم خارج اللعبة، ويجب أن تحددوا مكانكم، وموقفكم. الآن ثبت انكم خارج اللعبة، وأن من أيدوا العدوان ذهبوا في الطريق الخطأ، وأعني بذلك من يدعون اليسارية، والقومجية.
دولُ العدوان تستبعد الاشتراكي من تعاملاتها، فهي لا تريد يسار، أَوْ قوميين، هي تتعامل مع أدواتها القديمة، بل انها تتصرف ضمن اجندة خاصة بها، بعيداً، حتى عما تسمى بشرعية الفنادق، لقد رأيناها تعقد صفقات مع عملائها بعيداً عن كُلّ الاعراف، ودون احترام لمن تدعي لهم الشرعية، وتعتدي على اليمنيين باسمهم. وانتم تعلمون كيف ضج السعوديون حينما عقد محمد المخلافي اجتمَاعاً لكوادر الحزب الاشتراكي في الرياض في أوائل العام 2016 م مقدمين احتجاجا لدى حكومة الفنادق على مثل ذلك الاجتمَاع. وفي مرة أخرى أغلقوا القاعة بالشمع عندما أرادت بعضُ المكونات عَقْدَ اجتمَاع لتحالف مؤيد لشرعيتهم. السعوديون لا يريدون ناساً لديهم فكر، أَوْ قضية، هم يريدون مرتزقة ومطبلين، وبيّاعين، وماسحي أحذية.
أعتقد أن على قيادة الاشتراكي في الداخل أن تعقدَ مؤتمراً تحدّد فيه مهامَّ المرحلة على ضوء التغييرات المتسارعة في البلد، ولا تنتظرُ الأوهام التي يسوّقها عملاء العدوان.
لقد علّمنا الحزبُ أن السعودية هي العدو التأريخي لشعبنا، وهذه حقيقةٌ لا يجحدُها إلّا جاهل، أَوْ خائن. أما الفأر هادي فتأريخه أكثر من أسود، فهو مجرم مذبحة 13 يناير 1086 م، وبطل غزو الجنوب مع عصابة 7/7 الدموية التي دمرت كُلّ شيء في البلد، واليوم تنبطح أمام العدوان، وتتآمر على قتل اليمنيين، ودمار بلادهم.
لديّ اعتقادٌ راسخٌ أن القوى الثورية هي تلك التي أنجزت مهام الثورة، وأزاحت كُلّ قوى الفساد والطاغوت، وتصدت للعدوان الهمجي، والآخرون يتفرجون، أَوْ في الطريق الخطأ.
القراءةُ العلمية للمشهد تقول: إن القوى التقليدية تتحلل وهي في الطريق إلى الانقراض، وأن حركة الانصار وحلفاءَها والحراك في الجنوب هم القوى الصاعدة. مؤتمرُ عفاش انتهى، والإخوان انتهوا قبله، ولولا المالُ صب في جيوبهم، والسلاح الذي أجزله العدوان عليهم لما بقي إخواني. أؤكد، إذَا لم يحدد الحزب موقفاً مما يجري، ويلتحق بالثورة فإنه سيتحلل كغيره من القوى الاجتمَاعية التي انتهى عمرها الاجتمَاعي.
الحزبُ كان دائماً في صف الثورة، وشباب الحزب هم من أشعلوا ثورةَ فبراير والكثير من الكوادر اشتركت في إزَاحَة قوى الاقطاع من المشهد، ومُؤَسّس الحزب عَبدالفتاح قال: إن الحزبَ ممكن أن ينتهي في حالتين: إذَا ترك أعضاءه، أَوْ تخلى عن الوحدة اليمنية. والكثير من القيادات تخلت عن الأعضاء وذهبت تلهث وراء المصالح الخاصة، والناس تعاني والوطن يتمزق، وتتعرض أراضيه للاحتلال.
لا نرضى لقيادات الحزب أن تتسولَ مواقفاً، كما يفعل القومجيون الذين يتسوّلون هنا وهناك، ويرتمون في أحضان العملاء والعدوان، وما زالت جثامين شهدائهم مخفيةً لدى من يتسولونهم، فموقفٌ مثل هذا يبدو مخزياً، ولا يمكن تقبله.
الاشتراكي لديه قضية يجب أن يناضل من أجلها، بعيداً عن التبعية والارتزاق، والارتهان للأعداء سواء المحليين، أَوْ الأجانب.
*مسؤول الدائرة السياسية للحزب الاشتراكي فرع تعز