اليمن.. قراءة في الألفية الأولى وملامح القادم
حميد القطواني
بإيجاز سريع نستخلصُ مخرجات حرب الألف يوم كمحطة منفصلة كليّاً عن المحطة القادمة التي سوف نحاول دراسة ملامحها من كُلّ النواحي:
خلال الألف بدأها تحالف الغزو والعدوان منطلقاً مِن ذروة ما يمتلكه من أوراق وقدرات وطاقات وإمكانات معنوية ومادية ولوجستية حشدها ووظّفها هرم ذلك التحالف من رأسه الأمريكي حتى أحقر مرتزق، ووجهها لضرب الدفاعات الأمنية والعسكرية وتفكيك بنية الصمود الاقتصادي والسياسي وإرْهَاب المجتمع الحاضن وإرهاقه معنوياً واقتصاديّاً لم تحقق شيئاً طيلة 950 يوماً.
وأمام أفق ميدانيٍّ مسدود امام أي نجاح لأطماعه وأهدافه عزّز عدوانه بخنق المجتمع المحاصر طيلة تلك الفترة وحرك إلى جانب ذلك آخر أوراقه وأخطرها في الجبهة الداخلية لتقطفَ نتائج ذلك من معاناة وضيق وتعب وإرهاق إلى سلة مبادرة الاستسلام وبعدَ إجهاضها أرادها العدوان انتفاضةً داخليةً ضد الدفاعات وفوضى تفتت مرتكزات الصمود والقوة الشعبية.
فخسر ذلك الجواد وسقط الرهان الأخير وتبددت آمال المراهنين عليه وانتهت الألف يوم بخلاصة سريعة:
– على المسار العسكري للعدوان تضعضع مفاصل السيطرة والقيادة وتلاشي الفاعلية الدفاعية والهجومية في الميدان على امتداد الجغرافيا العسكرية داخل اليمن وفي العمق السعودي.
– وهذ عامل يعزز فرص نجاح استراتيجية الجيش واللجان الشعبية للانتقال من الهجوم إلى الاجتياح يضاف إلى ذلك اكتمال البيئة المثالية لوجستياً وَشعبياً وسياسيا وعسكريا وأمنياً لتعبئة تلك الاستراتيجية بكل ثقلها في قابل المرحلة القابلة لتنفيذ الخيارات الاستراتيجية الرادعة بسقف عالٍ جداً تضع في اعتبارها استحقاقات مصيرية ووجودية.
الى جانب ذلك تشكل ملامح عن قرب دخول الدفاعات الجوية إلى الخدمة بفاعلية أَكْبَر وتوسع دائرة الردع البالستي اليمني نوعاً في الأهداف وكماً لاهم مصادر الحياة وتحويل الأزمات التي تمر بها إلى كوارث بسقف معركة المصير.
– في المسار السياسي دول العدوان قزمت وحجمت الورقة الإخوانية قرباً وخدمة للورقة العفاشية التي كان الرهان عليها رهانا حياة وموت, فخسر العدوان ثقل الأوْرق التي احرقها بيده وفقد الورقة والجواد الذي راهن عليها , وانتهت الألف اليوم بمشهد يماني يتنظم ويراكم ويوظف نحو التنامي والبناء والتطوير لمعركة الدفاع والردع وَمتماسك اجتماعياً ومستقر أمنياً رغم المعاناة المعيشية يستمد صموده من أبناء القبيلة والمدن وليس من النخب الرموز.
ومشهد آخر تحت الاحتلال قائم على أوراق محروقة وفاقدة للأثر والفاعلية, شعبيا محتقن ومفكك قابل للانفجار في كُلّ الاتجاهات لا يخدم إلّا ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المعبرة عن إرَادَة اليمنية التي نجحت في إدَارَة الوضع الداخلي تحت سيطرتها وَشكلت بنية امن واستقرار متماسكة واسوار صلبة للدفاع وقادة الاستحقاقات نحو معركة الانتصار للمظلومية والقضية اليمنية وفرضت واقعاً مناسباً سيكون أرضية لإنتاج تحالفات وتوازنات على الصعيد المحلي والدولي..
ورقة الحصار والخنق سوف تسقط اجباريا نظر للتالي:
الأول: اتجاه إرَادَة لشعب اليمني والقيادة لتفعيل القدرات والطاقات والإمكانات المتاحة نحو البدائل الاقتصادية والمعيشية المحلية وفق رؤية تحقق مستوى مقبول في المدى المنظور واخر قيود ونفوذ التعطيل الخارجي سقطت وَان بقى اثر محدود والأمريكي أَكْثَر من يدرك ذلك.
الثاني: انطلاق مرحلة جديدة من الردع البحري الهجومي لقطع شرايين دول العدوان في البحر والبر إلى جانب يحول الأزمات التي تعيشها دول العدوان إلى كوارث.
رابعاً: الارتداد العكسي للحصار على المستوى الصعيد الدولي الذي جعل دول العدوان تحت مطرقة الابتزاز المادي وسندان الضغط السياسي يقود التحالف نحو استنزاف حاد وكبير..
الرتبع: ثبوت عدم جدوائية فاعليتها المعنوية والمادية في كسر الإرَادَة أَوْ اعاقة التحرك أَوْ كسب الوقت ولذلك فالرهان على الحصار في كسر الإرَادَة والكسب في معركة الميدان يشبه الرهان على احتواء بركان قريباً من الثوران في وعاء والانتظار انتحار..