الاستهتار الكامل بحياة البشرية
وسام الكبسي
في عالم خالٍ من الإحساس، ميت الضمير، فاقدٍ لإنْسَانيته تمامًا، في هذا العالم الذي يقف متفرجاً على مدرجات ملعب العدوان البربري الغاشم ليشاهد بأم عينيه المجازرَ البشعة التي ترتكب في الأرض اليمانية الطيبة، بحق شعب الأنصار الأُبَاة.
دولٌ، حكومات، منظمات، برلمانات، سياسيون، أكاديميون، حقوقيون، اعلاميون، وكُتّاب ومثقفو وشعراء، علماء وروابطهم، كُلّ النخب ومسمياتهم الخالية من الشعور بالمسؤولية والإنْسَانية وحتى الحيوانية، في العالمين المسمى جِزافاً العالم العربي الإسْلَامي، والعالم الآخر الغربي والشرقي، جميعُهم مشاركون لما يجري في حق الإنْسَان اليمني من ظلم لا مثيل له على وجه الأرض، وانتهاك بحق الإنْسَانية لم سبق له مثيل؛ بسبب العدوان الأمريكي التي تقوده مملكة المهافيف ولم يشهد التأريخ مثلَ همجيته وصلفه وجرمه.
عالمٌ صامتٌ مشترَى بالمال المدنَّس، وآخر خانع متوجس خيفة يدفع (الغرم) بالمال والبشمرغة لقتل أحفاد الأنصار، وعلى رؤوس الجميع أمريكا وإسرائيل.. يتسابق العالم الرخيص المنحط القيم، والمنعدم المبادئ، عالمٌ بأنظمته محشور في الأسواق يباع كالرقيق في القرن الواحد والعشرين، لاهثاً خلفَ المال، منقادين خانعين لسلطان المال والعهر، منبطحين أيما انبطاح لا يقوون على رفع القدَم الموضوعة على ظهورهم، بل إنه حين يلتفتون وإذا بها قدم أمريكا وإسرائيل تسال لعابهم ويسارعون للحسها ككلاب جائعة ضالة.
يرون الجرائم البشعة والأجسام المتفحمة المقطعة يومياً ليلاً ونهاراً.. نساء، وأطفال، كبار، وصغار، في البادية والحضر، في كُلّ شبر من أرض السعيدة قتل ودمار، مآسٍ ومناظر تقطع القلوب شفقة ورحمة لمن كان له قلب قُدَّ من حديد..
يقتلون الشعب اليمني بدم بارد، وأعصاب هادئة، بنفوس شريرة متلذذة بمشاهدة المناظر البشعة والأجسام المتفحمة، والأمراض المنتشرة والأوبئة الفتاكة والقاتلة، وَحالة الفقر والمجاعة المنتشرة كالنار في الهشيم جراء الحصار الخانق على كُلّ المنافذ البرية والبحرية والجوية، حصار لم يستثنِ شيئاً كجزء من العدوان الذي لم يبقِ على شيء.. وهم يحدقون في مشاهدتهم لمآسينا بعيون أعماها الحقد وخطف بصرها المال والخوف من الجلد وحكم الردة لمن لا يلتزم بطاعة ولي أمرهم الظالم الباغي الذي يسوقهم كقطيع من الأبقار لرعاة البقر من الأمريكان وهم ينظرون..
وفصول مسرحيتهم تمر بنا في نهاية العام وبعد الألف يوم من القتل والحصار، وحصارهم يشتد، وقتلهم بنا يزداد بشاعةً وجرماً ليصل حد الإبادة الجماعية لشعبٍ يعيشُ الغُربةَ، مقاوم لظلمهم، وجبروتهم، وطغيانهم، وعدوانهم البربري بصمود، وصبر، وتوكل على الله، وثقة به وبنصره.
نعرفُ أن تصعيدَهم في هذه الأَيَّام خَاصَّة على المواطنين، واستهداف في وضح النهار، ترصد لأماكن التجمع في الأسواق، وأماكن الأفراح والتعازي، والإمعان في الجرم والقتل.. ما هي إلّا رسالة من عدة رسائلَ مفادُها أن العام القادم سيكون أكثر جرماً وانتهاكاً بحق الإنْسَان اليمني، كما كانت بداية عدوانهم في حق المواطنين هكذا انهم هذا العام وبعد الألف يوم من القتل والدمار والحصار والجوع، ظنًّا منهم أننا سنستسلم أَوْ تخضع.. ولم يعِ المهفوف على الإطلاق بأنه شعب عصي، أبيٌّ، شجاع، كريم، اصيل، رفيع الحسب، عالي الشمائل، صافي المنيع.. لم يقرأوا التأريخ ولم يعتبروا من الحاضر ولن يستفيدوا من التصعيد وارتكاب الجرائم سوى الخسران في الدنيا والآخرة..
نعرف أن كبرَهم وغطرستهم وظلمَهم سيسوقُهم إلى نهايتهم المهينة وسيلحقون بمَن سبقهم من جبابرة اليمن وطغيانها.. كما لم تنفعوا فراعنة اليمن كذلك قسماً لن تنفعكم أمريكا وشياطينها، وكما أوجعكم صاروخ اليمامة وهز عروشكم وفقدكم الوعي والصواب المفقود أصلاً..
إنها رسالة آخر العام وبعد الألف يوم من العدوان أن أعمدةَ مملكتِكم ستتهاوى تحت أقدام الشعب اليمني الذي تقتلونه ببشاعة ووقاحة.. واستهتار كامل بالحياة البشرية.. وما قول ماكغولدريك منسق الشؤون الإنْسَانية لمنظمة الأمم المتحدة في اليمن “إن الاستهتارَ الكاملَ بالحياة البشرية في الحرب التي لم تؤدِّ إلا إلى تدمير البلد والمعاناة غير القابلة للوصف التي يعيشها الشعب اليمني” سوى استهتار بالعقل اليمني الذي يعرف جيداً أن العبيد من الرفيق لا يملكون أنفسهم غير القادرين على امتصاص غضب أمة ثقافتها القُرْآن وقيادتها حفيد الأطهار.