نهايات الفراعنة
حمود الأهنومي
لن يجنح آل سعود للهدنة وإن جنحنا لها، ولن يؤمنوا بالسلام لليمن حتى ولو نزلت عليهم الآيات، وحاججتهم المعجزات، ما لم يذوقوا مس الجحيم في عقر دارهم، ويروا عيانا بيانا تهاوي أركان مملكتهم؛ ذلك ما تقوله معطيات كثيرة للمستكبرين، وتحدثت عنه باستفاضة طبائع المستبدين.
إن مملكة قرن الشيطان لن تحيد قيد أنملة عن مسار الشيطان نفسه، المسار الذي يعِد ويخلِف، ويعقد وينقُض، المسار الذي لن يتورع عن إعلان خُلْفِه الوعد حتى لأوليائه وعلى رؤوس الأشهاد، (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ)، (وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً)، وإذا كان لنا أن ننتفع بتجربة فليس هناك خير من الانتفاع بالهدي القرآني، الذي دلّنا على خلق الشيطان، فما بالكم بأزلامه المخلصين، وإخوانه المسرفين، وأوليائه المستكبرين، آل سعود قرن الشيطان.
من يقرأ تاريخ هذه الأسرة المستبدة الفاجرة وأسباب هذا العدوان يجد أنها بعدوانها المستكبر تبحث عن حتفها بظلفها، وتسابق معطيات زوالها إلى زوالها، حيث أخلاق سيئة وطبائع غبية تحكُم المتحكِّم في قراراتها وتسيِّر المسيِّر لشؤونها، منها الجهل، والاستكبار، والحمق، والاستقواء بما مكنهم الله من المال وأمهلهم به، وآية ذلك أنهم يوميا يغرقون في سوء الأخلاق وذميم القيم والأفعال، حيث عموا اليمنيين بإجرامهم، وشملوا العالم بشرهم، وهم قوم مستكبرون، والاستكبار من أشد الطبائع الاستبدادية التي هي أكبر مضاد للمعرفة، وأقوى مناف للحقيقة، ومجاف للأخلاق، وجالب للدمار، وطالما كان الحمق رفيقا للكبر والتكبر. لما استكبر فرعون وجنوده بغير الحق، ونفخ في عقولهم داء الكبر، ونفش في نفسياتهم الحمق والغرور لم ينتفعوا بهدي الأنبياء، ولا أثّرت فيهم الآيات المعجزات الواضحات، فكان البحر كفيلا بطمس فجورهم، وردم شرورهم، وما أشبه الليلة بالبارحة ففراعنة العصر بأموالهم وحمقهم وتكبرهم وفساد عقولهم، وكونهم أدوات شيطانية في يد الشيطان الأكبر أمريكا يسعون حثيثا لأن يغرقوا في بحر الهلاك، ويفنوا في يمِّ الدمار، وجرت بذلك سنة الله في عباده المتكبرين، وفراعتنه الطاغين.
اليوم بفهلوتهم الدنيئة أرادوا خداعنا واللعب على مشاعرنا بهدنة إنسانية أرادتها الأمم المتحدة في الأساس لحفظ ماء وجوههم أمام نفاق وتمالؤ النظام العالمي المنفضح يوما بعد آخر أمام الأحرار في العالم، لكنهم كما جرت سنته تعالى في أسلافهم يمضون حيث يقول الله تعالى: (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ).
إنهم القوم المسرفون إخوان الشياطين، الذين أسرفوا ويسرفون بمال الله ينفقونه في الشهوات التي أزكمت مواخير العالم، ويصرفونه في السلاح بإسراف شديد، والذي أيضا لم يستخدم يوما من الأيام في سبيل نصرة الإسلام أو في عزة العرب وكرامتهم، لكننا بعد طول تساؤل أين سيستخدمونه – وجدناه يفخخ رؤوس أطفالنا ويستهدف بطون نساءنا ويدمر بنانا التحتية، واتضح جليا لكل يمني ومسلم أنه عدوان يستهدف الحياة كل الحياة بجميع تفاصيلها. لقد احتقب العدوان السعودي الأمريكي إثما عظيما من دماء أطفالنا، وأشلاء نسائنا، وفاض لؤمه وخسته ودناءته بما لو وُزِّع على مجرمي العالم منذ كانوا إلى يوم الدين لكفاهم همجية ووحشية وخسة ودناءة، وبقدر كبر ذلك الإثم ودناءة تلك الخطيئة كان وقوف شعبنا وثبات أمتنا راسخا رسوخ الجبال، وساميا سمو أبنائه الأبطال، ومن المرجح أن الوضع ذاهب إلى مرحلته الأخيرة والحاسمة، مرحلة الردود الاستراتيجية التي وضعها السيد القائد في خطاب يوم القدس العالمي على طاولة مقاومة العدوان المتوحش. هناك أصوات حرة في العالم بدأت تتعالى في وجه هذا العدوان، وتحاول التنصل من السكوت على إمعانه القبيح في الإجرام، وإسرافه المتوحش في الدماء والأشلاء، وأصبح العدوان محاصرا بتقارير المنظمات الحقوقية العالمية التي كشفت جزءا يسيرا من طغيانه وجرائم الإبادة وضد الإنسانية بحق شعبنا، لقد أسقط استمرار العدوان بهذا الشكل التضليل الإعلامي الذي تبناه العدوان الذي صوّر نفسه بأنه مدافع عن ما يسمى بالشرعية أو عن الحرمين الشريفين، وما شاكل ذلك.
هنا يجب على جميع أبناء هذا الشعب الكريم الاستعداد لهذه المرحلة الحاسمة، بالانطلاقة الواسعة في مقاومة هذا العدوان الشيطاني، والانضمام إلى جبهات القتال، وليعتبر كل يمني أنه مسؤول مسؤولية كاملة عن الحفاظ على هذا الشعب أرضا وإنسانا ودولة ضد الغزاة الهمجيين، والفراعنة المستكبرين، الذين يستقوون بمال الله على عباد الله، وهم في الواقع أضعف من القش، وعند النزال أوهن من بيت العنكبوت. يجب أن يكون بقية الشعب رديفا للمجاهدين في جبهات الشرف والصمود، وأن يخلفوهم في أهلهم، وفي شهدائهم، وفي نفقاتهم، يجب أن يخوض الجميع معركة الوجود هذه، التي ليس هناك من بديل لها لا سمح الله سوى الفوضى وجموع الدواعش وحشود القواعد بلحاهم الطويلة وسكاكينهم الحادة ووحشيتهم المتوحشة تصول وتجول في مدن اليمن وحواضرها تقتل الرجال وتسبي النساء والأطفال.
الثقة في قيادة الثورة الحكيمة والشجاعة أمر ضروري في الانتصار، وترفُّع الجميع عن سفاسف الأمور عامل مساعد فيه، والمبادرة الميدانية هي من ستحسم المعركة، والخيارات الاستراتيجية هي وسيلتنا الكفيلة بإطفاء هذا العدوان وإلحاق الهزيمة المنكرة به، وإخراس صوته القبيح المنكر إلى الأبد، والله المستعان، وعليه التكلان، (عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).