ميدانُ الحياةِ.. هو الميدانُ الذي يعكسُ إيمانَك وعلاقتَك القويةَ بالله
دائماً وفي كُلّ محاضرات الشَّهِيْد القَائِد -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ-، كـ[محاضرة ـ ملزمة ـ معرفة الله الدرس العاشر] نجدُه يركِّزُ تركيزاً كبيراً على شيء مهم جداً وهو (الشعور بالمسئولية)، وضرورة أن يتحلى بذلك كُلّ واحد منا يؤمن بالله حقاً؛ لأن هذا الشعور هو الذي سيدفعك للعمل في سبيل الله، وإعلاء كلمة الله، شعور مهم للنهوض بالأمة، الشعور بالمسئولية للعمل في كُلّ المجالات التي فيها لله رضا.
من لا يشعر بالمسئولية.. كالتاجر البخيل:ــ
وشبّه -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- الإنْسَانَ المهملَ في تبليغ شيء يعرفه عن دين الله بالتاجر البخيل حيث قال: [أن تتعلم أَوْ تعرف هدى حتى وإن لم تكن أنت محسوباً ضمن المتعلمين، ثم لا يكون لديك اهتمام أن توصل الهدى إلى أقصى دائرة ممكنة، فاعلم بأنك كالتاجر البخيل يجمع الأموال ثم لا يصرف شيئاً لا في سبيل الله، ولا حتى في حاجاته الضرورية].
وذكّر الأُمَّـةَ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كاد يقتل نفسَه همًّا وغمًّا على أمته؛ لأنها لم تهتدِ، مؤكّداً على الاهتمام بكل من يخالفك، وأن توضح له، وتشرح له، ولو كان ذلك فيه مشقة عليك، حيث قال -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ-: [وروحية النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، الذي كان حريصاً على هداية الآخرين، حريصاً جداً ومهتما جداً. يجب أن نتأسى به، وأن نقتبس من روحيته هذه الروحية العالية، أن يكون لديك اهتمام بالآخرين، الآخرون هم مثلنا قد يكون الضلال انطلى عليهم؛ لأنهم لم يعرفوا، ولم يأتِ أحد يعرفهم، ولم يأتِ أحد يبين لهم. فأنت من يجب أن تعطف عليهم، وأن تعمل على إنقاذهم وهدايتهم، وأن تحرص عليهم وتتأسى بالنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) التي كانت هذه من أبرز الصفات والتي كانت فيه أيضاً صفة مترسخة بشكل عجيب حتى قال الله عنه:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ على آثارهم}، تكاد تقتل نفسك أسفاً، تكاد تقتل نفسك ألماً {أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، ألا يكونوا مهتدين، يتألم جداً، يتأسف جداً على الآخرين وهم يعبدون أصناماً].
المؤمن يهتم بهداية الناس، حتى لو قاتل من أجل ذلك:ــ
نبّه الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- بأن على الإنْسَان المؤمن أن يسلكَ كُلّ طريق فيه لله رضا، وفيه إنقاذُ الناس من الضلال، تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم واستجابة لقوله تعالى:{وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً}، حيث قال: [إن الله يريد من المؤمنين حتى أن يصلوا إلى درجة أن يقاتلوا لإنقاذ الآخرين، فكيف لا أبذل من مالي جزءاً بسيطاً قيمة شريط أَوْ شريطين ليصل إلى الآخرين، كيف أبخل بالكلمة التي قد تنقذ شخصاً، كيف أبخل بالنصيحة كيف أبخل بالمشاركة في موقف يكون فيه إنقاذ للآخرين!. المؤمن يهتم بكل شيء، وميدان اهتمامك كلما قويت علاقتك بالله, ميدان اهتمامك هو يتوجه إلى الناس, وإلى الحياة, أما الله سبحانه وتعالى فكلما تعززت علاقتك به لا يمكن أن يصل منك شيء إليه أَوْ تعمل له شيئاً، هو سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى شيء منا].
الأنانية.. ليست من صفات المؤمنين:ــ
ونوّه -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- إلى أن المؤمنين بالله حقاً، المنطلقين في سبيله، والراجين لعفوه وغفرانه، لا يمكن أن تكونَ الأنانية وحُبُّ الذات من صفاتهم، بل يهتمون بالآخرين، تأسياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: [{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} أليست هذه تتوجه إلى الناس؟ كُلّ اهتمامه، كُلّ نشاطه، كُلّ حركته، متوجهة إلى الآخرين, هو لا يرضى لنفسه فقط أنه أَصْبَح يرى نفسه مهتدياً، وأن قلبه ممتلئ بالإيمان بالله، والحب لله، ومعرفته بالله قوية، ثم يجلس منزوياً على نفسه ويتمتع بهذا الشعور في داخل نفسه فقط، هذا لا يحصل عند أولياء الله أبداً بدءاً من أنبيائه].