السيد القائد ومعركة النفس الطويلمن الصبر الاستراتيجي إلى الخيارات الاستراتيجية
عبد الرحمن الأهنومي
وإذا كان الصبر الاستراتيجي والعمل العسكري الخاطف أديا إلى نصر يمني وهزيمة سعودية….فإلى أين يذهب السيد القائد بخياراته الأستراتيجية…ما شكل الخيارات؟ وما ملامح المنطقة في ظل مراحلها وتطوراتها؟
• على موعد طال انتظاره “يوم القدس العالمي” وفي اليوم السابع بعد المائة الأولى من العدوان السعودي الذي بحسب البعض ما عادت طائراته تجد أهدافا حقيقية لغاراتها ، كان العالم يتسائل عماذا سيتحدث السيد الحوثي في خطابه المرتقب ، عن الهدنة مثلا ، عن جنيف وولد الشيخ ومسقط والقاهرة ، عن تفاصيل حياته وأين يعيش ومن أين يخاطب العالم ويوجه الجماهير وألانصار!!
• وعلى غير المتوقع………وفيما كان السيد يتحدث عن العدوان ، ووضعه في سياق المشروع الصهيوني في المنطقة ، وفي ظل عدوان كهذا وبهكذا تحالف باتت فيه إسرائيل ومصالحها المرتكز والأساس ، والأمن القومي العربي هو الهدف والبغية ، لم يترك السيد للعدوان مبررا لحربه الفاشلة ، واربعين دقيقة من الخطاب لم تترك للسعودية أي ذريعة لحربها العدوانية ، ولا حتى لفشلها وهزيمتها ، وعدم قدرتها على حسمها باستهداف اليمنيين والبنية التحتية ، في حين أن القوة التي يواجه بها اليمنيين ما زالوا محتفطين بها…وهنا المفاجأة!!
• يعرف السيد عن التراكمات غير المعلنة للمتغيرات على مستويات الحرب السياسية والعسكرية وفي مستوياتها الدولية والأقليمية قد تجعل من مجرد الحديث عن الــ”خيارات الاستراتيجية” متغيرا يمكن أن يؤدي إلى ايقاف العدوان ، وعن احتمالية الذهاب اليها فان السيد يحسم نتائجها مسبقا بأنها تؤسس لمراحل وتطورات جديدة في المنطقة…فما هي التطورات وكيف يبدو شكل المنطقة فيما بعد؟
• السيد هنا يقرر ولا يحلل ، ومن يسمع حديث السيد في ظل المعطيات الراهنة التي تبلورت في السياسة والميدان ، وعلى المستوى الأقليمي والدولي ، يعرف أن السيد يتحدث عن القرار والخطوة الثالثة والحاسمة من جولات الحرب..
لنا أن نذهب أكثر من ذلك..
• إذا كانت الحرب العدوانية السعودية أخذت في شكلها مراحل ثلاث وبمنحى تنازليا ، انتهت بفشل ذريع وفاضح، فإن حرب اليمنيين الدفاعية المقدسة تأخذ منحى تصاعديا وعلى مراحل ثلاث تتجه نحو انتصار كبير وواضح..
• ففيما كانت السعودية في مرحلة عدوانها الأولى أو ما أطلق عليها بــ”عاصفة الحزم” تملك من الأهداف والدعم اللوجستي والعسكري والسياسي ومن التحالفات والغطاء الدولي والأممي والأعلام والمال ما قد يحقق لها بعض الأنتصار ، كانت المرحلة الأولى من الحرب الدفاعية اليمنية تقتصر على المواجهة بالصمود والتعبئة الشعبية وهي مرحلة قال عنها السيد حسن نصرالله “مرحلة الصبر الأستراتيجي” وعسكريا تعرف بمرحلة امتصاص الضربات..
• المرحلة الثانية “إعادة الأمل” من الحرب العدوانية السعودية بدأت في اليوم السابع والعشرين من بدء الحرب ، وإن بوتيرة أخف قليل نتيجة خفوت الأصوات المؤيدة للحرب في بعض الدول وخروج المظاهرات المنددة ووو ، واستمرت حتى بدأت المرحلة الثانية من الحرب اليمنية الدفاعية وتحديدا في اليوم الأربعين من العدوان ، وهي مرحلة تنفيذ العمليات العسكرية المحدودة في المدن الحدودية وهي نفسها ما زالت مستمرة حتى اليوم..
• لتبدأ بعدها المرحلة الثالثة من العدوان السعودي وما اطلق عليه “عسيري” بالعمليات النهائية والأخيرة والتي أعلن فيها صعدة كهدف عسكري للسعودية ، وتحولت من معركة لإعادة الشرعية في اليمن واعادة الامن والاستقرار ، الى معركة لحماية أمن السعودية المخترق، وإضافة الى نكسات جيش الكبسة في الحدود ، وخسارة عملائها في عدن وتعز ومارب ، انفرط عقد تحالف العدوان دوليا ، وعلى مستوى الداخل بدأ صراع المرتزقة والادوات ، وعلى المستوى الدولي ما عاد المجتمع الدولي مقتنعا بالحرب السعودية ، وما عاد يثق بالسعودية كحليف يمكن أن يعتمد عليه في انجاز ملف من الملفات الملتبهة..
وانطلاقا من الادراك العميق للسيد المدرك لهذه المعطيات ، وبعد أن أخذ في استراتيجيته “اعطاء الفرص” وقتا لا بأس به ، وفيما العالم يبحث عن معجزة تنقذ السعودية ليس من الفشل والهزيمة بل من الانهيار والسقوط ، يكون السيد وبحديثه عن الخيارات الاستراتيجية وحتمية السير فيها اذا لم يتوقف العدوان ، قد طوى مرحلة الحرب “اليمنية” الثانية، وأسقط نظرية العمليات التكتيكية “المحدودة” ، التي اعقبت الحرب اليمنية “الأولى” المتمثلة في الصمود أمام العدوان ، وترتيب الجبهات الداخلية ،
بل لم يقف السيد عند اعلانه عن “الخيارات الأستراتيجية” عند تدشين الحرب “اليمنية الثالثة” ، بل ذهب إلى أكثر من ذلك حين حسم أمر نتائجها وقبل أن تبدأ ،
وبقوله ”
• بأنها خيارات “ستؤسس لمراحل وتطورات جديدة في المنطقة”
فماهي خيارات السيد ، وكيف يمكن ان تؤسس لوجه جديد في المنطقة؟
• هناك من يعتقد أن هذا التحدي الكبير هو مغامرة خطيرة من قبل السيد ، خصوصا أنها جاءت في ذات اليوم الذي كان يفترض ان تبدأ فيه الهدنة المفترضة…. لكن الحقيقة شيىء آخر، فهذا العقل الإستراتيجي الجبار لا يغامر ولا يقامر ولا يتصرف من باب العبث، وكل ما يقوله أو يقوم به أو يشير إليه يزنه بميزان الذهب فيصدق ويصيب دائما.. وهذا ما بتنا ندركه وتدركه السعودية والعالم ، من خلال سير المعركة وإداراته لها..
• لم يفصح السيد عن نوعية الخيارات الاستراتيجية ومكانها ، ولكنه حسم نتائجها مسبقا ، وهي نتائج تبدو منطقية في ضوء قراءتنا لنتائج مرحلتي الحرب الدفاعية الاولى والثانية ، وإذا كانت المرحلة الاولى منها المتمثل في الصمود والتعبئة مرورا بالمرحلة الثانية المتمثلة في العمليات التكتيكية ، قد أدت إلى فشل سعودي ذريع.
فإلى أين يذهب السيد بخياراته الاستراتيجية؟
وما الهدف من المسار فيها؟
• يعطي السيد أكثر من إشارة عن الهدف النهائي ، الذي لا يتمثل في حسم المعركة فقط ، بل يمتد ليؤسس مراحل وتطورات جديدة في المنطقة ، وهي النتيجة المنطقية لأي عمل استراتيجي.. “احداث تغيير استراتيجي”.
فما هي هذه المراحل؟ وبأي وجه ستكون فيها المنطقة..هل بوجه جديد لا تكون السعودية ضمن خارطتها؟؟
حديث السيد عن الخيارات الاستراتيجية لم يكن مجرد رسالة، لأن السيد وضع مسارين فقط ، فإما ان يتوقف العدوان ، او خيارات استراتيجية حتمية ، وبهذا الشكل سيفهمه البعض على أنه تحدي مباشر وإستدعاء من قبل السيد للحرب واستمرارها.. لا إنه خيار حتمي ، يقول السيد يجب على الجميع التحرك في إطاره ، وهو خيار إن مضت فيه السعودية وسقطت سيكون المدخل لإحراقها ولا يقتصر على تغيير معادلة الصراع في المنطقة فقط بل يؤسس لمراحل جديدة…هذه قمة القوة الحقيقية والخفية، التي لا يمكن أن ترى إلا من خلال تفكيك شيفرة الرسالة المخيفة التي وجهها للسعوديين ومن دون أن ينبش ببنت شفة عن أي مرحلة جديدة ستدخل فيها المنطقة!!
أما عن تأخر اتخاذ الخيارات الاستراتيجية وأسباب ذلك ، فلن أزيد على القول بأن السيد القائد يعرف ماذا يقول ومتى يقول ويفعل؟
• وفي النهاية حديث السيد عن التعبئة وترتيب الجبهة الداخلية وضرورة ملء الفراغ السياسي ، وإن بدى ظاهريا مفهوما للعامة ، إلا أنه يحمل رسائل متعددة وبأبعاد مختلفة ، فحركاته رسالة ، نبرات صوته، قسمات وجهه، إشارات يده، حركات أصبعه… كلها تقرأ في بمجهر النانوتكنولوجي، وتخضع للتفكيك والتحليل و الدراسة المعمقة..
لا مبالغة هذه معركة النفس الطويل وضد اعتى منظومة استكبار عالمي ، وهذا القائد المعجزة.