مقتطفات نورانية
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}هؤلاء من يكون لآيات الله إذ ا ذكروا بها الأثر الكبير في نفوسهم، هم ليسوا مسارعين إلى النوم تبتعد جنوبهم، وعندما تبتعد جنوبهم عن النوم ليس في مجال متابعة حلقات التلفزيون المفسدة، ولا في مجال متابعة القنوات الفضائية. {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} وهم في عبادة الله يتعبدون لله {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} وهم عندما ينطلقون في هذه العبادة – التي قد يراها الكثير سهلة لأنها لا تكلفه شيئا – هم ممن ينطلقون حتى في المجالات الأُخْـرَى التي تشق على الكثير {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}. مؤمنون بمعنى الكلمة ليسوا ممن يضع لنفسه خِطة معينة يسير عليها يجمع منها حسنات – كما يظن – حسنات بالمجان كما قال أحد الناس: [أصلي ركعتين يحصل لي ثواب، ولا أحتاج أعطي لذلك قرش فرانصي]. قلنا: هل دعمت فلان؟ قال: [أصلي ركعتين يأتي لي ثواب ولا أحتاج أعطي له قرش فرانصي] يظنه ثواب من هنا وهنا يجمع الثواب من حيث لا يحتاج أن يدفع شيئا من ماله. لكن هؤلاء المؤمنون مؤمنون بمعنى الكلمة، يتعبدون لله وينطلقون أَيْضاً في مجال الإنفاق في سبيله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، وبالعبارة التي توحي: أن هذا لديهم سلوك مستمر وعادة ثابتة ليس فقط أحيانا، هم من يبحثون عن المجالات التي تنصر دين الله لينفقوا فيها، هم من يبحثون عن مجالات البر التي يرضى الله الإنفاق فيها فينفقون فيها. [معرفة الله ــ الدرس 13]
المؤمن بطبيعته بمعرفته لله بمعرفته للمقام الرفيع الذي وعد الله به أولياءه هو من يطمع في هذا، من يطمع في رضوان الله، من يطمع في القرب من الله، من يطمع فيما وعد الله به أولياءه. حالة الطمع هي قليلة ونادرة فينا، ولهذا نحتاج إلى كلام كثير مع بعضنا بعض لننطلق، وعندما ننطلق ننطلق ببطء، وبتثاقل، لا يبدو أن هناك حالة من الطمع في نفوسنا في الحصول على ما يرضي الله سبحانه وتعالى.. ليس لدينا بتعبير واضح طمع فيما عند الله كطمعنا في هذه الدنيا ومظاهرها، والأشياء المادية الكثيرة فيها.. [معرفة الله ــ الدرس 13]