2017 عام من الثبات والتنكيل
وسام الكبسي
ودَّعَ الشعبُ اليمنيُّ (2017) وكل أيامه ذكريات مليئة بالأحداث الجِسام التي لا يمكن أن تنسى، أحداث حفرت في ذاكرة كُلّ فرد منهم وفي كُلّ بقعة من الأرض السعيدة، لم يسلم أحد من عدوان غاشم ظالم، وَتلك المجازر البشعة في حق شعب الصبر، والصمود، والثبات لما يقارب الثلاثة أعوام نتيجة لعدوانهم المستمر وقصفهم الهستيري الذي لم يستثنِ شيئاً على الإطلاق، والمآسي المرة، والحصار الخانق القاتل؟ كُلّ ذلك لم يزِد الشعب الحر إلّا ثقة بعدالة قضيته، وأحقيته في الدفاع المشرف على أرضه ووطنه، دون أن يلتفت لحظة واحدة إلى الوراء، أَوْ يركن إلى أمم متحدة أَوْ منظمات مسلوبة الإرادة مملوكة لقوى العدوان، ولم ولن يستجديَ أي طرف ما لوقف همجية المعتدي، أَوْ يرضخ لضغوط مهما كانت الآلام والأوجاع، ولن يستسلم مهما كان حجم التكالب وحجم التضحية؛ لأنه شعب تشرّب ثقافة القُـرْآن وأَصْبَح يعي جيداً أنه لا ينفع أبداً مع اهل البغي والعدوان إلّا الحركة والعمل، والصبر، والثبات، والاعتماد على الذات في طريق التوكل على الله، والثقة به سبحانه.
وقد استخدمت قوة العدوان كُلّ ما لديها من إمْكَانات عسكرية هائلة، واستنفدوا كُلّ الأساليب الشيطانية والقذرة، وكل أنواع الابتزاز، مرتكبين أفظع أنواع الجرائم.. فشلهم وعجزهم في إخضاع أمة ثقافتها القُـرْآن وقيادتها قرناؤه، جعلهم يتحَـرّكون بجنون ويستخدمون كُلّ أوراق الضغط والإجرام، وذهب رهانهم إدراج الرياح، وهم يقفون مكتوفي الأيدي لا يدرون ما يفعلونه.
عشراتُ المحاور من جميع الجهات لا يوجد موطئ قدم إلّا وبها جبهة مستعرة وحامية الوطيس على كُلّ المستويات، مستجلبين كُلَّ شذاذ الدنيا، من بلاك ووتر، وجنجويد وغيرهم من الشركات الأمنية المميزة في العالم بجرمها وسوء أخلاقها بالإضافة إلى أحذيتهم في الداخل وكل هذا بجانب عشرات الآلاف من جيوش نظامية لأكثر من عشرين دولة ومن أقوى وأمهر جيوش العالم، وجيء بأضخم ترسانة حربية وأفتك الأسلحة منها المحرمة دولياً.
استخدموا كُلّ الأساليب في الحروب، وابتكر لهم شيطانهم في البيت الأبيض لقتل وإبادة شعب الصبر ما لم يبتكره إبليس اللعين في محاربته الإنْسَان، بل من فرط جرمهم وقذارتهم أَصْبَح إبليس نفسه حيرانَ مندهشاً منهم وصار جندياً لهم..
ضيقوا الخناق فلم يجدِ، زادوا في الحصار فلم ينفع، حشروا ماكنتهم الإعلامية الضخمة والهائلة مستخدمين كُلّ المصطلحات التأريخية المستهلكة من بدء خلق الأرض فلم يغيروا من مبدأيتنا… أَوْ حتى يوجدوا ثقب صغير في وعينا لينفذوا من خلاله… أتوا بالجزارين وفقاعتهم وتلاشوا في غمضة عين بمسمياتها المتعددة داعش وأخواتها، ذبحونا، وأحرقونا، وسلخوا جلودنا، وصلبونا، ودفنوا أبناءنا أحياءً فلم يهزوا شعرة في رؤوس حتى أمهاتهم التي قالت بشموخ وثبات زينبيه (كُلْه)
اجتمع الشياطين وقرروا أخيراً باستخدام أخطر ورقة، ولعلها آخر أوراقهم وحرق (إبليس الباصرة) في غمضة عين.. فتعالت أصواتهم بالبكاء والعويل على فرعونهم… وتم وأد الفتنة في سويعات… غادرة روسيا من وكرها في صنعاء.. كما غادرت من قبلها سفارات حين أَصْبَح المجفى ريش بانقلاب الموازين عليهم فأَصْبَحوا حيارى مندهشين غير مصدقين ما وقعوا فيه أنه السراب.. وشعب الصبر يمشي واثقَ الخطى متوكلاً على الله في مواجهة أعتى قوة في عصرنا، مبتكراً لأساليب قتالية أذهلت فطاحلة الكون وأساتذة العلوم العسكرية والسياسية والإعلامية المشهود لهم بالبراعة والذكاء، والدهاء، وفي هذا التوقيت الخطير والتصعيد غير المسبوق، وانسداد الأفق لأي حل سياسي يتجه مجاهدو الجيش واللجان الشعبية للبناء على كافة الصعد، والمستويات؟؟ ففي الوقت الذي تعيش قوى العدوان في حيرة من أمرهم، وفي الوقت الذي جعل الإدَارَة الأمريكية تعلن نقل سفارتها إلى أمريكا بتنسيق مسبق مع بعران الخليج ومهافيفهم وتطبيع كامل مع العدو الإسرائيلي عن طريق المنابر الاعلامية والدينية على حد سواء، محاولين بذلك استغباء شعوبهم بعد تثقيفهم بضرورة طاعة ولاة الأمر حتى وأن كان ظالماً عميلاً.
قوى تعتدي على شعب هم أصل العرب وسادته.. ظلماً وجوراً سعياً منهم لإخضاعه لاملاءاتهم في الوقت الذي يخرُجُ شعبُ الصمود والصبر مارداً لا يساوم على قضايا أمته المصيرية، متناسياً لجراحه وواقعه الأليم، ومآسيه الكبرى، يخرج من بين الركام، مجدداً موقفَه، متأهباً للمعركة الكبرى القادمة مع الكيان الإسرائيلي، ففي الوقت الذي يسعى العدوان في تصعيده هذه الأّيّام للوصول إلى صنعاء حد زعمهم.. يتأهب الشعب لمنازلة أربابهم في عقر دارهم.
ينتهي العام بمجازرَ بشعةٍ ومناظر مؤلمة للمواطنين الذي يمعن طيران العدوان بقتلهم بشكل جماعي وفي وضح النهار.. ولم تكن ردة فعلهم تلك في حق العزل إلّا فشلاً ذريعاً وتخبُّطَ العاجز الذليل.. ووجع ما نالُوه في ميادين الوغى وصدى ضيف اليمامة المبارك… انتهى العام بمآسيَ، ولكن ابتدأ العام بتوجه حقيقي للبناء، بناء دولة بكل المقاييس، وجيش من أفضل واقوى الجيوش في العالم، وتوجيه من قيادته بالاهتمام بأهل العقول والابتكارات وسيشهد العالم في هذا العام معجزاتِ العقول اليمانية على كافة المستويات، كما شهد وأعجزه رجال الميادين العسكرية والأمنية.. فقد ذهب المنافقون بعد إرجافهم وغرق فرعون بجرمه وخيانته وأدواتهم المعرقلة للبناء.