نقطة البداية
محمد أمين عزالدين*
في 26 مارس العام 2015م فوجئنا كيمنيين بمختلف انتماءاتنا السياسية وتوجُّهاتنا الفكرية بغاراتِ طيران العدوان السعودي الأمريكي على منشئاتنا العسكرية، في انتهاك صارخ لسيادة بلادنا وَإيذاناً بخوض حرب قذرة تتعدى الجانب العسكري إلى استهداف الأرض والإنسان اليمني عموماً، وبالنظر إلى حيثيات وأبعاد هذا العدوان التأريخية سنجد أنه نتاجٌ طبيعيٌّ لتراكمات سياسية وفكرية متعددة، فالتجاربُ والسنن تؤكد أن استهدافَ الأوطان وغزوَ الشعوب يسبقُه استهدافٌ ممنهجٌ للعقول بتزييف وعيها وتغييب دورها الفاعل والمؤثر في الحياة، وانحرافٌ خطيرٌ عن منهج الله الذي يُريدُه لاستقامة الحياة، وبالتزامه يتحقّقُ النهوضُ والاستخلافُ ويسودُ العدلُ بين الناس، وهذا ما كان بالنسبة لنا في الأنموذج اليمني خلال عقود زمنية طويلة بأدوات ووسائل متعددة إعلامياً وتعليمياً ودعوياً و…!
كما أن الأسبابَ السياسيةَ كانت حاضرة أَيْضاً، فاليمنُ تخضَعُ للهيمنة الخارجية، وبالأخص السعودية منذ وقت مبكر، ولهذا من الطبيعي أن يأتيَ هذا العدوانُ لإجهاض كُلّ المحاولات التي تدفع الشعب اليمني إلى اليقظة وإعادة قراءة التأريخ بشكل واعٍ وصحيح، وأين يقف وكيف من أجل تصحيح المسار وتحقيق النهوض تدريجياً، وصولاً إلى دولة ذات سيادة على أراضيها ومستقلة في قرارها السياسي..
ويهدف هذا العدوان في مجمله إلى إحداث الفوضى وتكريسِ الانقسامات الداخلية على أُسُس مناطقية وعرقية وطائفية، والعبث بمقدرات اليمن وخيراته والسيطرة على مواقعه الحسّاسة، كُلّ ذلك خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني وتوسع دائرته في المنطقة والتمكين له..
إذاً: نحن أمام عدوان له أسبابه وأبعاده المتشابكة والمتداخلة.. وهذا العدوان لم يكن أمراً عفوياً، ولم يأتِ ردةَ فعل لتصرف عابر أو حدث عفوي من قبل بعض المكونات اليمنية، ويمكن للبعض أن يحتسبَه خطأ، لو سلّمنا لهم بذلك..!!
في هذا العمود الأسبوعي “كل أحد” سألتقيكم أعزائي القراء والمهتمين بالشأن السياسي والفكري؛ لتسليط الضوء على أهم القضايا الفكرية والسياسية ذات الصلة بالمشهد اليمني، من منطلق الدفع بعملية الإصلاح إلى الأمام، لا الإسهاب الذي يتوقف عند تشخيص المشكلة والوقوف عند عرض المرض لا أصله، ووضع المعالجات والحلول على ضوئها.
سأحاول جاهداً الحديثَ عن الكثير من القضايا السياسية والتجارب السياسية الواقع والمأمول، وَأَيْضاً بعض القضايا داخل التيارات والجماعات الإسلامية والدور الذي نتطلع له بعدَ الاستفادة من الأحداث في اليمن وعموم المنطقة والمتغيرات على الساحة الدولية عموماً، وكيف يمكنُ إعادة رسم خارطة طريقنا كأحزابٍ سياسية ومكونات مجتمعية، وجماعات إسلامية..
ما سأتناوله يظل في الأخير في إطارِ الأفكار والرؤى التي يمكنُ الاستفادةُ منها، ومن حق غيري أن يختلفَ معي في بعضها، وهو أمرٌ طبيعي، والمطلوبُ اليومَ في باب التوعية الراشدة هو كيف نحرص على الوصول إلى مرحلة من التفاهُم والحوار الإيجابي فيما بيننا، وليس أن نكون نسخةً من بعض.. ففي الوقت الذي يصل فيه الجميع إلى مستوى من الوعي الذي يساعد على التعامل والتعاطي مع الأفكار بإيجابية نكون قد وضعنا مداميكَ مهمةً في هذا الشأن، وسيأتي بعد ذلك الحديث ُعن خطوات أخرى للتسريع من عملية التوعية التي تمثل مدخلاً مهماً للنهوض الحضاري المنشود.
أعتبرُها فرصةً سعيدةً للإسهام في رفد المشروع الوطني التحرري الذي أفرزته الثورةُ التصحيحية 21 من سبتمبر المجيدة 2014م وهو يشقُّ طريقَه اليومَ نحوَ يمن الحرية والعزة والكرامة والتخلص من كُلّ أساليب الإذلال والوصاية على هذا الشعب والتواجد الصحيح في مختلف المحطات والمنعطفات.
وأشكُرُ لإدارة الصحيفة جميلَ تواصُلِها معي للكتابة والنشر، في هذه الصحيفة التي تُعتبَرُ رافداً إعلامياً نوعياً في مجال الصحافة اليمنية الوطنية التي نتمنى لها التوفيقَ ومزيداً من الرقي والتقدم.
*قيادي في حزب السلم والتنمية السلفي.