نبض الريح!
عبدالعزيز البغدادي
كانت خطبة الجمعة الأخيرة عن مجزرة تنومة التي ارتكبها النظامُ السعوديُّ الوهابي الإرْهَابي بحق الحجاج اليمنيين عام 1923، وذهب ضحيتَها -حسب الأرجح من الروايات- ما يزيد عن ثلاثة آلاف حاج.
وبعد الصلاة سمعتُ أحدَهم يُحدِّثُ مَن بجانبه قائلاً المفروض دفن هذه القضايا والدعوة إلى السلم لا إلى نبش الماضي وتحريك نزعات الثأر، هذا الداعي إلى دفن الماضي بدا كأنه يعيشُ في عالم آخر فهو لا يرى المجازرَ المتواصلةَ من قبل نفس مَن ارتكب مجزرة تنومة بحق حجاج بيت الله مستمرة ضد كُلّ اليمنيين ليلَ نهارَ، وأن منهج عفا الله عمّا سلف في هكذا قضايا حتى مع توقف العدوان منهج همجي لا ينُــمُّ عن سماحة، بل عن استهتار بالأرواح والدماء وكافة الحقوق، فالعفوُ في حقوق الناس لا يملكُه إلا أصحابُ الحقوق أنفسُهم وبشروطٍ وقواعدَ أَصْبَـحت معروفةً عند من يفهم أَوْ مارس العدالة الانتقالية التي تهدف بحق لإغلاق صفحة الماضي فيما يخص النزاعات الداخلية بعد انتهائها، أما أن تأتي دولة أَوْ مجموعة دول فتعتدي على دولة جار وبكل هذه البشاعة والوقاحة ثم نجد من بين المحسوبين على البلد المعتدى عليه من يعلن استعداده لفتح صفحة جديدة مع الدول المعتدية وكأنه يتصرَّفُ في عزبة يمتلكُها، فهذا والله ما لم يسبق له مثيلٌ بين أمثلة الهبالة أَوْ الاستهبال!
مثلُ هؤلاء المتصالحين مع هكذا عدوان يشكلون مدرسة أصحابها بقصد أَوْ بدون قصد لا يفرقون بين المعتدي المرتكب للمجازر المصرُّ على الاستمرار في ارتكابها منذ ثلاث سنوات، معتقداً أنه بذلك سوف يُخْضع الشعب اليمني لما يريده وبين من يدافع عن نفسه وعن كرامته من قبل هذا العدوان، وهم كذلك لا يفرقون بين السلام والاستسلام للظالمين الفاسدين المستبدين.
بل ولقد رأينا نماذج من المنتمين لهذه المدرسة أَوْ متزعميها من يرى الدماء تجري وأشلاء الأطفال والنساء على مستوى كامل الساحة اليمنية ورغم ذلك يدعو علناً وبكل استخفاف وغفول إلى إغلاق ملف العدوان وفتح صفحة جديدة مع المعتدي المستمر في عدوانه وكأنه يدعو لإغلاق ملف قضية أحوال شخصية، حقاً لا يفعل ذلك إلا مغفَّلٌ أَوْ متغافلٌ له صلة واضحة بالعدوان!!.