هل يوجد عميل يصبح زعيمًا؟!
أمة الملك الخاشب
انتهت فتنة زعيم مليشيات الخيانة وتم وأدُها في سرعة لم تكن تخطر في بال بشر بفضل الله تعالى وفضل الدماء الزاكية والتضحيات الخالدة التي سطرها رجال الله في الميدان، فلم يكن أحد ليتوقع تلك النتيجة لدرجة أن تحالف العدوان بنفسه ندم أنه تسرع بالإعْلَان عن ترحيبه بما أسماه عودة صالح لحضنهم العبري؛ لأن هزيمةَ صالح كانت بمثابة صفعةٍ قوية في وجهوهم، وكان بعض الخبراء قد نصحوا التحالف أنه لو كان التزم الصمت لَكان أفضل وظل في موقف المتفرج وبعد أن يرى النتيجة كان سيعلن تأييده ودعمه وترتيبه، لكن موقفه المتسرع فضح كُلّ شيء على ورق من بياض، ولست هنا بصدد الحديث عن تفاصيل تلك الفتنة التي لا تزال فضائحها تتكشّف بالتدريج عبر وسائل الإعْلَام، والتأريخ كفيل بأن يدوّنها ويكفي أنصاره عاراً جلبه لهم أن نهايته كانت وطائرات العدوان تقاتل إلى جانبه وليس مثل القذافي الذي قُتل وطائرات الناتو ضده وَتقاتل إلى جانب خصومه..
لم يتأمل البعض في هذا المعنى أن يعلنَ تحالُفَ العدوان الذي قَتَلَ إلى الآن أَكْثَـر من أربعين ألف شهيد مدني من دون شهداء الجبهات طبعاً أنه يرحّب ببيان صالح ومع كُلّ الأحداث الواضحة كما الشمس ولا يستطيع أحد إنكارَها وبعد سقوط حوالي 300 شهيد من أفضل وأطهر الشباب في ذلك اليوم وكأننا ينقصنا تقديم الشهداء يومياً في أَكْثَـر من أربعين جبهة، ويوم الفتنة فتحوا لنا جبهة جديدة وبعد سقوط عدد كبير من الأبرياء وحصار مواطنين في منازلهم وتعرضهم للإرْهَاب النفسي والترويع وبعد كُلّ تلك الحقائق والوثائق التي تم فضحها ونشرها بما فيها فضائح سرقة الآثار والتخطيط لإسقاط العاصمة واستلام مبالغَ من الإمارات، وحتى بعد أن نشرت وزارة المالية السعودية أسماءَ قيادات المؤتمر الذين كانوا يستلمون من السعودية مبالغَ كبيرة، وبعد كُلّ ما تم كشفه من حقائقَ يشيبُ لها رأس الولدان يأتي بيانُ قيادات المؤتمر في صنعاء والذي اعتبره البعضُ بأنه بيان إيجابي ليُسمِّيَ زعيمَ ميليشيا الخيانة أنه شهيد ويصفونه بابن اليمن البار!!، ويضع بيانهم عشرات الأسئلة التي لا نستطيع حتى إقناع طفل بالإجابة عليها وهي كيف تجتمعُ الإشادة بزعيم الخيانة الذي باع أراضينا وأجّر موانئنا، واستباحت في عهده حتى الصومال وارتيريا بحارَنا وجزرنا واستباحت الولايات المتحدة سماءَنا وقتلت أبناءنا تحت عدة مبررات، وأنهى حياته وهو يسمّي شهداء الدفاع عن كرامة اليمن وعن أراضيها من المحتل بأنها معارك عبثية، فإذا كانت معارك الدفاع عن الوطن وكرامته وسيادته هي معارك عبثية فأين تكون المعارك الحقيقية يا ترى؟
كيف يمكن أن يجتمع الحرص على سيادة اليمن وحث المجتمع على مواصلة الوقوف في وجه العدوان مع الإشادة بشخص خان الوطن وأمام وسائل الإعْلَام وأعلن انتفاضته على من يقدمون دماءَهم وأبناءهم رخيصةً لأجل أن يحيا الوطن شامخاً عزيزاً رافعاً رأسه عالياً؟
كيف يمكن يا قيادة المؤتمر أن تحشدوا المجتمع لرفد الجبهات بالرجال وأنت تشيدون بمن وصف أبناءَهم بأنهم ذهبوا في معاركَ عبثية لا قيمة لها؟
هل ستقومون بنفس الدور الذي كان يفعلُه صالح وهو الوقوف ضد العدوان باللسان والتصرفات عكس؟ والباطن غير الظاهر؟
احترموا عقولنا واقنعونا؟ وَلو كنتم فعلاً شجعان وتحبون الوطن -كما تدّعون- لما خفتم من قولها في العلن بأنكم تبرأون إلى الله من أي شخص كان خان الوطن وباع دماء الشهداء وأعلن انتفاضته في وجه من تحملوا على عاتقهم شرف مواجهة هذا العدوان؟
يا قوم أخاطبكم بالعقل والمنطق وتأملوا فقط بعد انتهاء فتنة الزعيم هل توقف إطلاق الصواريخ البالستية؟ أم هل تدهورت الجبهات رغم مضاعفة القصف الهستيري عليها؟ أنتم تدركون جيداً وكل الشعب بات يدرك جيداً مَن الذي يتحمل مسؤولية تعبئة المجتمع وحثه على الصمود والصبر في مواجهة العدوان، فلا يغرنكم تسامُحُ قيادة الثورة معكم، ولا تظنوا بأنكم ستكونون أذكى وأفهم من سابقيكم وتحاولون إكمال الدور الذي خَطَّه لكم صالح.
يا شرفاء المؤتمر كونوا أحرارًا في دنياكم وانفضوا من على كواهلكم كُلَّ ذكرى لخائن سواءٌ أكان زعيماً أَوْ عَبدًا حقير، وتذكروا أن صالح قالها بلسانه “ما فيش عميل يصبح زعيم”، وكأنه نطقها ليصفَ نفسَه تماماً ويخاطبها.
وَتخيّلوا معي لو كان عبدربه هو من أعلن الانتفاضة والفتنة وأعلن أن يدَه ممدودة للعدوان بالسلام ومرفوعة ضد حلفائه بالحرب، كيف كنتم ستصفونه؟ أكيد كنتم ستصفونه بالعميل والخائن، فما لكم لا تجعلون كرامةَ الوطن فوق تقديسكم للأشخاص؟!، وما لكم لا تسمون الأشياء بمسمياتها؟
وأخيراً أقولُ لكم: التحقوا برَكْبِ الشرفاء المدافعين عن بلادهم قولاً وفعلاً، وتحزّبوا كما تريدون، لا يهمنا، ولكن لا يفوتكم قطارُ الشرف والعزة والنصر، وتُكتبون من المتذبذبين دون أن تشعروا.. ودافعوا عن الوطن بكل ما تملكون قبل أن يفوتَكم القطارُ، فالنصر بات قريباً أقربَ مما تتخيلون، وكل شخص يضع نفسه حيث يشاء، والله مطلع على بطائن الأمور وخوافي الصدور.