ردع البحر الأحمر ومقدمات معركة المصير
حُميد القطواني
تداعياتُ الحصار والعدوان التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي على الشعب اليمني انتهج فيها سياسَة الإبادة الجماعية لليمنيين -أطفالاً ونساء ومدنيين- بالاستهداف المباشر وعبر العدوان البيولوجي، وحصار خانق خلق وضعاً مأساويًا ومعاناةً في المعيشة والاحتياجات الأساسية، إلى درجة وصفتها تقارير أممية ودولية تهدد بمجاعة كبرى قد يذهب ضحيتها ملايين اليمنيين, واضعًا شعبنا أمام خيارين إما الركوع والاستسلام أَوْ الإبادة الجماعية بالاستهداف والموت جوعاً.
اليمن بثورته وقيادته السياسية قدّم كُلَّ التفاهُمات المنطقية للوسطاء الدوليين تحت سقف الثوابت السيادية وحق الشعب في الانصاف وجبر الضرر، ومع هذا أصر تحالف الغزو على تصعيد عدوانه وتشديد حصاره.
وخلالَ ما يقارب الثلاث السنوات لم يتعرض فيها خط الملاحة الدولية لأي تهديد من الجانب اليمني.
وهنا وأمام صمت العالم المنافق وَتغير المعطيات وتكاملت الجهوزية الميدانية تشكلت الإرَادَة الشعبية والثورية وَالسياسية, وتمت تحضيرات بسقف الديمومة والفاعلية المتصاعدة , وَتغيّرت خارطة التحالفات الدولية التي خلقت ظروفاً تخدم القرار اليمني للإقدام على خيارات عسكرية في معركة المصير والوجود..
مما لا جدال فيه وبشكل يقيني هو أن صناع القرار في العالم وعلى الوجه الخصوص تحالف الغزو والعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي, يدركون أن القيادة اليمنية تمتلك رؤىً وخبراتٍ استراتيجية وَإرَادَة وقراراً وشجاعة الفعل وتمتلك القدرة والوسائط الفعّالة للفعل, لتحقيق الأهداف العملياتية في إطَار العمل لوقف العدوان ورفع الحصار , خارجَ التوقعات التحليلية والمعلوماتية للعدو في سياق الرد وَالردع في الخط الملاحي من باب المندب إلى موانئ السعودية, وأن المانع هو ترك فرصة للحلول وتنضيج المشهد والإرَادَة الدولية وحرصًا على أمن وسلامة واستقرار خط الملاحة الدولي والحفاظ على مصالح كُلّ الدول التي تمر منها.
كما يدركون أن إرَادَة الشعب اليمني وقرار القيادة الرسمية والثورية وَالمنظومة السياسية محلياً ودولياً, يجري تسخينها وتحضيرها, ضمن رؤية عسكرية وأمنية استراتيجية فعالة، واضعة حسابات التدخل الأمريكي المباشر , نحو تفعيل خيار الردعي اليمني والرد على الحصار الخانق, باستهداف مصالح دول العدوان في أهم ثالث شريان تجاري عالمي وفق مصفوفة أهداف بحرية ثابتة في موانئ العدو ومتحَـرّكة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب , إلى جانب الاستهداف لمصفوفة أهداف توصف بنقاط الحياة الخدمية والاقتصادية على البر في دول العدوان.
قد يسبق معركة المصير واللاعودة لنقطة التفاهمات مقدمات ردع تحذيرية , تحدث زلزالاً عنيفاً اقتصادياً وسياسياً وأمنياً على مستوى المنطقة , إنْ لم يحول الأزمات فيها إلى كوارثَ بقصف أهداف حيوية في حاضنة التجارة العالمية التي تلتزم الإمارات بتأمينها والتي تقود التصعيد لاحتلال الساحل الغربي إلى جانب قصف أهداف تمد المملكة السعودية بالحياة الاقتصادية والخدمية.
ورسالة تلك المقدمات للعالم وأقطابه الجديدة، أن الحصار الذي يهدد شعب اليمني بالموت جوعاً والتصعيد العدواني باتجاه الحديدة والساحل الغربي سوف يعسكر البحر الأحمر بما يخلق ظروف تقطع أهم ثالث شريان تجاري ومزود بالطاقة أمام الجميع.
وأمام صناع القرار في العالم محايدين ومؤيدين خياران إما وضع ثقلها لوقف العدوان ورفع الحصار للحفاظ على سلامة الخط الملاحي، أو السماح لتحالف الغزو الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي بالتصعيد، وهذا يترتب عليه قطع هذا الشريان لأشهر كحد متوسط, فهل تستطيع الدول الكبرى والإقليمية المحايدة أن تتحمل تبعات توقف الملاحة أمام التجارة والطاقة, وَكلفة نقل الحركة عبر رأس الرجاء الصالح, في ظل مرحلة تعيش فيها دول العالم مرحلة انتقالية بين نظام عالمي قديم وآخر جديد وأزمات اقتصادية تتفاقم باضطراد..
وأهداف الردع اليمني المشروعة تحويل الأزمات الاقتصادية في السعودية والإمارات بالذات إلى كوارث وتعجيل الانهيارات، وهذا هو أقرب تعريف لمعركة اللاعودة.
وأمام هذا كله لن يكون هناك أي حسم في المعركة، وسوف تتغير قواعد المرحلة من الاتجاه نحو تطبيع الأوضاع لنظام عالمي جديد يمر بمرحلة انتقالية سلسة إلى انفجار شامل في المنطقة ربما تبدأ من اليمن وربما لن تنتهيَ في إطَار الشرق الأوسط لتمتدَّ إلى العالم.
كُلُّ ذلك يعزّز خياراتِ الردع والرد اليمني ويُثبِتُ جدوائية حساباتها لوقف العدوان ورفع الحصار الأمريكي السعودي الإماراتي.
+