رأس حيوان بجسد إنسان
حمود أحمد مثنى
خبرُ إنقاذ أحد الحيوانات العالقة في مجاري المياه أَوْ في شُرف العمارات في الدول الغربية يثير ردود أفعال إنْسَانية مرهفة لدى المحسوبين أنفسهم على تيار المدنية والتطوّر والفن والأدب أَوْ المنتمي إلى الأحزاب التقدمية أَوْ منظمات المجتمع المدني، بتعليقات مثل من يقومون بهذه الأفعال -أي إنقاذ كلب أَوْ قط أَوْ دجاجة- في بلاد الغرب يستحقون أن يكون لهم الريادة والتفوق على العرب والمسلمين بهذه الأفعال الراقية والإنْسَانية في أعلى مراتبها، وأنهم يطبقون الإسْلَام والأديان السماوية رغم أنهم علمانيون أَوْ لادينيون وَ… إلخ، وأجساد اليمنيين الفقراء المساكين والأبرياء الممزقة من قبل صواريخ العدوان في تعز والحديدة وصنعاء وصعدة وغيرها من المناطق والتي وصلت إلى مئات الضحايا خلال يوم واحد من العدوان ليس لها أدنى تأثير في قلوب حتى البعض من جماعة تيار المدنية الذين تحولوا إلى أصحاب شكراً سلمان، فلم تحَـرّك فيهم قليلاً من المشاعر الإنْسَانية حتى ولو بكلمة واحدة فقط بقدر ما حرّكتها مشاهد إنقاذ ذلك الحيوان في بعض الدول الغربية!.
كم ظهرت حقارتهم ونفاقهم ودجلهم!، أعماهم المال وأضلهم الحقدُ، فغابت تعابيرهم الآدمية واختفت مشاعرُهم الإنْسَانية تجاه أطفال ونساء اليمن الممزقة أجسادهم؛ بفعل قنابل الطيران السعودي والإماراتي.
كانت كتابتهم عن الدولة المدنية والمستقلة المتحررة من الوصاية الرجعية والارتهان للامبريالية تضج بها وسائل الإعْـلَام المرئي والمسموع والمقروء، وعندما حانت اللحظة التأريخية للتحرر والاستقلال بفعل قوى وطنية شابة صاعدة انتكسوا على أعقابهم وارتهنوا وارتموا في أرجل الرجعية والامبريالية بحسب نظرياتهم الأيديولوجية المنتمين لها.
إذاً مهما كانت تبريراتُهم عن أسباب وقوفهم مع العدو الذي يدمّر كُلّ شيء ويقتل كُلّ شيء فإنها خيانةٌ وحقارةٌ بكل لغات العالم.
إنها خيانة حتى عند جناحهم المقاتل مع العدو الذين يفضّلون الاستسلام لقيادة الجيش واللجان من أن ينسحبوا؛ خوفاً على أنفسهم من القتل بوَاسَطة الطيران السعودي.
كُلُّ هذه المواقف والأحداث وما كشفت عنه من كذب وخداع وتضليل ودجل جعلتني أفهم بشكل مغاير لنظريات (التأريخ والآثار والأديان) لماذا كان بعضُ الشعوب القديمة تنحت أَوْ ترسم أجساداً بشرية برؤوس حيوانات؟ بمعنى أن هناك من البشر ذلك هو مستوى عقله ومقدرته من الفهم وانعدام الضمير طبقاً لوجه الحيوان المنحوت.