القعودُ والتخاذلُ عن مواجَهة الأعداء ليس من (الحكمة) في شيء.. ولن ينعم بالسلام من هكذا نهجه
عداد/ بشرى المحطوري
بداية: ــ
ألقى الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه محاضرةً ــ ملزمة ـ [وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ] متناولاً فيها موقفَ الجن من القرآن الكريم ومِن الرسالة المحمدية، حيث كان موقفُ الجن أحسنَ وأفضلَ بكثيرٍ من موقف الآلاف من البشر الذين يُدْعَون إلى دين الله، وكتاب الله، فيصموا آذانَهم عن الهدى، بل ويجمعون كيدَهم لمحاربة الإسلام، ونبي الإسلام، ووَرَثَة الكتاب أعلام الهدى، فقد حكى عنهم أنهم وصلوا إلى عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستمعوا للقرآن بإنصات شديد، جزء من القرآن، وفهموه، وانطلقوا إلى قومهم منذرين لهم، وداعين لهم إلى الإسلام، لذا فقد سطر الله في القرآن الكريم سورة كاملة باسمهم [سورة الجن]، وذكر موقفهم أَيْضاً في سورة الأحقاف، عَلّ البشر يأخذون العبرة منهم، في عدم الكتمان للهدى، وتبليغه بطريقة موفقة.
المثبطون.. يتركون اليقينيات، ويميلون إلى الاحتمالات!!
أشار الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه إلى مواقف المرجفين والمثبطين في الأمة، وكيف أن كُلّ جرائم اليهود أمست واضحة وضوح الشمس أمامهم، وأنها ستصل إليهم لا محالة، ولكنهم يحاولون أن يتناسوا ذلك، ألا يبصروا الواقع، ويرفضوا أن يصرخوا بكلمات الموت لهم، بالرغم من أن أولئك يعملون على إماتتنا فعلاً، حيث قال: [من المتوقع أن تسمع من بعض الناس هنا، وهناك: يسخر من هذا الشعار، أو يتهرب من المشاركة فيه، أو يخوّف الآخرين من أن يرفعوه، فيتوقع أنه قد يحصل كذا أو قد يحصل كذا، أو ربما، أو احتمالات…، وهذا هو من ضعف الإيمان؛ لأننا نجدُ هذا الشخصَ هو من ينطلق على أساس الاحتمالات، ويترك اليقينيات، اليقين الذي يأمر بالعمل في القرآن الكريم، الخطر المتيقن العمل المتيقن جدوائيته، يترك اليقين، ويميل إلى الاحتمالات: [ربما يكون هذا الشعار يثير الدولة فيحصل شيء، ربما هذا يثير أمريكا فيحصل شيء!].
الاستدلالُ بأحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م:
واستدل الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه على أن اليَهُوْدَ والنصارى أكثر اهتماماً بأمر أمتهم منا، وذلك بردّة فعلهم تجاه المسلمين بشكل عام، بعد أحداث 11/ من سبتمبر في نيويورك، حيث قال: [حادث واحد حصل في نيويورك حادث واحد تحرك له المواطنون من اليهود والنصارى في مختلف بلدان أوروبا وضربوا المسلمين في الشوارع وهاجموهم إلى مساجدهم وإلى مراكزهم وقُتل كثير منهم وسجن كثير وأوذي كثيرٌ من المسلمين هناك، انطلقوا هم على أساس حادث واحد على مبنى واحد، أما نحن فمئات الحوادث على أمم بأكملها على عشرات المباني على عشرات المساجد على عشرات المستشفيات على عشرات المدارس في مختلف المناطق الإسلامية ولا نتحرك، أليس هذا يعني بأن أولئك أكثرُ اهتماماً بأمر أمتهم أكثر منا؟ هم من انطلقوا حتى في استراليا، – وأين استراليا من أمريكا؟ – وفي بريطانيا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي مختلف المناطق، انطلقوا لإيذاء المسلمين وضربهم بعد ذلك الحادث، حادث على مبنى واحد وليس من المحتمل أن يكونَ ذلك بتخطيط أيَّة جهة لا دولة إسلامية ولا دولة عربية ولا منظمة من المنظمات داخل هذه البلدان، وإنما هو من عمل الصهيونية نفسها، فأنت عندما تشاهد أنهم يميتون أمتك ويميتون دينك فعلاً – بالفعل وليس بالقول فقط – ثم تجبن أن تقول قولا: الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل، أليس هذا يعني بأنك لم تصبح شيئاً ولم تعد شيئاً؟ وأنك في الواقع أصبحت صفراً في هذه الحياة].
الناس المسالمون العُزّل.. هم أول من يُضربوا:
وحذَّر سلام الله عليه من المواقف الخطيرة التي يتخذها بعض الناس تجاه أعدائهم، والمتمثلة في الدعوة إلى القعود والسكوت، ويرون أن ذلك (حكمة) وأنهم بذلك سيعيشون في أمان، حيث قال: [الذي ينطلق ليثبط وإن كان قد فهم فعلاً لكنه إنسان لا يهُــمُّه شيء، لا يهمه إسلامه، لا تهمه أمته، يسكت لأنه يرى أن سلامتَه في أن يسكت، ويرى أنه عندما يتجه إلى السكوت أنه الشخص الحكيم الذي عرف كيف يحافظ على أمنه وسلامته. نقول: أنت غالط على نفسك، أنت تجني على نفسك من حيث لا تشعر، أنت تهيئ نفسك لأن يكون لك عدوّان مقابل عدو واحد، أنت لا تتأمل الأحداث جيداً حتى تعرف أن أولئك الذين وقفوا موقفك هم عادة الضحية الأولى أمام كُلّ حدث يحصل، عندما نشاهد التلفزيون سواء عن أفغانستان أو عن فلسطين أو غيرها، ألستم تسمعون ونسمع جميعاً أنه كثير من أولئك ضربوا وقتلوا ودمرت بيوتهم وهم كما يقولون عزَّل، العزل هم هؤلاء الذين هم كـ [الأثوار]يعتزلون وهم من قد قرروا بأنه لا دخل لهم وأنهم سَيسلمون، هم شاهدهم هم يكونون هم الضحية وأول من يُضرب، إنهم لا يسلَمون أبداً، ضُربوا في أفغانستان وضُربوا في فلسطين].
وفي نفس السياق قال أيضاً: [ونقول لهم أَيْضاً من يفكرون هذا التفكير: تابعوا التلفزيون وسترون.. هل إن أولئك المجاهدون وحدهم يُضربون المجاهدون في الشيشان وفي البوسنة وفي فلسطين وفي لبنان وفي أفغانستان وفي أي منطقة؟ أم أن الضرب الأكثر والنقص الأكبر يأتي في مَنْ؟ في أولئك الذين قرروا القعود، هم من تسمع عنهم يقال عنهم (مدنيين وعُزّل)، ثم انظر أولئك المدنيين والعزل هل هم نساء وَأطفال؟. أم أنك ترى فيهم الكثير من الشباب، ترى فيهم الكثير من الرجال الذين كان باستطاعتهم وبإمكانهم أن ينطلقوا في عمل فذلوا ودُمِرت بيوتهم على رؤوسهم، ودمرت مزارعهم ثم أصبحوا يبكون كما تبكي النساء، ثم في لله ولا في سبيله. لا يرون لأنفسهم عزاً ولا مجداً أمام ما يشاهدونه من دمار، لكنك أنت عندما تنطلق في مواجهة عدوك فإنك ستُكون أقل ألماً في داخل نفسك أمام ما تشاهد من ضرباتهم في بيتك أو في أولادك. السيد حسن نصر الله عندما قتل ابنه هل بكى كما يبكي أولئك؟ بكل ارتياح بل قال عن ابنه أنه هو من هاجم أولئك وغزاهم هم، لم ينتظر في بيته حتى يأتوا هم فيضربوه، هكذا كلام الرجال].
المواقفُ الحكيمةُ التي يجبُ اتخاذُها ضد اليهود:
وفنَّدَ الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه أقوالَ البعض بأن الحكمةَ تقتضي المهادنة والسكوت، وعدم تأجيج اليهود والنصارى ضدنا، أو تأجيج الحكومة ضدنا، وأن هذا سيؤدي إلى السلامة والعيش بأمان!! فقال: [إن من يَسْلَم حقيقة ومن هو أبعد عن الخطر حقيقة ومن ترضى نفسه حتى ولو أصابه شيء هم المجاهدون {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}، وقال سبحانه وتعالى في آية أخرى: {كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}. المؤمنون هم من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، هم من يجاهدون في سبيل الله بكل ما يستطيعون، هؤلاء هم من يصح أن يقال لهم – بمعنى الكلمة مسلمون – والإسلام هو دين السلام لمن؟ لمن هم مسلمون حقيقة؛ لأنهم من يبنون أنفسهم ليكونوا أعزاء أقوياء، هم من يبنون أنفسهم ليستطيعوا أن يدفعوا عن أنفسهم الشر، ليدفعوا عن أنفسهم الظلم، ليدفعوا عن بلدهم الفساد، ليدفعوا عن دينهم الحرب، فهم أقرب إلى الأمن والسلام في الدنيا وفي الآخرة].
(بقية السيف، أبقى ولدا، وأكثر عدداً)
واستشهد سلامُ الله عليه بكلام للإمام علي عليه السلام يحث فيه على وجوب العمل على أن يكونَ المجتمعُ قوياً، معه أسلحة قوية، مؤثرة على العدو، لكي يرهب جانبنا، ويعمل لنا ألف حساب، واستشهد أَيْضاً بمقارنة بسيطة بين قوة الإيرانيين والفلسطينيين، حيث قال: [نحن نعلم أن الغرب أن أمريكا وإسرائيل تحمل من العداء لإيران أكثر مما يحملونه للفلسطينيين، ولكن هل استطاعوا أن يعملوا شيئاً بالإيرانيين؟ وهم من يمتلكون صواريخَ بعيدة المدى، ويمتلكون قنابل نووية، ويمتلكون كُلّ شيء؛ لأنهم يعرفون أن أولئك ليس من السهل أن يدخلوا معهم في حرب، ستكون حرباً منهكة جداً لهم في مختلف المجالات، كما قال الإمام على (عليه السلام) ((بقية السيف أبقى ولداً وأكثر عدداً)) إنما يأتي النقص في من يجعلون أنفسهم كما نقول [مدافخ] أولئك العزل.. ألم يقتل في أفغانستان الكثير من أولئك؟ قرى بأكملها دُمرت. هناك الحسرة أن تدمر بيتك وأن تقتل أسرتك، وأنت لا ترى أنك قد عملت بالعدو شيئاً، ستندم على أنك اتخذت قراراً كان قراراً خاطئاً بالنسبة لك وكانت نتيجته عكسية عكس ما كنت قد رسمته لنفسك، إنهم لا يسلمون أبداً أولئك الذين يقولون لأنفسهم: [أما نحن ما لنا حاجة]. ويقولون كما يقول المنافقون عندما يرون المؤمنين ينطلقون في مواقف – مهما كانت بسيطة – عندما يرون المؤمنين ينطلقـون في مواقف ضـد دولة كبرى {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ}، ألم يقل المنافقون في ذلك العصر أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما انطلق المسلمون لمواجهة دولة الروم، ودولة الروم كما تواجه أمريكا الآن: {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} مساكين مغفلين يذبحون أنفسهم، كيف باستطاعتهم أن يؤثروا على دولة عظمى؟! لا، إن المغرورين هم أولئك، هم الذين غرّوا أنفسهم. وجاء القرآن الكريم ليؤكد أَيْضاً أن من يتخذون قرارات كهذه – ليقعدوا – إنهم لن يسلموا وهم من ستنالهم العقوبة بأضعاف أضعاف من الآلام والنقص أكثر مما يعاني منه المجاهدون].
تثبيطُ المنافقين للمسلمين في غزوة تبوك:
ولفت سلامُ الله عليه إلى موقف المنافقين في المدينة المنورة، عندما قرَّرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يذهَبَ لغزو الروم، وأنهم عملوا جاهدين على أن يثبطوا المسلمين، وقد سطر الله ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، وذكر هذا الأمر فيه إسقاط على الواقع الذي نعيشه، حيث أن المرجفين كثيرون في زمننا، حيث قال: [ويقولون كما يقولُ المنافقون عندما يرون المؤمنين ينطلقون في مواقف – مهما كانت بسيطة – عندما يرون المؤمنين ينطلقـون في مواقف ضـد دولة كبرى {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} ألم يقل المنافقون في ذلك العصر أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما انطلق المسلمون لمواجهة دولة الروم، ودولة الروم كما تواجه أمريكا الآن: {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} مساكين مغفلين يذبحون أنفسهم، كيف باستطاعتهم أن يؤثروا على دولة عظمى؟! لا، إن المغرورين هم أولئك، هم الذين غرّوا أنفسهم].
مضيفاً أن مَن يفر من المواجهة خوفاً من الموت فإن الموت سيأتيه لا محالة، حيث قال: [وجاء القرآن الكريم ليؤكد أَيْضاً أن من يتخذون قرارات كهذه – ليقعدوا – إنهم لن يسلموا وهم من ستنالهم العقوبة بأضعاف أضعاف من الآلام والنقص أكثر مما يعاني منه المجاهدون. إن الله حكيم وبيده أمور الناس جميعاً، فأنت لا تفكرُ أنك عندما تخطط في داخل نفسك فترجّح أن تقعد وأن قعودك هو السلامة، إن هناك مَن هو عليم بذات الصدور، هو يعلم ما في أعماق نفسك وهو لن يغفل عنك؛ لأنك واحد من المسلمين، إنك واحد ممن هو في واقعه قد أعطى الله ميثاقاً؛ عندما تقول بأنك مسلم وأنك مؤمن، إنك حينئذٍ ممن يقر على نفسه بأنه ممن قالوا سمعنا وأطعنا، وهذا هو ميثاق بين الله وبين الإنسان، الله الذي يعلم بأعماق سرائرك، بسرائرك في أعماق نفسك هو من سيجعل ما تفكر فيه بعيداً وَمستحيلاً {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا} ألم يقل الله هكذا، موتوا؟].
أرادوا القعودَ لكي يَسْلَمُوا.. إذن لن يَسْلَمُوا: ــ
واستنكر سلامُ الله عليه أولئك المثبطين المنطلقين في الناس يشيرون عليهم بالقعود وَالسكوت وعدم مناصرة الحق؛ لأن ذلك هو (الحكمة) والذكاء والدهاء والسياسة تقتضي هذا، فقال: [وأنت تلمس أنت في زمانك وأمام ما تقوم به من عمل، تلمس أولئك الذين قرروا لأنفسهم أن يسكتوا، وأن ينطلقوا ليثبطوا عنك، تراهم فرحين بما هم عليه، أنهم يرون أنفسهم الحكماء والأذكياء، والذين فهموا كيف يبعدون أنفسهم عن الخطورة، هنا قال الله عن أمثالهم: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} كرهوا، ضعف في إيمانهم، ضعف حتى في رجولتهم، ليس لديهم إباء كما لدى الرجال، وقالوا للآخرين: {لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ.
ألم يهدد أولئك بأنهم إن كان عدم خروجهم تحت عنوان: أن الوقت حار لا نستطيع أن نخرج في الحر هو في الواقع ليس عذراً حقيقياً، وليس عذراً مُبرراً، أنتم قعدتم دون مبرر، وأنتم تشاهدون رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو إنسان كمثلكم يؤلمه الحر والبرد، فهل أنتم أرحم بأنفسكم وتؤثرون أنفسكم على رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)! لو كان هناك في القضية مبرر لقعد هو، لكن ليس هناك مبرر، وليس هو ممن يبحث عن المبررات للقعود {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً} ماذا يعني هذا؟ أليس يعني هذا بأن قعودَكم عصيان، وأن قعودَكم من منطلق أنكم تريدون أن تَسلموا، إذاً فلن تسلموا، وراءكم النار إن كنتم تفقهون].